من منا لا يعرف الإعلامي المصري الشهير أحمد منصور والذي يعمل ضمن فريق قناة الجزيرة ويقدم أشهر برنامجين فيها «بلا حدود» و «شاهد على العصر».
هذا الإعلامي الذي يعتبر اليوم من أشهر مقدمي البرامج على مستوى الوطن العربي، تعرض لموقف خلال الأسبوع الماضي لم يكن بالحسبان، إذ منعته السلطات الألمانية من مغادرة أراضيها وهو في المطار بحجة وجود مذكرة تدعو للقبض عليه صادرة من الانتربول الدولي، إلا أن السلطات الألمانية فوجئت بأن «أحمد منصور» لديه ورقة رسمية من الانتربول نفسه توضح بأنه ليس مطلوبا لها في أي قضية من القضايا.
وهنا كانت الصدمة التي جعلت السلطات الألمانية تبحث عن أي وسيلة لمنع «منصور» من مغادرة أراضيها، وبتحرك سريع بين وزارات الخارجية والداخلية والعدل الألمانية تم إصدار مذكرة توقيف لأحمد منصور.
وتم احتجازه ومنعه من السفر، إلا أنه بفضل الله أولا ثم لخبرة أحمد منصور في التعامل مع هذه المواقف ووجود المحامين المتميزين، والورقة التي كان يحملها من الانتربول والتي تثبت أنه غير مطلوب لهم، ولعدم وجود سند قانوني يسمح باحتجازه، لم يملك النائب العام الألماني إلا أن يُصدر قراره بالإفراج عنه.
هذا الموقف الذي وُضع فيه أحمد منصور كان الهدف منه تسليمه لبعض الأطراف التي ترى أنه يفضح ممارساتها، وربما سيتعرض بعدها للإيذاء النفسي والبدني، وإن لم يتحقق لهم ذلك فعلى الأقل سيعتبرونها وسيلة لإرهابه وتخويفه وجعله عبرة لغيره.
لكن الرياح جرت بما لا يشتهيها خصومه، وانقلب السحر على الساحر، واتضحت المؤامرة التي أحيكت ضد «منصور» وأصبحت الحكومة الألمانية اليوم هي في مرمى سهام صحافتها ومثقّفيها.
اليوم هناك تحقيقات تجرى في ألمانيا لكشف ملابسات حادثة الاعتقال الخاطئة، ومن كان وراءها ومن المستفيد منها، ومن الذي أوقع الحكومة الألمانية في هذا المأزق، في بلد تعتبر الديموقراطية وحرية الرأي خطاً أحمر.
هذه الحادثة لا أستبعد أن تطيح ببعض الرؤوس السياسية أو الأمنية في ألمانيا، والأيام القادمة ستكشف ذلك.
هذا الموقف لأحمد منصور يذكرنا بقول الله تعالى «وعسى أن تكرهوا شيئاً وهو خير لكم»، فهذه الحادثة رغم مرارة تجربتها لإعلامي دخل ألمانيا رسمياً، ولم يؤذ أحداً أو يخالف قانوناً، ثم يجد نفسه محتجزاً دون جريمة، سيخرج منها الزميل الإعلامي، أصلب عوداً وأقوى إرادة، وأكثر عزماً على مواصلة الطريق في محاربة الفاسدين وفضح مخططاتهم، وكما يقول المثل «الضربة التي لا تقتلك تقويك».
لقد كسب أحمد منصور تعاطف ملايين الناس حول العالم، ووقفت معه الصحافة الألمانية بكل قوة ومهنية، ودافعت عن حرية الصحافيين وحقوقهم.
كما أصبح صيت «أحمد منصور» منتشراً في الأوساط الغربية وخاصة الألمانية، لتزيد من رصيده الإعلامي عندهم، مع ما لديه من رصيد إعلامي في الأوساط العربية والتي جعلته من أشهر 10 شخصيات إعلامية عربية مؤثرة.
لقد كشف الموقف أخطبوط الفساد الذي يطارد الإعلاميين الشرفاء، والذي تتوزع فيه الأدوار بين المكر والدهاء، وبين دفع الأموال وتمويل المؤامرات.
كما أن هذا الموقف أثبت لنا قوة تأثير الإعلام والصحافة النزيهة في الدفاع عن المظلومين ونصرتهم، وقد كان لتحرك الأوساط الإعلامية الألمانية أبلغ الأثر في الضغط على الحكومة الألمانية كي تطلق سراح الزميل «أحمد منصور» ليثبت الإعلام أنه بالفعل «السلطة الرابعة».
نحمد الله على سلامة «المنصور» أحمد منصور وننتظر منه المزيد وندعو له بالثبات والتوفيق.
Twitter:@abdulaziz2002