تقرير / «أحرار الشام» الحليف المستقبلي للغرب في ظل حرب سورية طويلة الأمد

تصغير
تكبير
علمت «الراي» ان الرئيس السوري بشار الأسد أبلغ الى نائب وزير الخارجية الإيراني حسين عبد اللهيان الذي زار دمشق أخيراً انه مستعد لإجراء إنتخابات نيابية مبكرة وانه مقتنع بضرورة تَقاسُم بعض السلطات والصلاحيات المعطاة للرئيس مع مجلس الوزراء.

وبحسب أوساط متابعة، فان المعضلة الحقيقية تبقى بإيجاد الأطراف السورية المعارِضة التي تستطيع إقناع المسلّحين في الشارع، بالإنضمام الى العملية السياسية، وهنا يأتي دور «الفرقة 30» التي تدرّبها وكالة الاستخبارات الأميركية والبنتاغون في تركيا، و«أحرار الشام» التنظيم السلفي الجهادي الذي يُعد أحد أكبر التنظيمات بين المعارضة السورية على أرض المعركة.

دخلت «الفرقة 30» الساحة السورية عندما درّبت الـ «سي. آي. اي» 60 عنصراً أرسلتهم الى سورية، فانقضّت عليهم «جبهة النصرة» وقتلت وأسرت أكثر من نصفهم لتعلن الفرقة انها «لن تستهدف أخوانها في جبهة النصرة وانها دربت لضرب قوات الأسد وتنظيم داعش».

وقامت الدنيا ولم تقعد حيال هذا التصريح الذي عبّر عن اول «عناق أخوي» بين رجال المخابرات الأميركية السوريين و«القاعدة» من طرف واحد، اذ لم تتجاوب «جبهة النصرة» مع «التقارب الأخوي»، لتعلن «الفرقة 30» ان مجموعة من 1500 عنصر سيدخلون الخدمة أواخر هذه السنة مدعومين بالطائرات الأميركية مباشرة من خلال إتصال فوري يسمح بالتدخل لمصلحة هذه الفرقة كلما دعت الحاجة.

الا ان الدعم العسكري اللوجستي لعدد يُعدّ قليلاً جداً امام اي تنظيم آخر على الساحة السورية يثير السخرية، اذ اعلنت تونس ان هناك نحو 8000 تونسي هاجروا للجهاد في سورية مع «داعش»، ولهذا فإن التهيؤ وفتح الطريق امام «إعادة احرار الشام الى الصف المعتدل» أصبح ضرورياً. وهنا تدخلت أطراف اقليمية لدفع المحللين العاملين لديها وكذلك بعض السفراء المتقاعدين ليصوّروا «أحرار الشام» كبديل ضروري للتعامل معه لإسقاط نظام الأسد، لأن التفاهم على بقائه في السلطة لم ولن يحصل في المدى القريب، مهما قُدّم من تنازلات او حصلت مبادرات ايرانية او من روسيا كما هو الحال اليوم.

وتحاول الأطراف الدولية والاقليمية التغاضي عن واقع ان مَن قاد وأسس «احرار الشام» كان من ضمنهم ابو خالد السوري، الموفد الرسمي لزعيم «القاعدة» الشيخ ايمن الظواهري، وان «احرار الشام»، رغم اللباس الجديد الذي يحاول البعض إلباسه لهذا التنظيم، الا انه قام بالتعزية بوفاة زعيم «طالبان» الملا عمر، كما ان افراده لا يتوانون عن ذبح أسراهم، ونشْر ذلك على الانترنت.

وبدأ مشروع تبني «أحرار الشام» يظهر جلياً بإعلان التنظيم عن «قبول طلبات الإنتساب مقابل بدل مالي ومساعدات غذائية»، ما اعتُب مؤشراً الى ان وضعه المالي قد تغيّر، بما يساعده على جذب عدد كبير من السوريين العاطلين عن العمل، والموجودين في مناطق المعارضة، والذين لا يتمتعون بعقيدة جهادية سلفية تكفيرية، ولهذا فإنه من المتوقع ان يتعاظم دور هذا التنظيم، ليصبح الأٌقوى بين كل الأطراف المعارضة للنظام ليحارب، ليس فقط النظام السوري الحالي، بل ايضاً داعش، ولا سيما اذا اندمجت «الفرقة 30» مع «احرار الشام» ووفرت لها الدعم الجوي الذي تحتاجه وخصوصاً في المناطق التي تشكل خط تماس مع «داعش».

وبالفعل، فقد قصفت طائرات التحالف التي تقوده الولايات المتحدة مواقع لـ «داعش» على حدود مدينة مارع المحاصَرة تقريباً، والتي تدافع عنها الجبهة الشامية التي تضم «أحرار الشام» و«جبهة النصرة»، وكأن مارع، شمال مدينة حلب، أًصبحت مثل مدينة كوباني الكردية التي منع طيران التحالف «داعش» من إحتلالها، بعدما كادت تنهار لمصلحته، مما يؤكد ان المصلحة الحالية تقضي بدعم المعارضة ضد «داعش» وان «القاعدة» من الممكن ان ترتبط بـ «أخوة» مع اميركا اذا لزم الأمر، وان ديناميكية الحرب السورية تسمح بتحول الأخوة الى أعداء والأعداء الى أخوة، بحسب ما تمليه المصلحة والأهداف، ما يؤكد ان الكلام الدائر حول حلول قريبة للحرب السورية ما هي الا أوهام وان أمد الحرب طويل وتتغيّر فيه الأحوال والتحالفات.
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي