ما إن تناقلت وسائل الإعلام حادث التدافع الذي وقع في «منى» خلال أداء حجاج بيت الله الحرام لمناسك الحج، ومع ظهور بعض الأرقام الأولية لأعداد الضحايا، حتى وجدت إيران في هذه الحادثة فرصتها، لتصفية الحسابات مع المملكة العربية السعودية.
فقامت إيران من خلال بعض رموزها السياسيين ووسائل إعلامها، بالهجوم على المملكة العربية السعودية، واتهامها بالتقصير والتقاعس والعجز عن إدارة شؤون الحج، واستغلت الفرصة بكل وقاحة لتطلب نزع إدارة الحج من المملكة، ونقلها إلى إدارة جماعية بإشراف منظمة المؤتمر الإسلامي.
العجيب والغريب والمضحك في الموضوع هو أن من يذرف دموع التماسيح على ضحايا التدافع، هم الذين لهم تاريخ أسود في أرض الحرم، ولتنشيط الذاكرة أود الرجوع إلى حج عام 1407هـ - 1987م وأتساءل: من الذي أقام المظاهرات وأغلق الطرقات وحمل لافتات التحريض، وعطل الحجاج عن أداء المناسك، وتهجم على رجال الأمن وأتلف الممتلكات؟، من الذي تسبب في سقوط أكثر من 400 قتيل في تلك الأحداث منهم 85 رجل أمن، قُتل بعضهم نحراً بالسكاكين؟
ما البلد الذي اكتشفت السعودية كمية بلغت 51 كيلو من مادة C4 شديدة الانفجار في حقائب حجاجه في أحد مواسم الحج؟، وما البلد الذي قامت سفارته بتسليم بعض الحجاج الموالين له مواد متفجرة تم استخدامها في تفجيرين قرب المسجد الحرام في حج 1409هـ - 1989م؟، وكنت من حجاج ذلك العام وقريباً من الحرم وسمعت دوي الانفجار ورأيت الهلع الذي أصاب الناس حتى كاد بعضهم يدهس بعضاً.
وأتساءل هل من المعقول أن الدولة التي تتباكى على ضحايا تدافع الحجاج عند «مشعر منى» هي نفسها التي تُرسل ميليشياتها لتقتل نساء المسلمين وأطفالهم وشيوخهم في سورية والعراق واليمن؟، وهل هي نفسها التي تدافع عن النظام المجرم في سورية؟، وهل هي نفسها التي تدعم المخربين في البحرين؟ وهل هي التي تمول وتساهم في تخزين الأسلحة والذخائر والمتفجرات في بلادنا؟
أتساءل ماذا لو تم نقل إدارة شؤون الحج إلى حكومة طهران -لا سمح الله- كيف سيؤدي الناس مناسكهم؟، هل ستجعل حكومة طهران يوم الوقوف بعرفة بحسب توقيت أهل مكة، أم بحسب رؤية أهل طهران للهلال والتي غالباً ما تكون مخالفة لدول الخليج؟، وما هي الشروط التي سيضعونها لمن أراد الحج؟، وهل ستُستخدم الرافعات من أجل توسعة الحرم، أم لشنق المعارضين لسياستها، كما هو معمول به في طهران؟
لا يملك أي منصف إلا أن يتقدم بأسمى آيات الشكر والعرفان لبلاد الحرمين الشريفين - ملكاً وحكومة وشعباً - لما يقدمونه من خدمة لضيوف الرحمن، فالجهود الجبارة المبذولة ظاهرة لكل عين، ولا يعجز عن رؤيتها إلا من في عينه رمد.
سعي حثيث في توسعة الحرم، وسهر متواصل على راحة الحجاج: تجهيزات طبية وصحية، خدمات للطوارئ، تنظيم للمرور، عناية بالمرضى، وإعانة للعاجز، إطعام للجائع، إرشاد للتائه، وما خفي من جهود كان أعظم.
فشكر الله لخادم الحرمين وإخوانه وحكومته وشعبه سعيهم، وكتب الله تعالى أجر ذلك في ميزان حسناتهم.