الرأي اليوم / صباح الخير يا... معارضة!
صباح الخير يا جماعة المعارضة. صباح الأمل بالتفافكم حول مشروع أعلنتموه مرة واحدة ونسيتموه كل مرة. صباح الاتفاق على برامج لا على أهواء والتقاء مصالح. صباح الصورة الحضارية المطلوبة في دولة القانون والدستور. صباح العقول المفتوحة على تقبل الرأي والرأي الآخر. صباح البديل المتقدم الواجب تقديمه لجمهوركم ليحل محل ما تعتبرونه «المشاريع المتخلفة» للحكومة. صباح الرقي في الممارسة والخطاب والحوار والتواصل والاختلاف... وصباح التغيير نحو مرحلة أفضل وأرقى ولمزيد من الديموقراطية والحريات المسؤولة.
لكن لنعترف أن «الصباحات» التي ذكرناها سابقاً لا تنتمي إلى واقع المعارضة الراهن أو لم تعد تنتمي، وقبل أن يرفع السفهاء والصغار سيوف الشتائم كالمعتاد لتخوين كل من يختلف معهم في الرأي أقول إن من يسمع ويقرأ هجوم أقطاب في المعارضة ضد أقطاب في المعارضة وجوقات الردح التي يتولاها أنصارهم في وسائل التواصل الاجتماعي يعرف أننا أكثر تهذيباً وحصافة من المعارضين في وصف واقعهم.
واقع المعارضة لا يسر، وإذا كان معارضو المعارضة «يطقون إصبع» فرحاً بالوضع الذي وصلت إليه، فهذا خطأ يوازي خطأ انحراف المعارضة الحقيقية عن خطها ودخولها في حروب الواسطة نيابة عن هذا الشيخ أو ذاك المسؤول والقبول باستخدامها ذخيرة في حروب الآخرين ومشاريعهم.
لماذا؟
لأن الكويت بلا معارضة ليست الكويت... يمكن أن تكون أي دولة قريبة أو بعيدة إنما ليست الكويت. المعارضة ركيزة من ركائز الهوية الديموقراطية والسياسية للكويت ومن دونها لا ديموقراطية ولا سياسة، والكويت لا يمكنها أن تطير ولا تحلق إلا بجناحين: سلطة قادرة ومعارضة فاعلة... كلام قلناه ونقوله رغم كل ما سمعناه من إساءات وتلقيناه من بعض الموتورين المدفوعين دفعاً إلى فعل ما فعلوه.
ما أطرحه للنقاش اليوم حديث سيفهمه كباركم وقد لا تستوعبه عقول سفهائكم، إنما في النهاية الدين النصيحة ونحن شركاء في وطن واحد لذلك فالواجب يقتضي إبداء الرأي حتى ولو كان خطأً أو صواباً.
إن كل خلاف بين تيارات المعارضة وشخصياتها إنما ينعكس سلباً على البلد، خصوصاً إذا تحول الخلاف إلى ما نراه اليوم من حملات مبرمجة في وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي تمتلئ بالكثير من الصور القبيحة والإسفاف الذي يصل حد الشتائم أحياناً. ولأن لا سر في الكويت بات الجميع يدرك من يقف وراء هذه الحملات ومن هي الجهات التي تحرك الحسابات بأسماء صريحة ووهمية، لكن النتيجة هي المزيد من الضعف للمعارضة وبالتالي المزيد من ضعف الرقابة الشعبية على الأداء الحكومي. ونحن في الكويت تعلمنا أن الأداء الحكومي يسير أحياناً كثيرة في مسالك الخطأ مع وجود رقابة برلمانية وشعبية فما بالنا اليوم والمعارضة التي يفترض أنها عين الناس مشغولة حتى النخاع بصراعاتها الداخلية؟
المشكلة أن كثيرين في المعارضة ما زالوا يعيشون في مرحلة انتهت، وهم لا يريدون أن يصدقوا (أو لا يراد لهم أن يصدقوا) أن أساليب التحرك من أجل الإصلاح تغيرت ولم تعد كما كانت قبل سنوات. الوقت لم يعد في مصلحة المعارضة رغم أن بعض الجهات التي لها دالة على أقطاب في المعارضة لا تملك سوى الوقت لتمرير ما تعتقد أنه مشروعها للوصول إلى السلطة.
ثم إننا قلناها ونقولها مرارا. غياب المشروع الموحد للمعارضة رغم أي ثغرات ترد فيه يعني عملياً حضور النزعات الشخصية والمصالح الفردية. ويوم أعلنت المعارضة مشروعها اليتيم في مؤتمر صحافي كتبنا الكثير عن إيجابيات ذلك وطلبنا أن يناقش مع مختلف النخب السياسية والاجتماعية كي يصبح مشروعاً وطنياً بدل أن يكون مشروع معارضة فحسب، لكن المصيبة أن المعارضة نفسها ليست متفقة على مشروعها.
والموضوع الأهم الذي أدى إلى ما وصلت المعارضة إليه يكمن في عدم قدرتها على مقاربة الأمور الوطنية والسياسية بتحضر ورقي والاكتفاء بالشتائم والاستهزاء والتهكم وتوزيع شهادات الوطنية والإخلاص والوفاء والأمانة. كيف يسمح معارض لنفسه بشتم آخرين وتخوينهم وهو يدعي أنه يريد تقديم النموذج الحضاري البديل عن السلطة؟ ثم من قال إنه في موقع التقييم؟ وهل فوق «راسه ريشة»؟ الكويت يا من تقولون عن أنفسكم معارضة ليست أقلية من الشرفاء الأمناء وغالبية سراق وخونة. وإذا كنا سنسجل عليكم هذا النهج ونصدقكم فالأولى اليوم أن نصدقكم أيضا في ما تقولونه عن بعضكم البعض.
ومن كان السلوك الموتور ديدنه فلا بد أن يسيء التقدير أيضا سياسياً. ومن ذلك الحملة الدائمة والمستمرة على رئيس مجلس الأمة مرزوق الغانم الذي خاض بعضكم حرباً بالواسطة ضده اعتقاداً من أنه سيكون كمن سبقه رئيساً لفترة قصيرة، ولم تبق كلمة تخوين إلا وقيلت في حقه وحق المجلس الذي خاض مرزوق والنواب الآخرون انتخاباته بعد تعديل النظام الانتخابي وصدور أحكام قضائية نهائية تؤكد صحة المراسيم التي على أساسها خيضت الانتخابات. واليوم نجد أن غالبية شخصيات المعارضة تعلن أنها قد تخوض الانتخابات المقبلة على قاعدة الصوت الواحد ماسحة كل كلامها عن «خيانة مجلس بو صوت». فهل هذا جواز مرورها لكسب احترام الناخبين؟
أساء كثيرون في المعارضة تقدير قدرات وإمكانات الرئيس الغانم، وهو الذي تدرج في الشأن العام من القطاعات الشبابية والرياضية والاقتصادية والاجتماعية وصولاً إلى مسؤوليته الحالية كرأس الهرم التشريعي والرقابي. وبالتأكيد هو لا يحتاج إلى شهاداتهم بل يحتاج في كل لحظة إلى العمل لتلبية مطالب الناس المشروعة في التقدم والتطور والتغيير والإصلاح وتكريس مناخات آمنة مستقرة تسمح بالإنجاز. وما قام به الرجل وزملاؤه أعضاء المجلس حتى الآن يحسب لهم خصوصاً أنه ومنذ تسلم منصبه يتعرض يومياً لإطلاق نار سياسي من أطراف في المعارضة ويقود مرحلة التعاون بين السلطتين ويعالج أوجه التصادم ويدفع بقرارات التشريع والرقابة قدماً إلى الأمام... ووسط ذلك كله نتمنى أن نرى وجوه الشتامين والمشككين عندما يبدأ قريباً حصاد نتائج ما زرع من إنجازات على مختلف الصعد، وهي إنجازات مهما قيل عنها إلا أنها تبقى أفضل من إنجازات المجالس السابقة وتحديداً تلك التي كانت المعارضة غالبيتها.
صباح الخير يا معارضة. نقول ذلك على أمل استفاقة توقف ما بينكم أولاً، وتعيدكم إلى مشروعكم أو أي مشروع آخر تتفقون عليه ثانياً، وترد لكم دوركم الأساسي في ممارسة الرقابة الشعبية الحضارية على قرارات الحكومة ثالثاً، وتغير نهج الشتائم والتخوين رابعاً، وتراجع حساباتكم ضد الشخصيات المخلصة، وهي الحسابات التي زادت من رصيدها الشعبي وأظهرت إفلاساً سياسياً لدى بعض المعارضين... لم تنجح كل محاولات الشيخ «المستعجل» في تغطيته.
جاسم مرزوق بودي
لكن لنعترف أن «الصباحات» التي ذكرناها سابقاً لا تنتمي إلى واقع المعارضة الراهن أو لم تعد تنتمي، وقبل أن يرفع السفهاء والصغار سيوف الشتائم كالمعتاد لتخوين كل من يختلف معهم في الرأي أقول إن من يسمع ويقرأ هجوم أقطاب في المعارضة ضد أقطاب في المعارضة وجوقات الردح التي يتولاها أنصارهم في وسائل التواصل الاجتماعي يعرف أننا أكثر تهذيباً وحصافة من المعارضين في وصف واقعهم.
واقع المعارضة لا يسر، وإذا كان معارضو المعارضة «يطقون إصبع» فرحاً بالوضع الذي وصلت إليه، فهذا خطأ يوازي خطأ انحراف المعارضة الحقيقية عن خطها ودخولها في حروب الواسطة نيابة عن هذا الشيخ أو ذاك المسؤول والقبول باستخدامها ذخيرة في حروب الآخرين ومشاريعهم.
لماذا؟
لأن الكويت بلا معارضة ليست الكويت... يمكن أن تكون أي دولة قريبة أو بعيدة إنما ليست الكويت. المعارضة ركيزة من ركائز الهوية الديموقراطية والسياسية للكويت ومن دونها لا ديموقراطية ولا سياسة، والكويت لا يمكنها أن تطير ولا تحلق إلا بجناحين: سلطة قادرة ومعارضة فاعلة... كلام قلناه ونقوله رغم كل ما سمعناه من إساءات وتلقيناه من بعض الموتورين المدفوعين دفعاً إلى فعل ما فعلوه.
ما أطرحه للنقاش اليوم حديث سيفهمه كباركم وقد لا تستوعبه عقول سفهائكم، إنما في النهاية الدين النصيحة ونحن شركاء في وطن واحد لذلك فالواجب يقتضي إبداء الرأي حتى ولو كان خطأً أو صواباً.
إن كل خلاف بين تيارات المعارضة وشخصياتها إنما ينعكس سلباً على البلد، خصوصاً إذا تحول الخلاف إلى ما نراه اليوم من حملات مبرمجة في وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي تمتلئ بالكثير من الصور القبيحة والإسفاف الذي يصل حد الشتائم أحياناً. ولأن لا سر في الكويت بات الجميع يدرك من يقف وراء هذه الحملات ومن هي الجهات التي تحرك الحسابات بأسماء صريحة ووهمية، لكن النتيجة هي المزيد من الضعف للمعارضة وبالتالي المزيد من ضعف الرقابة الشعبية على الأداء الحكومي. ونحن في الكويت تعلمنا أن الأداء الحكومي يسير أحياناً كثيرة في مسالك الخطأ مع وجود رقابة برلمانية وشعبية فما بالنا اليوم والمعارضة التي يفترض أنها عين الناس مشغولة حتى النخاع بصراعاتها الداخلية؟
المشكلة أن كثيرين في المعارضة ما زالوا يعيشون في مرحلة انتهت، وهم لا يريدون أن يصدقوا (أو لا يراد لهم أن يصدقوا) أن أساليب التحرك من أجل الإصلاح تغيرت ولم تعد كما كانت قبل سنوات. الوقت لم يعد في مصلحة المعارضة رغم أن بعض الجهات التي لها دالة على أقطاب في المعارضة لا تملك سوى الوقت لتمرير ما تعتقد أنه مشروعها للوصول إلى السلطة.
ثم إننا قلناها ونقولها مرارا. غياب المشروع الموحد للمعارضة رغم أي ثغرات ترد فيه يعني عملياً حضور النزعات الشخصية والمصالح الفردية. ويوم أعلنت المعارضة مشروعها اليتيم في مؤتمر صحافي كتبنا الكثير عن إيجابيات ذلك وطلبنا أن يناقش مع مختلف النخب السياسية والاجتماعية كي يصبح مشروعاً وطنياً بدل أن يكون مشروع معارضة فحسب، لكن المصيبة أن المعارضة نفسها ليست متفقة على مشروعها.
والموضوع الأهم الذي أدى إلى ما وصلت المعارضة إليه يكمن في عدم قدرتها على مقاربة الأمور الوطنية والسياسية بتحضر ورقي والاكتفاء بالشتائم والاستهزاء والتهكم وتوزيع شهادات الوطنية والإخلاص والوفاء والأمانة. كيف يسمح معارض لنفسه بشتم آخرين وتخوينهم وهو يدعي أنه يريد تقديم النموذج الحضاري البديل عن السلطة؟ ثم من قال إنه في موقع التقييم؟ وهل فوق «راسه ريشة»؟ الكويت يا من تقولون عن أنفسكم معارضة ليست أقلية من الشرفاء الأمناء وغالبية سراق وخونة. وإذا كنا سنسجل عليكم هذا النهج ونصدقكم فالأولى اليوم أن نصدقكم أيضا في ما تقولونه عن بعضكم البعض.
ومن كان السلوك الموتور ديدنه فلا بد أن يسيء التقدير أيضا سياسياً. ومن ذلك الحملة الدائمة والمستمرة على رئيس مجلس الأمة مرزوق الغانم الذي خاض بعضكم حرباً بالواسطة ضده اعتقاداً من أنه سيكون كمن سبقه رئيساً لفترة قصيرة، ولم تبق كلمة تخوين إلا وقيلت في حقه وحق المجلس الذي خاض مرزوق والنواب الآخرون انتخاباته بعد تعديل النظام الانتخابي وصدور أحكام قضائية نهائية تؤكد صحة المراسيم التي على أساسها خيضت الانتخابات. واليوم نجد أن غالبية شخصيات المعارضة تعلن أنها قد تخوض الانتخابات المقبلة على قاعدة الصوت الواحد ماسحة كل كلامها عن «خيانة مجلس بو صوت». فهل هذا جواز مرورها لكسب احترام الناخبين؟
أساء كثيرون في المعارضة تقدير قدرات وإمكانات الرئيس الغانم، وهو الذي تدرج في الشأن العام من القطاعات الشبابية والرياضية والاقتصادية والاجتماعية وصولاً إلى مسؤوليته الحالية كرأس الهرم التشريعي والرقابي. وبالتأكيد هو لا يحتاج إلى شهاداتهم بل يحتاج في كل لحظة إلى العمل لتلبية مطالب الناس المشروعة في التقدم والتطور والتغيير والإصلاح وتكريس مناخات آمنة مستقرة تسمح بالإنجاز. وما قام به الرجل وزملاؤه أعضاء المجلس حتى الآن يحسب لهم خصوصاً أنه ومنذ تسلم منصبه يتعرض يومياً لإطلاق نار سياسي من أطراف في المعارضة ويقود مرحلة التعاون بين السلطتين ويعالج أوجه التصادم ويدفع بقرارات التشريع والرقابة قدماً إلى الأمام... ووسط ذلك كله نتمنى أن نرى وجوه الشتامين والمشككين عندما يبدأ قريباً حصاد نتائج ما زرع من إنجازات على مختلف الصعد، وهي إنجازات مهما قيل عنها إلا أنها تبقى أفضل من إنجازات المجالس السابقة وتحديداً تلك التي كانت المعارضة غالبيتها.
صباح الخير يا معارضة. نقول ذلك على أمل استفاقة توقف ما بينكم أولاً، وتعيدكم إلى مشروعكم أو أي مشروع آخر تتفقون عليه ثانياً، وترد لكم دوركم الأساسي في ممارسة الرقابة الشعبية الحضارية على قرارات الحكومة ثالثاً، وتغير نهج الشتائم والتخوين رابعاً، وتراجع حساباتكم ضد الشخصيات المخلصة، وهي الحسابات التي زادت من رصيدها الشعبي وأظهرت إفلاساً سياسياً لدى بعض المعارضين... لم تنجح كل محاولات الشيخ «المستعجل» في تغطيته.
جاسم مرزوق بودي