الابن سر أبيه
حكمت أبو زيد ورث عن والده الصحافة المكتوبة وأورث ابنته رولا الأثير والشاشة / 4
الاسرة في لقطة جماعية
رولا حكمت أبو زيد (تصوير جوزيف نخلة)
| بيروت - من هلا داغر |
يحمل الابن - في بعض الاحوال - الكثير من سمات الاب، وبخاصة في المجالات الابداعية، سواء في الادب او الفن او حتى الرياضة، كما ان الابن من الممكن ان يكتسب بعض صفات الاب، من خلال حب وظيفة محددة، او الاندماج في هواية بعينها، وبهذه الطريقة ينطبق على المثل الذي يقول «ابن الوز عواد».
وقد يستمر الابن في تتبع خطوات والده في الحياة، من خلال المضي قدما في طريقه الذي قضى فيه الوالد سنوات، والالتقاء معه في سرية ذاتية ربما تتوافق في الكثير من اشكالها.
وفي حلقات «الابن سر ابيه» سنتوقف عند سير ابناء تتبعوا خطوات الآباء، فأبدعوا سواء في الفن او الأدب او الرياضة او الصحافة، من اجل الوقوف عند جوانب الابداع عند الاب والابن معاً.
في لبنان غاصت الصحافة في توريث الأبناء ميادينها المتنوعة المكتوبة والمسموعة والمرئية، ذلك أن الاجواء التي يعيشها أبناء الصحافيين بين الصحف ونشرات أخبار التلفزيون والبرامج الاذاعية والتلفزيونية لا بد أن تترك أثراً لديهم وتساهم في توجههم نحو مهنة المتاعب التي لا يتعب فيها هؤلاء ولا يكلّون.
الصحافي حكمت أبو زيد وجد في ابنته رولا استمرارية لمهنة أفنى فيها سنوات من التعب والسهر وملاحقة الخبر وكتابة المقالات. فهو تقلب في مناصب عدة، وكان لفترة طويلة قريباً من أصحاب القرار السياسي لا سيما رؤساء الحكومات اللبنانيين الذين تعاقبوا منذ عام 1961 وحتى عام 2000 فشغل منصب الملحق الصحافي الى أن تغيرت التسمية فصار المستشار الاعلامي لهم. أما هي فظلت على الضفة الأخرى من الاعلام أي عبر أثير الاذاعة وشاشة التلفزيون، وابتعدت عن الصحافة السياسية الا بهامش صغير.
بين الاثنين علاقة ود في مهنة كوّن كل منهما فيها شخصيته المستقلة. عن هذه العلاقة تحدث ابو زيد الأب عن تجربته الطويلة وأثرها في ابنته فقال:
لونظرنا الى الموضوع من الناحية الوراثية، يمكن للانسان في العمل الاعلامي أو المهني بشكل أشمل أن يتكل على الوراثة، ولكن ان لم يتمتع بالكفاءة المطلوبة، فان الوراثة لا تنفعه في شيء، ويسقط فوراً.
عمل حكمت ابو زيد سنوات طويلة في الصحافة وألف كتباً وعاصر مراحل متنوعة من تاريخ لبنان السياسي. كان سبقه الى المهنة والده سليمان ابو زيد الذي بدأ العمل الصحافي عام 1927 حين كان لا يزال في ضيعته مليخ في جنوب لبنان. «منذ ذلك التاريخ بدأ والدي يراسل مجموعة من الصحف التي كانت تصدر في تلك الأيام. تدرج فيما بعد الى أن قدم الى بيروت في الخمسينات واشترى امتياز جريدة الدنيا وأصدرها عام 1957 كيومية سياسية. وكنت أنا أعاونه مع شقيقي جوزيف ولويس وشقيقتي جان دارك مع مجموعة من الزملاء أصبحوا اليوم أعلاماً في الصحافة أمثال سركيس نعوم (كاتب في جريدة النهار) وفيليب ابي عقل (مدير الوكالة المركزية) والفرد نوار وسواهم. كنت شخصياً موظفاً في البريد وكنت أوفق بين هذه الوظيفة وبين الصحافة، الى أن قرر الوالد عام 1958 وضعي أمام خيار التفرغ للصحافة، وهكذا حدث. عام 1959 انتخبت عضو مجلس نقابة محرري الصحافة اللبنانية وبعدها انتسبت الى جدول النقابة. ومنذ ذلك التاريخ دخلت ميدان الاعلام».
ويروي أنه عام 1961 طلب منه رئيس الجمهورية فؤاد شهاب تسلم مديرية الوكالة الوطنية للاعلام وكانت في طور التأسيس. فعمل حتى عام 1968 كمندوب للوكالة في رئاسة الحكومة بالاضافة الى عمله في الجريدة. في هذه السنة تم تكليفه ليكون رئيس قسم الأخبار في الوكالة. «عام 1969 ألف الرئيس رشيد كرامي حكومته. بعد يومين أصبحت ملحقاً صحافياً برئيس الحكومة بمذكرة. وصارت هذه المذكرة تتجدد مع كل رئيس حكومة يتسلم الرئاسة فيها الى عام 2000 حين استقال الرئيس سليم الحص آخر رئيس حكومة تعاونت معه. عام 1990 صرت أول مستشار لرئيس الحكومة عمر كرامي اذ استبدلت تسمية «ملحق صحافي» بـ «مستشار اعلامي». حين توقفت جريدة الدنيا عن الصدور والتي كنت رئيس تحريرها، وكان لي مقالي اليومي فيها، مارست الكتابة في جريدة «الصحافة» ثم في صحف «الديار» و«اللواء» و«السفير» و«الشعلة». وحتى اليوم من وقت الى آخر أكتب في «النهار» و«السفير». كوني مستشاراً اعلامياً لم يمنعني من مزاولة كتابتي الصحافية بشكل مستقل عن موقعي. أكثر من مرة كتبت مقالات تتناقض وموقف اتخذه رئيس الحكومة. وكنت أصر على مواقفي الصحافية الشخصية».
بالنسبة لابنته رولا يقول «ان الجو الذي عاشته في المنزل كان له بالغ الأثر في توجهها الى العمل الاعلامي. من بين ابني أمل وبناتي رندلا ورولا ونهى، كانت رولا الوحيدة التي أبدت ميلاً للاعلام. رولا فتحت عينيها في منزل يعيش الصحافة. جرائد ونشرات أخبار.. خصوصاً أنه كان لها علاقة مميزة بجدها سليمان. جدها حين تقدم في السن وأصبح بحاجة لعناية صحية كانت هي المهتمة الأولى به، وكانت تستمع اليه وتراقب كتاباته الصحافية. بالمقابل تمتعت بالحس الاعلامي، وهذا ما غذى لديها ملكة الكتابة والصحافة فاتجهت الى الصحافة. من هنا يصح فيها القول «فرخ البط عوّام».
ويضيف أن العائلة أعطت هامشاً كبيراً لاستقلالية الرأي منذ الجد الى حكمت ثم الحفيدة رولا. ولكن هذا لا يعني أن الانفرادية كاملة. «حين تجد رولا نفسها بحاجة لنصيحتي أو رأيي في أمور تتعلق بالمهنة، لا أبخل عليها بالرأي أو بالمعلومة أو بالنصيحة. أما اذا وجدت أنها لا تحتاج الي، لم نعتد كأهل التطفل على أولادنا أو فرض رأينا عليهم. حين تسألني، أكون حاضراً».
رولا تحكي عن تجربتها الاعلامية فتفيد أنها بدأت عملها في الصحافة في التلفزيون. وتشير أن الشق المتعلق بالسياسة «موجود في داخلي مئة في المئة. وأجواء العائلة من جدي الى والدي لا تخلو من السياسة، الا أني في عملي في تلفزيون لبنان الرسمي لم أتعاط فيها. ومن ثم في اذاعة لبنان الرسمية لم أتوجه الى الشؤون السياسية لأسباب خاصة بادارة الاذاعة وبالتوجيه، مع العلم أن مدير الاذاعة سمح لي بهامش من التعاطي بالمواضيع السياسية مع الضيوف في فترة البث المباشر التي أقدمها».
وتضيف أنها استفادت الى حد كبير من تجربة والدها الصحافية ومن مسيرته الطويلة. «استفدت من احترامه للخبر الذي يتلقاه وينشره، ومن المكان الذي يحق له الكلام فيه بطلاقة، وكذلك تعلمت منه احترام خصوصية الآخر. وهذا ما لم نعد نشهده حالياً لدى العديد من الصحافيين الذين يعتبرون أن كل شيء مباح لهم. تعلمت منه طريقة التعاطي مع الآخرين، وكيفية علاقتي بعملي. أما خبرته وعلاقاته وصداقاته فكانت مفيدة لي في المهنة، اذ سهّلت علي اللقاءات والمقابلات التي كنت أطلبها وأجريها مع الآخرين. لقد كان جواز مرور لي. حين أعرّف عن نفسي بأني رولا حكمت أبو زيد، تصبح أموري مسهّلة أكثر».
وتقول رولا ان لدى جينا احدى ابنتيها ميولا للظهور أمام الكاميرا، ولديها فضول لمعرفة كل شيء. «وأعتقد أن هذه هي احدى مزايا الاعلامي». ويتدخل هنا والدها فيقول «ان الشرط الأول للاعلامي هو أن يكون فضولياً. والا لن ينجح أبداً. أضيف الى ذلك السعي وراء الخبر والجرأة. يجب التمييز بين الاعلامي المندوب والاعلامي الكاتب. الأول يجب أن يكون فضولياً جداً للحصول على الخبر. أما الثاني ففضوله مختلف. فهو يحب الاستطلاع ليتمكن من الكتابة. من دون الاستهانة بالجيل الاعلامي الجديد، كان جيلنا يعتمد على نفسه وعلى قراءاته. شخصياً لا أستطيع كتابة مقال الا اذا قرأت ثلاث ساعات على الأقل».
تتدخل هنا رولا لتقول ان الوصول الى المعلومات اليوم بات أسهل، وكل التسهيلات متوافرة خصوصاً في وسائل الاتصال كالانترنت والمحطات الفضائية وسواها.. وتضيف من جهة أخرى أنها لم تقترب من الصحافة المكتوبة ولم تتعامل معها. «لقد تركتها لأربابها. لم تتوافر لي الفرصة والتجربة. ربما في مرحلة لاحقة، من يدري. الوالد حين كان يكتب مقالاته، كان يمليها علي فأكتبها. وهذا ما أعطاني قدرة أكبر على التحكم بالكلمة وطريقة صياغة الجملة والنص. حين يكتب، أجده جدياً جداً ولا أشعر أني في حضرة والدي، بل أكثر في حضور «الأستاذ» (تضحك).
وتضيف أن لعمتها جان دارك فياض دورا في بلورة توجهها الى الاعلام. «حين كانت تقدم برنامج «دنيا الأطفال» وسواها من البرامج، كنت أحل دائماً في حلقاتها، فرافقتها في مشوارها التلفزيوني، ما منحني حباً للشاشة الصغيرة. أعتقد أنني لملمت من كل واحد من عائلتي، جدي ووالدي وعمتي، نتفاً فكوّنت شخصية رولا».
منذ بداية عملها في الكتابة للاذاعة والتلفزيون كانت تعد برنامجها بشكل متقن. «لغاية اليوم لم يعترض أحد ممن تعاونت معهم على عملي. لدي سلاسة في صياغة الحلقة، ولا أحب التعقيد. أميل الى تبسيط الحوار مع الضيف، وليس الى التنظير معه، ولا أضع سيبويه في نصي».
وتتمنى أخيراً أن تصل الى مرحلة تأليف الكتب كما فعل والدها. «في عملي أبذل جهداً بهدف تطويره»، مع الاشارة الى أن عملها الاذاعي منوع ما بين الأدب والفن والطب والاجتماع.. «الا أني أعطي أحياناً مجالاً للتعبير عن الأمور السياسية».
يحمل الابن - في بعض الاحوال - الكثير من سمات الاب، وبخاصة في المجالات الابداعية، سواء في الادب او الفن او حتى الرياضة، كما ان الابن من الممكن ان يكتسب بعض صفات الاب، من خلال حب وظيفة محددة، او الاندماج في هواية بعينها، وبهذه الطريقة ينطبق على المثل الذي يقول «ابن الوز عواد».
وقد يستمر الابن في تتبع خطوات والده في الحياة، من خلال المضي قدما في طريقه الذي قضى فيه الوالد سنوات، والالتقاء معه في سرية ذاتية ربما تتوافق في الكثير من اشكالها.
وفي حلقات «الابن سر ابيه» سنتوقف عند سير ابناء تتبعوا خطوات الآباء، فأبدعوا سواء في الفن او الأدب او الرياضة او الصحافة، من اجل الوقوف عند جوانب الابداع عند الاب والابن معاً.
في لبنان غاصت الصحافة في توريث الأبناء ميادينها المتنوعة المكتوبة والمسموعة والمرئية، ذلك أن الاجواء التي يعيشها أبناء الصحافيين بين الصحف ونشرات أخبار التلفزيون والبرامج الاذاعية والتلفزيونية لا بد أن تترك أثراً لديهم وتساهم في توجههم نحو مهنة المتاعب التي لا يتعب فيها هؤلاء ولا يكلّون.
الصحافي حكمت أبو زيد وجد في ابنته رولا استمرارية لمهنة أفنى فيها سنوات من التعب والسهر وملاحقة الخبر وكتابة المقالات. فهو تقلب في مناصب عدة، وكان لفترة طويلة قريباً من أصحاب القرار السياسي لا سيما رؤساء الحكومات اللبنانيين الذين تعاقبوا منذ عام 1961 وحتى عام 2000 فشغل منصب الملحق الصحافي الى أن تغيرت التسمية فصار المستشار الاعلامي لهم. أما هي فظلت على الضفة الأخرى من الاعلام أي عبر أثير الاذاعة وشاشة التلفزيون، وابتعدت عن الصحافة السياسية الا بهامش صغير.
بين الاثنين علاقة ود في مهنة كوّن كل منهما فيها شخصيته المستقلة. عن هذه العلاقة تحدث ابو زيد الأب عن تجربته الطويلة وأثرها في ابنته فقال:
لونظرنا الى الموضوع من الناحية الوراثية، يمكن للانسان في العمل الاعلامي أو المهني بشكل أشمل أن يتكل على الوراثة، ولكن ان لم يتمتع بالكفاءة المطلوبة، فان الوراثة لا تنفعه في شيء، ويسقط فوراً.
عمل حكمت ابو زيد سنوات طويلة في الصحافة وألف كتباً وعاصر مراحل متنوعة من تاريخ لبنان السياسي. كان سبقه الى المهنة والده سليمان ابو زيد الذي بدأ العمل الصحافي عام 1927 حين كان لا يزال في ضيعته مليخ في جنوب لبنان. «منذ ذلك التاريخ بدأ والدي يراسل مجموعة من الصحف التي كانت تصدر في تلك الأيام. تدرج فيما بعد الى أن قدم الى بيروت في الخمسينات واشترى امتياز جريدة الدنيا وأصدرها عام 1957 كيومية سياسية. وكنت أنا أعاونه مع شقيقي جوزيف ولويس وشقيقتي جان دارك مع مجموعة من الزملاء أصبحوا اليوم أعلاماً في الصحافة أمثال سركيس نعوم (كاتب في جريدة النهار) وفيليب ابي عقل (مدير الوكالة المركزية) والفرد نوار وسواهم. كنت شخصياً موظفاً في البريد وكنت أوفق بين هذه الوظيفة وبين الصحافة، الى أن قرر الوالد عام 1958 وضعي أمام خيار التفرغ للصحافة، وهكذا حدث. عام 1959 انتخبت عضو مجلس نقابة محرري الصحافة اللبنانية وبعدها انتسبت الى جدول النقابة. ومنذ ذلك التاريخ دخلت ميدان الاعلام».
ويروي أنه عام 1961 طلب منه رئيس الجمهورية فؤاد شهاب تسلم مديرية الوكالة الوطنية للاعلام وكانت في طور التأسيس. فعمل حتى عام 1968 كمندوب للوكالة في رئاسة الحكومة بالاضافة الى عمله في الجريدة. في هذه السنة تم تكليفه ليكون رئيس قسم الأخبار في الوكالة. «عام 1969 ألف الرئيس رشيد كرامي حكومته. بعد يومين أصبحت ملحقاً صحافياً برئيس الحكومة بمذكرة. وصارت هذه المذكرة تتجدد مع كل رئيس حكومة يتسلم الرئاسة فيها الى عام 2000 حين استقال الرئيس سليم الحص آخر رئيس حكومة تعاونت معه. عام 1990 صرت أول مستشار لرئيس الحكومة عمر كرامي اذ استبدلت تسمية «ملحق صحافي» بـ «مستشار اعلامي». حين توقفت جريدة الدنيا عن الصدور والتي كنت رئيس تحريرها، وكان لي مقالي اليومي فيها، مارست الكتابة في جريدة «الصحافة» ثم في صحف «الديار» و«اللواء» و«السفير» و«الشعلة». وحتى اليوم من وقت الى آخر أكتب في «النهار» و«السفير». كوني مستشاراً اعلامياً لم يمنعني من مزاولة كتابتي الصحافية بشكل مستقل عن موقعي. أكثر من مرة كتبت مقالات تتناقض وموقف اتخذه رئيس الحكومة. وكنت أصر على مواقفي الصحافية الشخصية».
بالنسبة لابنته رولا يقول «ان الجو الذي عاشته في المنزل كان له بالغ الأثر في توجهها الى العمل الاعلامي. من بين ابني أمل وبناتي رندلا ورولا ونهى، كانت رولا الوحيدة التي أبدت ميلاً للاعلام. رولا فتحت عينيها في منزل يعيش الصحافة. جرائد ونشرات أخبار.. خصوصاً أنه كان لها علاقة مميزة بجدها سليمان. جدها حين تقدم في السن وأصبح بحاجة لعناية صحية كانت هي المهتمة الأولى به، وكانت تستمع اليه وتراقب كتاباته الصحافية. بالمقابل تمتعت بالحس الاعلامي، وهذا ما غذى لديها ملكة الكتابة والصحافة فاتجهت الى الصحافة. من هنا يصح فيها القول «فرخ البط عوّام».
ويضيف أن العائلة أعطت هامشاً كبيراً لاستقلالية الرأي منذ الجد الى حكمت ثم الحفيدة رولا. ولكن هذا لا يعني أن الانفرادية كاملة. «حين تجد رولا نفسها بحاجة لنصيحتي أو رأيي في أمور تتعلق بالمهنة، لا أبخل عليها بالرأي أو بالمعلومة أو بالنصيحة. أما اذا وجدت أنها لا تحتاج الي، لم نعتد كأهل التطفل على أولادنا أو فرض رأينا عليهم. حين تسألني، أكون حاضراً».
رولا تحكي عن تجربتها الاعلامية فتفيد أنها بدأت عملها في الصحافة في التلفزيون. وتشير أن الشق المتعلق بالسياسة «موجود في داخلي مئة في المئة. وأجواء العائلة من جدي الى والدي لا تخلو من السياسة، الا أني في عملي في تلفزيون لبنان الرسمي لم أتعاط فيها. ومن ثم في اذاعة لبنان الرسمية لم أتوجه الى الشؤون السياسية لأسباب خاصة بادارة الاذاعة وبالتوجيه، مع العلم أن مدير الاذاعة سمح لي بهامش من التعاطي بالمواضيع السياسية مع الضيوف في فترة البث المباشر التي أقدمها».
وتضيف أنها استفادت الى حد كبير من تجربة والدها الصحافية ومن مسيرته الطويلة. «استفدت من احترامه للخبر الذي يتلقاه وينشره، ومن المكان الذي يحق له الكلام فيه بطلاقة، وكذلك تعلمت منه احترام خصوصية الآخر. وهذا ما لم نعد نشهده حالياً لدى العديد من الصحافيين الذين يعتبرون أن كل شيء مباح لهم. تعلمت منه طريقة التعاطي مع الآخرين، وكيفية علاقتي بعملي. أما خبرته وعلاقاته وصداقاته فكانت مفيدة لي في المهنة، اذ سهّلت علي اللقاءات والمقابلات التي كنت أطلبها وأجريها مع الآخرين. لقد كان جواز مرور لي. حين أعرّف عن نفسي بأني رولا حكمت أبو زيد، تصبح أموري مسهّلة أكثر».
وتقول رولا ان لدى جينا احدى ابنتيها ميولا للظهور أمام الكاميرا، ولديها فضول لمعرفة كل شيء. «وأعتقد أن هذه هي احدى مزايا الاعلامي». ويتدخل هنا والدها فيقول «ان الشرط الأول للاعلامي هو أن يكون فضولياً. والا لن ينجح أبداً. أضيف الى ذلك السعي وراء الخبر والجرأة. يجب التمييز بين الاعلامي المندوب والاعلامي الكاتب. الأول يجب أن يكون فضولياً جداً للحصول على الخبر. أما الثاني ففضوله مختلف. فهو يحب الاستطلاع ليتمكن من الكتابة. من دون الاستهانة بالجيل الاعلامي الجديد، كان جيلنا يعتمد على نفسه وعلى قراءاته. شخصياً لا أستطيع كتابة مقال الا اذا قرأت ثلاث ساعات على الأقل».
تتدخل هنا رولا لتقول ان الوصول الى المعلومات اليوم بات أسهل، وكل التسهيلات متوافرة خصوصاً في وسائل الاتصال كالانترنت والمحطات الفضائية وسواها.. وتضيف من جهة أخرى أنها لم تقترب من الصحافة المكتوبة ولم تتعامل معها. «لقد تركتها لأربابها. لم تتوافر لي الفرصة والتجربة. ربما في مرحلة لاحقة، من يدري. الوالد حين كان يكتب مقالاته، كان يمليها علي فأكتبها. وهذا ما أعطاني قدرة أكبر على التحكم بالكلمة وطريقة صياغة الجملة والنص. حين يكتب، أجده جدياً جداً ولا أشعر أني في حضرة والدي، بل أكثر في حضور «الأستاذ» (تضحك).
وتضيف أن لعمتها جان دارك فياض دورا في بلورة توجهها الى الاعلام. «حين كانت تقدم برنامج «دنيا الأطفال» وسواها من البرامج، كنت أحل دائماً في حلقاتها، فرافقتها في مشوارها التلفزيوني، ما منحني حباً للشاشة الصغيرة. أعتقد أنني لملمت من كل واحد من عائلتي، جدي ووالدي وعمتي، نتفاً فكوّنت شخصية رولا».
منذ بداية عملها في الكتابة للاذاعة والتلفزيون كانت تعد برنامجها بشكل متقن. «لغاية اليوم لم يعترض أحد ممن تعاونت معهم على عملي. لدي سلاسة في صياغة الحلقة، ولا أحب التعقيد. أميل الى تبسيط الحوار مع الضيف، وليس الى التنظير معه، ولا أضع سيبويه في نصي».
وتتمنى أخيراً أن تصل الى مرحلة تأليف الكتب كما فعل والدها. «في عملي أبذل جهداً بهدف تطويره»، مع الاشارة الى أن عملها الاذاعي منوع ما بين الأدب والفن والطب والاجتماع.. «الا أني أعطي أحياناً مجالاً للتعبير عن الأمور السياسية».