رأي «الراي» / كلمة قبل فوات الأوان


كتب على الكويتيين أن يبدأوا صباحاتهم بالنظر إلى بورصة أسعار براميل النفط لرصد التراجع المريع فيها... كتب عليهم ذلك لأن إدارة هذه الثروة مع الأسف الشديد لم ترتبط أبداً برؤية أوسع وأشمل لبقية قطاعات الاقتصاد فارتهن حاضرنا ومستقبلنا لبورصة الأسعار بدل أن نحذو حذو دولة مثل النرويج مثلاً جهدت لإنعاش كل المرافق الأخرى وخبأت عائدات النفط في صناديق سيادية.
تحدثنا كثيراً في الموضوع ولن نعيد، لكننا على أبواب بدء رفع العقوبات الدولية عن إيران بما يسمح لها بتطوير قدرتها النفطية الإنتاجية، وأمام توقعات مؤسسات عريقة مثل «رويال بنك أسكتلندا» بأن يكسر سعر النفط سقف الـ16 دولاراً... لا يمكننا إلا التفكير بصوت عالٍ في حلول سريعة لتجنب المزيد من الانعكاسات السلبية على الكويت.
من يرصد تصريحات الحكومة منذ اليوم الأول لبدء أسعار النفط بالتراجع ثم بالانهيار يرشحها لدخول موسوعة غينيس في التخبط، فهي لم تعتبر بداية أن في الأمر مشكلة، ثم طمأنت إلى أن التراجع لن يصل إلى السعر المرصود في الموازنة، ثم ذكرت أن التراجع يؤثر على الحالة المالية إنما ليس على المشاريع، ثم انطلق الكلام الشاعري بأن أهل الكويت سيتحملون الجوع والضيق وسيضحون بما لديهم من أجل أن يدعموا خزينة الدولة، ثم بدأ جس نبض الشارع بتسريبات عن التقشف وشد الأحزمة والضرائب... وهكذا حتى وصلنا إلى هنا ونحن على ما نحن عليه من قراءات خاطئة وخطط بديلة غائبة.
لنقل إن كل ذلك بات وراءنا وإننا أمام أزمة حقيقية اليوم يعمّقها شعور أهل الكويت بأن الحكومة لن تعرف كيف تواجهها، فقرارات التقشف والضريبة وشد الأحزمة ووقف بعض الدعومات كلها أمور كان يجب أن تحصل سابقاً وفق خطوات تدريجية طبيعية، أما أن تتم بالشكل الذي نسمع عنه اليوم كرد فعل على أزمة داهمة فهذا يعني عدم وجود خطة بل دراسات ودراسات... ومزيد من الدراسات.
ولذلك لا بد من جلسة طارئة لمجلس الأمة لبحث الحالة الاقتصادية للدولة لبحث الأولويات الآتية:
1- تأجيل المشاريع الكبرى غير الحيوية التي ترهق الموازنة وليست ضرورات ملحة، مثل مبنى المطار ومضمار رالي السيارات وغيرهما الكثير إلى حين استقرار الأوضاع المالية وتعافي أسعار النفط.
2- طرح الشركات المتعثرة والمملوكة بالكامل للهيئة العامة للاستثمار حالا لوقف النزيف قبل طرح الأصول المثمرة بأسعار زهيدة مثال «بيت التمويل» و«زين». فهناك شركات حكومية تخسر إنما بدل أن تعتمد الحكومة المعايير العلمية العالمية للحد من هذه الخسائر وزيادة الإنتاجية والكفاءة عبر الخصخصة، نرى أنها تمرّر الاعتمادات تلو الأخرى بمئات ملايين الدنانير ليس لتغطية خسائرها فحسب بل لخلق واقع مستمر من الخسائر مستقبلاً، فمن يعالج النتائج لا الخلل يهدر المال العام من دون أن يحصد الربح.
3- تقنين المساعدات الخارجية، وهذا الكلام لا يعني التخلي عن رسالة الكويت التاريخية الحضارية بل أن ننسجم كدولة مع المعطيات الاقتصادية الجديدة ونوجه كل الإمكانات المالية إلى الداخل الكويتي كي نعبر بسلام من نفق الأزمة.
4- ضبط مصاريف وزارتي الخارجية والدفاع في هذه المرحلة وتحديد الأولويات بدقة، فالمبالغ المليارية هنا تتجاوز بكثير ما ستجنيه الخزينة من رفع بعض الدعومات على المواطنين.
5- شد الأحزمة الحكومية ووقف الهدر ونزيف المال العام الذي يحصل أمام أعين الجميع سواء تعلق الأمر بمصاريف الإدارات أو الوزارات.
6- تطبيق القانون على مؤسسات وهيئات وشركات تتجاوز القوانين ليل نهار وتنهب المال العام وكل ممارساتها الشاذة معروفة ومرصودة وموثقة.
قبل أن تطلب الحكومة من الشعب الكويتي أن يضحي بمداخيله ونمط حياته ورفاهيته ويدفع الضرائب (وهو مستعد وفق خطة شاملة) عليها أولاً أن تضحي بنظرتها الضيقة للأمور وأن تتحرر من الإطار الذي نشأت عليه وأن تبدأ بنفسها، فتوقف ضخ الأموال للشركات الخاسرة، وتوقف تجاوزات الشركات الناهبة، وتوقف المصاريف التي يشيب الشعر لها خصوصاً مع متابعة الأرقام الواردة في تقارير ديوان المحاسبة، وتوقف الخلط بين الأولويات.
... وهذه أيضاً مسؤولية مجلس الأمة بالدرجة الأولى فممثلو الشعب مؤتمنون على القسم، وإذا لم يكن في مقدورهم حمل الأمانة في هذه المرحلة التاريخية فإن الوكالة الشعبية لهم لن تتجدد في الاستحقاق الانتخابي المقبل.
«الراي»
تحدثنا كثيراً في الموضوع ولن نعيد، لكننا على أبواب بدء رفع العقوبات الدولية عن إيران بما يسمح لها بتطوير قدرتها النفطية الإنتاجية، وأمام توقعات مؤسسات عريقة مثل «رويال بنك أسكتلندا» بأن يكسر سعر النفط سقف الـ16 دولاراً... لا يمكننا إلا التفكير بصوت عالٍ في حلول سريعة لتجنب المزيد من الانعكاسات السلبية على الكويت.
من يرصد تصريحات الحكومة منذ اليوم الأول لبدء أسعار النفط بالتراجع ثم بالانهيار يرشحها لدخول موسوعة غينيس في التخبط، فهي لم تعتبر بداية أن في الأمر مشكلة، ثم طمأنت إلى أن التراجع لن يصل إلى السعر المرصود في الموازنة، ثم ذكرت أن التراجع يؤثر على الحالة المالية إنما ليس على المشاريع، ثم انطلق الكلام الشاعري بأن أهل الكويت سيتحملون الجوع والضيق وسيضحون بما لديهم من أجل أن يدعموا خزينة الدولة، ثم بدأ جس نبض الشارع بتسريبات عن التقشف وشد الأحزمة والضرائب... وهكذا حتى وصلنا إلى هنا ونحن على ما نحن عليه من قراءات خاطئة وخطط بديلة غائبة.
لنقل إن كل ذلك بات وراءنا وإننا أمام أزمة حقيقية اليوم يعمّقها شعور أهل الكويت بأن الحكومة لن تعرف كيف تواجهها، فقرارات التقشف والضريبة وشد الأحزمة ووقف بعض الدعومات كلها أمور كان يجب أن تحصل سابقاً وفق خطوات تدريجية طبيعية، أما أن تتم بالشكل الذي نسمع عنه اليوم كرد فعل على أزمة داهمة فهذا يعني عدم وجود خطة بل دراسات ودراسات... ومزيد من الدراسات.
ولذلك لا بد من جلسة طارئة لمجلس الأمة لبحث الحالة الاقتصادية للدولة لبحث الأولويات الآتية:
1- تأجيل المشاريع الكبرى غير الحيوية التي ترهق الموازنة وليست ضرورات ملحة، مثل مبنى المطار ومضمار رالي السيارات وغيرهما الكثير إلى حين استقرار الأوضاع المالية وتعافي أسعار النفط.
2- طرح الشركات المتعثرة والمملوكة بالكامل للهيئة العامة للاستثمار حالا لوقف النزيف قبل طرح الأصول المثمرة بأسعار زهيدة مثال «بيت التمويل» و«زين». فهناك شركات حكومية تخسر إنما بدل أن تعتمد الحكومة المعايير العلمية العالمية للحد من هذه الخسائر وزيادة الإنتاجية والكفاءة عبر الخصخصة، نرى أنها تمرّر الاعتمادات تلو الأخرى بمئات ملايين الدنانير ليس لتغطية خسائرها فحسب بل لخلق واقع مستمر من الخسائر مستقبلاً، فمن يعالج النتائج لا الخلل يهدر المال العام من دون أن يحصد الربح.
3- تقنين المساعدات الخارجية، وهذا الكلام لا يعني التخلي عن رسالة الكويت التاريخية الحضارية بل أن ننسجم كدولة مع المعطيات الاقتصادية الجديدة ونوجه كل الإمكانات المالية إلى الداخل الكويتي كي نعبر بسلام من نفق الأزمة.
4- ضبط مصاريف وزارتي الخارجية والدفاع في هذه المرحلة وتحديد الأولويات بدقة، فالمبالغ المليارية هنا تتجاوز بكثير ما ستجنيه الخزينة من رفع بعض الدعومات على المواطنين.
5- شد الأحزمة الحكومية ووقف الهدر ونزيف المال العام الذي يحصل أمام أعين الجميع سواء تعلق الأمر بمصاريف الإدارات أو الوزارات.
6- تطبيق القانون على مؤسسات وهيئات وشركات تتجاوز القوانين ليل نهار وتنهب المال العام وكل ممارساتها الشاذة معروفة ومرصودة وموثقة.
قبل أن تطلب الحكومة من الشعب الكويتي أن يضحي بمداخيله ونمط حياته ورفاهيته ويدفع الضرائب (وهو مستعد وفق خطة شاملة) عليها أولاً أن تضحي بنظرتها الضيقة للأمور وأن تتحرر من الإطار الذي نشأت عليه وأن تبدأ بنفسها، فتوقف ضخ الأموال للشركات الخاسرة، وتوقف تجاوزات الشركات الناهبة، وتوقف المصاريف التي يشيب الشعر لها خصوصاً مع متابعة الأرقام الواردة في تقارير ديوان المحاسبة، وتوقف الخلط بين الأولويات.
... وهذه أيضاً مسؤولية مجلس الأمة بالدرجة الأولى فممثلو الشعب مؤتمنون على القسم، وإذا لم يكن في مقدورهم حمل الأمانة في هذه المرحلة التاريخية فإن الوكالة الشعبية لهم لن تتجدد في الاستحقاق الانتخابي المقبل.
«الراي»