الروائي المصري يرى أن تاريخ العرب «مليء بالمغالطات»

محمد المنسي قنديل لـ «الراي»: الرواية... لن ترحل برحيل الكبار!

u0645u062du0645u062f u0627u0644u0645u0646u0633u064a u0642u0646u062fu064au0644
محمد المنسي قنديل
تصغير
تكبير
• السينما المصرية الآن «مريضة» ويجب مواجهة السبكي

• كتابة الأطفال في هذه الفترة «ساذجة» والوضع بالنسبة للثقافة المصرية «متردٍّ للغاية»
وصف الروائي المصري محمد المنسي قنديل، اختفاء الرواية الرومانسية في مصر بالأمر الطبيعي، وقال: الحياة الجافة التي نعيشها هي السبب، فالمجتمع المصري يعاني العديد من الأمراض الاجتماعية والنفسية، والروايات«مصر ولادة»...وكتابة الأطفال في هذه الفترة «ساذجة» الوضع بالنسبة للثقافة المصرية «مترد للغاية» السينما المصرية الآن «مريضة» ويجب مواجهة السبكي

لعاطفية القديمة لم يعد لها مكان في عصر تلاشت فيه العواطف.

صاحب «انكسار الروح» الذي شغلته الهوية الضائعة وأصقله تعامله كطبيب مع المهمشين حتى تماهى فيهم، يري في حوار مع «الراي»، أن مصر والعالم العربي بأكمله يتعرضون لمؤامرة من الغرب لإنهاكهم في حروب وهمية، وأبعاد هذه المؤامرة هي أن يدمروا أنفسهم بأنفسهم، فما يحدث في البلاد العربية من دمار لا يستطيع أي احتلال عسكري أن يحدثه.

الراى التقت الروائي الكبير وكان لها معه هذا الحوار حول روايته الأخيرة «كتبية سوداء» التي تدور عن واقعة مجهولة وغامضة وقعت فى عهد سعيد باشا، وهي إرسال «الأورطة السوداء» المصرية إلى المكسيك للمحاربة في صف فرنسا، دار الحوار، وفي ملفات وموضوعات وهموم أخرى.

? لماذا اخترت في «كتيبة سوداء» هذه الواقعة المجهولة للكتابة عنها؟

- هذه رواية تروي قصة الجنود السود الذين عشت معهم أكثر من ثلاث سنوات، ونقبت عن آثارهم في البلاد البعيدة، وكنت أريد فقط أن أعطيهم فرصة للحياة مرة أخرى، يعبروا فيها عن أمانيهم لحياة لم يعيشوها، وأحلام لم يحققوها، لكنهم لم يكونوا وحدهم في التجربة، كان هناك الملوك الذين صنعوا أتون الحرب وأخذوهم من دفء الغابات والقرى إلى صقيع المنفى، وهناك النساء اللاتي أحببن بعشق وترف، فهذه الرواية هي تحية لكل أرواح الغرباء العابرة، وللحظات الحب غير المتوقعة عبرت بها حدود الزمان والمكان بحثا عن نوع من الخلاص وملاذ الروح.

? هل ترى أن هناك تشابها بين «كتيبة سوداء» والواقع المصري الحالي؟

- لا يمكن القول بوجود تشابه، ولكن يمكن القول، إن الرواية دلالة على ما يحدث في العالم المعاصر، فإن تأخذ بعض الجنود تنقلهم إلى أرض غريبة عن أرضهم ليحاربوا عدوا لا يعرفونه، هذا ما يحدث الآن بالفعل، فمصر والعالم العربي بأكمله يتعرضون لمؤامرة من الغرب لإنهاكهم في حروب وهمية، وأبعاد هذه المؤامرة هي أن يدمروا أنفسهم بأنفسهم فما يحدث في البلاد العربية من دمار لا يستطيع أي احتلال عسكري أن يحدثه، فالعالم العربي تحول إلى أنقاض بدون أن ننتبه، فهناك مدن تدمر على مرأى ومسمع من الجميع، ولا يستطيع أحد فعل شيء، فالعرب أصبحوا مجرد قبائل متناحرة، ما جعلهم بالتأكيد خارج التاريخ.

? قلت سابقا لا أؤمن بالموهبة ولا أعول عليها في الكتابة، فما هي الأدوات التي يجب أن يمتلكها الروائي خاصة الروائي التاريخي؟

- الحقيقة أن الموهبة تكون منطلقا، لكنها تمثل دورا قليلا في العملية الإبداعية، فالكاتب الناجح يحتاج إلى دأب، وبذل الجهد في الكتابة حتى يصل إلى لغته الخاصة، فعليه أن يظل مؤمنا طيلة حياته أن الكتابة أكبر من الكاتب، وأن يتخلى عن القناعة بالأوهام بالوصول بالكتابة إلى منتهاها، أما عن كاتب الرواية التاريخية، فيجب عليه أن يكون محبا للتاريخ، ليس تاريخ بلده فقط ولكن تاريخ العالم أجمع، وأن يتخيل الحياة في عصر آخر ويعيش مع شخصيات العصر الذي يتناوله، فنحن لا نحكي التاريخ ولكن نعيده من خلال تجسيد مواقفه وأحداثه، لذا وجب المحافظة على الجو التاريخي وعدم ضياع التفاصيل، فضلا على أن الروائي يجب عليه الإلمام بلغات عديدة غير لغته، والاهتمام بالثقافة والبحث والتعلم.

? لماذا تحرص دائما على كتابة الرواية التاريخية؟

- تاريخ العرب مليء بالمغالطات والأحداث الغامضة، سواء عن قصد من الحكام أو للإهمال، فنحن مهددون بالتهميش وسط عصر العولمة والاقتصاد العالمي لذا لزاما علينا العودة للوراء للبحث عن الجذور والهوية العربية.

? لديك العديد من العمال الأدبية فما هو العمل الأقرب إلى قلبك؟

- طبعا رواية «انكسار الروح»، فهي تمثل المحور النفسي بالنسبة لي، فأنا كتبتها في صدر الشباب وعمري وقتها كان 38 عاما، وتبعها فترة صمت طويلة كنت أقول لنفسي خلالها روايتي الأولى من حياتي، فماذا أكتب في الثانية؟ وبعدها كتبت العديد من الروايات ولكني أرى نفسي دائما أقتبس منها.

? الواقع الثقافي المصري في رأيك كيف تصفه؟

- الوضع بالنسبة للثقافة المصرية «متردي للغاية»، فنحن نحتاج لميزانيات ضخمة لننشط ثقافيا، ونحتاج لنظام له رؤية وإيمان بضرورة الثقافة، والعمل على دعمها اقتصاديا ومعنويا وتعليميا، فتردي الثقافة الحالي يعود لتردي التعليم، فجميع الأمراض التي نعاني منها الآن ترجع لأن الشعب المصري أصبح ناقص «تربية» و«تعليم».

? هل ترحل الرواية المصرية مع الذين رحلوا من كبار كتابها؟

- الرواية لن ترحل برحيل الكبار، فمصر«ولادة»، والدليل هي الغزارة في الأعمال الأدبية التي تشهدها الساحة الثقافية المصرية، فهناك جيل كبير من الكتاب الشباب لهم جمهورهم ونقادهم وأعمالهم التي تعبر عن اهتمامات الجيل الذي ينتمون إليه، سنة الحياة «جيل يسلم الراية للجيل الذي يليه».

? من تراه من جيل الشباب خليفة للمنسي قنديل؟

- بصراحة لا أستطيع تحديد شخص بعينه، فأنا معجب بالعديد من الروائيين الشباب أمثال أحمد مراد، وطارق الإمام، وحسن كمال وأحمد خالد توفيق، فهذا الجيل من شباب الكتاب يعبر عن العصر الذي يعيش فيه، ولديهم من الجاهزية والإبداع ما يجعلنا نتطلع إليهم بأنهم جيل الرواية المستقبلي.

? بما تفسر اتجاه شباب الروائيين إلى كتابة روايات الرعب واختفاء الرواية الرومانسية ؟

- هذا أمر طبيعي، فغياب الرومانسية ناتج عن الحياة الجافة التي نعيشها الآن، فالمجتمع المصري يعاني من العديد من الأمراض الاجتماعية والنفسية، والروايات العاطفية القديمة لم يعد لها مكان في عصر تلاشت فيه العواطف.

مصر أصبحت ضيقة على أهلها ولم يعد لديهم وقت إلا للبحث عن المادة، فأصبحت روايات الرعب هي التي تفرغ عن المشاعر التي بداخلهم، فضلا عن انبهارهم بالثقافة الغربية.

? أنت صاحب باع طويل في الكتابة للأطفال فهل روايات الأطفال الحالية مناسبة للطفل المصري؟

- كتابات الأطفال في هذه الفترة «ساذجة» لا تتماشى مع طفل هذه المرحلة الذي أصبح أكثر تطورا من الكاتب الذي يقدم له الرواية، فعلى الدولة الاهتمام بأدب الأطفال لأنها المادة الأولى للمعرفة بالنسبة للطفل، ويجب إنشاء دار لنشر كتب الأطفال تقدم من خلالها الأدب المحلي، وتتولى إصدار مجلات الاطفال.

? لماذا توقفت عن الكتابة للسينما؟

- أنا لم أتوقف ولا أمانع في تقديم أعمال السينما ولكن السينما المصرية الآن «مريضة» تعيش حاله متردية لا تحب المغامرة بتجارب جديدة، فيجب مواجهة سينما السبكي بأعمال سينمائية جادة، فالسينما للمبدع لا غنى عنها لنشر رواياته على نطاق واسع.

? ماذا عن مسلسل «أنا عشقت»، وهل أنت راض عن العرض الدرامي لرواياتك؟

- بصراحة أنا لم أشاهد مسلسل «أنا عشقت» المأخوذ عن روايتي التي تحمل نفس الاسم، ولكن ردود فعل الجمهور تجاهه جيدة، هذا على عكس مسلسل «وادي الملوك» المأخوذ أيضا عن روايتي، فأنا لم أكن راضيا عن ترتيب أحداثه ولكني أحترم رؤية منفذه، فالأديب مسؤول عن النص الأدبي فقط، أما الدراما فالمسؤول عنها المخرج.
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي