Off Side / رسالة إلى شفاينشتايغر

تصغير
تكبير
تحية طيبة وبعد،

استلزم امر كتابة هذه الرسالة مني كثيراً من الوقت والتردد، خصوصاً أنني لا اعرف اذا ما كانت ستجد اليك طريقاً.

كيف أبدأ وماذا أقول؟

حيرة من أمري أعيشها منذ ان نمى الى علمي بأنك قررت التحول من «فريق حياتك» بايرن ميونيخ الى مانشستر يونايتد.

دهشتي لم تفرض نفسها بسبب الانتقال بحد ذاته، فـ «الأسطوانة التافهة» التي نسمعها دائماً صمّت آذاني: هذه كرة القدم اليوم... والاحتراف بات جزءاً جوهرياً منها ورحيل اللاعب من فريق الى آخر بات أمراً عادياً.

أتريدني يا «باستي» ان اقتنع واستسلم لهذا الواقع؟ اتريد تحويل عشقي لكرة القدم الى مجرد سلعة تباع وتشترى؟

لا لن استسلم ولن أكذب على نفسي ولن أتقبّل رحيلك.

أحببتك لأنك حملت احترافاً من نوع آخر، احترافاً في الحب والاخلاص للقميص الأحمر، البافاري بالتحديد، وليس أحمر اي نادٍ آخر.

«شفايني»، لقد عشقتك ايضاً لان مسألة انتقالك من فريق الى آخر لم تكن يوماً خياراً مطروحاً بالنسبة لنا... ولَك.

اعتقدتُ بأن البايرن يختصر وسيختصر سيرة حياتك الرياضية الى ان يأخذ الله امانته. وكنت ارى القميص البافاري جلدة ثانية عليك. لا شك بأن ذاك القميص كان يليق بك وكنت انت تليق به.

لن ابكي على الاطلال ولن اتخذ من العنصرية سلاحاً لكني سأعترف بأن حلمي الشخصي كان يتمثل في رؤية بايرن ميونيخ بلاعبين ألمان فحسب. لن تتحقق الأمنية، لا بل من الصعوبة بمكان ان تتحقق بسبب الهجوم والحروب على النجوم التي تشنها الاندية العظمى كافة ضد بعضها البعض. لكنك انت، بالنسبة لي، كنت كل البايرن. كنت القلب النابض والرمز والقائد الروحي والملهم.

برحيلك بات فيليب لام وتوماس مولر ومانويل نوير «أيتام زمالة».

سيستمر الفريق، بك او من دونك، فالبايرن قلعة لا تقف عند رحيل احد، لكنك تعي تماماً بأن وصول المدرب الإسباني جوسيب غوارديولا الى «اليانز ارينا» بالتحديد خلفاً للرائع يوب هاينكيس، أدى يوما بعد يوم الى زلزلة هوية فريقنا.

كان عليك البقاء رغم أنف ملايين مانشستر يونايتد، ورغم تعنّت «بيب» في خططه البالية.

كان عليك التمسك بعشقنا لك ولقميصك، فما لنا سواك بطل بصفات قيادية لا تحمل الشخصية القوية فحسب، بل تعكس هوية بافارية لا يستلذ بها سوى عشاق «دي روتن».

أتعتقد بأن الفوز بدوري ابطال اوروبا 2013 على حساب بوروسيا دورتموند في استاد «ويمبلي» أدى دورك تجاهنا؟ لا، كنّا نريد المزيد. حتى وإن لم نفز بتلك الكأس مجدداً، فإن حضورك كان سيعزّينا.

العاشق الصادق لا يحب ليوم، بل حتى الموت. وانت عشقت البايرن للأبد لكنك رحلت، فكان «موت آمالنا» شعوراً خالجنا بعد ان تخيّلنا زعيمنا لوهلة مرتدياً القميص الأحمر، قميص «الشياطين» هذه المرة.

تابعتك منذ البداية، ورسمتُ أحلامي على أساس دعواتي باستمرار تألقك. ارتديتُ القميص الذي حمل اسمك. تفاخرت بجسارتك وألمانيتك الأصيلة.

ادركتُ بأنك كنت تؤدي دورك بشرف في النادي، وكم بكيتُ بعد رؤيتك ترفع كأس العالم في سماء ريو دي جانيرو قبل عام من الآن بالتمام والكمال. كنت روح المنتخب.

ولكن قل لي يا «شفايني»: ماذا افعل إن تواجه بايرن ومان يونايتد يوماً؟ لا تنظر مني مناصرتك، فأنا عشقت البايرن لاسباب كثيرة بينها أنت.

بالتأكيد سأتمنى تحطيمك على مستوى النادي فقط لاني سأحتاجك كثيراً على مستوى المنتخب، سواء في «يورو 2016» في فرنسا او ربما في مونديال 2018 في روسيا.

كيف لي ان احبك هنا (المنتخب) وأكرهك هناك (مانشستر يونايتد)؟ هل ثمة عشق من هذا النوع المترنّح؟

كان بايرن نادياً يشتري ولا يبيع. وانت، بعد طوني كروس، أكدت بأن كل هذه المبادئ اندثرت.

قد يكون خطأ «بيب»، وربما كارل هاينتس رومينيغه، أو سواهما، وربما سجن رئيس النادي السابق اولي هونيس، لكن القرار في النهاية كان بين يديك وقررت تحقيق احد احلامك على حساب تحطيم قلوبنا.

لا تعنيني كعاشق للكرة الالمانية البافارية دوافع انتقالك، أكانت مادية ام مهنية. ما يعنيني انك خذلتني في النهاية وإن دون قصد، لذا لن أشكرك على كل ما قدمته كما فعل غيري، بل سأصر على انني كنت انتظر منك المزيد.

بكينا معك بعد نهائي دوري الابطال «الخائن» في 2012 اثر الخسارة غير المستحقة أمام تشلسي الإنكليزي المحظوظ عندما تخلى المنطق عن الحق. وسامحناك في تلك الأمسية «السوداء» على ركلة الترجيح المهدرة. نتذكر كيف خبّأت دموعك تحت القميص. صدقنا بأنك منا ولنا وأنك ستبقى معنا. وبقيت، ثم رحلت، فكانت «الطعنة الكبرى».

حبيبي شفاينشتايغر، لن أتمنى لك طيب الإقامة في «أولد ترافورد»، فأنت اليوم عدُوّي في معمعة الأندية. أنا أكرهك ولا أتمنى لك خيراً إلا حين ترتدي قميص «المانشافت».

سأراقبك عن بعد. لن ابتسم لفدائيتك بمواجهة اندية الـ «برميير ليغ»، او اقدّر عرقك وربما دمك خلال معارك الـ «تشامبيونز ليغ». لقد بتّ انت في الجبهة المقابلة لي.

سأتذكرك بالخير وأشكرك دوماً على ما فات، إنما لا تستنظر مني ارتداء قميص أحمر يحمل اسمك ولا يتزيّن بشعار البايرن، النادي الذي عشقته انا منذ نعومة أظافري، وعشقته انت... حتى ما قبل توقيعك مع «الشياطين الحمر».

وداعاً يأيها الحلم الذي مات حياً. وداعاً يا من أفسح برحيله مزيداً من المجال امام غوارديولا لـ «أسبنة» البايرن، فخر الكرة الألمانية.

وداعاً... لن نلتقي على المحبة الا في مباريات منتخب المانيا حيث سأسترجع ذكريات عشقي لك.

وداعاً... يا عدوّي.

أحد عشاقك

سهيل الحويك
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي