العمالة المصرية في الكويت موجودة منذ زمنٍ بعيد، وعينا على هذه الدنيا يعالجنا طبيب مصري، يعلمنا معلّم مصري، يبني بيوتنا مقاول مصري، حتى القضاة مصريون مخضرمون تتعلم على أيديهم الأجيال الجديدة في الجهة القضائية، فتبادُل المنافع والمصالح أمرٌ قديم بين العمالة المصرية ودولة الكويت، لا نُنكر ولا يُنكرون.
ما دعاني للكتابة حول ذلك اللغط المُثار من قِبَل بعض المصريين وأقول بعض، حول حادثة موت مصري بالكويت، وبغض النظر عن موقفنا تجاه ما حدث وبغض النظر عن تأييدنا أو رفضنا، فإن المستوى الذي يتكلمون به، والألفاظ التي يكللون بها كلامهم يعبّر عن نظرةٍ سوداوية لبلدٍ ذي أفضالٍ عظيمة عليهم لو كُتِبَت على أوراق لغطت عين الشمس وأكثر، وذلك لا يخفى على كثيرٍ منهم!
كيف لتلك القلة أن تشتم الشعب وتتطاول عبر وسائل الإعلام الإلكترونية على ديارٍ سكنوها ونهلوا من خيراتها لسنوات وسنوات؟، بل تصل الجرأة لتوجيه خطابات للقيادة السياسية بأسلوبٍ شعبي، أما فيما يخص المقارنات، فلو أن من مات كان كويتياً في مصر «كان زمان الدنيا مألوبة» نحن لا نعبث بالأرواح، ولا نعقد المقارنات المغلوطة، وأعتقد أنه وقبل أقل من شهر ماتت فتاة كويتية غدراً في مصر لا بسبب شجار أو اختلاف على سعر، وإنما كان السبب الوحيد الجشع والطمع والرغبة بالاستحواذ على المال، أمام هذه الرغبات الدنيئة زُهِقَت أرواح ومازالت الدنيا على وضعها لم تُقلب كما يزعم البعض.. ورجعت الضحية إلى الكويت داخل صندوق.. «ودا كمان ما يرضيش ربنا أبداً!» من باب المقارنة أيضاً.
ومن هنا أقول إن ردود أفعال الشعوب تعبّر عن مدى رقيّهم.. لم يعمد الشعب الكويتي إلى التعميم، ولم يتخذ موقفاً أمام وافدية المصريين في الكويت كرد فعل على مقتل كويتية هناك، أما بعض المصريين أخذوا يكيلون للشعب الكويتي بالتعميمات الخاطئة التي تعبر عن قلوب سوداء لأيادٍ كانت بيضاء معهم على مدار سنوات، فقد تعامل الكويتي مع ألمه بعقلانية بينما الغريب لم يكن أديباً، ومن ضاقت به الكويت لدرجة الشتم والسب فليعد إلى دياره غير مأسوفٍ عليه، أما المُحِب المخلص الذي لا ينكر الجميل ولا يتنكر للفضل فأهلاً به.
وما قولنا لذلك إلا من باب التنبيه على أنه ليس من الحكمة أن تُزرع الكراهية بين الدول بسبب ردود الأفعال الاندفاعية من شعوبهم وخاصة شبابهم، ولأنه من شأن الانفعال أن يعمي العقول عن الحقائق والتعويل على التعميم أكثر دون النظر لحقيقة موقف الكويت والكويتيين مع مصر كدولة وشعب لسنين طويلة، فمن كان في كلامه خير فليقله وإلا فالصمت هنا أجزل من الكلام.
A.alawadhi-85@hotmail.com @3ysha_85