الرأي اليوم / قدّم... سلاحك!


في المفاهيم العسكرية يصيح قائد المجموعة في الضباط والجنود: «قدم سلاحك». فيتقدمون بسلاحهم إلى الأمام والخلف وأحياناً إلى أعلى وأسفل، إما لتحية زعيم أو ضيف أو لاستقبال وتوديع مسؤول كبير أو للإعلان عن انتهاء مراسم تخرج أو أي مناسبة أخرى.
في الكويت اليوم، قانون لجمع السلاح غير المرخص. تقدم به نائب رئيس الوزراء وزير الداخلية الشيخ محمد الخالد وأصر على متابعة ولادته حتى النهاية، وأقره مجلس الأمة. قانون هو ثمرة توافق سلطتين مع الإرادة الشعبية بتنظيم حمل السلاح واستخداماته خصوصاً بعدما انعكست فوضى السلاح سلباً على أمن المواطن والمقيم خصوصاً وعلى أمن البلد بشكل عام.
دائماً ما كان قانون تنظيم السلاح غير المرخص يواجه بعراقيل، فتتعالى الأصوات محذرة من انتهاك خصوصيات المنازل أو المناطق، وغالبا ما كان يتم تسييس التنفيذ فيقال إن شخصاً أو جهة أو تياراً هم المستهدفون من وراء المداهمات، وبعد ذلك تحصل تدخلات وتسويات واتفاقات، فيتجمد القانون و«يرز» نائب الدائرة وجهه على أنه البطل الذي أوقف التنفيذ ونعود إلى دوامة العنف.
في الأفراح، في المناسبات، في الأعراس، في الاستقبال والتوديع، في «الهوشات»، سرعان ما يخرج البعض رشاشاً حربياً ويطلق منه النار إما في الهواء مع ما يسببه الرصاص الطائش من حوادث قاتلة، وإما على من اشتبك معه بالأيدي أو تلاسن معه لأي سبب كان. بل بتنا نسمع عن شخص قتل قريبه أو قريبته بطلقتي رصاص نتيجة أزمة بينهما أو لتصفية حساب أو لتطبيق «قانون أسري» بيده... لماذا السلاح غير المرخص أساساً في المنازل ونحن نعيش في أمن وأمان؟ ولماذا يلجأ شخص إلى تطبيق القانون بسلاحه بينما سلاح القانون موجود وضمن الأطر الشرعية والدستورية والقانونية؟ ولماذا يطلق شخص النار في الأعراس والمناسبات وهي عادة لم تعد تبهج بل حولت الأفراح إلى مآتم في أحيان كثيرة؟ ولماذا يحوز شخص أساساً على سلاح بينما نزعة الغضب أو الشر كفيلة بتجاوز الخطوط الإنسانية كلها، وحضور الوسواس الخناس كفيل بجعل شرارة في المخ تهدم كيانات أسرية قائمة بحد ذاتها وتدفع إلى العيش في أسر الندم قبل أسر الزنازين؟
ثم إن القانون وضع أساساً لخدمة الناس لا لتقييدهم، ومن يحتاج فعلاً إلى سلاح مرخص لأسباب متعددة يستطيع أن يحصل عليه عبر تقديم الأوراق والمبررات اللازمة، وحتى السلاح المرخص له شروط تتعلق بالتخزين والاستخدام شأننا في ذلك شأن دول العالم قاطبة، أما ما يتعدى ذلك فالدولة هي المسؤولة حصرياً عن أمن الوطن والمواطن، وهي من يجب أن يساءل إن أخلت بواجباتها في هذا المجال من دون أن يعطي هذا الإخلال أي ذريعة لأحد باللجوء إلى حماية السلاح الخاص غير المرخص.
وأكثر ما يخشاه المواطن اليوم هو أن تكون كل الضجة التي رافقت إقرار قانون جمع السلاح «قنابل صوتية» تلفت الأنظار لكنها لا تترك أثراً حسياً، بحيث تنسى السلطات تطبيق القانون وينسى المواطن وجوده، وتعود المسدسات والبنادق الآلية إلى الظهور.
صحيح أن السلاح زينة الرجال، لكنه زينة رجال القطاعات العسكرية في الدفاع والداخلية والأجهزة الأمنية. هؤلاء الذين تدربوا على شرف استخدامه لصون الاستقرار وحماية المواطن، وهؤلاء الذين يحظون بالحق الحصري لحمله خصوصاً مع وجود الكويت اليوم على خط الزلازل الإرهابي الممتد شمالاً وجنوباً وشرقاً وغرباً. فدخول السلاح إن كان جريمة قانونية في الأيام العادية إلا أنه بات اليوم مصدر تهديد حقيقي لأمن الكويت وأمانها، ولا يتذرّعن أحد بالقول إن السلاح الفردي ليس مصدر خطر أو يقلل من قيمته السلبية أو يعتبر التحذير منه تهويلاً ومبالغة، فكم من عملية إرهابية دموية حصلت في دول قريبة لم يستخدم فيها سوى السلاح الفردي، وكم من سلاح فردي استطاع عبر استخدامه بذهنية شريرة من فتح أبواب مخازن الأسلحة الثقيلة.
اليوم، هناك قانون يجب أن يطبق بحذافيره، وهناك سلطة أمنية عليا دفعت في اتجاه إقراره ومجلس أمة تعاون، ولذلك لا يوجد أي داعٍ أو مبرر للتأخر في التنفيذ، وحبذا لو مهدت السلطات للحملة الأمنية بحملة إعلامية تشرح فيها للناس الخطوات التي ستتخذ وعواقب المخالفة وفوائد القانون وتعطيهم الوقت الكافي للتصرف... سداً للذرائع.
أما أنت عزيزي المواطن، وأخص بالذكر أبناء آل الصباح الذين يجب أن يكونوا قدوة، فالمفاهيم الوطنية لا العسكرية تحضك على تقديم سلاحك إلى السلطات المختصة تحية لانتمائك الصادق ومشاعرك المخلصة تجاه بلدك وإيمانك بأن سلاح القانون أفضل وأفعل ألف مرة من سلاحك مهما كان عليك الانتظار لاستعادة الحقوق.
جاسم مرزوق بودي
في الكويت اليوم، قانون لجمع السلاح غير المرخص. تقدم به نائب رئيس الوزراء وزير الداخلية الشيخ محمد الخالد وأصر على متابعة ولادته حتى النهاية، وأقره مجلس الأمة. قانون هو ثمرة توافق سلطتين مع الإرادة الشعبية بتنظيم حمل السلاح واستخداماته خصوصاً بعدما انعكست فوضى السلاح سلباً على أمن المواطن والمقيم خصوصاً وعلى أمن البلد بشكل عام.
دائماً ما كان قانون تنظيم السلاح غير المرخص يواجه بعراقيل، فتتعالى الأصوات محذرة من انتهاك خصوصيات المنازل أو المناطق، وغالبا ما كان يتم تسييس التنفيذ فيقال إن شخصاً أو جهة أو تياراً هم المستهدفون من وراء المداهمات، وبعد ذلك تحصل تدخلات وتسويات واتفاقات، فيتجمد القانون و«يرز» نائب الدائرة وجهه على أنه البطل الذي أوقف التنفيذ ونعود إلى دوامة العنف.
في الأفراح، في المناسبات، في الأعراس، في الاستقبال والتوديع، في «الهوشات»، سرعان ما يخرج البعض رشاشاً حربياً ويطلق منه النار إما في الهواء مع ما يسببه الرصاص الطائش من حوادث قاتلة، وإما على من اشتبك معه بالأيدي أو تلاسن معه لأي سبب كان. بل بتنا نسمع عن شخص قتل قريبه أو قريبته بطلقتي رصاص نتيجة أزمة بينهما أو لتصفية حساب أو لتطبيق «قانون أسري» بيده... لماذا السلاح غير المرخص أساساً في المنازل ونحن نعيش في أمن وأمان؟ ولماذا يلجأ شخص إلى تطبيق القانون بسلاحه بينما سلاح القانون موجود وضمن الأطر الشرعية والدستورية والقانونية؟ ولماذا يطلق شخص النار في الأعراس والمناسبات وهي عادة لم تعد تبهج بل حولت الأفراح إلى مآتم في أحيان كثيرة؟ ولماذا يحوز شخص أساساً على سلاح بينما نزعة الغضب أو الشر كفيلة بتجاوز الخطوط الإنسانية كلها، وحضور الوسواس الخناس كفيل بجعل شرارة في المخ تهدم كيانات أسرية قائمة بحد ذاتها وتدفع إلى العيش في أسر الندم قبل أسر الزنازين؟
ثم إن القانون وضع أساساً لخدمة الناس لا لتقييدهم، ومن يحتاج فعلاً إلى سلاح مرخص لأسباب متعددة يستطيع أن يحصل عليه عبر تقديم الأوراق والمبررات اللازمة، وحتى السلاح المرخص له شروط تتعلق بالتخزين والاستخدام شأننا في ذلك شأن دول العالم قاطبة، أما ما يتعدى ذلك فالدولة هي المسؤولة حصرياً عن أمن الوطن والمواطن، وهي من يجب أن يساءل إن أخلت بواجباتها في هذا المجال من دون أن يعطي هذا الإخلال أي ذريعة لأحد باللجوء إلى حماية السلاح الخاص غير المرخص.
وأكثر ما يخشاه المواطن اليوم هو أن تكون كل الضجة التي رافقت إقرار قانون جمع السلاح «قنابل صوتية» تلفت الأنظار لكنها لا تترك أثراً حسياً، بحيث تنسى السلطات تطبيق القانون وينسى المواطن وجوده، وتعود المسدسات والبنادق الآلية إلى الظهور.
صحيح أن السلاح زينة الرجال، لكنه زينة رجال القطاعات العسكرية في الدفاع والداخلية والأجهزة الأمنية. هؤلاء الذين تدربوا على شرف استخدامه لصون الاستقرار وحماية المواطن، وهؤلاء الذين يحظون بالحق الحصري لحمله خصوصاً مع وجود الكويت اليوم على خط الزلازل الإرهابي الممتد شمالاً وجنوباً وشرقاً وغرباً. فدخول السلاح إن كان جريمة قانونية في الأيام العادية إلا أنه بات اليوم مصدر تهديد حقيقي لأمن الكويت وأمانها، ولا يتذرّعن أحد بالقول إن السلاح الفردي ليس مصدر خطر أو يقلل من قيمته السلبية أو يعتبر التحذير منه تهويلاً ومبالغة، فكم من عملية إرهابية دموية حصلت في دول قريبة لم يستخدم فيها سوى السلاح الفردي، وكم من سلاح فردي استطاع عبر استخدامه بذهنية شريرة من فتح أبواب مخازن الأسلحة الثقيلة.
اليوم، هناك قانون يجب أن يطبق بحذافيره، وهناك سلطة أمنية عليا دفعت في اتجاه إقراره ومجلس أمة تعاون، ولذلك لا يوجد أي داعٍ أو مبرر للتأخر في التنفيذ، وحبذا لو مهدت السلطات للحملة الأمنية بحملة إعلامية تشرح فيها للناس الخطوات التي ستتخذ وعواقب المخالفة وفوائد القانون وتعطيهم الوقت الكافي للتصرف... سداً للذرائع.
أما أنت عزيزي المواطن، وأخص بالذكر أبناء آل الصباح الذين يجب أن يكونوا قدوة، فالمفاهيم الوطنية لا العسكرية تحضك على تقديم سلاحك إلى السلطات المختصة تحية لانتمائك الصادق ومشاعرك المخلصة تجاه بلدك وإيمانك بأن سلاح القانون أفضل وأفعل ألف مرة من سلاحك مهما كان عليك الانتظار لاستعادة الحقوق.
جاسم مرزوق بودي