حوار / «الكويت ساعدتْ كل جيرانها ... ووالدي ووالدتي تعلّما في مدارسها»
هند بنت فيصل القاسمي لـ «الراي»: لا أطمح إلى منصب سياسي !
القاسمي متحدثة إلى الزميل علاء محمود (تصوير زكريا عطيّة)
• الشعب الكويتي مثقّف وواعٍ ... ويحمل مقوِّمات النهوض بدولته
• لم أقل إنني أريد زيارة إسرائيل ... بل أتمنى زيارة «الأقصى» قريباً
• إصدار كتابي «BLACK BOOK ARABIA» بالإنكليزية فتح لي بوابة العالمية
• أعتزم الكتابة عن الزمن الذهبي المنسي ... فنحن نبكي على الأطلال ونجهل ما كان داخلها!
• أنا مصممة أزياء ومهندسة وأديبة ... وأبحث عن الإبداع أينما وُجد!
• أزيائي ليست جريئة بل متجددة ... وتجمع بين الاحتشام والإطلالة البهية
• لم أقل إنني أريد زيارة إسرائيل ... بل أتمنى زيارة «الأقصى» قريباً
• إصدار كتابي «BLACK BOOK ARABIA» بالإنكليزية فتح لي بوابة العالمية
• أعتزم الكتابة عن الزمن الذهبي المنسي ... فنحن نبكي على الأطلال ونجهل ما كان داخلها!
• أنا مصممة أزياء ومهندسة وأديبة ... وأبحث عن الإبداع أينما وُجد!
• أزيائي ليست جريئة بل متجددة ... وتجمع بين الاحتشام والإطلالة البهية
«أهوى الإبداع، وأبحث عنه أينما وُجد ... لكن المناصب السياسية لا تستهويني»!
هكذا اختصرت الشيخة هند بنت فيصل القاسمي شخصيتها في كلمات قليلة، لكنها كافية وكاشفة وموحية أيضاً! ابنة إحدى الأسر الحاكمة في دولة الإمارات الشقيقة، لم تشأ في الاستناد إلى لقب «شيخة»، والبقاء على أريكة وثيرة في برج عاجي ... بل نزلت إلى نهر الواقع، مؤمنةً بأن الحياة رحلة للتحقُّق وإثبات الذات، تحكمها قاعدة «هآنذا ... ولست ابنة مَن»! «الراي» سعت إلى الاقتراب من «الشيخة المكافحة»، التي جمعت بين الهندسة المعمارية وتصميم الأزياء، بل امتلكت داراً للأزياء، من دون أن تنسى موهبتها الأدبية التي عانقتها منذ الطفولة، فأسست مجلتها الخاصة «VELVET» التي تصدر بالإنكليزية، وترأست تحريرها، وفي قفزة نحو العالمية أصدرت كتابها القصصي الأول بالإنكليزية عبر إحدى أكبر دور النشر العالمية، تحت عنوان «BLACK BOOK ARABIA» الذي نفدت طبعته الأولى قبل أيام! نشأتها في أسرة معروفة بشغفها الثقافي، وولعها الدائم بالعمل والتفاني في بذل الجهد، دفعا الشيخة هند القاسمي إلى فتح أبواب الطموح بأقصى اتساعها. تقول: «أتمنى النجاح، ليس في أعمالي فقط، بل في خدمة المجتمع بكل طاقتي»، مردفةً - بتواضع نبيل - أنها تشعر بالضعف عندما لا تستطيع تقديم المساعدة لشخص يعتقد أنها قادرة على ذلك! «الكويت هي بلدي الثاني، وهي قدَّمت العون لكل جيرانها في الماضي»، تقول القاسمي ممتنّةً للكويت بأن والديها كليهما تعلما في شبابهما المبكر في مدارسها، ومثنيةً «على الشعب الكويتي الذي يملك فكراً ومقومات تمكّنه من النهوض بدولته».
وفي حين تحدثت القاسمي عن دعم والديها لكل خطواتها، مشيرةً إلى دورهما الكبير في تقدمها، تابعت: «الأزياء المصممة في الدار التي أملكها ليست جريئةً، بل هي متجددة من دون أن تفقد احتشامها»، محاولةً إزالة سوء الفهم عن تصريح سابق لها، نافيةً أن تكون قالت إنها تريد زيارة إسرائيل، بل أعربت عن رغبتها في زيارة المسجد الأقصى، وأنها لا تزال متمسكة بتحقيق رغبتها في أقرب وقت!
الأديبة الثرية الشغوفة بالعمل هند القاسمي تطرقت إلى الكثير من القضايا والآراء في زوايا عدة ... والتفاصيل تأتي في هذه السطور:
• أنتِ تجمعين، في وقت واحد، بين كونكِ مهندسةً معمارية ومصممةً للأزياء تمتلكين داركِ الخاصة بكِ للأزياء، وإلى جانب ذلك أنتِ أديبة تكتبين القصة بالإنكليزية، كما تمتلكين مجلة تصدر باللغة ذاتها ... فأين ترين نفسك؟
- أجد نفسي في الفن والإبداع أينما كانا، وأنا دائمة البحث عنهما، سواء في الهندسة أو التصميم أو الكتابة، ولعلك تلاحظ أن كل مهنة مما ذكرت تنطوي على قدر كبير من الإبداع. فعلى سبيل المثال عندما أهمّ بكتابة قصّة ما، يجب أن أعيش حينها كل الشخصيات وأرسمها بحذافيرها على الورق، وكذلك أتخيل أوراق الشجر كيف تسقط مع هبوب الريح في فصل الخريف، وأمضي على هذا المنوال عند تصميم الأزياء أو في الهندسة المعمارية، والإبداع هو الأمر الذي أعتبره أساسياً في كل ما أقوم به.
• متى بدأتِ في الكتابة فعلياً؟
- منذ نعومة أظفاري وأنا أحب القلم كثيراً، وعند لحظة ما وأنا لا أزال طفلة صغيرة، وجدتني شغوفةً بتدوين أفكاري على الورق، وكذلك صرتُ أرسم الأشياء التي أتخيلها، وقد تعلمتُ الرسم وحبّ القراءة والكتابة من والدي الدكتور فيصل القاسمي الذي تخرّج في مدارس الكويت، وكان من أوائل الأطباء في دولة الإمارات، وفي تلك الحقبة، وأقصد حقبة الستينات، لم يكن التعليم منتشراً، وكان الأكثرية لا يكملون إلا بالكاد دراستهم «المتوسطة»، لذلك كان الأطباء الإماراتيون معدودين، أما والدي فكان محظوظاً لأنه كان يعيش في الكويت، وتعلم في مدارسها. وأيضاً والدتي الشيخة مهرة بنت ماجد القاسمي، تلقت تعليمها في الكويت، وهي أول مديرة مدرسة إماراتية جامعية، وفي الشهر الماضي كرّمها الشيخ محمد بن راشد ضمن روّاد الإمارات.
• والداك إذاً تلقيا تعليمهما في الكويت ... فما الذي يعنيه لك هذا البلد؟
- الكويت هي بلدي الثاني الذي قدّم الكثير لكل جيرانه، ولم يبخل عليهم قط، وللعلم كثيرات من صديقاتي في الكويت تنتابهن مشاعر الضيق من بطء خطوات التطوّر في الكويت، ودائماً يكون ردي عليهن أن الكويت هي الأساس، والأساس المتين لا يُخشى عليه، «وعمره ما يخرب»، والشعب الكويتي منذ الأجداد مثقف وواعٍ، ويحمل مقوماتٍ عدة وفكراً عميقاً يمكِّنه من أن ينهض بدولته.
• هل مارستِ العمل كمهندسة معمارية فعلياً على أرض الواقع؟
- الهندسة مثل الطب يجب أن تعمل فيها لمدّة تتراوح بين خمس وعشر سنوات مع أشخاص لديهم خبرة، حتى يمكنك الحصول على رخصة هندسة يمكن من خلالها أن يكون لك مكتبك الخاص. وأنا شخصياً، وإن كنتُ أمتلك الشهادة الجامعية في الهندسة، لا أمتلك الرخصة بالعمل، لأنني لم أمارس المهنة فعلياً.
• قبل فترة وجيزة أطلقتِ كتابك الأول بعنوان «BLACK BOOK ARABIA» ... هل يمكنكِ أن تحدثينا عنه؟
- هو كتاب يتضمن 12 قصّة حقيقية لأشخاص من جنسيات عربية أعرف بعضهم وآخرين التقيتهم في بلدان الخليج العربي، وهي تتضمن جملةً من التجارب بعضها ناجحة يمكن أن تثير أملاً، وبعضها الآخر فاشلة ربما نتعلم منها حكمة أو موعظة ما، ولعل هذا هو ما أرمي إليه من وراء هذه القصص، فهناك على سبيل المثال قصة تبيّن لك كم أن المرأة قوية، وأخرى توضّح أن الرجل ذاته مظلوم في المجتمع الشرقي على عكس ما هو متعارف عليه. وللعلم، أنا شخصياً أحب عندما أسرد قصة ما ألا تكون للغيبة والنميمة، بل فقط لأنها واقع وحقيقة حصلت.
• هل تقصدين أنكِ نقلتِ الواقع في تلك القصص كاملاً كما رأيتِه أوسمعتِ به؟
- بالطبع نقلتُ الواقع، ولكن مع إضافة بعض من لمساتي، فهناك شخصيات رفضت أن تظهر كما روت قصّتها تماماً.
• لماذا اخترتِ أن يكون الكتاب باللغة الإنكليزية؟
- أفكاري وطموحاتي كبيرة، وأفضل السير خطوةً خطوةً للوصول إلى النجاح الأكبر، وكتابتي بالإنكليزية أدخلتني إلى العالمية، ولو كان أول إصدار منه بالعربية لاقتصرت حدود انتشاري على الخليج العربي، وبعض الدول العربية، ولما تجاوزت هذه الدائرة. وهناك سبب آخر مهم، هو أن معظم القصص التي تضمنها الكتاب سبق أن نشرتُها في مجلتي «VELVET» التي تصدر باللغة الإنكليزية. إضافة إلى ذلك، فإن العرض الذي حصلتُ عليه لطباعة الكتاب جاءني من أكبر دار نشر إنكليزية، وهي Bloomsburry التي تنشر سلسلة الكتب الشهيرة «هاري بوتر». وبحمدالله أنا سعيدة جداً لأنه خلال ثلاثة أشهر فقط بيعت الطبعة الأولى كاملةً، ودخلنا في الطبعة الثانية ونتجهز للثالثة. وقبل فترة قصيرة بدأ الحديث معهم عن طباعة نسخة باللغة العربية، لأنني أتوقع أنها سوف تلاقي إقبالاً كبيراً، وأقوى من نظيرتها الإنكليزية. كذلك، أعمل معهم على طباعة نسخ بلغات عالمية عدة من بينها الألمانية والروسية والفرنسية والألبانية.
• هل سوف نشهد في الفترة المقبلة كتاباً آخر بقلمك، بعيداً عن القصص الواقعية؟
- بالطبع، هذا أمر مؤكد، ففي ذهني أكثر من قصة سأتفرغ لكتابتها، منها قصة تاريخية تتكلم عن الأندلس، حيث ستتضمن كل المواضيع الممنوع نقاشها في عالمنا العربي، وحتى الغربي، مثل مناقشة الفكر الديني من ناحية مستقلة. فأنا أريد تسليط الضوء على الزمن الذهبي المنسي، لأننا دوماً نبكي ونتكلم عن الأطلال، وليس ماذا كان داخل هذه الأطلال وحولها، فهناك أمور عديدة في تلك الحقبة الزمنية نجهلها تماماً. كذلك هناك كتاب آخر اسمه «هوامير الخليج» سأروي فيه قصص نجاح العديد من الأشخاص.
• بصفتكِ المالكة ورئيسة التحرير لمجلة «VELVET» التي تصدر بالإنكليزية ... هل ترين أنها أخذت حقها في الانتشار عربياً؟
- المجلة تُعنى بـ «Life Style» والأزياء وتصدر باللغة الإنكليزية بسبب وجود العديد من المجلات الأخرى التي تصدر بالعربية، وهي موجودة في السوق منذ خمسة أعوام مضت، ومنذ صدورها حققت نجاحاً كبيراً. وإلى اليوم ما زالت توزّع في لندن وإيطاليا ودبي وقطر، كما أنني أعمل حالياً على توزيعها في الكويت وبقية دول الخليج العربي، كذلك أتأهب لوضع دراسة من أجل إصدار نسخة منها باللغة العربية.
• تمتلكين أيضاً «دار هند» للأزياء ... فما التصاميم التي تشدّك؟
- في الدار نقدّم كل ما ترغب فيه المرأة من عبايات وجلابيب وقفاطين وغيرها الكثير، ويشدّني فعلياً كل ما هو غريب وجديد، وبشكل شخصي أشرف على تصميم كل شيء.
• ألا ترين أن أزياءك جريئة نوعاً ما؟
- لا أراها جريئة بقدر ما هي متجددة، ومحتشمة، ولكن بطلّة بهيّة. ففي السابق أدخلتُ الألوان المبهجة على العباية الخليجية التي كانت تتسم بالسواد الدائم فقط، وقد لاقت رواجاً كبيراً وإقبالاً من النساء. وللعلم، شاركت في العديد من عروض الأزياء حول العالم منها «أسبوع الموضة الإسلامي» في مدينة «كان»، وكل تلك العروض كانت بحضور العديد من المشاهير وأمراء وأميرات الغرب والعرب أيضاً.
• هل استغلّت الشيخة هند القاسمي لقبها للوصول إلى ما حققته اليوم من نجاح؟
- لا علاقة بين أن أكون شيخة وأن أحقق بالضرورة النجاح العملي، فأنا أعرف بعضاً من الشيوخ فشلوا في أعمالهم، في حين هناك أناس عاديون حققوا نجاحات كبيرة. وشخصياً، لم أعتمد يوماً ما على لقبي كشيخة في الوصول إلى أي شيء أريده، ودعني أقل لك إن ما حققتُه جاء محصِّلةً لتعب واجتهاد مضاعف، فلأنني امرأة عربية وشيخة في الوقت نفسه والأنظار كلها عليّ، ولو نظرت إلى كتابي ودققت في فحواه، لوجدتَ أنني لم أكتب فيه بصفتي «الشيخة هند»، بل باسمي مجرداً «هند القاسمي». وللعلم، في الغرب لا يعلمون ما معنى «شيخة»، ولا تهمهم مثل هذه الأمور أساساً ما دام الهدف هو البحث عن الموهبة، وعندما يتعاملون مع الشخص يعاملونه على أساس ما يمتلك من قدرة على الإبداع.
• البعض يتهمك بالغرور ... ما ردّك؟
- هذا الكلام غير صحيح، وأعرف تربيتي جيداً، ولن أقول إنها «تربية شيوخ»، بل هي تربية إسلامية، لذلك أتعامل مع الجميع مهما كانت جنسيته أو دينه أو منصبه في الحياة بكل عفوية وإنسانية وودّ، بعيداً عن التكبّر والغرور اللذين لا أجد لهما داعياً أو مبرراً أصلاً.
• عندما قررتِ خوض كل تلك التجارب في حياتكِ سواء على صعيد التصميم أم الكتابة أم غيرها من نشاطاتك ... هل وجدتِ الدعم من الأهل؟
- أهلي يشجعونني في كل خطوة أُقدِم عليها، ووالدتي - الله يحفظها - تقوم بجمع كل شيء يُنشر لي أو عنّي، وهي سعيدة بما أحققه يومياً من تقدّم.
• في تصريح سابق لكِ قلتِ إنك لا تمانعين الذهاب إلى إسرائيل ... لماذا قلتِ ذلك؟
- الترجمة في ذلك المقال كانت خاطئة، ولم أقل إسرائيل حرفياً، بل ما قصدتُه حينها أنني أرغب في الذهاب إلى القدس أسوة بما فعله الشيخ زايد بن سلطان والشيخ شخبوط آل نهيان في حقبة الستينات عندما ذهبا إلى المسجد الأقصى، وإلى اليوم مازلتُ متمسكة بتصريحي الذي أدليت به، وأتمنى أن يتحقق الأمر قريباً. وأود توضيح مشكلة أننا نحن العرب ليست لدينا مشكلة مع الديانة اليهودية، بل مشكلتنا مع الصهاينة المحتلين فقط.
• ما حدود طموحك التي تسعين للوصول إليه؟
- أرغب في النجاح في أعمالي التجارية وأيضاً حياتي الأسرية، وكذلك الخيرية، وأن أمنح وقتي لمساعدة المجتمع بأي طريقة ممكنة قدر المستطاع.
• ألا تتطلعين إلى منصب سياسي في بلدك؟
- لا بالمرة، فأنا لا أطمح يوماً إلى أن أتقلد أي منصب سياسي في دولة الإمارات.
• زرتِ معظم دول العالم، واحتككتِ بشعوبها ... ما أقرب بلد إلى قلبك؟
- ربما لن تصدق أنني أحببت الهند كثيراً، حيث ذكّرتني طيبة الشعب الهندي بأيام الطفولة، حينما كان الناس يعيشون على سجيتهم التلقائية. كذلك، أحببت أذربيجان لأنها دولة قمّة في الرقي وطعامهم لذيذ جداً، وأيضاً تعجبني الولايات المتحدة الأميركية لأن فيها شعباً يتقبل الجميع من دون النظر إلى جنسيته.
• متى تشعرين بالضعف؟
- عندما لا أقوى على مساعدة شخص ما، وهو يعتقد أنني أستطيع ذلك.
• هل في حياتك مرحلة ما ترغبين في مسحها نهائياً؟
هكذا اختصرت الشيخة هند بنت فيصل القاسمي شخصيتها في كلمات قليلة، لكنها كافية وكاشفة وموحية أيضاً! ابنة إحدى الأسر الحاكمة في دولة الإمارات الشقيقة، لم تشأ في الاستناد إلى لقب «شيخة»، والبقاء على أريكة وثيرة في برج عاجي ... بل نزلت إلى نهر الواقع، مؤمنةً بأن الحياة رحلة للتحقُّق وإثبات الذات، تحكمها قاعدة «هآنذا ... ولست ابنة مَن»! «الراي» سعت إلى الاقتراب من «الشيخة المكافحة»، التي جمعت بين الهندسة المعمارية وتصميم الأزياء، بل امتلكت داراً للأزياء، من دون أن تنسى موهبتها الأدبية التي عانقتها منذ الطفولة، فأسست مجلتها الخاصة «VELVET» التي تصدر بالإنكليزية، وترأست تحريرها، وفي قفزة نحو العالمية أصدرت كتابها القصصي الأول بالإنكليزية عبر إحدى أكبر دور النشر العالمية، تحت عنوان «BLACK BOOK ARABIA» الذي نفدت طبعته الأولى قبل أيام! نشأتها في أسرة معروفة بشغفها الثقافي، وولعها الدائم بالعمل والتفاني في بذل الجهد، دفعا الشيخة هند القاسمي إلى فتح أبواب الطموح بأقصى اتساعها. تقول: «أتمنى النجاح، ليس في أعمالي فقط، بل في خدمة المجتمع بكل طاقتي»، مردفةً - بتواضع نبيل - أنها تشعر بالضعف عندما لا تستطيع تقديم المساعدة لشخص يعتقد أنها قادرة على ذلك! «الكويت هي بلدي الثاني، وهي قدَّمت العون لكل جيرانها في الماضي»، تقول القاسمي ممتنّةً للكويت بأن والديها كليهما تعلما في شبابهما المبكر في مدارسها، ومثنيةً «على الشعب الكويتي الذي يملك فكراً ومقومات تمكّنه من النهوض بدولته».
وفي حين تحدثت القاسمي عن دعم والديها لكل خطواتها، مشيرةً إلى دورهما الكبير في تقدمها، تابعت: «الأزياء المصممة في الدار التي أملكها ليست جريئةً، بل هي متجددة من دون أن تفقد احتشامها»، محاولةً إزالة سوء الفهم عن تصريح سابق لها، نافيةً أن تكون قالت إنها تريد زيارة إسرائيل، بل أعربت عن رغبتها في زيارة المسجد الأقصى، وأنها لا تزال متمسكة بتحقيق رغبتها في أقرب وقت!
الأديبة الثرية الشغوفة بالعمل هند القاسمي تطرقت إلى الكثير من القضايا والآراء في زوايا عدة ... والتفاصيل تأتي في هذه السطور:
• أنتِ تجمعين، في وقت واحد، بين كونكِ مهندسةً معمارية ومصممةً للأزياء تمتلكين داركِ الخاصة بكِ للأزياء، وإلى جانب ذلك أنتِ أديبة تكتبين القصة بالإنكليزية، كما تمتلكين مجلة تصدر باللغة ذاتها ... فأين ترين نفسك؟
- أجد نفسي في الفن والإبداع أينما كانا، وأنا دائمة البحث عنهما، سواء في الهندسة أو التصميم أو الكتابة، ولعلك تلاحظ أن كل مهنة مما ذكرت تنطوي على قدر كبير من الإبداع. فعلى سبيل المثال عندما أهمّ بكتابة قصّة ما، يجب أن أعيش حينها كل الشخصيات وأرسمها بحذافيرها على الورق، وكذلك أتخيل أوراق الشجر كيف تسقط مع هبوب الريح في فصل الخريف، وأمضي على هذا المنوال عند تصميم الأزياء أو في الهندسة المعمارية، والإبداع هو الأمر الذي أعتبره أساسياً في كل ما أقوم به.
• متى بدأتِ في الكتابة فعلياً؟
- منذ نعومة أظفاري وأنا أحب القلم كثيراً، وعند لحظة ما وأنا لا أزال طفلة صغيرة، وجدتني شغوفةً بتدوين أفكاري على الورق، وكذلك صرتُ أرسم الأشياء التي أتخيلها، وقد تعلمتُ الرسم وحبّ القراءة والكتابة من والدي الدكتور فيصل القاسمي الذي تخرّج في مدارس الكويت، وكان من أوائل الأطباء في دولة الإمارات، وفي تلك الحقبة، وأقصد حقبة الستينات، لم يكن التعليم منتشراً، وكان الأكثرية لا يكملون إلا بالكاد دراستهم «المتوسطة»، لذلك كان الأطباء الإماراتيون معدودين، أما والدي فكان محظوظاً لأنه كان يعيش في الكويت، وتعلم في مدارسها. وأيضاً والدتي الشيخة مهرة بنت ماجد القاسمي، تلقت تعليمها في الكويت، وهي أول مديرة مدرسة إماراتية جامعية، وفي الشهر الماضي كرّمها الشيخ محمد بن راشد ضمن روّاد الإمارات.
• والداك إذاً تلقيا تعليمهما في الكويت ... فما الذي يعنيه لك هذا البلد؟
- الكويت هي بلدي الثاني الذي قدّم الكثير لكل جيرانه، ولم يبخل عليهم قط، وللعلم كثيرات من صديقاتي في الكويت تنتابهن مشاعر الضيق من بطء خطوات التطوّر في الكويت، ودائماً يكون ردي عليهن أن الكويت هي الأساس، والأساس المتين لا يُخشى عليه، «وعمره ما يخرب»، والشعب الكويتي منذ الأجداد مثقف وواعٍ، ويحمل مقوماتٍ عدة وفكراً عميقاً يمكِّنه من أن ينهض بدولته.
• هل مارستِ العمل كمهندسة معمارية فعلياً على أرض الواقع؟
- الهندسة مثل الطب يجب أن تعمل فيها لمدّة تتراوح بين خمس وعشر سنوات مع أشخاص لديهم خبرة، حتى يمكنك الحصول على رخصة هندسة يمكن من خلالها أن يكون لك مكتبك الخاص. وأنا شخصياً، وإن كنتُ أمتلك الشهادة الجامعية في الهندسة، لا أمتلك الرخصة بالعمل، لأنني لم أمارس المهنة فعلياً.
• قبل فترة وجيزة أطلقتِ كتابك الأول بعنوان «BLACK BOOK ARABIA» ... هل يمكنكِ أن تحدثينا عنه؟
- هو كتاب يتضمن 12 قصّة حقيقية لأشخاص من جنسيات عربية أعرف بعضهم وآخرين التقيتهم في بلدان الخليج العربي، وهي تتضمن جملةً من التجارب بعضها ناجحة يمكن أن تثير أملاً، وبعضها الآخر فاشلة ربما نتعلم منها حكمة أو موعظة ما، ولعل هذا هو ما أرمي إليه من وراء هذه القصص، فهناك على سبيل المثال قصة تبيّن لك كم أن المرأة قوية، وأخرى توضّح أن الرجل ذاته مظلوم في المجتمع الشرقي على عكس ما هو متعارف عليه. وللعلم، أنا شخصياً أحب عندما أسرد قصة ما ألا تكون للغيبة والنميمة، بل فقط لأنها واقع وحقيقة حصلت.
• هل تقصدين أنكِ نقلتِ الواقع في تلك القصص كاملاً كما رأيتِه أوسمعتِ به؟
- بالطبع نقلتُ الواقع، ولكن مع إضافة بعض من لمساتي، فهناك شخصيات رفضت أن تظهر كما روت قصّتها تماماً.
• لماذا اخترتِ أن يكون الكتاب باللغة الإنكليزية؟
- أفكاري وطموحاتي كبيرة، وأفضل السير خطوةً خطوةً للوصول إلى النجاح الأكبر، وكتابتي بالإنكليزية أدخلتني إلى العالمية، ولو كان أول إصدار منه بالعربية لاقتصرت حدود انتشاري على الخليج العربي، وبعض الدول العربية، ولما تجاوزت هذه الدائرة. وهناك سبب آخر مهم، هو أن معظم القصص التي تضمنها الكتاب سبق أن نشرتُها في مجلتي «VELVET» التي تصدر باللغة الإنكليزية. إضافة إلى ذلك، فإن العرض الذي حصلتُ عليه لطباعة الكتاب جاءني من أكبر دار نشر إنكليزية، وهي Bloomsburry التي تنشر سلسلة الكتب الشهيرة «هاري بوتر». وبحمدالله أنا سعيدة جداً لأنه خلال ثلاثة أشهر فقط بيعت الطبعة الأولى كاملةً، ودخلنا في الطبعة الثانية ونتجهز للثالثة. وقبل فترة قصيرة بدأ الحديث معهم عن طباعة نسخة باللغة العربية، لأنني أتوقع أنها سوف تلاقي إقبالاً كبيراً، وأقوى من نظيرتها الإنكليزية. كذلك، أعمل معهم على طباعة نسخ بلغات عالمية عدة من بينها الألمانية والروسية والفرنسية والألبانية.
• هل سوف نشهد في الفترة المقبلة كتاباً آخر بقلمك، بعيداً عن القصص الواقعية؟
- بالطبع، هذا أمر مؤكد، ففي ذهني أكثر من قصة سأتفرغ لكتابتها، منها قصة تاريخية تتكلم عن الأندلس، حيث ستتضمن كل المواضيع الممنوع نقاشها في عالمنا العربي، وحتى الغربي، مثل مناقشة الفكر الديني من ناحية مستقلة. فأنا أريد تسليط الضوء على الزمن الذهبي المنسي، لأننا دوماً نبكي ونتكلم عن الأطلال، وليس ماذا كان داخل هذه الأطلال وحولها، فهناك أمور عديدة في تلك الحقبة الزمنية نجهلها تماماً. كذلك هناك كتاب آخر اسمه «هوامير الخليج» سأروي فيه قصص نجاح العديد من الأشخاص.
• بصفتكِ المالكة ورئيسة التحرير لمجلة «VELVET» التي تصدر بالإنكليزية ... هل ترين أنها أخذت حقها في الانتشار عربياً؟
- المجلة تُعنى بـ «Life Style» والأزياء وتصدر باللغة الإنكليزية بسبب وجود العديد من المجلات الأخرى التي تصدر بالعربية، وهي موجودة في السوق منذ خمسة أعوام مضت، ومنذ صدورها حققت نجاحاً كبيراً. وإلى اليوم ما زالت توزّع في لندن وإيطاليا ودبي وقطر، كما أنني أعمل حالياً على توزيعها في الكويت وبقية دول الخليج العربي، كذلك أتأهب لوضع دراسة من أجل إصدار نسخة منها باللغة العربية.
• تمتلكين أيضاً «دار هند» للأزياء ... فما التصاميم التي تشدّك؟
- في الدار نقدّم كل ما ترغب فيه المرأة من عبايات وجلابيب وقفاطين وغيرها الكثير، ويشدّني فعلياً كل ما هو غريب وجديد، وبشكل شخصي أشرف على تصميم كل شيء.
• ألا ترين أن أزياءك جريئة نوعاً ما؟
- لا أراها جريئة بقدر ما هي متجددة، ومحتشمة، ولكن بطلّة بهيّة. ففي السابق أدخلتُ الألوان المبهجة على العباية الخليجية التي كانت تتسم بالسواد الدائم فقط، وقد لاقت رواجاً كبيراً وإقبالاً من النساء. وللعلم، شاركت في العديد من عروض الأزياء حول العالم منها «أسبوع الموضة الإسلامي» في مدينة «كان»، وكل تلك العروض كانت بحضور العديد من المشاهير وأمراء وأميرات الغرب والعرب أيضاً.
• هل استغلّت الشيخة هند القاسمي لقبها للوصول إلى ما حققته اليوم من نجاح؟
- لا علاقة بين أن أكون شيخة وأن أحقق بالضرورة النجاح العملي، فأنا أعرف بعضاً من الشيوخ فشلوا في أعمالهم، في حين هناك أناس عاديون حققوا نجاحات كبيرة. وشخصياً، لم أعتمد يوماً ما على لقبي كشيخة في الوصول إلى أي شيء أريده، ودعني أقل لك إن ما حققتُه جاء محصِّلةً لتعب واجتهاد مضاعف، فلأنني امرأة عربية وشيخة في الوقت نفسه والأنظار كلها عليّ، ولو نظرت إلى كتابي ودققت في فحواه، لوجدتَ أنني لم أكتب فيه بصفتي «الشيخة هند»، بل باسمي مجرداً «هند القاسمي». وللعلم، في الغرب لا يعلمون ما معنى «شيخة»، ولا تهمهم مثل هذه الأمور أساساً ما دام الهدف هو البحث عن الموهبة، وعندما يتعاملون مع الشخص يعاملونه على أساس ما يمتلك من قدرة على الإبداع.
• البعض يتهمك بالغرور ... ما ردّك؟
- هذا الكلام غير صحيح، وأعرف تربيتي جيداً، ولن أقول إنها «تربية شيوخ»، بل هي تربية إسلامية، لذلك أتعامل مع الجميع مهما كانت جنسيته أو دينه أو منصبه في الحياة بكل عفوية وإنسانية وودّ، بعيداً عن التكبّر والغرور اللذين لا أجد لهما داعياً أو مبرراً أصلاً.
• عندما قررتِ خوض كل تلك التجارب في حياتكِ سواء على صعيد التصميم أم الكتابة أم غيرها من نشاطاتك ... هل وجدتِ الدعم من الأهل؟
- أهلي يشجعونني في كل خطوة أُقدِم عليها، ووالدتي - الله يحفظها - تقوم بجمع كل شيء يُنشر لي أو عنّي، وهي سعيدة بما أحققه يومياً من تقدّم.
• في تصريح سابق لكِ قلتِ إنك لا تمانعين الذهاب إلى إسرائيل ... لماذا قلتِ ذلك؟
- الترجمة في ذلك المقال كانت خاطئة، ولم أقل إسرائيل حرفياً، بل ما قصدتُه حينها أنني أرغب في الذهاب إلى القدس أسوة بما فعله الشيخ زايد بن سلطان والشيخ شخبوط آل نهيان في حقبة الستينات عندما ذهبا إلى المسجد الأقصى، وإلى اليوم مازلتُ متمسكة بتصريحي الذي أدليت به، وأتمنى أن يتحقق الأمر قريباً. وأود توضيح مشكلة أننا نحن العرب ليست لدينا مشكلة مع الديانة اليهودية، بل مشكلتنا مع الصهاينة المحتلين فقط.
• ما حدود طموحك التي تسعين للوصول إليه؟
- أرغب في النجاح في أعمالي التجارية وأيضاً حياتي الأسرية، وكذلك الخيرية، وأن أمنح وقتي لمساعدة المجتمع بأي طريقة ممكنة قدر المستطاع.
• ألا تتطلعين إلى منصب سياسي في بلدك؟
- لا بالمرة، فأنا لا أطمح يوماً إلى أن أتقلد أي منصب سياسي في دولة الإمارات.
• زرتِ معظم دول العالم، واحتككتِ بشعوبها ... ما أقرب بلد إلى قلبك؟
- ربما لن تصدق أنني أحببت الهند كثيراً، حيث ذكّرتني طيبة الشعب الهندي بأيام الطفولة، حينما كان الناس يعيشون على سجيتهم التلقائية. كذلك، أحببت أذربيجان لأنها دولة قمّة في الرقي وطعامهم لذيذ جداً، وأيضاً تعجبني الولايات المتحدة الأميركية لأن فيها شعباً يتقبل الجميع من دون النظر إلى جنسيته.
• متى تشعرين بالضعف؟
- عندما لا أقوى على مساعدة شخص ما، وهو يعتقد أنني أستطيع ذلك.
• هل في حياتك مرحلة ما ترغبين في مسحها نهائياً؟