«إن الذين يريدون حرق المراحل وإلغاء عامل الزمن في عملية التغيير هم كمن يريد الحصول على الجنين كإنسان كامل قوي راشد بعد شهر من تكوينه في بطن أمه».
وصلتني هذه العبارة منقولة من كتاب، وأراها مناسبة جدا لبعض الذين يستعجلون تحقيق نتائج إيجابية في حياتهم، دون أن تمر عليها الفترة الزمنية المنطقية والتي هي من سنن الله في الحياة.
جاء الربيع العربي، ثم دارت عليه الدوائر، ثم وقعت بعض التغييرات في دول الخليج وأعطت بعض المؤشرات الإيجابية نحو تحقيق نتائج تتطلع لها الشعوب، ومنها إسقاط بعض الانقلابات والبعض يريد تحقيقها سريعا، فنقول له لا تستعجل.
عاشت تركيا سنوات طويلة تحت الحكم العلماني، ولما أراد «مندريس» التغيير تم إعدامه، ولما حاول «أربكان» -رئيس وزراء تركيا السابق- إجراء إصلاحات دينية تم إقصاؤه من خلال التهديد بانقلاب عسكري، ثم جاء «أردوغان» فأجرى إصلاحات ولكن كما يقال على «نار هادية» فتحققت إنجازات ومكاسب دينية عظيمة في عهده وما تزال.
لما تولى عمر بن عبدالعزيز الخلافة أراد ولده عبدالملك أن يقوم والده الخليفة بإجراءات إصلاحية سريعة، لكن عمر بحكمته قال لولده: «إني أكره أن آخذ الناس إلى الدين جملة فيتركوه جملة، ألا تحب ألا يمضي يوم إلا وأنا أُميت بدعة وأُحيي سنة».
عندما نتأمل المنهج الإسلامي في التغيير نجد أنه راعى مسألة المراحل وطبيعة البشر، فتحريم الخمر كمثال لم ينزل مع بداية البعثة النبوية، وإنما وقع على أربع مراحل.
هدم النبي صلى الله عليه وسلم للأصنام وهي حول الكعبة لم يتم إلا بعد فتح مكة عام 8 هجري أي بعد البعثة النبوية بأكثر من 20 سنة.
نريد أحيانا أن تقع تغييرات سريعة في مجتمعاتنا نحو التدين أو تطبيق الشريعة، ونحن لم نبذل الجهد الحقيقي من أجل تهيئة الناس لذلك.
البعض يريد إعلان قيام الخلافة الإسلامية وهو إلى الآن يستمد سلاحه وغذاءه وملبسه من عدوه!!
البعض منا يريد تغييراً سريعاً في طباع أهل بيته أو أبنائه نحو التديّن، ونذكره بقول الله تعالى «وأمر أهلك بالصلاة واصطبر عليها»، الأمر يحتاج إلى صبر وطول بال واستمرار دون توقف في الدعوة والنصح والتوجيه.
المهم يا سادتي الكرام أن يبذل الإنسان الأسباب، ويراعي سنن الله في الحياة، ويعيش مع التفاؤل، والتغيير نحو الأفضل قادم بإذن الله «ولكنكم قوم تستعجلون».
Twitter:@abdulaziz2002