عبدالعزيز صباح الفضلي / رسالتي

زوال فرعون

تصغير
تكبير
استغرب كيف لشعب من الشعوب أن يقبل بالذل والهوان، أو يستسلم لظالم أو طاغية، وهو يعلم بأن هذا الظالم مهما أوتي من قوة، ومهما مارس من بطش، ومهما بلغ سلطانه، فلن يقارن بما كان تحت فرعون من سلطة وإمكانات: جنود، سحرة، كنوز، أموال، ثروات طبيعية، ومع ذلك كيف كان مصيره؟ وما هي نهايته؟

إذا أراد أي فرد من الأمة أن يرى نهاية الظالمين فما عليه سوى التأمل في آيات القرآن وهي تتحدث عن هلاك الظالمين بمجرد أن يصدر الأمر الإلهي بزوالهم، وأحيانا يأتي الهلاك من حيث لم يحتسبوا، وأحيانا أخرى من الجهة التي كانوا يحذرونها، وانظر وتأمل كيف كان فرعون يقتّل أطفال بني إسرائيل خوفا من أن يأتي الوليد الذي رآه في المنام يهدد ملكه، وإذ بهذا الغلام يقوم فرعون بنفسه برعايته فينفق عليه من ماله ويربّيه داخل قصره.


وإذا أردت أن تعرف سبب استمرار بعض الظالمين في استباحة الدماء والأعراض، دون أن تكون هناك معارضة تُذكر فإني أدعوك إلى أن تتأمل ما كتبه الشهيد بإذن الله سيد قطب في كتابه الرائع «في ظلال القرآن» وهو يفسر آيات من كتاب الله وردت في سورة النازعات وهي تتحدث عن طغيان فرعون إذ يقول: «فما يخدع الطغاة شيء قدر ما تخدعهم غفلة الجماهير وذلتها وطاعتها وانقيادها.

وما الطاغية إلا فرد لا يملك في الحقيقة قوة ولا سلطانا، إنما هي الجماهير الغافلة الذلول، تُمطي له ظهرها فيركب!، وتمد له أعناقها فيجُر! وتُحني له رؤوسها فيستعلي!، وتتنازل له عن حقها في العزة والكرامة فيطغى!

والجماهير تفعل هذا مخدوعة من جهة، وخائفة من جهة أخرى، وهذا الخوف لا ينبعث إلا من الوهم.

فالطاغية - وهو فرد - لا يمكن أن يكون أقوى من الألوف والملايين، لو أنها شعرت بإنسانيتها وكرامتها وعزتها وحريتها.

وكل فرد فيها هو كفء للطاغية من ناحية القوة ولكـــن الطاغيـــــة يخدعــــها فــــيوهمها أنه يملك لها شيئا!، وما يمكن أن يطغى فرد في أمة كريمة أبدا، وما يمكن أن يطــغى فرد في أمة رشـــــــيدة أبدا، ومــــا يمكن أن يطـــغى فرد في أمة تعرف ربـــها وتــــؤمـــن به وتــأبى أن تتعبد لواحد من خلقـــه لا يملك لها ضـــــرا ولا رشـــدا!

فأما فرعون فوجد في قومه من الغفلة ومن الذلة ومن خواء القلب من الإيمان، ما جرؤ به على قول هذه الكلمة الكافرة الفاجرة: (أنا ربكم الأعلى)..

وما كان ليقولها أبدا لو وجد أمة واعية كريمة مؤمنة، تعرف أنه عبد ضعيف لا يقدر على شيء، وإن يسلبه الذباب شيئا لا يستنقذ من الذباب شيئا» ! انتهى كلامه رحمه الله.

ولذا نقــــول لكل مســـــلم موحـــــد: أصـــــدق فــــي تحقـــــيق الوحدانيـــــة فـــــي قلب، يسقط كل ظالم يقف في وجهك.

Twitter:@abdulaziz2002
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي