طيور الفرح تحلّق في سماء الكويت / تكبيرات الشكر لله ارتفعت... وذكراه خالدة في القلوب (2 من 2)
نجوم الفن لـ «الراي»: بالبهجة والفرح... عدت يا يوم التحرير
سعد الفرج
نبيل الفيلكاوي
محمد البلوشي
زهرة الخرجي
أماني الحجي
ملاك
سليمان الملا
طارق العلي
احلام حسن
الكويت تكتسي بثوب الفرحة، وتزدان بتاج الفخار، بينما تستقبل قافلة الأعياد التي تطوف بكل الطرقات والأرجاء، وتحلِّق في سماء وطن النهار! فما بين العيد الوطني وعيد التحرير تسود البلاد حالة فريدة من البهجة يشرق فجرها مع «مطلع» فبراير من كل عام... فرحة لا تظهر فقط في ثياب الأطفال، وأحاديث الكبار عن المشاعر الوطنية، بل إنها تلوح حتى في بسمات الوجوه، وتملأ بالأمل نظرات العيون ووقع الخطوات!
لا شك أنه أجمل أيام العمر!
اليوم الذي أشرقت فيه شمس الحرية، وعادت فيه الكويت إلى حضن أبنائها، وأفاقت من كابوس جثم على الصدور والنفوس سبعة شهور طالت وكأنها دهور.
صباح 26 فبراير 1991 لم يكن كأي صباح، وتحوّل إلى ذكرى خالدة لن تمحى مهما طال الزمن، من قلب كل كويتي عاش فترة الغزو الغاشم وتنفس الحرية في يوم التحرير.
دائماً كان فرج الله قريب، في نفس كل كويتي يؤمن بعدالة قضية وطنه، ومنذ ذلك التاريخ أصبح فبراير شهر الأعياد والفرح، لكل كويتي ومقيم على أرض الكويت.
«الراي» استعادت اللحظة التاريخية وفرحة هذا اليوم مع نجوم الفن، الذين فتحوا خزانة الذكريات، وتحدثوا عن اللحظة الفارقة، أين كانوا، وماذا فعلوا، وكيف تلقوا الخبر السعيد، وأجمعوا على أن حب الوطن غال لا يضاهيه حب.
اختلفت سبل السعادة، وتشابهت طرق التعبير عنها، وما قالوه في هذه السطور:
الفنان القدير سعد الفرج كان واحداً من أهم المطلوبين للقوات العراقية الغازية، التي كانت تطارده من مكان إلى آخر، حتى أن جنود الاحتلال قاموا باقتحام منزله في منطقة قرطبة مرات عدة، إلا أنهم فشلوا في العثور عليه، خصوصاً بعد أن قرر مغادرة منزله والتنقل بين بيوت الأصدقاء. واستعاد الفرج هذه اللحظات العصيبة، قائلاً إنه لم يذق طعم الراحة خلال تلك الفترة السوداء في تاريخ البلاد، لا سيما بعدما وقع نجله البكر «بدر» في الأسر وأصيب ابنه الصغير «فرج»، الأمر الذي أجبره على الخروج فوراً من الكويت، والتوجه إلى المملكة العربية السعودية، لنقله إلى أحد المستشفيات هناك، وكان ذلك أواخر شهر أكتوبر في العام 1990.
واستذكر «أبو بدر» أسوأ حادثة شاهدها في حياته، عندما رأى شاباً كويتياً وهو يلوّح بعلم الكويت يميناً ويساراً، ولم يتوقف هنيهة عن التلويح به بالرغم من تعرضه للضرب المبرح، والركل والتنكيل من جنود الاحتلال العراقي، الذين لم يكتفوا بذلك بل قاموا بنقله إلى جهة غير معلومة، مشيراً إلى أن مسرح هذه الحادثة الأليمة كان شارع دمشق القريب من استاد الصداقة والسلام في نادي كاظمة الرياضي، والذي تحوّل إلى أكبر معتقل لأبناء الشعب الكويتي.
وقال: «عندما التقيت (أمير القلوب)، المغفور له بإذن الله سمو أمير البلاد الراحل الشيخ جابر الأحمد، طيب الله ثراه، وأخبرته بهذه الجريمة البشعة بكى من هول الفاجعة، وبكى الفنان القدير سعد الفرج أيضاً».
أما الملحن والمطرب سليمان الملا، فقال: «يوم التحرير كنت فوق السطح، في منزلنا بمنطقة مشرف، أكبّر لله سبحانه وتعالى، أنا وزوجتي وعيالي، وهذا اليوم لا ينسى، سمعت أصواتاً غريبة جداً أول مرة أسمعها، وهي عملية هروب العدو، كما رأيت فرحة الناس في الشارع».
وأضاف الملا: «أول شيء فكرت فيه هو مهاتفة عبدالكريم عبدالقادر للاطمئنان عليه، كما هاتفت بدر بورسلي، كي ننفذ (وطن النهار)، وكنا قد بدأنا العمل على الأغنية أثناء الغزو، وبعد خمسة عشر يوماً ذهبنا إلى السعودية، ومنها طرنا إلى القاهرة كي ننفذها، حيث ترجمنا سبعة شهور عصيبة هي شهور الغزو المقيت في سبع دقائق، وإلى الآن لا يمكنني أن أسمعها من دون أن أبكي، بالرغم من أني الملحن، لأنها تذكرني بسبعة شهور معاناة كمواطن كويتي، واليوم أهنّئ الكويت، وأتمنى أن يتم دعمنا، لأننا كفنانين محسودون من الغير».
واستذكر الفنان طارق العلي تلك اللحظات، قائلاً: «كنت فترة الغزو في دولة قطر الشقيقة والحبيبة، بطلب من المخرج القطري المخضرم علي الحمادي، حيث وفروا لنا الفنادق، ومن ثم سكنت عند أخي الفنان جاسم الأنصاري في منزله، وكنا نتابع الأخبار عن الكويت من الإذاعة القطرية، التي كانت فعالة في نقلها الحي للأحداث الكويتية، وفور علمنا أن الكويت تحررت، نظم الأشقاء القطريين مسيرات واحتفالات ضخمة، وأقفلوا الشوارع للإحتفال، ولم أشعر لحظة واحدة إلا أنني بين أهلي».
وأكمل العلي: «فور سماعي بشرى التحرير... بكيت وكبّرت لله، وخرجت للشارع أعبّر عن فرحتي، ومشكورين أهل الخليج على الفزعة، التي كانت بحق فزعة أخ لأخيه، ولحكام وشيوخ خليجنا كل التقدير والحب إلى الأبد، الذين وقفوا معنا ولا زالت كلماتهم ترن في قلوبنا ومسمعنا إلى اليوم».
واستطرد: «ومشكورين أميركا والدول العربية ولبنان أول الدول التي اهتمت بنا، ورحمهم الله شيوخنا من الكويت والخليج الذين كانوا سنداً لنا، وذكراهم في قلوبنا، والشكر أيضاً لشباب الكويت والمقاومة، والشهداء والأسرى الذين ضحوا لأجل ديرتنا الكويت، ولا أنسى الدكتور نبيل الفيلكاوي الذي كان ضمن المقاومة، والذي كان يباشر والدتي وبيتي أثناء الغزو».
الفنان محمد البلوشي لفت إلى مشاركته في حرب تحرير البلاد، من موقعه الفني عبر أعمال وطنية عدة أهداها لذوي الشهداء والأسرى، الذين قدموا الغالي والنفيس في سبيل الوطن، ومنها أغنيتي «أم الأسير» و«صحيح إنك سبع»، حيث جلس على رصيف الذكريات، واستهل حديثه لـ«الراي» قائلاً: «في أول 50 يوماً من الغزو، كنت أتنقل من منزل إلى منزل، خصوصاً عندما تواردت الأخبار بأن الجيش العراقي يلاحق الفنانين والإعلاميين، لاستئناف أعمالهم في تلفزيون الكويت أو (تلفزيون المحافظة التاسعة عشرة) كما أطلق على الكويت في تلك الفترة، ما أجبرني على الهروب من البلاد للالتحاق بالمقاومة الغنائية الوطنية في الخارج، حيث توجهت إلى مملكة البحرين وبقيت هناك لأكثر من شهرين، قبل أن أتوجه إلى القاهرة لتسجيل بعض الأغاني الوطنية، غير أن ظروف الحرب آنذاك والأوضاع السياسية المضطربة في الدول العربية كافة، حالت دون إتمام هذه المهمة الفنية الوطنية».
وكشف البلوشي عن دوره الوطني في حرب التحرير، قائلاً: «كنت أحد المقاتلين في أرض المعركة من خلال موقعي الفني، وشاركت زملائي المطربين في حرب التحرير، حيث لم ندخر جهداً لتقديم الأغاني الحماسية، ومنها أغنيتي (أم الأسير) و(صحيح إنك سبع) وغيرهما من الأغاني، التي كان لها بالغ الأثر في رفع الروح المعنوية لدى قوات التحالف بشكل عام، والجيش الكويتي على وجه الخصوص».
بدورها، أفصحت الفنانة زهرة الخرجي عن قيامها بالعديد من الأعمال التطوعية إبان الإحتلال، قائلة: «عملت مشرفة في حديقة الحيوان، غير أنني لم أستمر طويلاً في هذا العمل، لا سيما بعد المضايقات المستمرة من جانب جنود الاحتلال العراقي، ثم انتقلت إلى العمل في جمعية (الهلال الأحمر)، كما عملت أيضاً في دور المسنين، وغير ذلك من الأعمال التطوعية والإنسانية، التي كنت أقدمها من دون مقابل، وكان هذا أقل ما يمكن تقديمه للوطن الغالي».
واسترسلت: «في عيد مولدي الذي يصادف 15 يناير بدأت معركة التحرير، من خلال القصف الجوي المكثف على الثكنات العسكرية للعدو، فشعرت بأن الكويت ستعود لا محالة، ولكن لم أتوقع قط أن أبقى على قيد الحياة حتى تلك اللحظة التاريخية، قبل أن تتسارع الأحداث وأشاهد في صبيحة يوم التحرير ما يسرّ الرائي ويثلج القلب».
وثمّنت الخرجي في ختام حديثها لـ«الراي»، الدور البطولي للمناضلة الكويتية، قائلة: «لقد أثبتت المرأة الكويتية بما لا يدع مجالاً للشك، أنها مناضلة في وقت النوائب والأزمات، وتتساوى مع الرجل في مقاومتها الباسلة للأعداء»، متمنية من أبناء الشعب «ألا ينسوا أيام الغزو حتى يعوا قيمة الحرية، وأن يشكروا الله على نعمه الوفيرة وعلى رأسها الأمن والديمقراطية، التي نحظى بها الآن في ظل حكومتنا الرشيدة، وبقيادة أمير الإنسانية سمو الشيخ صباح الأحمد وولي عده الأمين».
وتحدثت الفنانة أحلام حسن بكل فرح قائلة: «كنت فترة الغزو بين القاهرة وقطر، وعدت بعد التحرير بأسبوع، حين سمحوا بالعودة لمن هم بالخارج، وعادت إليّ روحي، شعور لا يوصف انتابني حين سمعت خبر التحرير ولحظة الانتصار، بين دموع وصراخ و(يباب)، وعندما عدت ووقفت للمرة الأولى على أرض الكويت، والجو أسود، قلت (حلاتج يا كويت) بكل حالاتك وأجوائك جميلة».
وكونها من أوائل الفنانات اللاتي قدمن أعمالاً وطنية بعد التحرير، قالت: «قدمت فوراً (عيال قرية) و(سهرة الغد) وتمثيلية (عرس الغد) و(الانتظار) وأوبريتات أخرى وحصلت عنها على جوائز، ولي الشرف أن أكون من أوائل الفنانات اللاتي عملن بهذه المناسبات».
أما رئيس نقابة الفنانين وأمين سر المسرح الشعبي الدكتور نبيل الفيلكاوي، والذي كان ضمن المقاومة أيام الغزو الغاشم، فقال: «أسسنا مقاومة الأندلس، وكانت خلية من مجموعة خلايا في المناطق الأخرى، ووضعنا أرواحنا على أكفنا فداء للكويت من دون تردد، وفجّرنا دوار العظام وسينما الصليبيخات وعند المقبرة وأماكن عدة، وكنا على دراية عن تحرير الكويت قبل الكل، لكننا واصلنا رصد تحركات العدو إلى أن خرج وانسحب قبل يوم من التحرير».
واستطرد الفيلكاوي: «فرحة لا توصف، وللأمانة فإن الكويت تستاهل وهذا أقل شيء نقدمه لأرضنا وشيوخنا وأهلنا الطيبين».
وتحدثت الفنانة ملاك قائلة: «الغزو أظهر معادن الناس، والكل كان على قلب واحد، ولا أحد ينكر هذا، وفرحتنا كانت واحدة حين علمنا بالتحرير، وأتذكر وقتها أنني كنت في سرداب أحد البيوت الكويتية، حيث من كان لا يملك سرداباً في منزله، كان يذهب إلى بيوت الأهل والأصدقاء للاحتماء، وأنا كنت في سرداب في منطقة الفنطاس، وفور سماعي للخبر، ويا محلاه من خبر أن الكويت تحررت، أتذكر أنذاك أهالينا خرجوا إلى الشارع، ورجال المقاومة خرجوا معنا، و(الحريم تبكي) وهناك من يسجد لله، وحتى الذين لا يعرفون بعض أصبحوا يباركون لبعضهم البعض». بدورها، أعربت أستاذة المعهد العالي للفنون الموسيقية مطربة الأوبرا أماني الحجي عن غبطتها وسرورها عند تلقيها خبر تحرير الكويت، مشيرة إلى أن ليلة التحرير من الليالي الراسخة في ذاكرتها ولم تزل تتذكر تفاصيلها وكأنها حدثت أمس، موضحة أنها لم تخرج من البلاد، وظلت صامدة خلال فترة الاحتلال التي استمرت لمدة سبعة أشهر عجاف، مبينة أنها أول كويتية تجري مقابلة مع قناة «CNN» بمناسبة التحرير.
لا شك أنه أجمل أيام العمر!
اليوم الذي أشرقت فيه شمس الحرية، وعادت فيه الكويت إلى حضن أبنائها، وأفاقت من كابوس جثم على الصدور والنفوس سبعة شهور طالت وكأنها دهور.
صباح 26 فبراير 1991 لم يكن كأي صباح، وتحوّل إلى ذكرى خالدة لن تمحى مهما طال الزمن، من قلب كل كويتي عاش فترة الغزو الغاشم وتنفس الحرية في يوم التحرير.
دائماً كان فرج الله قريب، في نفس كل كويتي يؤمن بعدالة قضية وطنه، ومنذ ذلك التاريخ أصبح فبراير شهر الأعياد والفرح، لكل كويتي ومقيم على أرض الكويت.
«الراي» استعادت اللحظة التاريخية وفرحة هذا اليوم مع نجوم الفن، الذين فتحوا خزانة الذكريات، وتحدثوا عن اللحظة الفارقة، أين كانوا، وماذا فعلوا، وكيف تلقوا الخبر السعيد، وأجمعوا على أن حب الوطن غال لا يضاهيه حب.
اختلفت سبل السعادة، وتشابهت طرق التعبير عنها، وما قالوه في هذه السطور:
الفنان القدير سعد الفرج كان واحداً من أهم المطلوبين للقوات العراقية الغازية، التي كانت تطارده من مكان إلى آخر، حتى أن جنود الاحتلال قاموا باقتحام منزله في منطقة قرطبة مرات عدة، إلا أنهم فشلوا في العثور عليه، خصوصاً بعد أن قرر مغادرة منزله والتنقل بين بيوت الأصدقاء. واستعاد الفرج هذه اللحظات العصيبة، قائلاً إنه لم يذق طعم الراحة خلال تلك الفترة السوداء في تاريخ البلاد، لا سيما بعدما وقع نجله البكر «بدر» في الأسر وأصيب ابنه الصغير «فرج»، الأمر الذي أجبره على الخروج فوراً من الكويت، والتوجه إلى المملكة العربية السعودية، لنقله إلى أحد المستشفيات هناك، وكان ذلك أواخر شهر أكتوبر في العام 1990.
واستذكر «أبو بدر» أسوأ حادثة شاهدها في حياته، عندما رأى شاباً كويتياً وهو يلوّح بعلم الكويت يميناً ويساراً، ولم يتوقف هنيهة عن التلويح به بالرغم من تعرضه للضرب المبرح، والركل والتنكيل من جنود الاحتلال العراقي، الذين لم يكتفوا بذلك بل قاموا بنقله إلى جهة غير معلومة، مشيراً إلى أن مسرح هذه الحادثة الأليمة كان شارع دمشق القريب من استاد الصداقة والسلام في نادي كاظمة الرياضي، والذي تحوّل إلى أكبر معتقل لأبناء الشعب الكويتي.
وقال: «عندما التقيت (أمير القلوب)، المغفور له بإذن الله سمو أمير البلاد الراحل الشيخ جابر الأحمد، طيب الله ثراه، وأخبرته بهذه الجريمة البشعة بكى من هول الفاجعة، وبكى الفنان القدير سعد الفرج أيضاً».
أما الملحن والمطرب سليمان الملا، فقال: «يوم التحرير كنت فوق السطح، في منزلنا بمنطقة مشرف، أكبّر لله سبحانه وتعالى، أنا وزوجتي وعيالي، وهذا اليوم لا ينسى، سمعت أصواتاً غريبة جداً أول مرة أسمعها، وهي عملية هروب العدو، كما رأيت فرحة الناس في الشارع».
وأضاف الملا: «أول شيء فكرت فيه هو مهاتفة عبدالكريم عبدالقادر للاطمئنان عليه، كما هاتفت بدر بورسلي، كي ننفذ (وطن النهار)، وكنا قد بدأنا العمل على الأغنية أثناء الغزو، وبعد خمسة عشر يوماً ذهبنا إلى السعودية، ومنها طرنا إلى القاهرة كي ننفذها، حيث ترجمنا سبعة شهور عصيبة هي شهور الغزو المقيت في سبع دقائق، وإلى الآن لا يمكنني أن أسمعها من دون أن أبكي، بالرغم من أني الملحن، لأنها تذكرني بسبعة شهور معاناة كمواطن كويتي، واليوم أهنّئ الكويت، وأتمنى أن يتم دعمنا، لأننا كفنانين محسودون من الغير».
واستذكر الفنان طارق العلي تلك اللحظات، قائلاً: «كنت فترة الغزو في دولة قطر الشقيقة والحبيبة، بطلب من المخرج القطري المخضرم علي الحمادي، حيث وفروا لنا الفنادق، ومن ثم سكنت عند أخي الفنان جاسم الأنصاري في منزله، وكنا نتابع الأخبار عن الكويت من الإذاعة القطرية، التي كانت فعالة في نقلها الحي للأحداث الكويتية، وفور علمنا أن الكويت تحررت، نظم الأشقاء القطريين مسيرات واحتفالات ضخمة، وأقفلوا الشوارع للإحتفال، ولم أشعر لحظة واحدة إلا أنني بين أهلي».
وأكمل العلي: «فور سماعي بشرى التحرير... بكيت وكبّرت لله، وخرجت للشارع أعبّر عن فرحتي، ومشكورين أهل الخليج على الفزعة، التي كانت بحق فزعة أخ لأخيه، ولحكام وشيوخ خليجنا كل التقدير والحب إلى الأبد، الذين وقفوا معنا ولا زالت كلماتهم ترن في قلوبنا ومسمعنا إلى اليوم».
واستطرد: «ومشكورين أميركا والدول العربية ولبنان أول الدول التي اهتمت بنا، ورحمهم الله شيوخنا من الكويت والخليج الذين كانوا سنداً لنا، وذكراهم في قلوبنا، والشكر أيضاً لشباب الكويت والمقاومة، والشهداء والأسرى الذين ضحوا لأجل ديرتنا الكويت، ولا أنسى الدكتور نبيل الفيلكاوي الذي كان ضمن المقاومة، والذي كان يباشر والدتي وبيتي أثناء الغزو».
الفنان محمد البلوشي لفت إلى مشاركته في حرب تحرير البلاد، من موقعه الفني عبر أعمال وطنية عدة أهداها لذوي الشهداء والأسرى، الذين قدموا الغالي والنفيس في سبيل الوطن، ومنها أغنيتي «أم الأسير» و«صحيح إنك سبع»، حيث جلس على رصيف الذكريات، واستهل حديثه لـ«الراي» قائلاً: «في أول 50 يوماً من الغزو، كنت أتنقل من منزل إلى منزل، خصوصاً عندما تواردت الأخبار بأن الجيش العراقي يلاحق الفنانين والإعلاميين، لاستئناف أعمالهم في تلفزيون الكويت أو (تلفزيون المحافظة التاسعة عشرة) كما أطلق على الكويت في تلك الفترة، ما أجبرني على الهروب من البلاد للالتحاق بالمقاومة الغنائية الوطنية في الخارج، حيث توجهت إلى مملكة البحرين وبقيت هناك لأكثر من شهرين، قبل أن أتوجه إلى القاهرة لتسجيل بعض الأغاني الوطنية، غير أن ظروف الحرب آنذاك والأوضاع السياسية المضطربة في الدول العربية كافة، حالت دون إتمام هذه المهمة الفنية الوطنية».
وكشف البلوشي عن دوره الوطني في حرب التحرير، قائلاً: «كنت أحد المقاتلين في أرض المعركة من خلال موقعي الفني، وشاركت زملائي المطربين في حرب التحرير، حيث لم ندخر جهداً لتقديم الأغاني الحماسية، ومنها أغنيتي (أم الأسير) و(صحيح إنك سبع) وغيرهما من الأغاني، التي كان لها بالغ الأثر في رفع الروح المعنوية لدى قوات التحالف بشكل عام، والجيش الكويتي على وجه الخصوص».
بدورها، أفصحت الفنانة زهرة الخرجي عن قيامها بالعديد من الأعمال التطوعية إبان الإحتلال، قائلة: «عملت مشرفة في حديقة الحيوان، غير أنني لم أستمر طويلاً في هذا العمل، لا سيما بعد المضايقات المستمرة من جانب جنود الاحتلال العراقي، ثم انتقلت إلى العمل في جمعية (الهلال الأحمر)، كما عملت أيضاً في دور المسنين، وغير ذلك من الأعمال التطوعية والإنسانية، التي كنت أقدمها من دون مقابل، وكان هذا أقل ما يمكن تقديمه للوطن الغالي».
واسترسلت: «في عيد مولدي الذي يصادف 15 يناير بدأت معركة التحرير، من خلال القصف الجوي المكثف على الثكنات العسكرية للعدو، فشعرت بأن الكويت ستعود لا محالة، ولكن لم أتوقع قط أن أبقى على قيد الحياة حتى تلك اللحظة التاريخية، قبل أن تتسارع الأحداث وأشاهد في صبيحة يوم التحرير ما يسرّ الرائي ويثلج القلب».
وثمّنت الخرجي في ختام حديثها لـ«الراي»، الدور البطولي للمناضلة الكويتية، قائلة: «لقد أثبتت المرأة الكويتية بما لا يدع مجالاً للشك، أنها مناضلة في وقت النوائب والأزمات، وتتساوى مع الرجل في مقاومتها الباسلة للأعداء»، متمنية من أبناء الشعب «ألا ينسوا أيام الغزو حتى يعوا قيمة الحرية، وأن يشكروا الله على نعمه الوفيرة وعلى رأسها الأمن والديمقراطية، التي نحظى بها الآن في ظل حكومتنا الرشيدة، وبقيادة أمير الإنسانية سمو الشيخ صباح الأحمد وولي عده الأمين».
وتحدثت الفنانة أحلام حسن بكل فرح قائلة: «كنت فترة الغزو بين القاهرة وقطر، وعدت بعد التحرير بأسبوع، حين سمحوا بالعودة لمن هم بالخارج، وعادت إليّ روحي، شعور لا يوصف انتابني حين سمعت خبر التحرير ولحظة الانتصار، بين دموع وصراخ و(يباب)، وعندما عدت ووقفت للمرة الأولى على أرض الكويت، والجو أسود، قلت (حلاتج يا كويت) بكل حالاتك وأجوائك جميلة».
وكونها من أوائل الفنانات اللاتي قدمن أعمالاً وطنية بعد التحرير، قالت: «قدمت فوراً (عيال قرية) و(سهرة الغد) وتمثيلية (عرس الغد) و(الانتظار) وأوبريتات أخرى وحصلت عنها على جوائز، ولي الشرف أن أكون من أوائل الفنانات اللاتي عملن بهذه المناسبات».
أما رئيس نقابة الفنانين وأمين سر المسرح الشعبي الدكتور نبيل الفيلكاوي، والذي كان ضمن المقاومة أيام الغزو الغاشم، فقال: «أسسنا مقاومة الأندلس، وكانت خلية من مجموعة خلايا في المناطق الأخرى، ووضعنا أرواحنا على أكفنا فداء للكويت من دون تردد، وفجّرنا دوار العظام وسينما الصليبيخات وعند المقبرة وأماكن عدة، وكنا على دراية عن تحرير الكويت قبل الكل، لكننا واصلنا رصد تحركات العدو إلى أن خرج وانسحب قبل يوم من التحرير».
واستطرد الفيلكاوي: «فرحة لا توصف، وللأمانة فإن الكويت تستاهل وهذا أقل شيء نقدمه لأرضنا وشيوخنا وأهلنا الطيبين».
وتحدثت الفنانة ملاك قائلة: «الغزو أظهر معادن الناس، والكل كان على قلب واحد، ولا أحد ينكر هذا، وفرحتنا كانت واحدة حين علمنا بالتحرير، وأتذكر وقتها أنني كنت في سرداب أحد البيوت الكويتية، حيث من كان لا يملك سرداباً في منزله، كان يذهب إلى بيوت الأهل والأصدقاء للاحتماء، وأنا كنت في سرداب في منطقة الفنطاس، وفور سماعي للخبر، ويا محلاه من خبر أن الكويت تحررت، أتذكر أنذاك أهالينا خرجوا إلى الشارع، ورجال المقاومة خرجوا معنا، و(الحريم تبكي) وهناك من يسجد لله، وحتى الذين لا يعرفون بعض أصبحوا يباركون لبعضهم البعض». بدورها، أعربت أستاذة المعهد العالي للفنون الموسيقية مطربة الأوبرا أماني الحجي عن غبطتها وسرورها عند تلقيها خبر تحرير الكويت، مشيرة إلى أن ليلة التحرير من الليالي الراسخة في ذاكرتها ولم تزل تتذكر تفاصيلها وكأنها حدثت أمس، موضحة أنها لم تخرج من البلاد، وظلت صامدة خلال فترة الاحتلال التي استمرت لمدة سبعة أشهر عجاف، مبينة أنها أول كويتية تجري مقابلة مع قناة «CNN» بمناسبة التحرير.