خزائن القلوب شرعت أبوابها... وغمر دفئها «قرية المخزن»

مشاعر الوفاء تدفّقت في «أمسية العطاء»

تصغير
تكبير
• فتوح الدلالي: تجاهلوا عتمة الليل... واستمتعوا في ضوء القمر

• هناء حلمي: مشوار الألف ميل يبدأ من «محافظة قنا»
عجّت القاعة الماسية في فندق الشيراتون مساء أول من أمس بالعشرات من «أهالي الخير» ممن تدفقت مشاعرهم الدافئة في أمسية العطاء، وغمرت قلوب العطف والمحبة «قرية المخزن» في محافظة قنا المصرية، ضمن الحفل السنوي الذي يرعاه رئيس جمعية الهلال الأحمر الكويتية الدكتورهلال الساير، ونظمته المبادرة الكويتية لمساندة الشعب المصري.

وكان في مقدم الحضور وزيرة الشؤون الاجتماعية والعمل هند الصبيح وسفير جمهورية مصر العربية لدى البلاد عبد الكريم سلمان. وفي بداية الأمسية، ثمنت عضو المبادرة الكويتية المساندة للشعب المصري فتوح حمد الدلالي الدور الإنساني الكبير الذي دأبت جمعية الهلال الأحمر على تقديمه «والتي لولاها لما تقدم العمل الخيري قيد أنملة»، مخاطبة الحضور في مستهل حديثها بالقول: «مهما حدث في حياتكم من أمور مزعجة، فلا تدخلوا اليأس إلى ربوع قلوبكم حتى ولو ظلت الأبواب موصدة، فإن الله سيفتح درباً جديداً، تلك هي قاعدة العشق الإلهي التي نؤمن بها نحن أعضاء المبادرة الكويتية لدعم الشعب المصري الشقيق، وعملنا بها منذ نشأتنا قبل عامين».

وأردفت الدلالي قائلة: «صبرنا طويلاً حتى يكون لدينا بعد في النظر قبل ظهور النتيجة النهائية التي سوف تتمخض عنها أي عملية إنسانية»، مبيّنة أن الصبر الحقيقي هو أن تتخضب الحياة الداكنة بألوان الربيع الزاهية حتى ينظر المرء إلى الشوكة فيراها وردة، فيما يتجاهل عتمة الليل ويستمتع بضوء القمر، موضحة «أن فاعل الخير هو من ساعد على تبني هذا النهج البناء وأن (عشاق الله) لا ينفد دعمهم أو ينضب عطاؤهم مهما ساءت الظروف وتعاظمت الكوارث، وهم يدركون جيداً أنه لكي يصبح الهلال بدرا يحتاج إلى وقت، وحتى نحقق طموحاتنا في ترميم القرى التي تم اختيارها نحتاج إلى الدعم». ولفتت إلى «أن باب التبرعات مشرع لمن أراد التبرع وحمل أزميل البناء في المشاريع التي آن موعد تنفيذها».

وأشارت الدلالي إلى المشاريع الأخرى التي أنجزتها «المبادرة الكويتية لدعم الشعب السوري»، والتي تمت قبل أسبوعين، مؤكدة أنه بلغت قيمة التبرعات نحو 72 ألف دينار خلال عشرة أيام فقط، وصرفت لشراء جميع المستلزمات للأسر السورية في مخيمات اللاجئين في لبنان، فيما تم توزيع المشتريات على ألف أسرة منكوبة بمتابعة عضو المبادرة الكويتية الدكتور مساعد العنزي.

وعلى صعيد ذي صلة، عبّرت عضو الجهة المنفذة لمشروع «قرية المخزن» في محافظة «قنا» هناء حلمي عن سعادتها بالتفاعل الكبير من جانب أهل الخير في الكويت ممن تهافتوا إلى مساندة الشعب المصري الذي يكابد ظروفا إنسانية شديدة الصعوبة، مشيرة إلى أن آلاف القرى المصرية المتهالكة يعاني سكانها من ضنك العيش وقسوة الحياة وهم أحوج ما يكونون إلى سند لهم بعدما قصم الزمان ظهورهم، مؤكدة أن أكثر من 15 ألف نسمة يعيشون تحت خط الفقر في «قرية المخزن» التي تفتقر إلى أبسط مقومات الحياة، كما تعاني من شح في المياه ونقص حاد في المستلزمات الطبية، مختتمة حديثها بالقول: «في نهاية العام الماضي قمنا بتوقيع اتفاقية مع المبادرة الكويتية لإعادة إعمار هذه القرية المنسية، ومنها بناء المخابز إلى جانب افتتاح إحدى المدارس التي من المتوقع أن تستوعب 1700 طالب وطالبة، إضافة إلى ترميم أكثر من 300 منزل، غير أن هذه المشاريع تنتظر القلوب الدافئة حتى ترى النور، ومشوار الألف ميل يبدأ من محافظة قنا».

بعد ذلك، أشاعت فرقة روائع النغم الموسيقية بقيادة المايسترو سليم سحاب وبصوت مطربة الأوبرا الفنانة المصرية ريم كمال، أجواء الغبطة والسرور في أركان القاعة الماسية. فما أن أطلت بابتسامتها البشوشة، حتى تعالت الهتافات ودوت الصيحات من جانب الجمهور الذي تفاعل بشدة مع روائع الزمن الجميل في ليلة طربية بامتياز، لاسيما عندما ألهبت الحضور برائعة أم كلثوم «أقابله بكره» للشاعر أحمد رامي وألحان رياض السنباطي، فيما قدمت أيضاً بصوتها الأوبرالي الجهور باقة من أغاني عمالقة الغناء مداعبة الوجنات السمراء برائعة العندليب الأسمر عبد الحليم حافظ «أسمر يا أسمراني» قبل أن تحلق مع «الطير المسافر» للفنانة نجاة الصغيرة والتي يقول مطلعها «وبعتنا مع الطير المسافر جواب وعتاب... وتراب من أرض أجدادي وزهرة من الوادي»... حتى بلغت كوكب الشرق مجدداً لتقدم هذه المرة «الحب كله»، وهي من كلمات أحمد شفيق كامل وألحان الموسيقار بليغ حمدي.

بعدها قدمت أغنية «بتسأل ليه عليَا» للمطربة فايزة أحمد، حتى لامست بإحساسها المرهف أوتار موسيقار الأجيال لتشدو «يا ليل طوّل شويه»، إلا أن ليالي الطرب الأصيل غالباً ما تكون قصيرة وتمضي مسرعة، حتى إذا الجماهير العطشى لم ترتو الموسيقى العذبة وإن افترشت شط النيل وتأملت النجوم وانسجمت مع رائعة محمد عبد الوهاب «امتى الزمان يسمح يا جميل... وأسهر معاك على شط النيل». غير أن أريج الزهور كان يعبق في المكان وتفشى شذاها عندما فاح عطر وردة الجزائرية في رائعة «لولا الملامة»، قبل أن تدب الغيرة في وجدان غريمتها ميادة الحناوي التي لاطفتها في أغنية «أنا بعشقك»، ليعم الهدوء والانسجام أرجاء القاعة مرة أخرى ليتجدد الأمل وتشدو «أمل حياتي» لأم كلثوم. ثم طرقت باب الفنانة أسمهان وقدمت لها طوق المحبة وهي تردد «يا بدع الورد... يا جمال الورد». ولم تنس مطربة الأوبرا المصرية ريم كمال الجماهير الذين تقاطروا في هذه الأمسية البهيجة وجاؤوا من الجهراء والسالمية لتهنئهم بمناسبة قرب حلول العيد الوطني وعيد التحرير للبلاد وعلى طريقة عبد الحليم حافظ في الأغنية التي تقول كلماتها «من الجهراء للسالمية... رافعين علم الحرية... رايحة ألوف وجاية ألوف تهني بعيد الحرية»، لتعلن بعد ذلك عن ختام حفلها الكبير في أوبريت «الوطن الأكبر» الذي أشعل الحماسة في نفوس الحاضرين وأعاد الأمجاد العربية، ولا سيما الانتصارات الأكتوبرية.

يذكر أن المطربة ريم كمال أسست فرقة روائع النغم في العام 2000، لتكون إحدى العناصر المؤثرة في إعادة إحياء التراث، وشارك معها فى معظم حفلاتها مجموعة من نجوم الغناء بفرق الموسيقى العربية في دار الأوبرا المصرية. والمعروف أن ريم كمال شاركت فى العديد من المهرجانات منها «مهرجان ستوكهولم للأغاني الصوفية» و«مهرجان القلعة». كما حصلت على الجائزة الأولى في «مهرجان الدار البيضاء» بالمغرب، وجائزة أحسن صوت في «مهرجان الأغنية العربية» بالقاهرة، وجائزة أحسن أغنية في «مهرجان البحر المتوسط» بتركيا.
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي