«جاك الموت ...»

تصغير
تكبير
«جاءك الموت يا تارك الصلاة»... ربما تردد هذا المثل في عقل مدرب منتخب الكويت لكرة القدم التونسي نبيل معلول قبل لقاء كولومبيا الودي اليوم على استاد العاصمة الاماراتية ابوظبي لا سيما بعد النتيجة الكاسحة التي ضرب بها المنتخب الاميركي الجنوبي مضيفه البحريني بسداسية نظيفة قاسها البعض ليس بالاهداف وانما بمقياس الزلازل «ريختر».

الكويت ستواجه اليوم منتخباً غير عادي في أدائه وسلوكه وطموحه، فقد يعتبر المباراة الودية بمثابة الرسمية، لا مانع لديه من الفوز بسداسية أو أكثر، فالمتعة لديه تتعدى الحدود، ولا يبالي إن كان خصمه ضعيفاً أو قوياً، المهم لديه المتعة قبل الفوز، كما انه قد يهزم نفسه بنفسه نتيجة «جنون» ومزاج لاعبيه.

لا يختلف اثنان على أن كولومبيا من المنتخبات العالمية القوية، سجلت حضورا مميزا فى كأس العالم الماضية 2014 في البرازيل، قبل أن تخرج بنتيجة 1-2 أمام صاحبة الارض والجمهور في الدور ربع النهائي.

نبيل معلول - الذي التمس له الكثيرون العذر بـ«صفر» الامم الاسيوية في استراليا لكونه تسلم تدريب منتخب الكويت من «الدار للنار» - يراقص «الرعب» اليوم في اول اختبار حقيقي لقدراته ولاختياراته وبصماته ولمساته.

بالطبع ليس المطلوب منه ان يقهر المنتخب الكولومبي ويثأر للشقيقة البحرين وانما على الاقل ان يخرج بنتيجة مشرفة فيها اقل الاهداف وادنى الاضرار النفسية لجماهير «الازرق» التي تفاءلت به كثيرا.

على معلول أن يدرك حجم الهزيمة السداسية للبحرين، ويعرف كيف يتعامل بواقعية مع جنون منتخب كولومبيا الذي يضم نجوماً بالجملة أبرزهم على الاطلاق راداميل فالكاو نجم مانشستر يونايتد الانكليزي، وكارلوس باكا وادريان راموس ويوهان موخيكا واندريس رينتريا وخوان كوادرادو، وان كان يفتقد الى خدمات نجمه خاميس رودريغيز نجم ريال مدريد الاسباني وهداف مونديال 214 بستة أهداف.

اللقاء ودي وليس رسمياً لكن نلتمس من خلاله اعادة الاعتبار للكرة الخليجية بعد السداسية المذلة، فمن غير المعقول أن تتلقى شباك «الازرق» نفس أو أكثر مما سجله الكولومبيون في المرمى البحريني. يفترض بمعلول أن يكون قد أعدّ العدّة ورتّب أوراقه بشكل جيد قبل المواجهة الكبيرة.

على معلول أن يستوعب الدرس الذي لم يستوعبه ناصر جوهر مدرب منتخب السعودية في مونديال 2002 في كوريا الجنوبية واليابان.

جوهر لم يأخذ على محمل الجد هزيمة الكويت أمام مضيفتها ألمانيا بسباعية نظيفة في مباراة ودية قبل انطلاق المونديال. ربما اعتقد بأن الامر يعود الى حالة الكويت السيئة وأن قيادته لـ«الأخضر» امام ألمانيا نفسها في الدور الاول من كأس العالم ستكون مختلفة لكنه صعق بثمانية أهداف من الـ«مانشافت» دقت مرمى حارسه العملاق محمد الدعيع.

حال كولومبيا من حال المنتخبات الأميركية الجنوبية التي تعتبر كرة القدم اكثر من مجرد لعبة ونتائج. هي بمثابة الاوكسيجين الذي يتنفسون منه الحياة. تجد فيهم الموهبة الفطرية في ممارسة اللعبة الشعبية الاولى في العالم.

نتذكر الحادثة الشهيرة المؤلمة التي أعقبت الخروج المذل لكولومبيا من مونديال 1994 في الولايات المتحدة الاميركية بعد ان رشحها النقاد وساحر الكرة البرازيلي بيليه قبل انطلاق «العرس العالمي» لتحقيق اللقب خصوصا بعد تزعهما تصفيات قارة أميركا الجنوبية وإلحاقها هزيمة كاسحة بالأرجنتين بخماسية نظيفة، فقد دفع مدافعها اندرياس اسكوبار حياته ثمنا للتعصب الكروي في بلاده، فقتل بعد خروج كولومبيا وكانت جريمته انه سجل هدفا عن طريق الخطأ في مرمى فريقه.

في كولومبيا ايضا نوعية من اللاعبين الذين يخرجون عن المألوف، ولا يمكن اغفال «الحركات» المثيرة لحارسه الشهير خوسيه رينيه هيغيتا الذي كان يتقدم دون هوادة تاركاً مرماه الى ان أوقف النجم الكاميروني الشهير روجيه ميلا مغامرته عندما انتزع منه الكرة في احدى الطلعات ليسجل هدفا عزيزا في مرماه ووضعه عند حده في مونديال 1990 في إيطاليا.

كولومبيا نفسها اشتهرت بكارلوس فالديراما صاحب التسريحة الغريبة في التسعينيات. كان صانع ألعابها ومدبرها وفاتح كل الابواب المغلقة. لم يكن من الممكن ان تمر الكرة إلا عن طريقه. كان هو كولومبيا ورمزها الكروي الذي تفتخر به.

معلول واللاعبون اليوم أمام مهمة شبه مستحيلة لفرض واقع يجعل منتخب كولومبيا يعود من أبوظبي بذكريات تختلف كثيرا عن ذكريات المنامة.
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي