«المسرح الشعبي» و«بيليشيا الإيطالية» توهجا في خامس ليالي مهرجان المونودراما

«ويبقى هو» تغوص في النفس البشرية ... وحدباء هزمت «ريتشارد الثالث»

تصغير
تكبير
فتاة حدباء، لكنها حسناء ممشوقة القوام، وفي غاية المكر والدهاء.

لا تقبل أن تكون مثاراً للسخرية، لكي تتعالى قهقهات رجال السلطة الطغاة بسبب «حدبتها»، بل هي من جعلتهم أضحوكة بين أباطرة المال والنبلاء في الحفل الذي جمعهم، عندما جسدت لهم شخصية رأس الفساد، الحاكم الانجليزي المستبد (ريتشارد الثالث) ليكون مسخرة الحفل، إزاء بطشه وتجبره.

هذا هو موضوع مونودراما «ريتشارد الثالث»، التي قدمتها فرقة «بيشيليا» الإيطالية في خامس ليالي مهرجان الكويت للمونودراما، والتي تم خلالها أيضا عرض مونودراما «ويبقى هو»، لفرقة المسرح الشعبي.

البداية كانت مع «ريتشارد الثالث»، من تأليف وليم شكسبير وإخراج الفنان عبد العزيز الحداد، وتمثيل الفنانة الإيطالية أنجيلا، والتي بدا لافتاً فيها استخدام المخرج عبد العزيز الحداد مهاراته وخبرته كممثل، في جعل خشبة المسرح غنية بالديكور والأزياء والإضاءة والسينوغرافيا.

وسهلت رشاقة الممثلة أنجيلا المهمة، حيث تمتعت بلياقة عالية وتلونت في كل الشخصيات التي قدمتها، وشكّل التعاون الكويتي الإيطالي نقطة ضوء جديدة في مسرح المونودراما، وربما يؤسس لتعاون أكبر في المستقبل، وهذا من أهم أهداف وفوائد المهرجان.

ندوة نقاشية

أعقب العرض ندوة نقاشية أدارتها الإعلامية غادة الرزوقي، بحضور المخرج الفنان عبد العزيز الحداد، وبطلة المسرحية إنجيلا، واستهلتها الرزوقي، مشددة على أهمية فن المونودراما الذي بدأ يزدهر في الكويت، مثمنة دور المهرجان في هذا الإطار.

وفي أول تعقيب على العرض، رأى عدنان الصالح أن الديكور كان جيدا، ولكنه كان بعيداً إلى حد ما عن المسرح.

من جانبه، أشاد طالب البلوشي بالممثلة، مؤكدا أنها تمتلك قدرات تمثيلية عالية، وتمثل بكل حواسها.

واعترض المخرج عبد العزيز الحداد على فكرة وجود شاشة للترجمة، لأن المسرح يعتمد على تعبيرات وجه الممثل، وأنجيلا استطاعت أن تقدم ما لديها بالرغم من ألمها لسقوطها على الخشبة وسقوط قطع الديكور عليها.

أما الفنانة الإيطالية أنجيلا، فقالت أن كل ما تم تقديمه على خشبة المسرح كان مقصوداً، مبررة ظهورها حافية القدمين لتعطي دلالتها بأنها لا تمتلك شيئا على الإطلاق، فضلاً عن تجسيد حالة التشوه الداخلي والخارجي لشخصية «ريتشارد الثالث».

«ويبقى هو»

أما مونودراما «ويبقى هو»، التي قدمتها فرقة المسرح الشعبي، من إخراج أنعام سعود، وتمثيل علي ششتري، فقد استطاعت مؤلفتها دلال البطي في أول تجاربها، أن تتطرق إلى موضوع الأمراض النفسانية التي تصيب الإنسان، وهي لا تأتي عبثاً، وإنما لا بد لها من أسباب، فثمة قصص وحواديت صغيرة قد تؤدي بالشخصية إلى الانهيار النفسي، من اكتئاب بسبب خلل في المزاج، أو وسواس قهري يتمثل في ورود أفكار وخواطر على ذهن الإنسان رغماً عنه، أو شيزوفرينيا (انفصام الشخصية).

إذ يستحضر مريض نفسي في كل نهار مواقف من حياته، أدت به إلى هذه الأمراض النفسانية، وفي نهاية النهار ينهار تماماً، كالإنسان الميت، إلى أن تظهر شمس نهار يوم آخر، فيعيد الكرة نفسها.

النص من النوع الفلسفي، ويتناول العديد من القضايا، منها كرامة الإنسان الضائعة في زمن الانحدار، وتسلط السلطة، مشكلة المرأة، الانحصار في العادات والتقاليد، حيث يحظر على الإنسان الفكاك منها أو حتى اختراقها.

ونجحت المخرجة أنعام سعود باقتدار في تقديم رؤيتها الإخراجية، وقدمت سينوغرافيا رائعة على مدار 45 دقيقة هي عمر العرض.

أما الممثل علي ششتري فكان مفاجأة، حيث استطاع التلوين والتنقل من حالة نفسانية إلى أخرى.

ندوة العرض

وأعقب العرض ندوة تطبيقية، أدارها توفيق بخوش الذي أفسح المجال للمشاركين للتعقيب، حيث استهل الناقد حسام عبد الهادي التعقيبات، قائلاً: «نحن أمام نص فلسفي وصوفي، يحمل فكراً درامياً مبتكراً وبعداً إنسانياً عميقاً»، مثمناً التجربة التي أثرت المهرجان، ومتمنياً أن تكون هناك تجارب أخرى مشابهة. كما أشاد المخرج والمؤلف والممثل طالب البلوشي بالأداء الفني، وعبر الناقد عبد المحسن الشمري عن تقديره لدور المسرح الشعبي، وأشاد الدكتور كامل الفراج بالعرض، مثمنا بشكل خاص أداء الششتري.

وبينما رأى الأديب طالب الرفاعي أن مشهد الصوفية أثقل النص وأفقد المونودراما فاعليتها، رأت الأديبة ليلى العثمان أن الكاتبة دلال البطي حريصة ولديها بوادر موهبة، مشيدة بالإخراج، ومشجعة الشباب على أن يضعوا بصمتهم في هذه الفعاليات.

وأعربت الفنانة هدى الخطيب عن سعادتها بالغزو النسائي المسرحي، لكنها لم تخف شعورها بحالة الملل التي أفقدتها متعة الانسجام مع العرض.
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي