أنا جاسم بودي ... أتعهد أمام لجنة «الظواهر السلبية»

تصغير
تكبير

أما وقد وضعت لجنة «الظواهر السلبية» البرلمانية يدها على جرح ازمات الوطن ومعوقات التنمية وأسباب عدم التعاون بين السلطتين التشريعية والتنفيذية...
وأما وقد اكتشفت لجنة «الظواهر السلبية» سر تراجع الكويت وتخلفها عن الركب الحضاري وأنواع القيود التي تكبل انطلاقتها نحو المستقبل...
وأما وقد عرف السبب وبطل العجب واتضح ان بعض ألعاب «البلاي ستيشن» و«الغيم بوي» ومشاركة مواطن في برنامج تلفزيوني وبعض ما ينشر في الصحف من مواضيع وصور وبعض مواقع الانترنت وبعض ما يبث في الفضائيات، كلها مجتمعة أو متفرقة تشكل «انهيارا اجتماعيا» و«ضربا للقيم والثوابت» و«تدفع الشباب إلى الانحراف والضياع»...
وأما وقد اجتمعت اللجنة بمسؤولي وزارة الإعلام بعدما استطاعت إرهاب الوزير، فأرعبتهم وأجبرتهم على التوقيع على مطالبها مقابل منحهم صكوك الغفران، ثم استندت على ذلك لتطلب من الوزير جمع رؤساء تحرير الصحف لمنع نشر ما تراه اللجنة «خليعا وخادشا للحياء» وللحصول من رؤساء التحرير على «ميثاق شرف» أو «أي تعهد من قبلهم» في هذا الشأن.
وبناء على ما تقدم أعلاه، أعلن أنا جاسم بودي ناشر صحيفة «الراي» ورئيس مجموعة «الراي» الإعلامية بالأصالة عن نفسي واستباقا لـ«فرمان» وزير الإعلام بجمعنا وترهيبنا وتخويفنا وإجبارنا قسرا على التوقيع على ما وقع هو ووزارته عليه... أعلن أنني «خفت» مسبقا، و«ارتعبت» لمجرد قراءتي خبر اجتماع اللجنة مع مسؤولي الوزارة ونتائجه، واستوعبت بـ «واقعية» تراجع الوزير أمام قوة حجة اللجنة وتحذيرات أعضائها واحتمالات  دفعه الى المنصة، وقررت التعهد وتوثيق التعهد بميثاق شرف بأن ابتعد عن الظواهر السلبية التالية:
أولا: أتعهد أنا ناشر «الراي» بألا أغسل عقل مسلم وأزرع في رأسه أن الحياة من دون «انتحار» هي جهنم بنفسها، وأن العرس والفوز والغنيمة والسعادة المطلقة هي في تفجير نفسه في سوق أو أمام مدرسة أملا في قتل جندي أجنبي ولو سقط في العملية عشرات من الأطفال العرب والمسلمين الأبرياء.
ثانيا: أتعهد أنا ناشر «الراي» ألا أشجع أي مسلم أو مواطن أو مقيم على الخروج عن طاعة ولي الامر وتجاوز الأنظمة والقوانين المرعية، وألا أستخدم معه نظريات من مثل «ضرورات الأنظمة» أو «قيود الحاكمية»، أو أفسر له هذا الموقف السياسي أو ذاك بأسلوب تحريضي لدفعه إلى اتباع مرجعية «امراء مذاهب» يأتمرون بفتاوى «ملوك الطوائف».
ثالثا: أتعهد أنا ناشر «الراي» ورفضا للظواهر السلبية أن أبتعد عن أي تفكير أو خطاب أو ممارسة أو سلوك طائفي. وألا أعبئ عقل أحد أو صدره بفتاوى ودروس تحمل بذور فتن مذهبية بشعة، وألا أبقي المسلم في القرن الواحد والعشرين أسير أمور حصلت قبل 1400 سنة.
رابعا: أتعهد أن أحترم المواطن والمقيم والضيف والشقيق والصديق كإنسان، وأحترم خياراته وقناعاته وعقيدته ما دام يعبر عنها تحت سقف الدستور والقوانين المرعية.
خامسا: اتعهد كمسلم مؤمن بقيم الاسلام ومعتز بها بألا أنغلق على المحيط والعالم، وأن أنفتح على العلم بكل أبوابه، وان أغرس في أبنائي حب العدل والتسامح وتقبل الآخر، والايمان بالحريات الفردية والعامة وحقوق الانسان والديموقراطية، وأن أساهم في بناء وطن حديث متقدم لا يزايد أحد فيه على الآخر في وطنيته وانتمائه ودينه وعقيدته. 
سادسا: أتعهد ألا أستغل الخطاب الديني للاستفادة المالية والاقتصادية، فأفتي هنا بتحريم هذا المشروع وأتغاضى هناك عن مشروع آخر، لان المساهمين فيه من تيار ديني معين.
***
هذا ما أتعهد به بالأصالة عن نفسي لاعضاء اللجنة، لكنني في المناسبة اريد تذكير وزير الاعلام بأن الاضاءة الوحيدة التي ما زالت الكويت توزعها خليجيا وعربيا ودوليا هي الحريات الاعلامية بكل أنواعها، فهذه الحريات حصدت للعام الخامس على التوالي الميدالية الذهبية في كل تقارير الهيئات الدولية المتخصصة، فيما رأينا نقاطا سوداء كثيرة في تقارير اخرى عن الاتجار بالبشر وحقوق الإنسان والتقصير في مكافحة الإرهاب وغسيل الأموال وضبط المنشآت الحيوية وتطوير حقول النفط وإقرار القوانين الجاذبة للاستثمار وتعديل قوانين الشركات وتحديث المناهج التربوية... و... و... و.
هذا ما اتعهد به بالاصالة عن نفسي لاعضاء اللجنة، وليس لديهم عندي غير ذلك، أما بالنسبة الى وزير الإعلام، فالموضوع مختلف تماما ولن نعلن أمامه اليوم أي تعهد بل التعهد مطلوب منه اولا. ونؤكد له اننا لن نحضر أي اجتماع معه اذا كانت غايته تلبية ما تعهد به أمام لجنة الظواهر السلبية، ولن نسمح لا له ولا لغيره بأن ينتقص من الحريات الاعلامية في الكويت. هو حر  بتكريس «ظواهر سلبية» من خلال سماحه بتجاوز سلطة على اخرى وخوفا على كرسي الوزارة لكننا ايضا احرار في رفض اي طلب قد يطلبه منا وينتقص من انجاز لطالما رفعت الكويت رأسها به. ونقول له من باب النصيحة فقط: إن من تتنازل امامه اليوم في حق كفله الدستور لن تتمكن غدا من مواجهة مطالبه بإلغاء الدستور وبالتالي تغيير النظام في الكويت.
ضوابطنا هي ايماننا بالله وتعاليم ديننا الحنيف وشريعتنا السمحة ودستورنا وقوانيننا وضمائرنا ومسؤولياتنا تجاه الكويت والكويتيين، وأسلحتنا هي منابرنا الاعلامية وحبرنا وأقلامنا وعقولنا وأفكارنا، والاستجواب الوحيد الذي يخيفنا هو عندما يوقفنا القارئ على منصة... الحرية. 


جاسم بودي

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي