حوار / يحضِّر أغنية وطنية «جسراً للمحبة» بين الكويت والعراق

سعدون جابر لـ «الراي»: القضاء برّأني ... مع «السيّاب» !

تصغير
تكبير
• سأغنّي «أنشودة المطر» بأسلوب مختلف
عن محمد عبده

• العراق ذاق الأمرّين
من الديكتاتورية ... والتطرّف

•شعيل وعبد القادر ...
من «أبراج الكويت» الحقيقيين
أخيراً... الإفراج عن «بدر شاكر السياب»... بحكم قضائي!

ليس المقصود - بطبيعة الحال - الشاعر العراقي الكبير، الذي رحل عن دنيانا قبل أكثر من 50 عاماً... بل هو مسلسل درامي يحمل اسم الشاعر المبدع، أطلق القضاء العراقي سراحه، ليخرج إلى النور - بعد حبسه في أروقة المحاكم سنواتٍ طوالاً - وبخروجه كُتبت «البراءة» للمطرب والممثل العراقي الكبير سعدون جابر من اتهامات مغلّظة كان صوّبها إلى صدره ورثةُ السياب، ناسبين إليه أنه «شوّه سمعة الشاعر ونال من تاريخه الأدبي العريق من خلال المسلسل»!


«الراي» أبتْ إلا أن تكون حاضرةً في هذا الحدث القضائي/ الفني اللافت... فدقت أرقام الهاتف!

وما أجمل أن يكون المتحدث على الطرف الآخر هو الفنان سعدون جابر «الذي برّأه القضاء العراقي لفوره»!

من أميركا، حيث يعيش حالياً، نفى جابر نفياً قاطعاً الاتهامات الموجهة إليه، واصفاً إياها بـ «الجائرة وغير المنطقية»، ومتسائلاً: «كيف أسيء لتاريخ الشاعر الأول في العراق، وأنا متيّم بمسيرته الأدبية الحافلة؟!»، مردفاً: «لقد تغنيت بقصائد مختلفة من تراثه، ومنها على سبيل المثال لا الحصر رائعة (سِفر أيوب) التي يقول فيها: لك الحمد مهما استطال البلاء... ومهما استبد الألم... لك الحمد إن الرزايا عطاء... وإن المصيبات بعض الكرم». وكشف الفنان سعدون جابر عن أن مسلسل «السياب» سيرى النور قريباً بعدما ظل حبيسا على مدى سنوات رهناً للنزاع القانوني بينه وبين ورثة الشاعر.

وأكد جابر، في حديثه الهاتفي مع «الراي»، أن «العمل، الذي يجمع أكثر من سبعين ممثلاً وممثلة من صفوة فناني العراق، يتناول مسيرة حياة السياب بكل مراحلها منذ ولادته في البصرة 25 ديسمبر العام 1926 ومرورا بمرضه عام 1961، إلى تنقله للعلاج ما بين لندن وباريس.

جابر تطرق إلى أن المسلسل سيلقي الضوء على الأيام الأخيرة التي قضاها السياب فوق سرير المرض في المستشفى الأميري، الذي احتُجز فيه، على إثر إطلاق الشاعر الكويتي الكبير علي السبتي مناشدةً إلى وزير الصحة آنذاك عبد اللطيف الثنيان، لمعالجة السياب على نفقة الدولة، وحينها لم يتوانَ الثنيان بدوره في تلبية الطلب، مُصدراً قراره برعاية السياب بأقصى الإمكانات الصحية المتاحة تحت إشراف نخبة من كبار الأطباء والممرضين، وذلك بناء على توصيات من جانب الحكومة الكويتية التي كانت تراقب - من كثب - حالة الشاعر الكبير، وقدمت له كل ضروب الدعم والاهتمام، إلى أن وافته المنية - في المستشفى ذاته - عشية ذكرى مولده 24 ديسمبر من العام 1964 بعد صراع مرير مع مرض التصلب العصبي في النخاع الشوكي، حيث أعيد جثمانه إلى مسقط رأسه في البصرة، ليوارَى جثمانه الثرى في مقبرة الحسن البصري بمدينة الزبير. وكان ذلك في عهد المغفور له بإذن الله تعالى الأمير الشيخ عبد الله السالم الصباح طيّب الله ثراه.

ولفت جابر إلى أن العمل يستعرض أيضاً المسيرة الإبداعية للسياب الذي أغنى ديوان الشعر العربي الحر بقصائد خالدة، وأردف جابر: «أجسد في المسلسل شخصية مطرب يُدعى أحمد منذر يعشق شعر السياب ويشدو بعشر قصائد منها (أنشودة المطر) و(شناشيل ابنة الجلبي) و(غريب على الخليج)، وغيرها من الروائع الشعرية التي تداعب الإحساس وتروي القلوب العطشى بشلالات الشعر العربي الزلال».

وأكمل «أن الفنان العراقي حكيم جاسم هو من سيجسد شخصية السياب، وذلك للشبه الكبير بينهما، من حيث ملامح الوجه الحزينة والنحول الشديد في الجسد»، لافتاً إلى أن مسلسل بدر شاكر السياب هو ثاني عمل يقدمه، بعدما جسد شخصية المطرب العراقي الكبير ناظم الغزالي، الذي لاقى نجاحا منقطع النظير وحظي بإشادة النقاد والمشاهدين على حد سواء.

وحول قصيدة «أنشودة المطر» التي سبق أن شدا بها فنان العرب محمد عبده، أوضح المطرب العراقي أنه سيقدمها بلحن مغاير يليق بمستوى القصيدة الرائعة، وهو من توقيع الموسيقار الراحل طالب القرغولي، مشيراً إلى أن اللحن والتوزيع الموسيقي يختلفان كلياً عن الأسلوب اللحني الذي استخدمه الفنان محمد عبده في القصيدة ذاتها.

سعدون جابر أوضح أنه يعكف حالياً على تسجيل أغنية من روائع أبي الطيب المتنبي، وهي القصيدة المذهبة في هجاء حاكم مصر كافور الأخشيدي (في القرن الرابع الهجري)، حيث يقول في مطلع القصيدة:

«عيد بأي حال عدت يا عيد... بما مضى أم بأمر فيه تجديد، أما الأحبة فالبيداء دونهم... فليْتَ دونك بيداً دونها بيد».

ولم ينس «أبو الطيب العراقي» - سعدون جابر - أن يستذكر مآثر الشاعر الكويتي الكبير الراحل فائق عبد الجليل الذي حظي أخيراً بليلة تكريم خاصة، تسربلت بثوب الطرب، في مهرجان القرين الثقافي، لافتاً إلى «أن عبد الجليل من فطاحل الشعراء في الخليج والوطن العربي بشكل عام، كما أن قصائده المغناة لا تزال عالقةً في أذهان الجماهير، وتتخذ لها مكاناً رفيعاً في وجدان الطرب العربي الأصيل»، وموضحاً أنه تغنى من أشعار الشهيد برائعة «واحد من الناس»، قبل أن يتغنى بها المطرب أصيل أبو بكر، إضافة إلى قصيدة «بياع كلام».

وأماط الفنان العراقي اللثام عن أغنية جديدة تحمل صبغة وطنية وإنسانية، حيث يعكف على تحضيرها حالياً على صفيح ساخن، تمهيداً لتقديمها وإهدائها خصيصاً للشعبين الكويتي والعراقي، هادفاً إلى إذابة ما تبقى من الجليد بين الكويت والعراق، ورامياً إلى مد جسور المحبة من جديد بين الجارين الشقيقين، لا سيما بعد سنوات القطيعة والفراق بين الأحبة (بحسب تعبيره)، مضيفاً أن العمل يجري على قدم وساق لتسجيل بعض من أغاني ألبومه الجديد الذي يتعاون من خلاله مع نخبة من الشعراء والملحنين الخليجيين، غير أنه لم يفصح عن نوعية الأغاني المختارة، مبرراً «تحفظه الشديد» بقوله: «إذا أردتم الاستمتاع بالوجبة الدسمة فلا تتذونقوها قبل أن تنضج».

وعزا أسباب تأخره في طرح الألبوم الغنائي إلى «الأجواء السياسية المتوترة في الوطن العربي بشكل عام، ولا سيما بلده الذي يشهد ظروفاً أمنية شديدة الصعوبة»، مبيناً «أن العراق ذاق الأمرّين من جانب الديكتاتورية والمتطرفين على حد سواء»، ومؤكداً: «أتطلع إلى زيارة جمهورية العراق، ولا بد أنني سأفعل حينما تنقشع الفتن الطائفية وتتبدد غيوم الاستبداد» (وفقاً لكلامه).

وتطرق جابر، في سياق حديثه الهاتفي مع «الراي»، إلى علاقته مع الفنانين الكويتيين، موضحاً أنه تجمعه علاقة وطيدة بالفنانين الكويتيين، ومن بينهم رفيقا دربه نبيل شعيل وعبد الكريم عبد القادر، مضيفاً: «هذان ومن على طرازهما قمم شامخة في ساحات الطرب الخليجي، بل إنهم بمنزلة أبراج الكويت الحقيقيين»، متمنياً في الوقت ذاته الشفاء العاجل لـ «الصوت الجريح» (الذي غادر قبل فترة قصيرة إلى ألمانيا لاستكمال الفحوص الطبية بعد تعرضه لالتهاب شديد في البنكرياس). واختتم جابر حديثه مع «الراي» بقوله: «أرسل قبلاتي وأطبعها على جبين الشعب الكويتي الشقيق، وكل عام وأنتم بخير... و(هلا فبراير) سعيد بإذن الله».
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي