الرأي اليوم / ارحل... ارحل يا مرزوق !


في تجمع ساحة الإرادة الأخير والذي بدا واضحاً الجهة الحزبية التي تولّت تنظيمه وتحديد مساره، خرجت مجموعة قليلة جداً وسارت في تظاهرة صغيرة مخالفة لتوجهات رموز كبار في المعارضة، وتوجّهت إلى مجلس الأمة «المنتخب» من الشعب وهتفت:«ارحل ارحل يا مرزوق».
التجمع في ساحة الإرادة أصلاً كان للتضامن مع مسلم البراك ورفاقه الذين صدرت ضدهم أحكام قضائية، ولم يكن لبحث أداء النواب ورئيسهم، ولا علاقة أساساً لمجلس الأمة بالأحكام القضائية ولا بنتائجها ولا بتبعاتها... لكن هناك من أصرّ على تحويل المسار كاشفاً بشكل مبكر عن نواياه في حرف الأنظار عن قضية يفترض أنها إنسانية وطنية وليست للتجارة وتحويلها إلى تصفية حسابات مع آخرين.
وإذ تُشكر الجهة الحزبية التي أزالت القناع عن وجهها مبكراً واستخدمت عدداً محدوداً جداً من الشباب أدوات في مخططاتها الجديدة – القديمة، وأوهمتهم أن معركتهم هي مع الناس الذين انتخبوا بخيارهم الحر ممثليهم إلى مجلس الأمة، إلا أننا نعتقد أن هذه الجهات تعيش النزع الأخير من الحضور وقد يأتي يوم تلاحقها فيه (...) الشباب الذين استخدمتهم قبل أن تلاحقها لعناتهم.
ارحل يا مرزوق...
طبعاً ارحل، فأنت لست مثل بعضهم... مثل الذين تدثروا بغطاء الفاسدين وجعلوا انفسهم مطيّة لهم ودافعوا عنهم وسخّروا كل قدراتهم وإمكاناتهم لنصرتهم وشتيمة خصومهم ثم عندما انكشف الغطاء واستغنى عنهم «معازيبهم» ذهبوا إلى خصومهم تائبين مدعين أن ضمائرهم (أو ما بقي منها) استيقظت وأن مظلة المعارضة يمكن أن تقيهم من (...) الناس بعدما كان الناس عندما (...) عليهم يعتقدون أن الدنيا تمطر.
ارحل يا مرزوق...
أكيد يجب أن ترحل، فأنت لست مثل بعضهم، وأقصد جهة حزبية بعينها كانت تتمتع بحرية حركة لم تعرفها في دول أخرى وكان أولياء الأمر يساعدونها ويفتحون لها كل دروب العمل والتقدم والانتشار، وعندما انكشفت مواقفهم خلال الغزو حظوا بالسماح والتسامح،لأن البلد بعد التحرير كان بحاجة للملمة الجراح لا للانقسام، ثم عادوا الكرة بشكل أقسى وتصدروا مشهد التغيير تنظيماً وشعارات وإمكانات منتعشين بتجارب أقرانهم في دول أخرى، وعندما سقطوا في الامتحان ذهبوا إلى أولياء الأمور يستعطفون ويعتذرون ويطالبون بصفحة جديدة... وذهبوا حتى إليك يا مرزوق طالبين المساعدة في فتحها من باب أن الوطن يحتاج إلى الجميع ولا يحتمل إقصاء أحد وتصرّفت بنبل كعادتك حتى أتتك سهامهم قبل صياح الديك على شكل هتافات... ارحل.
يجب أن ترحل، فأنت المسؤول أيضاًعن وضع مشروع للمعارضة نسيه أصحابه بعد الإعلان عنه بدقائق.
أنت المسؤول عن الخلافات التي نشبت بين أقطابهم وعن حملات التخوين والاتهامات المتبادلة بينهم.
أنت المسؤول عن زج الشباب في معارك مضرة وغير مفيدة ووضعهم في الواجهة ثم الهرب عند المواجهة.
أنت المسؤول عن كل الخطابات والممارسات المتجاوزة للقانون وعن اقتحام المتظاهرين الأسواق والشوارع في رمضان والإساءة إلى صورة الحراك السلمي.
وأنت المسؤول عن فبركة شرائط وتركيب أصوات وتزوير مستندات بطريقة تدعو إلى السخرية والحزن والأسى على المستوى الذي وصل إليه بعضهم من باب الاستعجال والأحقاد والانتقامات وتصفية الحسابات.
صدقت حفنة المتظاهرين والجهات التي تحركهم، ويجب أن ترحل، لأنك أقسمت على صيانة الدستور وعلى حفظه وصونه وعدم تجاوزه، وغيرك رفع شعار «إلا الدستور» في كل عبارة، وعندما سيطرت غالبية من لون معين على مجلس الأمة شرعت في إعداد مشروع لإحداث تعديلات على الدستور حسب حصص ومصالح التيارات السياسية المنضوية، ولو لم يحدث التدخل من القيادة في الوقت المدروس لكانت مقترحات التعديلات الدستورية أوصلتنا إلى نصف دولة «داعش» في أفضل الأمور... وتريد ألا ترحل؟
ولِمَ لا ترحل؟ أنت كنت في قلب حركة الإصلاح والاعتراض استناداً إلى مشروع حضاري سياسي تحت سقف الدستور والقوانين، وانسجمت مع نفسك وخطك وأنصارك عندما رفضت المشاركة في الانتخابات قبل أن تقول المحكمة الدستورية كلمتها في مشروعية الصوت الواحد، ثم شاركت في الانتخابات وغيرك شارك وآخرون لم يشاركوا، وهؤلاء الآخرون الذين خوّنوك وصنّفوك ونصّبوا أنفسهم أولياء على البشر وموزعي صكوك الوطنية على هذا وذاك نتيجة الغرور الأعمى... هؤلاء يستجدون اليوم لقاءات مراجع عليا للعودة إلى الساحة السياسية من أبوابها الدستورية، بل تريد غالبيتهم المشاركة في الانتخابات المقبلة على قاعدة الصوت الواحد ويفكرون فقط في مخارج للإحراج أمام ناخبيهم... والأيام بيننا.
عليك أن ترحل، فأنت لم تطلق العَنان للحناجر كي تصدح وتشتم وتهاجم وأسميت ذلك «مشروعاً وطنياً تنموياً»، بل ذهبت إلى الناس تسأل عن أولوياتهم، وذهبت إلى المشاريع ترصد التجاوزات والمعوقات، وذهبت إلى المشاكل الحياتية والإسكانية مباشرة... طبعاً لن تحصد النتائج اليوم أو غداً لا في الكويت ولا في غيرها، لكنك وضعت القطار على سكة أخرى غير السكك التي تحمل قطارات تطلق الكثير من الأدخنة والأبواق لكنها تبقى في مكانها لا تتحرك.
ارحل يا مرزوق الغانم، وواصل الرحيل يداً بيد مع الناس وقضاياهم، وتابع الرحلة، سيفاً تشريعياً ورقابياً ضد الفساد. شراسة في الدفاع عن المال العام ومرونة في التعاون لتسيير قطار الإنجاز... وليبقوا هم «حضورهم» الصوتي المتضائل، ومشاريعهم الفاشلة، ومعاركهم الوهمية التي بدأت ضد سلطة لها ما لها من أخطاء وانتهت ضد بعضهم البعض.
قلتها مراراً وأكررها، الكويت بلا ديموقراطية تعني حزب البعث... ويبدو أن حزب البعث بدأ يتجسد في من يدّعون أنهم حماة الحرية. وللتذكير فقط، فـ «الحرية» واحدة من شعارات البعث.
جاسم مرزوق بودي
التجمع في ساحة الإرادة أصلاً كان للتضامن مع مسلم البراك ورفاقه الذين صدرت ضدهم أحكام قضائية، ولم يكن لبحث أداء النواب ورئيسهم، ولا علاقة أساساً لمجلس الأمة بالأحكام القضائية ولا بنتائجها ولا بتبعاتها... لكن هناك من أصرّ على تحويل المسار كاشفاً بشكل مبكر عن نواياه في حرف الأنظار عن قضية يفترض أنها إنسانية وطنية وليست للتجارة وتحويلها إلى تصفية حسابات مع آخرين.
وإذ تُشكر الجهة الحزبية التي أزالت القناع عن وجهها مبكراً واستخدمت عدداً محدوداً جداً من الشباب أدوات في مخططاتها الجديدة – القديمة، وأوهمتهم أن معركتهم هي مع الناس الذين انتخبوا بخيارهم الحر ممثليهم إلى مجلس الأمة، إلا أننا نعتقد أن هذه الجهات تعيش النزع الأخير من الحضور وقد يأتي يوم تلاحقها فيه (...) الشباب الذين استخدمتهم قبل أن تلاحقها لعناتهم.
ارحل يا مرزوق...
طبعاً ارحل، فأنت لست مثل بعضهم... مثل الذين تدثروا بغطاء الفاسدين وجعلوا انفسهم مطيّة لهم ودافعوا عنهم وسخّروا كل قدراتهم وإمكاناتهم لنصرتهم وشتيمة خصومهم ثم عندما انكشف الغطاء واستغنى عنهم «معازيبهم» ذهبوا إلى خصومهم تائبين مدعين أن ضمائرهم (أو ما بقي منها) استيقظت وأن مظلة المعارضة يمكن أن تقيهم من (...) الناس بعدما كان الناس عندما (...) عليهم يعتقدون أن الدنيا تمطر.
ارحل يا مرزوق...
أكيد يجب أن ترحل، فأنت لست مثل بعضهم، وأقصد جهة حزبية بعينها كانت تتمتع بحرية حركة لم تعرفها في دول أخرى وكان أولياء الأمر يساعدونها ويفتحون لها كل دروب العمل والتقدم والانتشار، وعندما انكشفت مواقفهم خلال الغزو حظوا بالسماح والتسامح،لأن البلد بعد التحرير كان بحاجة للملمة الجراح لا للانقسام، ثم عادوا الكرة بشكل أقسى وتصدروا مشهد التغيير تنظيماً وشعارات وإمكانات منتعشين بتجارب أقرانهم في دول أخرى، وعندما سقطوا في الامتحان ذهبوا إلى أولياء الأمور يستعطفون ويعتذرون ويطالبون بصفحة جديدة... وذهبوا حتى إليك يا مرزوق طالبين المساعدة في فتحها من باب أن الوطن يحتاج إلى الجميع ولا يحتمل إقصاء أحد وتصرّفت بنبل كعادتك حتى أتتك سهامهم قبل صياح الديك على شكل هتافات... ارحل.
يجب أن ترحل، فأنت المسؤول أيضاًعن وضع مشروع للمعارضة نسيه أصحابه بعد الإعلان عنه بدقائق.
أنت المسؤول عن الخلافات التي نشبت بين أقطابهم وعن حملات التخوين والاتهامات المتبادلة بينهم.
أنت المسؤول عن زج الشباب في معارك مضرة وغير مفيدة ووضعهم في الواجهة ثم الهرب عند المواجهة.
أنت المسؤول عن كل الخطابات والممارسات المتجاوزة للقانون وعن اقتحام المتظاهرين الأسواق والشوارع في رمضان والإساءة إلى صورة الحراك السلمي.
وأنت المسؤول عن فبركة شرائط وتركيب أصوات وتزوير مستندات بطريقة تدعو إلى السخرية والحزن والأسى على المستوى الذي وصل إليه بعضهم من باب الاستعجال والأحقاد والانتقامات وتصفية الحسابات.
صدقت حفنة المتظاهرين والجهات التي تحركهم، ويجب أن ترحل، لأنك أقسمت على صيانة الدستور وعلى حفظه وصونه وعدم تجاوزه، وغيرك رفع شعار «إلا الدستور» في كل عبارة، وعندما سيطرت غالبية من لون معين على مجلس الأمة شرعت في إعداد مشروع لإحداث تعديلات على الدستور حسب حصص ومصالح التيارات السياسية المنضوية، ولو لم يحدث التدخل من القيادة في الوقت المدروس لكانت مقترحات التعديلات الدستورية أوصلتنا إلى نصف دولة «داعش» في أفضل الأمور... وتريد ألا ترحل؟
ولِمَ لا ترحل؟ أنت كنت في قلب حركة الإصلاح والاعتراض استناداً إلى مشروع حضاري سياسي تحت سقف الدستور والقوانين، وانسجمت مع نفسك وخطك وأنصارك عندما رفضت المشاركة في الانتخابات قبل أن تقول المحكمة الدستورية كلمتها في مشروعية الصوت الواحد، ثم شاركت في الانتخابات وغيرك شارك وآخرون لم يشاركوا، وهؤلاء الآخرون الذين خوّنوك وصنّفوك ونصّبوا أنفسهم أولياء على البشر وموزعي صكوك الوطنية على هذا وذاك نتيجة الغرور الأعمى... هؤلاء يستجدون اليوم لقاءات مراجع عليا للعودة إلى الساحة السياسية من أبوابها الدستورية، بل تريد غالبيتهم المشاركة في الانتخابات المقبلة على قاعدة الصوت الواحد ويفكرون فقط في مخارج للإحراج أمام ناخبيهم... والأيام بيننا.
عليك أن ترحل، فأنت لم تطلق العَنان للحناجر كي تصدح وتشتم وتهاجم وأسميت ذلك «مشروعاً وطنياً تنموياً»، بل ذهبت إلى الناس تسأل عن أولوياتهم، وذهبت إلى المشاريع ترصد التجاوزات والمعوقات، وذهبت إلى المشاكل الحياتية والإسكانية مباشرة... طبعاً لن تحصد النتائج اليوم أو غداً لا في الكويت ولا في غيرها، لكنك وضعت القطار على سكة أخرى غير السكك التي تحمل قطارات تطلق الكثير من الأدخنة والأبواق لكنها تبقى في مكانها لا تتحرك.
ارحل يا مرزوق الغانم، وواصل الرحيل يداً بيد مع الناس وقضاياهم، وتابع الرحلة، سيفاً تشريعياً ورقابياً ضد الفساد. شراسة في الدفاع عن المال العام ومرونة في التعاون لتسيير قطار الإنجاز... وليبقوا هم «حضورهم» الصوتي المتضائل، ومشاريعهم الفاشلة، ومعاركهم الوهمية التي بدأت ضد سلطة لها ما لها من أخطاء وانتهت ضد بعضهم البعض.
قلتها مراراً وأكررها، الكويت بلا ديموقراطية تعني حزب البعث... ويبدو أن حزب البعث بدأ يتجسد في من يدّعون أنهم حماة الحرية. وللتذكير فقط، فـ «الحرية» واحدة من شعارات البعث.
جاسم مرزوق بودي