عبدالعزيز صباح الفضلي / رسالتي

إمام الحرم... و«عاصفة الحزم»

تصغير
تكبير
ما زال الشيخ الدكتور سعود الشريم إمام وخطيب المسجد الحرام يُتحفنا بين فترة وأخرى بخُطبِهِ البليغة وعباراته المؤثرة الصادقة، والتي يتلمس من خلالها هموم الأمة كلها وليس بلاد الحرمين الشريفين فقط - وهي جديرة بالاهتمام - مما جعله محل تقدير واحترام عند مئات الملايين من شعوب الأمة العربية والإسلامية.

ولقد أبدع الشيخ في آخر خطبة في الحرم حينما بيّن مكانة المسجد الحرام، والأطماع التي تعرض لها عبر تاريخنا الإسلامي، والتي كان منها جريمة القرامطة الطائفيين والذين قال عنها:«وقد استباحه المفسدون من قبل في شهر حرام إبان القرن الرابع الهجري، فاستحلوا دماء الحجيج وقتلوا منهم نحواً من ثلاثين ألفا بعضهم بين الصفا والمروة، وخلعوا باب الكعبة وسلبوا كسوتها واقتلعوا الحجر الأسود من مكانه فغيّبوه قرابة عشرين عاما، حتى أعاده الله بفضله وكرمه إلى مكانه».


وقد ألمح الشيخ الشريم خلال خطبته إلى الخطر المحدق القادم من قبل بعض العابثين والذين يدفعهم الحقد والحسد، والبعد الطائفي كي ينالوا من مكانة الحرمين أو من يقوم برعايتها، وقال عن وعي بلاد الحرمين لتلك الأخطار:«وهي تدرك أن ثمة متربصين يرغون عليها ويزبدون ويشوشون تجاهها ويهوشون ويمكرون بأمنها مكرا كبارا يتولى كبرهم فيها مد طائفي ويعينه عليهم قوم آخرون، قد أوهموا أنفسهم أن بلاد الحرمين ليست للدفاع عن نفسها أهلا ولا للشدائد فصلا، حتى خوفوا الناس من دهياء مظلمة يستهدفون من خلالها عقيدتها وثوابتها ومقدساتها».

ولهذا رأى الشيخ الشريم بأن إقدام بلاد الحرمين على «عاصفة الحزم» إنما هي غضبة حليم لم يُبْقِ له سفه السافهين حلما، وحكمة صبور لم يدع له تهديد الحاقدين في قوسه منزعا، فكان لسان حالها قول القائل: «أخو الحرب إن عضت به الحرب عضها، وإن شمرت عن ساقها الحرب شمرا».

وأكد الشريم على أن «عاصفة الحزم» إنما هي «نزال واجب يمليه الضمير الحي، وهبة فرسان يحمون الحرمين الشريفين يدركون مكانة أرض اليمن أرض الإيمان والحكمة وما حل بأهلها من بغي وخروج بطائفية مقيتة تأكل الأخضر واليابس، فكانت (عاصفة الحزم) لجاما للمتهورين المغرورين وحماية للحرمين الشريفين أن تطالهما أيدي الطامعين العابثين ونصرة المظلومين المستضعفين في بلد الحكمة والإيمان».

ثم أنشد الشيخ أبيات شعر قائلا:

العصف أبلغ إيضاحاً من الخطب

والحزم دلّ على ساداتنا النجب

قد خان موطننا رغم الجوار يدٌ

كنّا نصافحها باللطف والأدب

كنّا نكافئها باللين لا خوَراً

حتى غدت حسداً حمالة الحطب

فامتد فوق سماء الحزم أجنحةٌ

مثل النسور تُرى في الجو كالسحب

يحمون كعبة من ذُلّ العباد له

لم يُثنهم رُهب فالكل كالشهب

فامضوا على ثقة بالله إن لكم

من عنده مدداً يُفضي إلى الأرب

نسأل الله تعالى أن يحمي بلاد الحرمين من الطامعين والعابثين، وأن ينزل على أهل اليمن الأمن والأمان، وأن يخلصهم من عصابة الغدر والخيانة، وأن ينصر أهل الحق في جميع بلاد المسلمين.

Twitter:@abdulaziz2002
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي