تقرير / إذا «طارت» الحكومة «طار» الطائف معها

هل يكون ثمن الاتفاق النووي رأس «حزب الله» وخراب لبنان؟

تصغير
تكبير
لم ولن يمرّ الاتفاق النووي بين الولايات المتحدة وإيران من دون خسائر جانبية مهمة، من غير المستبعد ان يدفع ثمنها لبنان، ليس بسبب التجاذبات المستمرة بين الأطراف السياسية المتنازعة والتي تتأثر بمحيطها الإقليمي والدولي فقط، بل لأن هذه الأطراف تجد نفسها قليلة الإرادة من دون وصاية خارجية، بدليل انها لم تستطع الاتفاق على رئيس للجمهورية ولن تستطيع ذلك في المستقبل القريب، ما يؤجّل العملية السياسية لما بعد 2015 أو أكثر من ذلك.

ويقول مصدر وطرف سياسي رئيس في لبنان لـ «الراي» إن «لبنان على مفترق خطير جداً قد يطيح بالحكومة، ما يضعها بمكانة تصريف الأعمال، وبالتالي يفتح باب الصراع السياسي والأمني على مصراعيه، لتدخل البلاد في نفق مظلم لا يعلم احد الى اين سيؤدي بها»، لافتاً الى انه «في حال حصلت استقالة حكومة الرئيس تمام سلام - التي أصبحت غير مستبعدة تماماً - فإن اتفاق الطائف سيلحق بها، ليستعاض عنه بمؤتمر تأسيسي يوزع الحصص والسلطات وبالتحديد صلاحياتها بشكل مختلف عما هو الحال اليوم، وهذا مطلب من الطائفة المسيحية بالدرجة الأولى والشيعية بالدرجة الثانية لأن اتفاق الطائف نتج عن الحرب الأهلية ولم يعد صالحاً اليوم، ولا سيما بعد الاهتزازات التي شهدها لبنان وسورية والمنطقة برمّتها، وفي ظل غياب ضابط إيقاع في لبنان، بما أن زعماءه لم يتفقوا على أبسط الأمور وحتى على مكبّ للنفايات».

ويشرح المصدر الذي طلب عدم كشف هويته أن «لرئيس الجمهوية السابق ميشال سليمان نفوذاً في الحكومة الحالية من خلال 3 وزراء فاعلين، ومنهم وزير الدفاع الذي يسير على خطى السياسة المرسومة له بضرب مطالب زعيم (التيار الوطني الحر) ميشال عون، وبالتالي يريد التمديد لقائد الجيش الحالي العماد جان قهوجي، وكذلك لن يسمح سلام لتكتل عون بإحداث اي انتصار سياسي لأن ذلك يخالف السياسة العامة التي يتبعها (تيار المستقبل) ومَن وراءه إقليمياً، والتي تنص على عدم إعطاء أي مكسب لـ (حزب الله) ومناصريه وداعميه داخل الحكومة وفي لبنان بشكل عام، وذلك بهدف تضييق الخناق عليه وعلى حلفائه وإجباره على اتخاذ خطوات تجعله ينغمس في الشأن اللبناني الداخلي بدل الالتفات والتفرّغ لتجهيز القوى وزجّها في الحرب الدائرة في سورية والعراق وكذلك اليمن»، مضيفاً: «من غير المستبعد أيضاً ان يحضّر (حزب الله) نفسه لمواجهة خطر عظيم يأتيه من عدم استقرار الأوضاع في لبنان، لجهة تعاظُم الخطر التكفيري وأخيراً من إسرائيل نفسها (المناورات الفجائية) لإجباره على اتخاذ مبادرة «إلى الوراء در» وسحب نخبة قواته ليدافع عن وجوده في لبنان، ما سيُلغي فكرة أن أولوية (حزب الله) هي حمص او حماة او تدمر او حلب او بغداد او صنعاء، إذا رأى قوات إسرائيلية تغزو الداخل اللبناني أو تقوم بعمليات إنزال بحرية على شواطئ الجنوب».

ويشرح المصدر المسؤول أن «الرئيس السابق ميشال سليمان سيفقد نفوذه إذا استقالت الحكومة، وكذلك سيصبح كل الوزراء بحكم تصريف الأعمال، ما سيزيد من تأزّم الوضع المالي والأمني، حيث لا قرارات يمكن اتخاذها في ظل عدم اجتماع الحكومة المستقيلة، وهو ما سيعرّض لبنان الى أزمات متواصلة تتناسب مع تطلّعات بعض دول المنطقة التي لا تريد لحلفاء طهران ان يبقى مستوى تدخّلهم في سورية مريحاً ومن دون هواجس، بينما يتولى الجيش اللبناني حماية الضاحية الجنوبية ويركّز على مدينة عرسال وعلى مطاردة الإرهابيين، ولكن اذا خرجت الأمور عن السيطرة الأمنيّة فإن (حزب الله) سيضطر الى حماية الضاحية الجنوبية بنفسه بينما سيكون للجيش اللبناني انشغالات أخرى داخل البلاد لحماية السلم الأهلي».

ويتابع المصدر ان «اتفاق الطائف لم ينتج حلولاً، بل صدر عن أزمة عصفت بالبلاد لمدة 15 سنة وأصبح عبئاً ينتج مشاكل وأزمات، وأصبح المكوّن الشيعي يملك قوة عسكرية يلوّح بها لأنه لا يملك صلاحيات تنفيذية إلا عبر مجلس الوزراء الذي يضع رئيسه جدول أعماله، وأصبح المكوّن المسيحي يتمتع بصلاحيات أقل بكثير، ونوابه بغالبيتهم يُنتخبون من السنّي والشيعي، ولا صوت للرئيس المسيحي في مجلس الوزراء، ولهذا فإنه يلجأ الى الشارع لأنه لا يملك شيئاً يخسره، ولا يتمتع إلا بالدعم الشيعي المسلح الجاهز لاستخدام نفوذه وثقله السياسي وحتى العسكري إذا لزم الأمر، ووجد نفسه في خندق واحد يواجه أزمات أمنيّة داخلية يكون أساسها الغياب الأمني وعدم التجانس السياسي الذي سيعطي ذرائع وساحات أوسع للعمل التكفيري في البلاد، حتى ولو تلقّى هذا التيار ضربات متتالية في سورية والعراق ولبنان، إلا أن العامل الأخطر يبقى في نظر اللبنانيين هو العامل الإسرائيلي».

ووفق المصدر نفسه، فإن «هناك اعتقاداً بأن (حزب الله) جريح ويتلقّى ضربات عدة في سورية ويُستنزف ويفتقر الى الطاقة البشرية لتواجده على مساحات شاسعة ويخسر العديد من ابنائه خارج لبنان، وأن هذا الأمر يوفّر الفرصة للانقضاض عليه، وهنا يدخل العامل الإسرائيلي الذي يحتاج - بنظر (حزب الله) - الى ترضية مقابل الملف النووي الإيراني، ولا مانع لديه من ضرب (حزب الله) بغطاء اقليمي ودولي لإرباكه وإرباك حلفائه في المنطقة ولإطالة أمد الحرب والاستفادة من العوامل المتعددة المذكورة أعلاه، وهذا سيناريو تعتبره قيادة المقاومة ممكناً وسيربك انتشار (حزب الله) العسكري خارج لبنان، فهو لا يملك فرقاً وألوية متعددة بل الآلاف من الشبان الذين تراكمت خبراتهم القتالية في حرب الشوارع، إلا ان السؤال لا يُوجه فقط الى (حزب الله) بل ايضاً الى إسرائيل التي أحصت لدى الحزب أكثر من 150 ألف صاروخ بعيد وقريب المدى وإن هذه الصواريخ - وعدد منها دقيق الإصابة ويحمل رؤوساً حربية عالية التدمير - تستطيع إغلاق المرافئ البرية والبحرية والجوية وإن (حزب الله) لن يتردد باستخدام أقصى ما يملك من قوة تدميرية في حال الحرب مع إسرائيل، ولذلك فإن الثمن سيكون باهظاً على الجميع داخل لبنان وخارجه من دون استثناء، فهل تتحمّل المنطقة أن تُقلب الطاولة على رأس الجميع؟ من الممكن ان تكون الإجابة بـ (نعم)».
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي