فتح نار الانتقاد على تشيني «ذي المؤخرة الحديدية» ورامسفيلد «المتعجرف»
بوش الأب ينتقد الابن: عباراته الساخنة لم تسهم في حل المشاكل الديبلوماسية
لم يسبق أن عبّر «بوش الأب» علناً عن رأيه إزاء رد فعل «بوش الابن» تجاه هجمات الحادي عشر من سبتمبر وما أعقبها من غزو للعراق، إلا انه فعل ذلك في كتاب جديد عن سيرته يفترض أن يصدر قريباً، حيث قال في معرض هجومه على نائب الرئيس السابق ديك تشيني لجلبه تأثير افراد أسرته للإدارة ان «هذه كانت غلطة الرئيس (بوش الابن) الذي يتحمل وحده المسؤولية عن ذلك»، كما فتح النار على وزير دفاع نجله دونالد رامسفيد.
من المعروف أن الأب اكتفى في العام 1991 بتحرير الكويت من الاحتلال العراقي من دون أن يتوج المهمة العسكرية بإسقاط صدام حسين، في حين أن الابن أكملها لاحقاً في العام 2003 عندما غزا العراق وفعل ما لم يفعله والده.
لكن أحداً لم يعرف منذ ذلك الحين أي شيء عن تفاصيل ما قيل بين الأب والابن حول هذا الأمر - أو غيره - وراء الأبواب المغلقة، كما أن بوش الابن أكد في كتاب عن والده نشره العام الماضي على أنه اتخذ قرار غزو العراق بمفرده ودون تشاور مع والده. ففي الكتاب الذي صدر تحت عنوان «41: بورتريه لوالدي» كتب بوش الابن قائلاً: «لم أسأل والدي مطلقاً عما ينبغي أن أفعله. كنا كلانا يعلم أن ذلك كان قراراً لا يستطيع أن يتخذه سوى الرئيس. ولكننا تحدثنا عن الأمر قطعاً. فخلال احتفالنا بالميلاد في 2002 في كامب ديفيد، شرحت لوالدي ملخصاً حول استراتيجيتنا إزاء العراق». وأضاف قائلاً إن والده رد عليه آنذاك بالقول: «أنت تعلم مدى قسوة الحرب يا بني، ويتعين عليك أن تحاول كل ما في استطاعتك كي تتفادى الحرب، لكن إذا لم يمتثل الرجل (صدام حسين)، فليس أمامك أي خيار آخر».
لكن القراء سيكونون على موعد قريباً مع نشر كتاب سيرة جديد حول حياة بوش الأب تحت عنوان «المصير والسلطة: ملحمة أوديسا أميركية اسمها جورج اتش دابليو بوش»، وهو الكتاب الذي قال كاتبه جون ميكام – الفائز بجائزة بوليتزر - إنه سيفصح عن أشياء أكثر بكثير كانت في ذهن الرئيس الأسبق ولم يسبق له أن باح بها علناً.
فكتاب السيرة الجديد، الذي من المقرر أن يتم الاعلان رسمياً عن نشره في غضون أيام، سيكشف بين دفتيه عن تعليقات وآراء صريحة وانتقادية من جانب الرئيس الأسبق التسعيني إزاء عدد من أقرب مستشاري ابنه خلال فترتي ولايته، ولا سيما ضد تشيني ورامسفيلد وآخرين.
ووفقاً لتسريبات ترويجية صدرت حول الكتاب المرتقب، فإن بوش الأب خصّ رامسفيلد تحديداً بأقسى عبارات الانتقاد، إذ وصفه بأنه «متعجرف». ونقلت تلك التسريبات جزءاً من الكتاب يقول فيه بوش الأب عن رامسفيلد: «أعتقد أنه خدم الرئيس (بوش الابن) بشكل سيئ. لم أكن يوماً قريباً من طباعه على أي حال... فهو يفتقر إلى التواضع وإلى أخذ آراء الآخرين بعين الاعتبار. إنه أكثر ميلاً إلى الغطرسة والفظاظة في التعامل. وأعتقد أنه دفع ثمنا لكل ذلك»، وذلك في إشارة واضحة إلى اضطرار رامسفيلد إلى الاستقالة من منصبه كوزير للدفاع في العام 2006 على خلفية تدهور الأوضاع تماماً في العراق بعد احتلالها أميركياً.
أما تشيني - الذي خدم لمدة 4 سنوات في إدارة بوش الأب بما في ذلك خلال عملية عاصفة الصحراء التي أسفرت عن تحرير دولة الكويت من براثن الاحتلال العراقي – فقد قال عنه بوش الأب في الكتاب إنه «كان مختلفاً جداً عن رامسفيلد»، وأضاف وفقا للتسريبات: «لكنه اصبح لاحقاً (في أعقاب هجمات الحادي عشر من سبتمبر) متشدداً ومختلفاً جداً عن تشيني الذي كنت قد عرفته وعملت معه في السابق»، موضحاً أنه يعتقد أن تشيني أصبح «ذا مؤخرة حديدية لا أكثر»، وذلك في إشارة إلى شدة العناد والتصلب في الآراء. واستطرد مفسراً رأيه: «لقد انجرف مع أولئك الصقور الشرسين الذين يريدون الاقتتال حول كل شيء واستخدام القوة كي نشق طريقنا في منطقة الشرق الأوسط».
ورأى بوش الأب في سياق السيرة أن زوجة تشيني وابنته هما اللتان دفعتاه إلى أن يكون أكثر تشدداً وعناداً، معقباً بالقول: «الغلطة الكبرى التي ارتُكبت آنذاك تمثلت في السماح لتشيني بأن يجلب معه تأثير أفراد أسرته... لكن تلك لم تكن غلطة تشيني، بل كانت غلطة الرئيس الذي يتحمل وحده المسؤولية عن ذلك».
وهكذا فإنه كان لبوش الابن نصيب من آراء الأب اللاذعة في سياق الكتاب، إذ إنه انتقد أسلوب كلام وخطابات ابنه خلال فترة توليه الرئاسة قائلاً: «صحيح أنه كان من السهل لعباراته وخطاباته الساخنة أن تتصدر العناوين الرئيسية، لكنها لم تكن تسهم بالضرورة في حل المشاكل الديبلوماسية».
واشتمل الكتاب على موافقة وإقرار من جانب بوش الابن برأي والده، إذ قال لكاتب السيرة: «صحيح أن عباراتي وخطاباتي كانت تصل إلى مستويات أقوى مما ينبغي وأن ذلك تسبب بوضوح في مضايقة وإزعاج البعض... بمن فيهم والدي، رغم أنه لم يصارحني بذلك»، مشيراً إلى أن والده لم يكن يوجه اليه أي نصائح أو إرشادات في شأن «ضرورة لجم تصرفات ديك تشيني».
لكن كاتب السيرة حرص على توضيح أن انتقادات بوش الأب لابنه لا تعني مطلقاً أنه لم يكن مؤيداً لسياساته، إذ نقل عن الأب قوله: «إنه ابني، ولقد فعل أفضل ما لديه وأنا مؤيد له. هذه هي المعادلة ببساطة».
وفور نشر التسريبات التي كشفت عن أن بوش الأب وصف ديك تشيني في الكتاب بأنه «ذو مؤخرة حديدية» أجرت محطة «سكاي نيوز» التلفزيونية مقابلة أمس مع تشيني الذي بدا غير متضايق من الوصف وقال: «لقد نظرت إلى ذلك الوصف باعتباره علامة افتخار. فهجمات الحادي عشر من سبتمبر كانت اسوأ من هجمات بيرل هاربر من حيث أعداد الذين قتلوا وحجم الدمار الذي حصل. وأعتقد أن هناك من رأوا آنذاك، وما زالوا يرون حتى يومنا هذا، أنني كنت شرساً جداً في الدفاع (عن الولايات المتحدة) وفي تنفيذ ما كنت أعتقد أنها السياسات الصحيحة».
وفي ما يتعلق بمدى تأثير زوجته وابنته على توجهاته وأفكاره آنذاك، قال تشيني إن ذلك الأمر يبقى موضع نقاش وجدال، مضيفاً: «إنها وجهة نظره ربما حول ما حصل آنذاك، لكن أسرتي لم تكن تتآمر كي تحولني إلى شخص أكثر تشدداً وعناداً. لقد أصبحت هكذا من تلقاء نفسي».
من المعروف أن الأب اكتفى في العام 1991 بتحرير الكويت من الاحتلال العراقي من دون أن يتوج المهمة العسكرية بإسقاط صدام حسين، في حين أن الابن أكملها لاحقاً في العام 2003 عندما غزا العراق وفعل ما لم يفعله والده.
لكن أحداً لم يعرف منذ ذلك الحين أي شيء عن تفاصيل ما قيل بين الأب والابن حول هذا الأمر - أو غيره - وراء الأبواب المغلقة، كما أن بوش الابن أكد في كتاب عن والده نشره العام الماضي على أنه اتخذ قرار غزو العراق بمفرده ودون تشاور مع والده. ففي الكتاب الذي صدر تحت عنوان «41: بورتريه لوالدي» كتب بوش الابن قائلاً: «لم أسأل والدي مطلقاً عما ينبغي أن أفعله. كنا كلانا يعلم أن ذلك كان قراراً لا يستطيع أن يتخذه سوى الرئيس. ولكننا تحدثنا عن الأمر قطعاً. فخلال احتفالنا بالميلاد في 2002 في كامب ديفيد، شرحت لوالدي ملخصاً حول استراتيجيتنا إزاء العراق». وأضاف قائلاً إن والده رد عليه آنذاك بالقول: «أنت تعلم مدى قسوة الحرب يا بني، ويتعين عليك أن تحاول كل ما في استطاعتك كي تتفادى الحرب، لكن إذا لم يمتثل الرجل (صدام حسين)، فليس أمامك أي خيار آخر».
لكن القراء سيكونون على موعد قريباً مع نشر كتاب سيرة جديد حول حياة بوش الأب تحت عنوان «المصير والسلطة: ملحمة أوديسا أميركية اسمها جورج اتش دابليو بوش»، وهو الكتاب الذي قال كاتبه جون ميكام – الفائز بجائزة بوليتزر - إنه سيفصح عن أشياء أكثر بكثير كانت في ذهن الرئيس الأسبق ولم يسبق له أن باح بها علناً.
فكتاب السيرة الجديد، الذي من المقرر أن يتم الاعلان رسمياً عن نشره في غضون أيام، سيكشف بين دفتيه عن تعليقات وآراء صريحة وانتقادية من جانب الرئيس الأسبق التسعيني إزاء عدد من أقرب مستشاري ابنه خلال فترتي ولايته، ولا سيما ضد تشيني ورامسفيلد وآخرين.
ووفقاً لتسريبات ترويجية صدرت حول الكتاب المرتقب، فإن بوش الأب خصّ رامسفيلد تحديداً بأقسى عبارات الانتقاد، إذ وصفه بأنه «متعجرف». ونقلت تلك التسريبات جزءاً من الكتاب يقول فيه بوش الأب عن رامسفيلد: «أعتقد أنه خدم الرئيس (بوش الابن) بشكل سيئ. لم أكن يوماً قريباً من طباعه على أي حال... فهو يفتقر إلى التواضع وإلى أخذ آراء الآخرين بعين الاعتبار. إنه أكثر ميلاً إلى الغطرسة والفظاظة في التعامل. وأعتقد أنه دفع ثمنا لكل ذلك»، وذلك في إشارة واضحة إلى اضطرار رامسفيلد إلى الاستقالة من منصبه كوزير للدفاع في العام 2006 على خلفية تدهور الأوضاع تماماً في العراق بعد احتلالها أميركياً.
أما تشيني - الذي خدم لمدة 4 سنوات في إدارة بوش الأب بما في ذلك خلال عملية عاصفة الصحراء التي أسفرت عن تحرير دولة الكويت من براثن الاحتلال العراقي – فقد قال عنه بوش الأب في الكتاب إنه «كان مختلفاً جداً عن رامسفيلد»، وأضاف وفقا للتسريبات: «لكنه اصبح لاحقاً (في أعقاب هجمات الحادي عشر من سبتمبر) متشدداً ومختلفاً جداً عن تشيني الذي كنت قد عرفته وعملت معه في السابق»، موضحاً أنه يعتقد أن تشيني أصبح «ذا مؤخرة حديدية لا أكثر»، وذلك في إشارة إلى شدة العناد والتصلب في الآراء. واستطرد مفسراً رأيه: «لقد انجرف مع أولئك الصقور الشرسين الذين يريدون الاقتتال حول كل شيء واستخدام القوة كي نشق طريقنا في منطقة الشرق الأوسط».
ورأى بوش الأب في سياق السيرة أن زوجة تشيني وابنته هما اللتان دفعتاه إلى أن يكون أكثر تشدداً وعناداً، معقباً بالقول: «الغلطة الكبرى التي ارتُكبت آنذاك تمثلت في السماح لتشيني بأن يجلب معه تأثير أفراد أسرته... لكن تلك لم تكن غلطة تشيني، بل كانت غلطة الرئيس الذي يتحمل وحده المسؤولية عن ذلك».
وهكذا فإنه كان لبوش الابن نصيب من آراء الأب اللاذعة في سياق الكتاب، إذ إنه انتقد أسلوب كلام وخطابات ابنه خلال فترة توليه الرئاسة قائلاً: «صحيح أنه كان من السهل لعباراته وخطاباته الساخنة أن تتصدر العناوين الرئيسية، لكنها لم تكن تسهم بالضرورة في حل المشاكل الديبلوماسية».
واشتمل الكتاب على موافقة وإقرار من جانب بوش الابن برأي والده، إذ قال لكاتب السيرة: «صحيح أن عباراتي وخطاباتي كانت تصل إلى مستويات أقوى مما ينبغي وأن ذلك تسبب بوضوح في مضايقة وإزعاج البعض... بمن فيهم والدي، رغم أنه لم يصارحني بذلك»، مشيراً إلى أن والده لم يكن يوجه اليه أي نصائح أو إرشادات في شأن «ضرورة لجم تصرفات ديك تشيني».
لكن كاتب السيرة حرص على توضيح أن انتقادات بوش الأب لابنه لا تعني مطلقاً أنه لم يكن مؤيداً لسياساته، إذ نقل عن الأب قوله: «إنه ابني، ولقد فعل أفضل ما لديه وأنا مؤيد له. هذه هي المعادلة ببساطة».
وفور نشر التسريبات التي كشفت عن أن بوش الأب وصف ديك تشيني في الكتاب بأنه «ذو مؤخرة حديدية» أجرت محطة «سكاي نيوز» التلفزيونية مقابلة أمس مع تشيني الذي بدا غير متضايق من الوصف وقال: «لقد نظرت إلى ذلك الوصف باعتباره علامة افتخار. فهجمات الحادي عشر من سبتمبر كانت اسوأ من هجمات بيرل هاربر من حيث أعداد الذين قتلوا وحجم الدمار الذي حصل. وأعتقد أن هناك من رأوا آنذاك، وما زالوا يرون حتى يومنا هذا، أنني كنت شرساً جداً في الدفاع (عن الولايات المتحدة) وفي تنفيذ ما كنت أعتقد أنها السياسات الصحيحة».
وفي ما يتعلق بمدى تأثير زوجته وابنته على توجهاته وأفكاره آنذاك، قال تشيني إن ذلك الأمر يبقى موضع نقاش وجدال، مضيفاً: «إنها وجهة نظره ربما حول ما حصل آنذاك، لكن أسرتي لم تكن تتآمر كي تحولني إلى شخص أكثر تشدداً وعناداً. لقد أصبحت هكذا من تلقاء نفسي».