حوار / «تجاوزت الموهبة... وتخطيت حدود الإبداع»

علي عبد الستار لـ «الراي»: أنا مدرسة الغناء

تصغير
تكبير
• المفلسون فقط يقلّبون في دفاترهم القديمة ويلوّنون أغاني الأبيض والأسود

• الأغنية الخليجية فرضت نفسها ... والمطربون العرب يتهافتون عليها

• حاضر بقوة في جميع المهرجانات... وبحثي عن الجديد لا يتوقف
«تجاوزت الموهبة... وتخطيت حدود الإبداع، أنا مدرسة غنائية في حد ذاتها، تم تأسيسها منذ زمن، لكي تنهل منها الأجيال، جيلاً بعد جيل، حتى ترتوي فناً خالصاً لا تشوبه الشوائب، ولا تذروه رياح الغناء الهابط». بهذه الكلمات الجريئة، اختصر المطرب القطري علي عبد الستار مسيرته الطويلة في عالم الفن والغناء، معتبراً أن حديثه ليس غروراً ولا كبراً، وإنما هو الحقيقة التي يجب أن يدركها الجميع بلا استثناء. عبد الستار الذي أصرّ على أنه لا يزال حاضراً وبقوة، في الساحة الغنائية الخليجية، رغم أنف من يصمونه بالفنان المهمل أو الكسول، بسبب غيابه عن المهرجانات الخليجية، ومنها مهرجان «الجنادرية»، أكد في حواره لـ«الراي» أن بحثه لا يتوقف عن الجديد، وأنه ليس من صنف الفنانين المفلسين، الذي يقلبون في دفاتر الماضي لتلوين «أغاني الأبيض والأسود». وتحدث عبدالستار عن واقع الأغنية الخليجية، التي رأى أنها فرضت ولا زالت تفرض نفسها بقوة على الساحة العربية، كما تحدث عن صداقته مع الفنان الكبير محمد عبده، مؤكداً أنه من أعز أصدقائه في الوسط الفني، ورفيق دربه منذ عشرات السنين، ومعتبراً أن مشروع «دويتو» مشترك معه، أمر يشرفه، وإلى التفاصيل:

• شاركت في النسخة الأولى من مهرجان «البركل» الذي أقيم أخيراً في السودان، حدثنا عن هذه المشاركة، وصف لنا أجواء الحفل الذي أحييته؟


- كانت الأجواء مفعمة بالمشاعر الدافئة، حيث الاستقبال الجميل والحفاوة البالغة، التي حظيت بها من جانب الشعب السوداني المضياف، وكنت أول مطرب خليجي وعربي يشارك في المهرجان، الذي رعاه الرئيس السوداني عمر البشير، وحضره ما لا يقل عن مئة ألف متفرج من الجماهير، الذين جاؤوا من كل حدب وصوب، للاستمتاع بالأمسية الغنائية الاستثنائية.

• وكيف وجدت تفاعل الجمهور السوداني مع أغنياتك الخليجية، خصوصاً أن غالبية هذه الأغنيات من القصائد النبطية، ذات المفردات الصعبة والأبيات الشعرية التي لا يمكن فهمها بسهولة؟

- في بادئ الأمر، انتابتني الخشية ألا يفهم الجمهور السوداني بعضاً من أغنياتي، خصوصاً القديمة منها، على غرار «فتنة الحفل»، و«يتيمة»، وغيرهما، بحكم الاختلافات البيئية والثقافية والحضارية، فضلاً عن الاختلاف في اللهجة بين الخرطوم ودول مجلس التعاون الخليجي، لكن سرعان ما تبددت هذه المخاوف وزال القلق، عندما فوجئت بأن الجمهور يحفظ أغنياتي عن ظهر قلب، ويرددها معي كما لو كنت في قطر وأمام الجمهور القطري، وهو ما أشعل الحماسة في نفسي، لتقديم أجمل ما لدي من أغنيات عاطفية ووطنية وفولكلورية، وغيرها من الأغنيات التي داعبت الأحاسيس، وتمايلت لها الرؤوس طرباً.

• شاركت «فنان العرب» محمد عبده، أمسية غنائية بمناسبة العيد الوطني في قطر، ألم تطرح خلال اللقاء فكرة تقديم «دويتو» غنائي معه؟

- لا يخفى أن «أبو نورة» من أعز أصدقائي في الوسط الفني، خصوصاً أنه رفيق دربي منذ عشرات السنين، ولطالما التقينا في المهرجانات الغنائية، سواء كان ذلك داخل قطر أو خارجها، كما أننا سنلتقي أيضاً أواخر يناير الجاري من خلال إحدى الأمسيات الفنية التي سوف تجمعنا في مهرجان «سواق واقف». أما بخصوص مشروع «دويتو» معاً، فإن هذا يشرفني بالطبع، وسنرى ما تحمله الأيام المقبلة في جعبتها من مخططات فنية مع «فنان العرب».

• أين أنت من المهرجانات الخليجية ولا سيما مهرجاني «هلا فبراير» و«الجنادرية»؟

- أنا موجود في كل المهرجانات تقريباً، عدا «الجنادرية»، لأنه مهرجان وطني سعودي خالص، وأولوية المشاركة فيه للفنانين السعوديين. أما بالنسبة إلى مهرجان «هلا فبراير»، فقد حظيت بشرف المشاركة فيه في السابق، ولا يوجد ما يحول دون المشاركة فيه مرة أخرى، حال تلقيت الدعوة لإحياء إحدى ليالي المهرجان، علماً بأني شاركت أيضاً في مهرجان «صلالة» السياحي العام الفائت، وغيره من المهرجانات الأردنية والكويتية، والقائمة طويلة. ويكفيني فخراً واعتزازاً أن أقف كل عام على مسرح «سوق واقف»، فضلاً عن المشاركة في مهرجان قناة الريان، والذي لا يستطيع أحد أن ينكر أنه تسيّد جميع المهرجانات الخليجية، حتى أضحى حلماً لكل فنان، الغناء على هذا المسرح الجميل.

• لكنك تكاد تكون غائباً إعلامياً، فأين يكمن القصور في رأيك؟

- لست غائباً، بل حاضر وبقوة في وسائل الإعلام كافة، سواء المرئية منها أوالمقروءة أوالمسموعة، فضلاً عن مواقع التواصل الاجتماعي، التي يتداول الكثيرون من خلالها أخباري الفنية، ويقومون بنشرها أولاً بأول، وبالتالي فلا أرى أن هناك أي تقصير من الناحية الإعلامية على الإطلاق.

* يرى الكثيرون أنك مطرب مبدع، لكنك لا تعطي موهبتك الغنائية حقها، فيما يعتبرك البعض «مهملاً لفنك»، فما ردك؟

- من الظلم والإجحاف، وصفي بأنني «فنان مهمل»، لا سيما أنني تجاوزت مرحلة الموهبة منذ زمن طويل، وتخطيت حدود الإبداع، وأصبحت مدرسة فنية للأجيال، ينهل منها الجميع فناً أصيلاً وراقياً، ويتجنبون التلوث الغنائي الذي انتشر في سماء الغناء العربي أخيراً، وأرجو ألا يعتبر حديثي هذا غروراً أو كبراً – حاشا لله - بل الحقيقة التي يجب أن يعرفها الجميع بلا استثناء. أنا فنان مبدئي القيمة والإنجاز، ولم أكن مهملاً في حياتي أو فني إطلاقا، ومن يتابع أعمالي الغنائية على مدار العامين الماضيين على سبيل المثال، سيجد أنني أنجزت ألبوم «أسفار 2013» في وقت قياسي، وقمت بتصويرعشرة كليبات من الألبوم، ناهيك عن الأغاني الرياضية والوطنية التي سجلتها وأهديتها إلى بلادي، بمناسبة الإنجازات والأعياد الوطنية، فأين هو الإهمال في ذلك؟!

• هل تعتقد أن الفنان في حاجة إلى التسويق الإعلامي، عبر مدير أعمال محترف، حتى وإن كان يحظى بالشهرة والنجومية؟

- بالتأكيد، ولذلك قمت بتأسيس فريق إعلامي تحت مسمى «علي عبد الستار كونسبت ستور»، مهمته البحث عن المفهوم والمضمون، لكي يتعاطى معي ومع مشاريعي الفنية بمنتهى الحرفية الإعلامية. أما عن موضوع مدير الأعمال فلا أكترث كثيراً بهذا الأمر، حيث إن الفريق العامل معي يقوم بإدارة أعمالي، ويقف على كل التفاصيل، من دون أن يضعني في حرج مع الجمهور، أو مع من أتعاون معهم فنياً، كما يفعل بعض مديري الأعمال، الذين يشعرون الناس بأنهم ملائكة، جاؤوا خصيصاً لكي يحرسوا الفنان المنزّل من السماء و«العياذ بالله»، وهذه النوعية من مديري الأعمال، تضرّ أكثر مما تنفع، وتدفع الجمهور للابتعاد عن الفنان وتفقده جماهيريته، فمن تواضع لله رفعه، وهذه قاعدتي في الحياة.

• في كليب «هيا تعال» ظهرت في «لوك» غريب، أثار الدهشة ودفع البعض للمقارنة بينك وبين الراحل مايكل جاكسون؟

- مايكل جاكسون فنان عالمي، ويمتلك جماهيرية طاغية في أنحاء العالم كافة، وبالرغم من ذلك فأنا لا أقلده في طريقة الشعر أو الأزياء، ولكن في أغنية «هيا تعال»، حاولت الخروج عن المألوف، والابتعاد قدر الإمكان عن ما هو سائد في الكليبات الغنائية العربية، وأعترف بأن فكرة الكليب لم تجد قبولاً كبيراً، وتباينت الآراء من حولها بين مؤيد ورافض.

• هل تعتقد أن التغيير والتجديد في المظهر بات مطلباً ملحاً حتى وإن لم يكن الفنان مقتنعاً؟

- التغيير مطلوب لكل شخص، ولا يقتصر على الفنان فحسب، وخير دليل أن الكل يبحث عن الأجمل لناحية اللباس والمظهر، وأنا شخصياً مقتنع بكل «لوك» أظهر به، ولست نادماً على شيء فعلته باختياري.

• لا حظنا أن غالبية أغنياتك التي قمت بتصويرها أخيراً حملت توقيع المخرجة رولا الغزاوي، ما السبب؟

- رولا وليد الغزاوي، إعلامية ناجحة وبارزة عربياً، ولديها مدرستها الخاصة في الإخراج والتصوير، فضلاً عن رؤيتها الثاقبة، وهي ليست من نوعية المخرجين الذين يبالغون في أجورهم، والتي تصل في كثير من الأحيان إلى أرقام فلكية.

• يقال «والعهدة على الراوي» إن سر شبابك الدائم عمليات التجميل التي تجريها بين حين وآخر، فما صحة هذا الكلام؟

- هذا الكلام عار عن الصحة، فأنا لم أجر أي عملية تجميل في حياتي، عدا الاعتناء بالبشرة من خلال استخدام بعض الكريمات المرطبة فقط، إضافة إلى ممارسة الرياضة بشكل يومي، فضلاً عن الوجبات الغذائية الصحية، وهذه أسباب جمالي الخارجي وأسرار شبابي الدائم ولله الحمد. أما بالنسبة إلى أسرار الجمال الداخلي، وهو الأهم بالنسبة إليّ، فهي محبة الناس ومخافة الله سبحانه وتعالى والنوايا الصادقة.

• بعد «أسفار 2013» لم تطرح ألبوماً غنائياً جديداً، لماذا؟

- كنت منشغلاً العام الماضي بتصوير بعض أغاني «أسفار 2013» مع المخرجة رنا الغزاوي، وكما يعرف الجميع فإن الأغاني المصورة تحظى بشهرة واسعة وانتشار سريع، على عكس الأغاني الأخرى التي لا يسعفنا الوقت لتصويرها، وأعكف حالياً على تسجيل أغاني ألبومي الجديد، والمزمع طرحه منتصف هذا العام.

• اتجه البعض للأغاني المنفردة «السنغل»، كونها أقل كلفة لناحية الإنتاج، على عكس الألبومات الغنائية المكلفة، والتي لا تلقى سوقاً رائجة في عصر الإنترنت والقرصنة الإلكترونية، فهل ولى زمن الألبوم الغنائي؟

- نعم، وهذا ما أردت قوله، ولكن بالرغم من هذا يبقى للألبوم الغنائي رونقه الخاص، حتى لو انخفضت مبيعاته، حيث لا يزال هناك من يهوى جمع الألبومات والإسطوانات ولا بد أن نقوم بتوفيرها لهم.

• ألا تفكر في تجديد أغنياتك القديمة، التي لا قت نجاحاً في الماضي على غرار «يا ناس أحبه»، وغيرها، وتقديمها بتوزيع جديد، أم أنك ترى في ذلك إفلاساً؟

- بالطبع، هذا هو الإفلاس الفني بعينه، لأن السهم عندما يخرج من النشاب، فإنه لا يعود أبداً، كذلك الأغنيه الناجحة لا تحتاج إلى إعادة توزيع، لا سيما أنها ستفقد بريقها ويذوي جمالها، مع العلم أنني سوف أقوم بتصوير بعض أغنياتي القديمة، ولكن لن أعيد توزيعها، ولن أجري أي تغييرات عليها، بل سوف أدعها وشأنها تزداد جمالاً ورونقاً، فأنا كما أسلفت لست من المطربين، الذين يبحثون في زمن السبعينات، عن «أغاني الأبيض والأسود»، وتلوينها بثياب الحداثة التي قد لا تليق بها.

• من المالك الحقيقي لأغنية «يتيمة» التي تغنيت بها في السابق، لا سيما وأن الفنان السعودي خالد عبد الرحمن طرحها في أحد ألبوماته؟

- أنا صاحب الأغنية، والملحن والمطرب السعودي خالد عبد الرحمن هو من وضع ألحانها، ثم قام بطرحها في أحد ألبوماته الغنائية، ولا ضير في ذلك بالنسبة إليّ، «ولو طلب الفنان خالد عبد الرحمن عيوني أيضاً لما ترددت».

• كيف ترى مستوى الأغنية القطرية في الوقت الحالي، وما تصنيفها في قائمة الغناء الخليجي؟

- لا يوجد ما يسمى بالأغنية القطرية أو السعودية أو الكويتية أو غيرها من الدول، وإنما هناك أغنية خليجية واحدة، متعددة الإيقاعات والنكهات الموسيقية، وإن كانت تختلف اللهجات إلى حد ما، لكن يبقى «خليجنا واحد». والأغنية الخليجية نجحت بكافة المقاييس، واخترقت عالم الغناء العربي بقوة، حتى أضحى المطربون العرب يتهافتون لغنائها، لجذب الجمهور الخليجي المتذوق للطرب والمثقف موسيقياً.

• أخيراً، ما جديدك الغنائي؟

- لدي مشروع صغير، لتقديم أغنية منفردة من كلمات الشاعر العراقي كاظم السعدي ومن ألحان الفنان القدير وليد توفيق، وسوف ترى النور قريباً، إضافة إلى تسجيل أغاني ألبوم «أسفار 2015»، والذي آمل أن ينال استحسان الجماهير.
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي