«واشنطن بوست»: الأسد يقترب من نقطة «انقلاب الموازين»
نشرت صحيفة «واشنطن بوست» الأميركية مقالا تحليليا للكاتب ديفيد اغناتيوس، سلط فيه الضوء على أنه من المرجح أن قبضة نظام الرئيس السوري بشار الأسد قد بدأت تضعف خلال الفترة الأخيرة وأن هناك ما يشير إلى أنه بات قاب قوسين أو أدنى من الانهيار بينما تتعقد الخيارات أمام القوى العالمية الكبرى.
وفي التالي ترجمة للمقال:
يواجه نظام الرئيس السوري بشار الأسد حالياً ما يقول خبراء أميركيون إنها ضغوط هي الأكثر وطأة منذ بداية الصراع المستمر في بلاده منذ أربع سنوات. ويطرح هذا المأزق الضاغط الجديد بعض الخيارات الصارمة أمام الولايات المتحدة وروسيا وإيران وجيران سورية.
ويقول مسؤول في الاستخبارات الأميركية: «بناءً على خطوط التوجهات الحالية، فقد حان الوقت للبدء بالتفكير في مرحلة ما بعد الأسد في سورية». وحتى وقت قريب، كان محللون أميركيون قد حللوا الوضع هناك بأنه أقرب إلى وضعية اللاغالب واللامغلوب. ولكن طوال الشهر الماضي، بدأت مكاسب الثوار في شمال وجنوب سورية في ترجيح كفة الميزان لصالحهم.
ويرى مسؤولون أميركيون الضغوط المتصاعدة على الأسد من أربعة اتجاهات. فهناك تحالف جديد وفعال للثوار يعرف باسم «جيش الفتح» ومدعوم من جانب تركيا والسعودية وقطر، وهذا التحالف سيطر على محافظة إدلب أواخر الشهر الماضي. وتقاتل جبهة النصرة بشراسة جنباً إلى جنب مع هذا التحالف، وهي الجبهة التابعة لتنظيم القاعدة. كما أن الثوار المعتدلين، المعروفين باسم «الجبهة الجنوبية» المدعومة من جانب الولايات المتحدة والأردن، بدأوا أخيراً في تحقيق بعض المكاسب في جنوب سورية. ورابعا هناك تنظيم «الدولة الإسلامية» (داعش)، وهي المجموعة الأكثر شراسة بين الجميع، الذي ينتشر بعنفوان في شمال ووسط وشرق سورية.
ويقول الاستخباراتي الأميركي ذاته: «يواجه الأسد خيارات صعبة مع تصاعد الخسائر في ساحة المعركة». وكلما ازداد الضغط، فإن بعض أنصار الأسد يبدأون في اتخاذ احتياطاتهم. ويقال إن روسيا تقوم حاليا بإجلاء بعض رعاياها من اللاذقية مسقط رأس الأسد، في شمال غربي سورية. وفي الوقت نفسه، يُقال إن بعض الأشخاص من دائرة الأسد يسعون الى الحصول على تأشيرات للسفر إلى الخارج، وربما يستعدون لاحتمالية سقوط النظام.
وقد برز شعور المعركة المتصاعد في مقابلة أجريت عبر الهاتف الخميس الفائت مع النقيب إسلام علوش، الناطق باسم فصيل «جيش الإسلام»، وهو ينسق مع تحالف «جيش الفتح». وبعد الوصول هاتفيا إليه في موقع قال إنه يوجد بالقرب من حلب، أوضح النقيب علوش أن الثوار يتحركون الآن نحو اثنين من معاقل الأسد الرئيسية ألا وهما اللاذقية ودمشق. وقال: «ليس هناك شك في أن جيش الأسد أصبح أضعف».
ولكن هنالك ثمة كلمة للتنبيه حول هذا الحديث عن «نهاية اللعبة». فلقد بدا الأسد في ورطة في السابق، لكن تم انقاذه من جانب إيران ووكلائها. وعلى ما يبدو، فإن الرئيس الايراني حسن روحاني قام بتصعيد لهجته خلال هذا الأسبوع، معلناً أنه سيقف مع حكومة الأسد «حتى نهاية الطريق». وهذا يشير إلى أن طهران تدرك وجود ضغوط جديدة ولكنها لا تنوي التراجع. وتقول مصادر إن قوات إضافية تعمل بالوكالة لمصلحة إيران دخلت أخيرا سورية للمساعدة في دعم جبهات القتال.
وكذلك، فإن ضغط الثوار على الأسد يطرح بعض المشاكل الشائكة بالنسبة للولايات المتحدة. وذلك لأن العديد من مكاسب المعارك الأخيرة حققتها جماعات جهادية، وهي جماعات تعتبرها الولايات المتحدة متطرفة، مثل جبهة النصرة وتنظيم الدولة الإسلامية. ويخشى بعض المسؤولين من أنه إذا سقط الأسد، فإن هذه الجماعات المتطرفة ستنطلق لملء الفراغ، وهو الأمر الذي سيجعل المنطقة أكثر اضطرابا مما هي عليه الآن.
وترفض الولايات المتحدة التعاون مع جبهة النصرة، معتبرةً الجبهة عصابة من أتباع تنظيم القاعدة «العاصين»، وذلك رغم أنه يقال إن المجموعة تتلقى دعماً غير مباشر من تركيا وقطر. ولم يقتنع مسؤولو الولايات المتحدة بمقابلة بثت الأسبوع الماضي على قناة «الجزيرة» مع زعيم جبهة النصرة أبو محمد الجولاني، قدم خلالها تصريحات تصالحية إزاء الأقليات السورية، وقال إن معركته ليست مع الولايات المتحدة.
فالجولاني لم يتبرأ من تنظيم القاعدة، كما كان يأمل البعض، وهو الأمر الذي ربما فتح الطريق أمام تحالف تكتيكي. ويواصل خبراء أميركيون اعتبار الجولاني عدواً خطيراً والتحذير من التعاون مع مقاتليه. وهذا الأمر يُعقد التخطيط في الشمال السوري، حيث تتشارك جبهة النصرة مع جيش الفتح في غرف عمليات في إدلب وحلب.
وقد اكتسب تنظيم الدولة الإسلامية الكثير من الأرض في سورية والعراق في الآونة الأخيرة إلى درجة أن بعض الخبراء الاستراتيجيين في شؤون الشرق الأوسط ينادون الآن بالتحالف مع شر أقل وطأة، متمثلا في فصيل جبهة النصرة وجهاديين آخرين، من أجل وقف تنظيم الدولة الإسلامية. ويوضح مسؤول أميركي قائلا إن المنطق هو كالتالي «أولا تهزم هتلر، ومن ثم تهزم ستالين». ويقول محللون آخرون إن الضربة القاضية الجيدة والوحيدة هي من خلال تدخل عسكري تركي مدعوم بمساندة جوية أميركية.
ويبقى تركيز إدارة أوباما على التوصل إلى تسوية ديبلوماسية. ويرى مسؤولون أن موسكو وطهران سوف تريان في نهاية المطاف الكثير من الضغوط على الأسد من العديد من الجماعات الجهادية الخطيرة، وأنهما ستقبلان المفاوضات من أجل انتقال سياسي بعيداً عن النظام الحالي.
ويواصل مسؤولون أميركيون الأمل في أن يحدث مثل هذا التغيير في موقف روسيا وإيران. ولكن بعد مرور أربع سنوات على بدء هذه الحرب البشعة، فإن الأمل لا يعتبر استراتيجية. ومن المحزن أن الولايات المتحدة لم تؤسس حتى الآن قوة معتدلة وموثوق بها بحيث تستطيع ان تطيح بالأسد من على نقطة انقلاب الموازين وتحكم سورية بعد أن يذهب.
وفي التالي ترجمة للمقال:
يواجه نظام الرئيس السوري بشار الأسد حالياً ما يقول خبراء أميركيون إنها ضغوط هي الأكثر وطأة منذ بداية الصراع المستمر في بلاده منذ أربع سنوات. ويطرح هذا المأزق الضاغط الجديد بعض الخيارات الصارمة أمام الولايات المتحدة وروسيا وإيران وجيران سورية.
ويقول مسؤول في الاستخبارات الأميركية: «بناءً على خطوط التوجهات الحالية، فقد حان الوقت للبدء بالتفكير في مرحلة ما بعد الأسد في سورية». وحتى وقت قريب، كان محللون أميركيون قد حللوا الوضع هناك بأنه أقرب إلى وضعية اللاغالب واللامغلوب. ولكن طوال الشهر الماضي، بدأت مكاسب الثوار في شمال وجنوب سورية في ترجيح كفة الميزان لصالحهم.
ويرى مسؤولون أميركيون الضغوط المتصاعدة على الأسد من أربعة اتجاهات. فهناك تحالف جديد وفعال للثوار يعرف باسم «جيش الفتح» ومدعوم من جانب تركيا والسعودية وقطر، وهذا التحالف سيطر على محافظة إدلب أواخر الشهر الماضي. وتقاتل جبهة النصرة بشراسة جنباً إلى جنب مع هذا التحالف، وهي الجبهة التابعة لتنظيم القاعدة. كما أن الثوار المعتدلين، المعروفين باسم «الجبهة الجنوبية» المدعومة من جانب الولايات المتحدة والأردن، بدأوا أخيراً في تحقيق بعض المكاسب في جنوب سورية. ورابعا هناك تنظيم «الدولة الإسلامية» (داعش)، وهي المجموعة الأكثر شراسة بين الجميع، الذي ينتشر بعنفوان في شمال ووسط وشرق سورية.
ويقول الاستخباراتي الأميركي ذاته: «يواجه الأسد خيارات صعبة مع تصاعد الخسائر في ساحة المعركة». وكلما ازداد الضغط، فإن بعض أنصار الأسد يبدأون في اتخاذ احتياطاتهم. ويقال إن روسيا تقوم حاليا بإجلاء بعض رعاياها من اللاذقية مسقط رأس الأسد، في شمال غربي سورية. وفي الوقت نفسه، يُقال إن بعض الأشخاص من دائرة الأسد يسعون الى الحصول على تأشيرات للسفر إلى الخارج، وربما يستعدون لاحتمالية سقوط النظام.
وقد برز شعور المعركة المتصاعد في مقابلة أجريت عبر الهاتف الخميس الفائت مع النقيب إسلام علوش، الناطق باسم فصيل «جيش الإسلام»، وهو ينسق مع تحالف «جيش الفتح». وبعد الوصول هاتفيا إليه في موقع قال إنه يوجد بالقرب من حلب، أوضح النقيب علوش أن الثوار يتحركون الآن نحو اثنين من معاقل الأسد الرئيسية ألا وهما اللاذقية ودمشق. وقال: «ليس هناك شك في أن جيش الأسد أصبح أضعف».
ولكن هنالك ثمة كلمة للتنبيه حول هذا الحديث عن «نهاية اللعبة». فلقد بدا الأسد في ورطة في السابق، لكن تم انقاذه من جانب إيران ووكلائها. وعلى ما يبدو، فإن الرئيس الايراني حسن روحاني قام بتصعيد لهجته خلال هذا الأسبوع، معلناً أنه سيقف مع حكومة الأسد «حتى نهاية الطريق». وهذا يشير إلى أن طهران تدرك وجود ضغوط جديدة ولكنها لا تنوي التراجع. وتقول مصادر إن قوات إضافية تعمل بالوكالة لمصلحة إيران دخلت أخيرا سورية للمساعدة في دعم جبهات القتال.
وكذلك، فإن ضغط الثوار على الأسد يطرح بعض المشاكل الشائكة بالنسبة للولايات المتحدة. وذلك لأن العديد من مكاسب المعارك الأخيرة حققتها جماعات جهادية، وهي جماعات تعتبرها الولايات المتحدة متطرفة، مثل جبهة النصرة وتنظيم الدولة الإسلامية. ويخشى بعض المسؤولين من أنه إذا سقط الأسد، فإن هذه الجماعات المتطرفة ستنطلق لملء الفراغ، وهو الأمر الذي سيجعل المنطقة أكثر اضطرابا مما هي عليه الآن.
وترفض الولايات المتحدة التعاون مع جبهة النصرة، معتبرةً الجبهة عصابة من أتباع تنظيم القاعدة «العاصين»، وذلك رغم أنه يقال إن المجموعة تتلقى دعماً غير مباشر من تركيا وقطر. ولم يقتنع مسؤولو الولايات المتحدة بمقابلة بثت الأسبوع الماضي على قناة «الجزيرة» مع زعيم جبهة النصرة أبو محمد الجولاني، قدم خلالها تصريحات تصالحية إزاء الأقليات السورية، وقال إن معركته ليست مع الولايات المتحدة.
فالجولاني لم يتبرأ من تنظيم القاعدة، كما كان يأمل البعض، وهو الأمر الذي ربما فتح الطريق أمام تحالف تكتيكي. ويواصل خبراء أميركيون اعتبار الجولاني عدواً خطيراً والتحذير من التعاون مع مقاتليه. وهذا الأمر يُعقد التخطيط في الشمال السوري، حيث تتشارك جبهة النصرة مع جيش الفتح في غرف عمليات في إدلب وحلب.
وقد اكتسب تنظيم الدولة الإسلامية الكثير من الأرض في سورية والعراق في الآونة الأخيرة إلى درجة أن بعض الخبراء الاستراتيجيين في شؤون الشرق الأوسط ينادون الآن بالتحالف مع شر أقل وطأة، متمثلا في فصيل جبهة النصرة وجهاديين آخرين، من أجل وقف تنظيم الدولة الإسلامية. ويوضح مسؤول أميركي قائلا إن المنطق هو كالتالي «أولا تهزم هتلر، ومن ثم تهزم ستالين». ويقول محللون آخرون إن الضربة القاضية الجيدة والوحيدة هي من خلال تدخل عسكري تركي مدعوم بمساندة جوية أميركية.
ويبقى تركيز إدارة أوباما على التوصل إلى تسوية ديبلوماسية. ويرى مسؤولون أن موسكو وطهران سوف تريان في نهاية المطاف الكثير من الضغوط على الأسد من العديد من الجماعات الجهادية الخطيرة، وأنهما ستقبلان المفاوضات من أجل انتقال سياسي بعيداً عن النظام الحالي.
ويواصل مسؤولون أميركيون الأمل في أن يحدث مثل هذا التغيير في موقف روسيا وإيران. ولكن بعد مرور أربع سنوات على بدء هذه الحرب البشعة، فإن الأمل لا يعتبر استراتيجية. ومن المحزن أن الولايات المتحدة لم تؤسس حتى الآن قوة معتدلة وموثوق بها بحيث تستطيع ان تطيح بالأسد من على نقطة انقلاب الموازين وتحكم سورية بعد أن يذهب.