الرواية لا تزال في غرفته المظلمة

مواجهة / «فئران» السنعوسي... والفرار من مصيدة «الرقيب»

u0633u0639u0648u062f u0627u0644u0633u0646u0639u0648u0633u064a
سعود السنعوسي
تصغير
تكبير
حذرت «الراي» عبر صفحتها الثقافية- في أعدادها السابقة- الرقابة، من خطورة أن يأتي منع الكتب في سياق مبتور، لا يعبر أبدا عن روح الإبداع، ولا ينتمي- بأي حال من الأحوال- إلى ما تشهده الحياة من اندفاع محموم نحو فضاء لا يعترف برقيب أو أوصياء... يندفع بقوة التعبير الحر، الذي قد يصل إلى حد أذية الآخرين، وعــدم الاعتراف بخصوصياتهـــــم، ومع ذلـــــك فإن التعامل مع هذا الاندفاع لا يكون بتجاهله، أو ملاحقته قضائيا، أو مجاراته بالأسلوب نفسه، ولكن من خلال التوعية والتثقيف والتربية.

أقول ان تحذير «الراي» جاء في سياق الخوف من المجهول، ذلك الذي يترصد الحياة الثقافية في شكلها العام... الخوف الذي سينتج أدبا هزيلا ضعيفا، وفكرا لن يعبر عن روح المرحلة، ولن ينقذ العصر بالصورة المطلوبة، ولن يغير ما يسعى الحلم إلى تغييره... الخوف الذي قد يؤثر على الصورة المشرقة التي يظهر بها الإبداع الكويتي، عبر عصوره المتلاحقة... في بلد الحريات والسلام، والإبداع المتوهج الذي حصد الجوائز، وأثبت أن للكويت مكانتها المرموقة في ضمير الإبداع الإنساني.

الخوف الذي سيجعل القلم مرتعشا بين أنامل المبدعين، والفكرة باهتة في أذهان المفكرين، والرؤية غائبة مهتزة غير مكتملة المعالم في أحلام الكتاب وصناع الكلمة، ويجعل اللوحة أمام الفنان مظلمة لا تقوى الريشة على الإبحار بحرية في فضائها.

إنها الرقابة التي عاثت منعا وتقطيعا في جسد الإبداع... لتهتك بمقصها الجاحد- منذ فترة طويلة- إبداعات الشباب المقبل على الأدب والفكر... عبد الوهاب الحمادي، عبد الله البصيص... ثم عرجت إلى دلع المفتي، وحينما استفحل الأمر لديها اقتربت بشدة إلى الدكتور سليمان الشطي، ذلك المبدع والناقد الحريص على أمن وطنه قبل أن يكون حريصا على إبداعه، وهو الرائد في إثراء الحياة الثقافية بالأدب الذي وصل إلى مستويات راقية.

ماذا تبقى إذاً... رواية «فئران أمي حصة»... لصاحب «بوكر العربي» الروائي الشاب سعود السنعوسي، أمل الكويت في نهضة روائية وثقافية معتبرة، تضع الكويت في الصفوف الاولى من الإبداع العربي، تعيد توهج الإبداع، وشهامة الفكر، وحدس الرؤية، وتألق القلم بين الأنامل.

«فئران» سعود السنعوسي... هي الآن تحت رحمة الرقيب... حتى الآن لن تمنع أو تُجاز، موضوعة في غرفة مظلمة انتظارا لما سيقرره الرقيب، وما سيحمله من رؤية تخصه وحده، ولا تعبر عن حلم الإبداع وأمنيات الوطن في تشجيع الإبداع، بالدعم والمساندة.

«فئران» السنعوسي... أيها الرقيب تكشف منابع الألم ومكامن الجرح ومشاكل الوطن، ولا تشجع عليه، تفضح الذين يسعون إلى إثارة الفتن وتضعهم في مرمى النقد، ولا تساند تحركاتهم المريبة، تعالج مواضع الألم، ولا تشارك في توسيع رقعتها، تتدارك الخطر، ولا تشجع عليه... خطر الفتن والتخلي عن مبادئ الإنسان.

«فئران» السنعوسي... أيها الرقيب تتحرك وفق منظومة أدبية إبداعية، لا يمكن فهم محتواها بالنظر إلى الشكل، إنها بحاجة إلى عين ناقد كي يرصد أحوالها، ويرى ما تحمله من روح إنسانية وطنية جذابة.

إنها «الفئران»... التي ينظر إليها الرقيب بريبة، وكأنها ستقرض بأسنانها الحادة شباك حلمه، وهو لا يعرف أنها تريد أن تقرض شباك السلبية والداعين إلى الفتن.

إنك- أيها الرقيب- لا تعرف أن السنعوسي جعل اسنانها حادة كي يكون قرضها موجعا للفاسدين الذين يتدافعون إلى مصالحهم، ولينة مسالمة مع أولئك الذين يحبون الوطن ويتفاخرون بإنجازاته في كل المجالات.

فهل لك أيها الرقيب أن تفرج عن «فئران» السنعوسي؟!، لتعود إلينا الرواية، نقرأها بحرية، من دون خوف أو ريبة، ونشتريها من مكتبات الكويت، بدلا من أن نسعى لشرائها من مكتبات دول أخرى، ومن على المواقع الإلكترونية... بصراحة لن تستطيع أن تمنعنا من قراءة الرواية، فقط تستطيع أن تحيل إبداعنا إلى خوف، فهل أنت تقصد ذلك؟!
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي