أوقفوا اغتيال القانون ... وهيبتكم


قبل كل شيء نقول ونعيد ونكرر ان اي اهتزاز لصورة النظام في الكويت هو اهتزاز للمجتمع الكويتي برمته، واي ضعف لهذا النظام هو بداية الانهيار للدولة والمؤسسات... ومع ذلك فليتسع صدر النظام لكلمة.
الدستور والقانون والتشريعات والمؤسسات هي الاركان الرئيسة للدولة. النظام هو المحرك والضابط والمنظم ورمز النظام هو رمز الدولة. الدولة تبقى والافراد مهما علا شأنهم زائلون ورموزنا هم من اصروا على حفر عبارة: «لو دامت لغيرك ما اتصلت اليك» على مدخل قصر السيف.
ان تطبيق القانون ليس مسؤولية الحاكم واجهزة الحكم ورجل الامن فقط، بل هو مسؤولية كل كويتي حريص على استقامة دولة العدل والمؤسسات واستقرار المجتمع والامن الشخصي والعام، انما في ظل صورة الاهتزاز المستمر للقانون وتحديدا في الفترة التي سبقت حل مجلس الامة وبدء الحملات الانتخابية، لا بد من الاضاءة على أمرين:
الاول ان الحكم او بعض اقطابه شجعوا (لاسباب كثيرة لا داعي لتكرارها) على التساهل في تجاوز القانون لمدة طويلة وبطرق مختلفة تبدأ من محو مخالفات السير وتنتهي بتدخلات في المخافر لكفل مذنب واخراجه وتهريبه وتسفيره مرورا بالسكوت عن المخالفات على الاملاك العامة في عموم مناطق الكويت الصناعية والبحرية والسكنية. حتى ان حشر الموظفين حشرا في ادارة ما او وزارة ما كرمى لهذا النائب او ذاك الوزير او الشيخ يعتبر اساءة للقانون ودفع الناس دفعا الى استسهال البطالة الفعلية عن العمل... كل هذه الامور ادت الى انتشار ثقافة عدم الخوف من القانون وعدم استهابته ما دامت طرق الالتفاف عليه متاحة وبغطاء من مسؤولين كبار. أولم يقل صاحب السمو الامير الشيخ صباح الاحمد عندما كان رئيسا للحكومة ان الفساد في بعض الادارات لا تحمله البعارين؟
الثاني ان «الفزعة» التي حصلت لتطبيق القانون فجأة تمت بطريقة ارتجالية وخاطئة واساءت نتائجها الى القانون قبل ان تنصفه منذ قضية تأبين عماد مغنية وما رافقها وصولا الى محاربة الفرعيات وما ادت اليه من انتصار على... الدولة. كان استخدام القوة بالشكل الذي تم مبالغا فيه كثيرا، وكان عرض القوة نفسه يشي بأن السيطرة حسمت لمصلحة تطبيق القانون، ثم اكتشف الكويتيون ان الفرعيات اجريت كما تمناها اصحابها بل اخذت بعض الفرعيات وقتها في الفرز واعادة الفرز تماما كما لو ان ادارة الانتخابات الرسمية هي التي تتعامل مع الامر. واكتشف الكويتيون ايضا ان الحشود حول المخافر كانت اقوى من الهيبة وان التدخلات اعاقت محاسبة من اقتحم ادارة عامة واساء الى القانون... باختصار، كانت لمحاولات التطبيق الارتجالي للقانون نتائج شبيهة بنتائج التساهل في تطبيق القانون.
بين التساهل في تطبيق القانون وبين التطبيق الارتجالي الخاطئ له صار الولاء للقبيلة والعائلة والمذهب اقوى من الولاء للدولة، وصار القانون اسير التسويات والصفقات وتطييب الخواطر بين الدولة والعائلة، والدولة والقبيلة، والدولة والمذهب، والدولة والمنطقة. صار اسير الرعب من تصعيد نيابي ضد الحكومة أو من فعل حكومي خاطئ مرتكز إلى الاطمئنان من غياب المحاسبة، وصار عصب الكويت الاقتصادي اسير الخوف من التمادي في تغييب القانون واغتياله فرأس المال يحتاج لأكثر من اليقين حتى يبقى ولأقل من الشك حتى يخرج، وهاهي طبقة الاقتصاديين ورجال الأعمال والتجار والمستثمرين تنتظر اعادة الاعتبار القصوى للقانون بعدما ملت فعلا من الحديث عن تحويل الكويت مركزا ماليا وتجاريا للمنطقة. هذه الطبقة تريد البقاء بقدراتها وامكاناتها في الكويت ولا تعتبر الانتماء هوية فقط اللهم الا اذا كان النظام يجهل ان الجنسية عمل وعطاء وحرص ومشاركة حقيقية في التنمية والتقدم وبناء المستقبل.
النظام الذي يخسر القانون ليربح ولاءات انما يخسر الدولة، واهل الكويت يريدون ان يربحوا القانون والدولة وان تعود للنظام هيبته بالعدل والحزم والمساواة، واذا كانت اســرة الحكم ستتضــرر من ضعف هيبة النظام فان اهل الكويت هم المتضرر الاكبر لأنهم ارتضوا الحكم عن قناعة وإرادة ومحبة... ولأن أي ضعف لهذا النظام هو بداية الانهيار للدولة والمؤسسات.
جاسم بودي