في العمق

حديث العقل

تصغير
تكبير
أفكارٌ تعترض عقلي منذ أيام، لم تبرحه بحثاً عن تفسير، ذلك لأنها تتعارض مع المنطقيات فتستوقف العقل!

أول فكرة استقرت في ذهني تروح وتغدو باحثةً عن الصواب هي، أن الأصل في التعاملات والعلاقات بين البشر وجود قدر من الثقة الكفيلة بتسيير العلاقة بمسارها الصحيح، ولكن هناك بوناً شاسعاً بين الواقع والأصل، فالغالبية يقدّمون سوء ظنهم بالآخرين على حسن الظن ومن ثم يخوضون بالعلاقة بعداوة واضحة تجاه الآخر!


حسناً يا عقل.. لماذا بات سوء الظن مقدماً على حسنه، لا بد من وجود خلل ما... نعم. نعم. هناك خلل جلي واضح أساسه البشر فسوء الظن لم يأتِ من فراغ فلا ضير أن هناك ثلّة من البشر محترفون في الخيانات ونقض الأمانات ما ساهم في خفض ثقة الناس ببعضهم البعض! وهل ذلك يعطينا ضوءاً أخضر للتعميم، وللتشكيك بكل الذمم! بعد تفكير.. لا، لا يصح التعميم بتاتاً، فكثير مما نحن فيه من ظلم للنفس وللآخرين بسبب تعميمات مبنية على أسس خاطئة، كان الأجدى التريث فيها وتأجيل الأحكام !

أخذتني الأفكار إلى بستان مختلف به من الورود ألوان وأشكال فحطّ بي تفكيري على إحدى الزهور الجميلة التي لا يُقاومها الناظر لها، تتمثل في تلك العلاقة الراقية التي تجمع المرأة بالرجل بذلك الرباط المنزّه بذكر الله تعالى له في كتابه الحكيم وهو الزواج، رددت في عقلي أن الأصل في هذه العلاقة أن تقوم على الأمانة والإخلاص والوفاء على اعتبار أنها تحصين وإشباع، ويزهو هذا لأصل بالاهتمام والحرص من كلا الطرفين على تفقّد مشاعر الآخر ومعرفة حاجاته والتخلص من القصور قدر الإمكان، لكن... وطالما كانت كلمة لكن فاصلاً بين أجمل وأسوأ الحالات، فالأصل لم يستطع الصمود أمام الواقع فاستسلم ليتحوّل، فأصبحت الخيانة هي الأصل في علاقة كهذه... لماذا يا عقل؟، لماذا؟ أولاً وقبل أي مبررات بتقصير أحد الطرفين، إنه ضعف الإيمان بالله وقلة المراقبة وتناسي أنه كما تدين تُدان، فكما تخون حتماً ستُخان!

أما الفكرة الأخيرة فهي من بستان الإنسانية، وخلاصتها مثل كويتي قديم يقول «نام مظلوم ولا تنام ظالم»، ولو التَزَمَتْ كل نفس بهذا فحتماً ستكون هناك حياة مغايرة يسودها السلام، بعيداً عن الجشع والطمع والتعدي، فيتمثل الأصل هنا في خوف الإنسان من وقوع ظلمه على غيره خشيةً منه على نفسه، فكما أنك تُقدّم نفسك في كل شيء وقبل كل أحد فالأجدر بك أن تحافظ عليها من ظلمك لغيرك فإن بدا لك خيراً في ظاهره فكل الشر يكمن في ثناياه وباطنه، وما الحل بنظرك يا عقل؟ حلٌ بسيط، فَلِتَتَخَلَّص من ظلمك لهم، اجعل إنسانيتك حكماً بينك وبينهم، وما لا ترضاه لنفسك، لا ترضاه لهم !

كثيرةٌ تلك الأفكار التي تعصف بالذهن على غرار ما سبق، لأنها تعارض المبادئ، وتحيد عن الصواب فتُعيث في الأرض وتفسد الحياة، والأمر كله يرجع للإنسان.. الذي متى ما صَلُح صَلَح الكون ومتى ما فَسَد فسد الكون.

A.alawadhi-85@hotmail.com

Twitter: @3ysha_85
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي