رسالتي

التفجير... ووضع الأمور في نصابها

تصغير
تكبير
بداية نعزّي أهل الكويت عامة وأهل الضحايا والمصابين في تفجير مسجد الإمام الصادق، ونسأل الله تعالى أن يلهمهم الصبر والسلوان.

وربما لم تمر على الكويت مصيبة وكارثة بعد تفجيرات الثمانينات -والتي كان منها تعرض سمو أمير البلاد الشيخ جابر الأحمد رحمه الله إلى محاولة اغتيال من خلال تفجير موكبه- وبعد مصيبة الغزو العراقي، كمثل فتنة وبلاء تفجير مسجد الإمام الصادق، والذي بلغ عدد الضحايا فيه 29 قتيلاً ومئات المصابين.


هذا التفجير الذي كان من أهدافه بث الفتنة والفرقة بين أبناء المجتمع الكويتي، إلا أن الله تعالى خيب رجاء المجرمين، بفضل منه وتوفيق، ثم بصورة التلاحم والوحدة التي عاشها أهل الكويت بالأفعال قبل الأقوال.

فلقد بادرت المؤسسات والجمعيات والنقابات والروابط الدينية السنية إلى استنكار هذا الفعل فور حدوثه من منطلقٍ شرعي ووطني وإنساني، وأذكر منها على سبيل المثال: جمعيتي «الإصلاح الاجتماعي»، و«إحياء التراث الإسلامي»، و«نقابة الخطباء والأئمة»، و«رابطة دعاة الكويت»، و«رابطة علماء الشريعة»، و«جمعية فهد الأحمد»، و «الحركة الدستورية الإسلامية»، و«التجمع السلفي»، و«حزب الأمة».

وحضر بعض رموز هذه الجمعيات والحركات إلى موقع الجريمة، وأدلوا بتصريحات الاستنكار للفعل المشين.

كما بادر كثير من أبناء الوطن بمختلف توجهاته وانتماءاته إلى التبرع بالدم عندما تمت الدعوة لذلك، واصطفوا بالآلاف من أجل تقديم واجب العزاء.

كل هذا إنما هو دلالة على أننا نعيش في المجتمع الكويتي بروح خاصة -رغم الاختلافات الفكرية والمذهبية- ربما يفتقدها كثير من المجتمعات الأخرى.

من الأمور المهمة التي لا بد من وضعها في نصابها مع الحدث، هي تصحيح مجموعة من المغالطات والتي صاحبت بعض التصريحات بعد حادث التفجير، ومنها اتهام البعض لمناهج التربية الإسلامية بأنها وراء هذه التفجيرات بما تبثه من تطرف وزرع للكراهية بين أبناء المجتمع، وأقول إنه للأسف أن يؤيد هذه التصريحات معالي وزير التربية، فلقد أثيرت هذه المسألة لسنوات عديدة وكان مكتب التوجيه الفني العام للتربية الإسلامية يقوم في كل مرة بإعداد مذكرة في الرد على هذه الاتهامات، وكانت تقدم للسادة الوزراء ومنهم الوزير الحالي، وفيها الرد الشافي الكافي.

ومن المغالطات المطالبة بإغلاق كلية الشريعة لأنها بحسب زعم البعض أنها تصدر الإرهاب، ونقول لهؤلاء إن كان لديكم دليل على ما تقولون فهذه المحاكم أمامكم وقدموا شكواكم إن كنتم صادقين.

ومن المغالطات، محاولة البعض الربط بين دعم الشعب السوري في مواجهته لنظام البغي والعدوان، وبين دعم تنظيم «داعش»، واتهام كل من دعم الثورة السورية بأنه داعم للإرهاب!!

ونقول إن دعم الشعب السوري كان وما زال تحت علم الدولة وعبر المؤسسات المعلنة، ومن كان لديه دليل عكس ذلك فليثبته.

ومن الأمور التي لا بد من تصحيحها لدى البعض هي أن بعض الرموز الإسلامية والتي تُتهم بدعم «داعش»، هي من الأسماء التي تتعقبها «داعش» لتصفيتها، وهم من أكثر الناس الذين حذروا من «داعش» وخطرها، فلا تلبّسوا الأمور على الناس!!

أقترح من أجل مواجهة فكر التطرف ما يلي:

أن تسعى وزارة الأوقاف لإشراك العلماء والمشايخ والدعاة من مختلف التوجهات لمواجهة الفكر التكفيري، وألا يقتصر ذلك على فئة معينة، كما أدعو وزارة الإعلام إلى وقف الهجمة على المناهج والتي تكررت من عدد من الضيوف، وأن يكون لمقدمي البرامج دور في توضيح أن هناك جهات مختصة معنية في تأليف المناهج ومراجعتها.

كما أدعو الجميع إلى نبذ التطرف بجميع صوره، وأيا كان فاعله، سواء في الكويت أو خارجها، وأن نعترف بحرمة دماء المسلمين أينما كانت، فلا نبكي على إراقة بعضها، ونفرح للبعض الآخر.

نسأل الله تعالى أن يحفظ بلادنا من كل سوء وأن يجعلها واحة أمن وأمان.

Twitter:@abdulaziz2002
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي