قدّمتها فرقة المسرح الشعبي على خشبة «الدسمة»
«بلاد أزل»... حكم الدكتاتور لا ينتهي!
مشهد من العرض
جانب من الندوة التطبيقية
... ومشهد آخر (تصوير كرم ذياب)
حكم الديكتاتور لا ينتهي في «بلاد أزل». حيث يمضي «أزل» ليأتي غيره. هذا هو مضمون العرض المسرحي الذي قدمته فرقة المسرح الشعبي على خشبة مسرح الدسمة، ضمن فعاليات مهرجان الكويت المسرحي السادس عشر.
يروي العرض، وهو من تأليف وإخراج نصّار النصّار ومن بطولة حسين العوض، عثمان الشطي، عبدالله الحمود، ميثم الحسيني، نسرين سروري، بشار عبدالله، عبدالرحمن الفهد، ماجد البلوشي ومحمد عبدالعزيز، قصّة تدور أحداثها وفق قالب خيالي ذي طابع شرقي، لمسه الحضور من خلال الموسيقى وبعض الجمل التي قيلت على لسان الممثلين باللهجة المحلية، فهي تروي رحلة دكتاكور يدعى أزل بن أركان، قام بقتل أفراد شعبه والصعود على ظهورهم من أجل الحفاظ على كرسي السلطة، وعندما يجتمع الشعب للحصول على حريته والمطالبة بها، يهمّون بقتله، فتكون النهاية أن أزل الذي تمّ قتله هو أزل الذي بقي في النهاية، لتستمر المعاناة إلى الأزل.
قبل بدء عرض المسرحية، حرص المؤلّف والمخرج نصار النصّارفي منشور وزّعه، على توضيح أن العمل يأتي كمعالجة درامية للمشهد الثاني من مسرحية «الامبراطور جونز»، محاولاً تطوير ذلك المشهد وربطه وتقديمه بصورة معاصرة منطلقة من علاقة الامبراطور والسيد سميزرز، والعلاقة بين السلطة والمصالح الشخصية والخارجية وتضاربها مع حكم أي دكتاتور ومصلحة الشعب. وبالتالي، فإن من قرأ أو شاهد «الامبراطور جونز»، يكون قد فهم ما يريد النصّار إيصاله وفق رؤيته الخاصة، خصوصاً أن المشهد الأول من المسرحية التي قدّمها النصّار وضّحت ولخّصت كل ما قيل بعدها من أحداث، وبالتالي سلب متعة التفكير في القادم لدى المشاهد.
النصّار اعتمد في رؤيته على تغريب النص بحيث لا يمتّ لأحد بصلة، فالأزياء التي صممتها الدكتورة ابتسام الحمادي لم تكن واضحة المعالم لأي بلد ما، وحتى أسماء الشخصيات التي امتزجت بين العربية والغربية، إلى جانب تنويعه في الموسيقى والإيقاعات كي لا يجعلها تنتمي إلى منطقة واحدة، مشتتاً إياها بين الشرق والغرب والجنوب والشمال.
وبالعودة إلى عنوان المسرحية «بلاد أزل»، نلمس فيه أيضاً تغريباً، فالشق الأول من العنوان «بلاد» مفتوح غير محدد، وأزل وهي كلمة عربية تعني الـ «ما لا نهاية»، وهنا حاول مؤلف المسرحية ومخرجها النصّار أن يرمز إلى أن الدكتاتورية في بعض البلاد أزلية لن تنتهي وسوف تستمر في قتل الشعوب حفاظاً على الكرسي.
أما في ما يخصّ الأداء التمثيلي، فقد تفاوت بين الممثلين ككل، إذ كان فيها بضع من نقاط القوة وأخرى من الضعف، ولم نشهد وجود الممثل البطل الذي فرض شخصيته على الجمهور، لكن يحسب للمخرج تقنيته في المزج بين الماضي والحاضر، عبر استرجاع الدكتاتور أزل لماضيه عندما كان فقيراً، مستعيناً بذلك بالأزياء التي تدلّ على مكانته الاجتماعية. كذلك، رمزية استخدام شخصية أزل للسيف دوماً في قتل كل ما يقف في طريقه كانت لها دلالة على الغدر، باعتبار أن الطعن غالباً ما يكون من الخلف ويسبب ألماً كبيراً.
وعلى صعيد الديكور الذي اعتمد بشكل أساسي على «الماريونت»، فلم يتم توظيف الدلالة الرمزية أو استخدامها طوال فترة العرض، بالرغم من أن دلالتها توحي بأن بلاد أزل مسيّرة من قبل أشخاص معينين يتحكمون بأفراد الشعب كأنهم دمى ويسيّرونهم كما أرادوا، إلى جانب وجود مجموعة من الكراسي تم استخدامها في بعض المشاهد. أما الإضاءة التي خذلت المخرج كونها كشفت مواضع الممثلين قبل حدوث الحدث ذاته، فقد اعتمدت الثبات في اللون في غالب العرض مع وجود بعض البقع مما لم يظهر ثراء ملابس أزل لحظة تبديله بين ماضيه وحاضره.
ومن النقاط الإيجابية التي تحسب للمخرج النصّار هو ابتعاده عن مشابهة النصّ الأصلي لمسرحية «الامبراطور جونز» حرفياً، واستعانته فقط بروح النصّ الأصلي واضعاً في عرضه رؤيته وبصمته الخاصة، حيث أنه من الصحيح أن الفكرة في كلا النصّين واحدة والتي تتمثل بذلك الدكتاتور الظالم المستبد، لكن الاختلاف في الطرح منحها روحاً أخرى.
أعقبت العرض ندوة تطبيقية أدارتها الفنانة البحرينية مريم زيمان بحضور المؤلف والمخرج نصّار النصّار، ودكتور قسم النقد والأدب المسرحي في المعهد العالي للفنون المسرحية محمد زعيمة بصفته معقّباً رئيسياً على العرض، حيث أشار إلى وجود علاقة بين النص والمجتمع العربي الكبير، حيث قدمت الفكرة من خلال (فكرة البديل) عندما استخدم الخنجر العربي كبديل عن الرصاصة الفضية في (الامبراطور جونز)، ليوضّح رؤيته بأن طعنة الخنجر أقوى في تأثيرها من الرصاصة.
ورأى زعيمة أن الأداء الحركي لم يكن مشبعاً لذلك فقد جماليات الحركة، لكن لفته استخدام الملابس التي مزجت بين الماضي والحاضر، وتساءل الدكتور محمد الحبسي: «هل شخصيات العرض المسرحي من خيال المؤلف أم أنها واقعية؟». وفضلت الكاتبة البحرينية زهراء المنصور أن يكون اسم المسرحية «أزل» فقط، واختتم الفنان طارق العلي المداخلات، مشبهاً النصار بنادي كاظمة الرياضي كونه «يصل إلى النهائي ولا ينال البطولة. لكن فعلاً النصار صاحب فكر ومبدع ومثابر، معبّراً عن الفخر بوجود طاقات شبابية رهيبة في الكويت.
وقبل انتهاء الندوة، أكّد مؤلف ومخرج المسرحية نصّار النصار أنه تلقى كل الآراء النقدية بعين الاعتبار، وسيعمل على تطوير العرض في المرّات المقبلة كما يفعل كل مرة، معتبراً أن ما قدمه مجرد تجربة وليس نتيجة.
يروي العرض، وهو من تأليف وإخراج نصّار النصّار ومن بطولة حسين العوض، عثمان الشطي، عبدالله الحمود، ميثم الحسيني، نسرين سروري، بشار عبدالله، عبدالرحمن الفهد، ماجد البلوشي ومحمد عبدالعزيز، قصّة تدور أحداثها وفق قالب خيالي ذي طابع شرقي، لمسه الحضور من خلال الموسيقى وبعض الجمل التي قيلت على لسان الممثلين باللهجة المحلية، فهي تروي رحلة دكتاكور يدعى أزل بن أركان، قام بقتل أفراد شعبه والصعود على ظهورهم من أجل الحفاظ على كرسي السلطة، وعندما يجتمع الشعب للحصول على حريته والمطالبة بها، يهمّون بقتله، فتكون النهاية أن أزل الذي تمّ قتله هو أزل الذي بقي في النهاية، لتستمر المعاناة إلى الأزل.
قبل بدء عرض المسرحية، حرص المؤلّف والمخرج نصار النصّارفي منشور وزّعه، على توضيح أن العمل يأتي كمعالجة درامية للمشهد الثاني من مسرحية «الامبراطور جونز»، محاولاً تطوير ذلك المشهد وربطه وتقديمه بصورة معاصرة منطلقة من علاقة الامبراطور والسيد سميزرز، والعلاقة بين السلطة والمصالح الشخصية والخارجية وتضاربها مع حكم أي دكتاتور ومصلحة الشعب. وبالتالي، فإن من قرأ أو شاهد «الامبراطور جونز»، يكون قد فهم ما يريد النصّار إيصاله وفق رؤيته الخاصة، خصوصاً أن المشهد الأول من المسرحية التي قدّمها النصّار وضّحت ولخّصت كل ما قيل بعدها من أحداث، وبالتالي سلب متعة التفكير في القادم لدى المشاهد.
النصّار اعتمد في رؤيته على تغريب النص بحيث لا يمتّ لأحد بصلة، فالأزياء التي صممتها الدكتورة ابتسام الحمادي لم تكن واضحة المعالم لأي بلد ما، وحتى أسماء الشخصيات التي امتزجت بين العربية والغربية، إلى جانب تنويعه في الموسيقى والإيقاعات كي لا يجعلها تنتمي إلى منطقة واحدة، مشتتاً إياها بين الشرق والغرب والجنوب والشمال.
وبالعودة إلى عنوان المسرحية «بلاد أزل»، نلمس فيه أيضاً تغريباً، فالشق الأول من العنوان «بلاد» مفتوح غير محدد، وأزل وهي كلمة عربية تعني الـ «ما لا نهاية»، وهنا حاول مؤلف المسرحية ومخرجها النصّار أن يرمز إلى أن الدكتاتورية في بعض البلاد أزلية لن تنتهي وسوف تستمر في قتل الشعوب حفاظاً على الكرسي.
أما في ما يخصّ الأداء التمثيلي، فقد تفاوت بين الممثلين ككل، إذ كان فيها بضع من نقاط القوة وأخرى من الضعف، ولم نشهد وجود الممثل البطل الذي فرض شخصيته على الجمهور، لكن يحسب للمخرج تقنيته في المزج بين الماضي والحاضر، عبر استرجاع الدكتاتور أزل لماضيه عندما كان فقيراً، مستعيناً بذلك بالأزياء التي تدلّ على مكانته الاجتماعية. كذلك، رمزية استخدام شخصية أزل للسيف دوماً في قتل كل ما يقف في طريقه كانت لها دلالة على الغدر، باعتبار أن الطعن غالباً ما يكون من الخلف ويسبب ألماً كبيراً.
وعلى صعيد الديكور الذي اعتمد بشكل أساسي على «الماريونت»، فلم يتم توظيف الدلالة الرمزية أو استخدامها طوال فترة العرض، بالرغم من أن دلالتها توحي بأن بلاد أزل مسيّرة من قبل أشخاص معينين يتحكمون بأفراد الشعب كأنهم دمى ويسيّرونهم كما أرادوا، إلى جانب وجود مجموعة من الكراسي تم استخدامها في بعض المشاهد. أما الإضاءة التي خذلت المخرج كونها كشفت مواضع الممثلين قبل حدوث الحدث ذاته، فقد اعتمدت الثبات في اللون في غالب العرض مع وجود بعض البقع مما لم يظهر ثراء ملابس أزل لحظة تبديله بين ماضيه وحاضره.
ومن النقاط الإيجابية التي تحسب للمخرج النصّار هو ابتعاده عن مشابهة النصّ الأصلي لمسرحية «الامبراطور جونز» حرفياً، واستعانته فقط بروح النصّ الأصلي واضعاً في عرضه رؤيته وبصمته الخاصة، حيث أنه من الصحيح أن الفكرة في كلا النصّين واحدة والتي تتمثل بذلك الدكتاتور الظالم المستبد، لكن الاختلاف في الطرح منحها روحاً أخرى.
أعقبت العرض ندوة تطبيقية أدارتها الفنانة البحرينية مريم زيمان بحضور المؤلف والمخرج نصّار النصّار، ودكتور قسم النقد والأدب المسرحي في المعهد العالي للفنون المسرحية محمد زعيمة بصفته معقّباً رئيسياً على العرض، حيث أشار إلى وجود علاقة بين النص والمجتمع العربي الكبير، حيث قدمت الفكرة من خلال (فكرة البديل) عندما استخدم الخنجر العربي كبديل عن الرصاصة الفضية في (الامبراطور جونز)، ليوضّح رؤيته بأن طعنة الخنجر أقوى في تأثيرها من الرصاصة.
ورأى زعيمة أن الأداء الحركي لم يكن مشبعاً لذلك فقد جماليات الحركة، لكن لفته استخدام الملابس التي مزجت بين الماضي والحاضر، وتساءل الدكتور محمد الحبسي: «هل شخصيات العرض المسرحي من خيال المؤلف أم أنها واقعية؟». وفضلت الكاتبة البحرينية زهراء المنصور أن يكون اسم المسرحية «أزل» فقط، واختتم الفنان طارق العلي المداخلات، مشبهاً النصار بنادي كاظمة الرياضي كونه «يصل إلى النهائي ولا ينال البطولة. لكن فعلاً النصار صاحب فكر ومبدع ومثابر، معبّراً عن الفخر بوجود طاقات شبابية رهيبة في الكويت.
وقبل انتهاء الندوة، أكّد مؤلف ومخرج المسرحية نصّار النصار أنه تلقى كل الآراء النقدية بعين الاعتبار، وسيعمل على تطوير العرض في المرّات المقبلة كما يفعل كل مرة، معتبراً أن ما قدمه مجرد تجربة وليس نتيجة.