الرأي اليوم / يا شباب الكويت... لا تستثمروا في بلدكم!


صباح الخير يا شباب الكويت، يا أمل الغد، يا كل المستقبل. صباح الحرية الساطعة كشموسكم وأنتم حراس الحرية والديموقراطية تحت سقف الدستور والقانون، وصباح اللقاء الدائم معكم حيث لا حواجز بيننا لا في النقاش ولا في الحوار ولا حتى في... الاختلاف.
وأتمنى أن أكون مختلفاً معكم اليوم تحديداً في ما سأقوله، كما أتمنى أن أكون مخطئاً وأن يأتي من بينكم من يوضح خطئي أو يوجه نظري إلى زاوية أخرى لم أكن رأيتها بوضوح من قبل، أو يريني نافذة أمل بتغيير أو إصلاح... لأن ما سأقوله محبط لكنه واقعي وما ستسمعونه من وزراء الحكومة أو مسؤولين أو نواب مشجع لكن لا علاقة له بالواقعية على الإطلاق.
من موقعي كإعلامي، ومراقب ومتابع للشأن العام، أوجه نصيحة للشباب الذين يفكرون بالاستثمار في بلدهم الكويت وتأسيس مشاريعهم ووضع كل ما تعلّموه وما خبروه في خدمة الاقتصاد وبالتالي بلدهم، بأن يبحثوا عن وظيفة لتأمين راتب متواصل ويكتفوا بذلك أو أن يذهبوا إلى بلد آخر للاستثمار فيه في أي قطاع من القطاعات.
أنا مقتنع بهذه النصيحة وأتمنى أن تكون قناعتي خاطئة تماماً، لكن الحقيقة هي أن حكومة الكويت يمكن تسميتها «مقبرة المشاريع» إما لأنها قاصدة احتكار كل شيء وإما لأنها عاجزة عن العمل وعاجزة أكثر عن مجاراة حيوية القطاع الخاص، وإما لأنها غير قادرة نهائياً على تنفيذ رؤية صاحب السمو بتحويل الكويت مركزاً مالياً متقدماً في المنطقة.
عندما تسمعون يا شباب الكويت كلمات طنانة رنانة عن التنمية وخططها وأهدافها ألا ينتاب بعضكم الضحك أو ترتسم على وجوه آخرين مسحة الحزن والأسى؟ لنكن صريحين مع بعضنا ونقول الأمور كما هي. أين التنمية وملياراتها؟ هل بناء جسر وشق طريق هما التنمية؟
وعندما تسمعون الوزراء يتحدثون عن مدن الأحلام الجديدة ألا يأخذكم التفكير إلى مدن الملاهي رغم الصور التي تتسرب كل فترة إلى الصحف؟ هل تعرفون أن مشروعاً ضخماً لإحدى هذه المدن الموعودة وهو مشروع مكتمل وجاهز وعصري وجدواه الاقتصادية معروفة قد تعطلت خطط شرحه وتسويقه داخلياً وخارجياً بسبب بقاء «ورقة» أسيرة «كتابنا وكتابكم» لثلاث سنوات، ولم تستطع الحكومة إطلاق هذه الورقة من محبسها؟
وعندما تسمعون عن المركز المالي للكويت ألا تنظرون إلى القوانين والتشريعات الجامدة أو المعطلة أو الطاردة للاستثمار؟
أعتقد أن الحكومة الكويتية هي حكومة تأميم تريد للدولة نظاماً اشتراكياً من دون أن تلفظ كلمتي «تأميم» أو «اشتراكية»، فمن يراقب حجم الاستحواذات التي قامت بها وتتمدد من خلالها يدرك أنها تتمنى لو أمكنها تأميم كل قطاعات البلد في زمن لم تعد فيه الأنظمة الاشتراكية نفسها تعتمد على أي دور للدولة وتتخلص من أي عبء على القطاع العام.
هل هناك داخل الحكومة من يعتقد أن فك القبضة الاقتصادية عن بعض القطاعات يعني فك القبضة السياسية في السلطة؟ مع الاحترام الكامل للجميع إلا أن هذا التفكير سطحي وينم عن عجز تقليدي وتخلف وسيؤدي إلى كوارث حقيقية على المدى القصير، لأن العالم كله تغير وإن أردنا اللحاق به فالخطوات واضحة ومعروفة ولا حاجة بنا لأن نبقى في أماكننا ونتحلطم ونلقي بكرة المسؤولية تارة على مجلس الأمة وطوراً على الحراك السياسي ومرات على الظروف والتحديات الإقليمية.
هذه القناعة الحكومية الرابطة بين الهيمنتين الاقتصادية والسياسية صارت «أسلوب حياة» طارداً لكل من يريد أن يعمل وينتج ويتقدم ويؤسس مشاريع تخدم الدورة الاقتصادية وتخدم الحكومة نفسها من خلال تخفيف العبء والخسائرعن المال العام من جهة وتغذية خزينة الدولة بموارد جيدة من جهة أخرى. لا بل أكثر من ذلك، كانت الحكومة في الكويت سابقاً تداري هذا النهج وتغلفه بطرق كثيرة شكلياً تؤدي إلى توهان المشاريع أو وصولها إلى طريق مسدود، اليوم الحكومة تتعامل مع التعطيل بوضوح وانكشاف رأس... و«اللي عاجبه عاجبه واللي مو عاجبه يسوي اللي يبيه».
سيقول الكثير من الشبان إن نظرتي قاتمة السواد وإن الأمور ليست بذاك السوء، وأرد بالتمني مجدداً بأن يكون ما قالوه صحيحاً، ولكن أعطي مثالاً واحداً على نظرتي إلى السلوك الحكومي المهيمن، وهو مثال ثقافي وليس اقتصادياً. فعندما بادر القطاع الخاص قبل سنوات وأعد مشروعاً لإنشاء مجمعات أدبية وثقافية وفنية وتراثية حضارية يليق بمكانة الكويت وتاريخها، عطلت الحكومة ذلك المشروع وأصرت على أن تؤسسه هي وتبنيه هي وتديره هي... وكم من حكومات على المستوى العالم نجحت في احتكار وإدارة الثقافة والفن والأدب؟.
أكثر من ذلك، أنا أسألكم يا شباب الكويت عن مصير الدعم الحكومي لمشاريعكم «الصغيرة»؟ هل تذكرون أن محفظة صندوق الاستثمار الوطني أنشئت عام 1997 أي قبل 18 عاماً؟ هل يمكن أن تشرحوا لي ماذا فعلت لكم منذ ذلك التاريخ؟ وماذا فعلت محفظة تمويل الأنشطة الحرفية والمشاريع الصغيرة؟ لن أدخل في تفاصيل الإجابات لكنني أقول إنكم ما رأيتم شيئاً يذكر يتعلق بمشاريعكم الصغيرة فكيف سيكون الحال بالمشاريع الكبيرة؟
استثمروا في الخارج يا شباب الكويت لسبب آخر أيضا، فحكومة لا تواكب التطورات التي تحصل في مختلف أنحاء العالم يمكن ألا تقتصر ممارساتها سلباً على تراجع وانهيار الاقتصاد، بل يمكن أن تؤثر ممارساتها سلباً على قضايا أخرى تتجاوز الاقتصاد إلى الشأن الوطني والسياسي العام وعندها... لن ينفع الندم.
صباح الخير يا شباب الكويت، يا أمل الغد. اعذروا صراحتي وأنتم تعيشون في قلب هذه الصراحة وتعانون أكثر منا لأن المسير أمامكم طويل، لكنني ألجأ إلى مخاطبتكم لأنني أرى فيكم قدرة على التغيير لا أراها في الحكومة، ولأن الذين يتساهلون في تطوير حاضرهم لا يستحقون لقب قادة المستقبل... وأنتم قادة المستقبل.
جاسم مرزوق بودي
وأتمنى أن أكون مختلفاً معكم اليوم تحديداً في ما سأقوله، كما أتمنى أن أكون مخطئاً وأن يأتي من بينكم من يوضح خطئي أو يوجه نظري إلى زاوية أخرى لم أكن رأيتها بوضوح من قبل، أو يريني نافذة أمل بتغيير أو إصلاح... لأن ما سأقوله محبط لكنه واقعي وما ستسمعونه من وزراء الحكومة أو مسؤولين أو نواب مشجع لكن لا علاقة له بالواقعية على الإطلاق.
من موقعي كإعلامي، ومراقب ومتابع للشأن العام، أوجه نصيحة للشباب الذين يفكرون بالاستثمار في بلدهم الكويت وتأسيس مشاريعهم ووضع كل ما تعلّموه وما خبروه في خدمة الاقتصاد وبالتالي بلدهم، بأن يبحثوا عن وظيفة لتأمين راتب متواصل ويكتفوا بذلك أو أن يذهبوا إلى بلد آخر للاستثمار فيه في أي قطاع من القطاعات.
أنا مقتنع بهذه النصيحة وأتمنى أن تكون قناعتي خاطئة تماماً، لكن الحقيقة هي أن حكومة الكويت يمكن تسميتها «مقبرة المشاريع» إما لأنها قاصدة احتكار كل شيء وإما لأنها عاجزة عن العمل وعاجزة أكثر عن مجاراة حيوية القطاع الخاص، وإما لأنها غير قادرة نهائياً على تنفيذ رؤية صاحب السمو بتحويل الكويت مركزاً مالياً متقدماً في المنطقة.
عندما تسمعون يا شباب الكويت كلمات طنانة رنانة عن التنمية وخططها وأهدافها ألا ينتاب بعضكم الضحك أو ترتسم على وجوه آخرين مسحة الحزن والأسى؟ لنكن صريحين مع بعضنا ونقول الأمور كما هي. أين التنمية وملياراتها؟ هل بناء جسر وشق طريق هما التنمية؟
وعندما تسمعون الوزراء يتحدثون عن مدن الأحلام الجديدة ألا يأخذكم التفكير إلى مدن الملاهي رغم الصور التي تتسرب كل فترة إلى الصحف؟ هل تعرفون أن مشروعاً ضخماً لإحدى هذه المدن الموعودة وهو مشروع مكتمل وجاهز وعصري وجدواه الاقتصادية معروفة قد تعطلت خطط شرحه وتسويقه داخلياً وخارجياً بسبب بقاء «ورقة» أسيرة «كتابنا وكتابكم» لثلاث سنوات، ولم تستطع الحكومة إطلاق هذه الورقة من محبسها؟
وعندما تسمعون عن المركز المالي للكويت ألا تنظرون إلى القوانين والتشريعات الجامدة أو المعطلة أو الطاردة للاستثمار؟
أعتقد أن الحكومة الكويتية هي حكومة تأميم تريد للدولة نظاماً اشتراكياً من دون أن تلفظ كلمتي «تأميم» أو «اشتراكية»، فمن يراقب حجم الاستحواذات التي قامت بها وتتمدد من خلالها يدرك أنها تتمنى لو أمكنها تأميم كل قطاعات البلد في زمن لم تعد فيه الأنظمة الاشتراكية نفسها تعتمد على أي دور للدولة وتتخلص من أي عبء على القطاع العام.
هل هناك داخل الحكومة من يعتقد أن فك القبضة الاقتصادية عن بعض القطاعات يعني فك القبضة السياسية في السلطة؟ مع الاحترام الكامل للجميع إلا أن هذا التفكير سطحي وينم عن عجز تقليدي وتخلف وسيؤدي إلى كوارث حقيقية على المدى القصير، لأن العالم كله تغير وإن أردنا اللحاق به فالخطوات واضحة ومعروفة ولا حاجة بنا لأن نبقى في أماكننا ونتحلطم ونلقي بكرة المسؤولية تارة على مجلس الأمة وطوراً على الحراك السياسي ومرات على الظروف والتحديات الإقليمية.
هذه القناعة الحكومية الرابطة بين الهيمنتين الاقتصادية والسياسية صارت «أسلوب حياة» طارداً لكل من يريد أن يعمل وينتج ويتقدم ويؤسس مشاريع تخدم الدورة الاقتصادية وتخدم الحكومة نفسها من خلال تخفيف العبء والخسائرعن المال العام من جهة وتغذية خزينة الدولة بموارد جيدة من جهة أخرى. لا بل أكثر من ذلك، كانت الحكومة في الكويت سابقاً تداري هذا النهج وتغلفه بطرق كثيرة شكلياً تؤدي إلى توهان المشاريع أو وصولها إلى طريق مسدود، اليوم الحكومة تتعامل مع التعطيل بوضوح وانكشاف رأس... و«اللي عاجبه عاجبه واللي مو عاجبه يسوي اللي يبيه».
سيقول الكثير من الشبان إن نظرتي قاتمة السواد وإن الأمور ليست بذاك السوء، وأرد بالتمني مجدداً بأن يكون ما قالوه صحيحاً، ولكن أعطي مثالاً واحداً على نظرتي إلى السلوك الحكومي المهيمن، وهو مثال ثقافي وليس اقتصادياً. فعندما بادر القطاع الخاص قبل سنوات وأعد مشروعاً لإنشاء مجمعات أدبية وثقافية وفنية وتراثية حضارية يليق بمكانة الكويت وتاريخها، عطلت الحكومة ذلك المشروع وأصرت على أن تؤسسه هي وتبنيه هي وتديره هي... وكم من حكومات على المستوى العالم نجحت في احتكار وإدارة الثقافة والفن والأدب؟.
أكثر من ذلك، أنا أسألكم يا شباب الكويت عن مصير الدعم الحكومي لمشاريعكم «الصغيرة»؟ هل تذكرون أن محفظة صندوق الاستثمار الوطني أنشئت عام 1997 أي قبل 18 عاماً؟ هل يمكن أن تشرحوا لي ماذا فعلت لكم منذ ذلك التاريخ؟ وماذا فعلت محفظة تمويل الأنشطة الحرفية والمشاريع الصغيرة؟ لن أدخل في تفاصيل الإجابات لكنني أقول إنكم ما رأيتم شيئاً يذكر يتعلق بمشاريعكم الصغيرة فكيف سيكون الحال بالمشاريع الكبيرة؟
استثمروا في الخارج يا شباب الكويت لسبب آخر أيضا، فحكومة لا تواكب التطورات التي تحصل في مختلف أنحاء العالم يمكن ألا تقتصر ممارساتها سلباً على تراجع وانهيار الاقتصاد، بل يمكن أن تؤثر ممارساتها سلباً على قضايا أخرى تتجاوز الاقتصاد إلى الشأن الوطني والسياسي العام وعندها... لن ينفع الندم.
صباح الخير يا شباب الكويت، يا أمل الغد. اعذروا صراحتي وأنتم تعيشون في قلب هذه الصراحة وتعانون أكثر منا لأن المسير أمامكم طويل، لكنني ألجأ إلى مخاطبتكم لأنني أرى فيكم قدرة على التغيير لا أراها في الحكومة، ولأن الذين يتساهلون في تطوير حاضرهم لا يستحقون لقب قادة المستقبل... وأنتم قادة المستقبل.
جاسم مرزوق بودي