ضوء

عمر بن الخطاب

تصغير
تكبير
عمر بن الخطاب الزاهد القوي الشجاع العادل الأمين الذي لا يخاف في الحق لومة لائم، اختاره مايكل هارت مع النبي محمد -صلى الله عليه وسلم- من أعظم الخالدين، لأنه في فترة حكمه والتي لم تتخط السنوات العشر تحققت الفتوحات الكبرى للإسلام، ومن شدة عدله كان يتفقد أحوال الرعية بنفسه يومياً، وذات يوم سمع صيحات أطفال صادرة من أحد البيوت، ولكي تُلهي الأم أطفالها حتى يفرجها الله، جلست تغلي الماء في القدر مع الحصى، وتقول لأطفالها وهم يتضورون جوعاً: «عمر الخليفة غائب فمن للبائسين؟ يرفق بالأسماك تحت الماء، والدود تحت الصخرة الصماء، فارحم يا الله البؤس والشقاء»، وكان عمر يسمع، فقال: «إن الرعية في خطر ما بين سمعي والبصر، ياليت من ولدت عمر، قتلته في عهده منذ الصغر، ضاع الرجاء المنتظر، أهلكت نفسك يا عمر»، فذهب عمر مسرعاً وجلب الطحين والسمن والأرز وحمله على ظهره ليوصله إلى المرأة، فطلب منه صاحبه أن يحمله عنه، فرفض عمر قائلاً: «أتحمل عني ذنوبي يوم القيامة؟ دعني لعل الله يغفرها لي».

وذات يوم ومن شدة تعبه وهو في الطريق توجه إلى شجرة ليأخذ غفوة تحت ظلها، وكان آنذاك وفد من كسرى قادم لمقابلة الخليفة عمر، فسأل الوفد عن عمر فدلهم أحد المارة بمكانه، ولما وصلوا المكان ورأوه نائما تحت الشجرة، قال أحدهم قولته المأثورة: «حكمت فعدلت فأمنت فنمت يا عمر».


وفي كتاب (عمر والتشيع) للكاتب حسن العلوي يقول فيه: «إن 35 قراراً اتخذها عمر بناءً على اقتراح من علي بن أبي طالب الذي كانت كلمته مسموعة في عهد عمر، والنبي محمد كان يختار أبا بكر وعمر وعلياً في أغلب الأحيان ليسمع رأيهم في كل أمر».

فلماذا التحامل على الخليفة الثاني عمر بن الخطاب من قبل البعض؟

عندما دخل عمر بن الخطاب رضي الله عنه بلاد فارس فاتحاً ومنتصراً في معركتي القادسية بقيادة سعد بن أبي وقاص عام 636م، ثم معركة نهاوند بقيادة النعمان بن المقرن في642م، لم يتقبل الفرس غصة الهزيمة على يد عربي حتى لو كان سبباً في دخولهم دين الإسلام العظيم، وظلت هذه الغصة تملأ قلوبهم في كون قائد عربي استطاع أن يهزم الإمبراطورية الساسانية لينشر نور الإسلام، لذلك بدأت تحاك القصص وتُزيف الحقائق التاريخية بحق العروبة، ومن أجل الطعن في شخص هذا القائد العظيم والصحابي الجليل الذي ملأ الأرض عدلاً وسلاماً، وهناك الكثير من القصص المزوّرة المنتشرة حول الخليفة عمر.

إن الاختلاف بين المؤمنين رحمة من الله عز وجل، ولكن للأسف هناك من استطاع أن يحول الاختلاف إلى خلاف ثم إلى شقاق وافتراق، ما نتج عنه هذه الحال العربية المزرية.

فالتشويه في حق أمير المؤمنين عمر وبعض الصحابة بدأ قبل 800 عام، وليس له علاقة بالسنة أو الشيعة العرب، بل دوّن في المراجع الفارسية وتم نقله وترجمته إلى اللغة العربية بعد ذاك، ومع مرور الزمن وبتكرار الأكاذيب تحولت إلى حقائق، والجميع يعلم أن إيران كانت تتبع المذهب السني وتحولت إلى المذهب الشيعي قبل 450 عاماً فقط.

إذاً المسألة كانت هجمة فارسية على التاريخ البطولي العربي، ونحن نعيده من باب التأكيد على أن ما روي ليس له علاقة تماما بالدين بل بالصراع السياسي والعرقي، وما نقوله للتاريخ أيضاً، فلقد مرت قرون طويلة ونحن العرب كنا ومازلنا نمد أيدينا نحو إيران قبل أميركا، بوصفها جارة يوحدنا معا دين الإسلام العظيم، والآن نمد أيدينا إلى كل دول العالم بما فيها أميركا التي تدعم بكل قوتها عدونا الصهيوني، لكن علينا قبل أن نمد يدنا إلى أي كان، أن نعرف مواقع القوة في أنفسنا ونشحذها ونوحد قوانا، لكي نتمكن من أن نتحاور ونتعاون مع أي قريب أو بعيد، دون المساس بأرضنا وكرامتنا وخيرات بلادنا. ونتبع مقولة عمر: «لا تكن يابساً فتكسر أو ليناً فتعصر»، لكي نحاور العدو من موقع قوة نداً لند، لا عبداً لسيد، وفي الوقت نفسه نتمتع بالمرونة وفن التفاوض في آن واحد، فهل نتمكن من ذلك؟

[email protected]
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي