من أخطر المفاهيم أن نعلق انتصار الحق على الباطل بشخص أو جماعة أو حزب أو قناة ، ونغفل عن أن مصدر الانتصار هو الله تعالى القائل : ( وما النصر إلا من عند الله العزيز الحكيم ) .
في غزوة أحد أُشيع مقتل الرسول عليه الصلاة والسلام فألقى بعض الصحابة سلاحهم ، فرآهم أنس بن النضر فسألهم عن السبب ، فقالوا : قُتل رسول الله ، فقال : فماذا تصنعون بعده ؟ قوموا فموتوا على ما مات عليه .
وبعد سنوات عندما توفي الرسول صلى الله عليه وسلم قام عمر بن الخطاب يخطب في الناس : من قال إن محمدا قد مات ضربت عنقه، فرد عليه الصديق أبو بكر: من كان يعبد محمداً فإن محمداً قد مات ومن كان يعبد الله تعالى فإن الله حي لا يموت .
واستكمل الصحابة مسيرة الدعوة والجهاد حتى فتح الله عليهم المشرق والمغرب.
في غزوة مؤتة قُتِل قادة المعركة الثلاثة الذين عيّنهم الرسول صلى الله عليه وسلم ، لكن خالد بن الوليد تسلم القيادة واستطاع إنقاذ جيش المسلمين، بخطة محكمة .
في معركة اليرموك كان قائد جيش المسلمين خالد بن الوليد وبعد وفاة أبي بكر وتولي عمر بن الخطاب الخلافة، أمر بعزل القائد خالد عن قيادة الجيش على أن يتولى القيادة بدلا منه أبو عبيدة بن الجراح، وحقق الله تعالى النصر للمسلمين برغم تغير القائد.
أسس الإمام حسن البنا دعوة الإخوان المسلمين عام 1928 وكان الهدف هو دعوة الناس إلى الرجوع إلى دينهم ولكي تعود الخلافة الإسلامية التي أُسقطت عام 1924.
وتم اغتيال البنا عام 1949 ، عندما أسس ألوية تجاهد في فلسطين بعد احتلال الصهاينة لبعض أراضيها عام 1948، إلا أن جماعته وأفكاره انتشرت وامتدت لتصل إلى معظم دول العالم عربيها وأعجميها، لأنه قد يكون من السهل أن تنهي حياة إنسان لكن من الصعب أن تقضي على أفكاره إذا آمن بها أتباعه، وها هم يكملون دعوته ويسعون إلى تحقيق غايته.
إن أي مؤسسة أو حزب أو جماعة أو دولة ستعتبر فاشلة إذا توقف نجاحها أو وجودها على شخص معين ، والقائد الناجح هو من يربّي ويهيىء خلفه قادة يحملون الراية من بعده .
صحيح أن هناك شخصيات لها مواصفات خاصة وكاريزما معينة لكن لا يعني ذلك أن يعدم من وجود رموز جديدة .
قس هذا الأمر على أي شخص متميز في مجاله ، فالدنيا أو الانجازات لم تقف بعد وفاته أو قتله أو اعتزاله أو عزله .
وهناك العديد من الأمثلة على المستوى السياسي والاقتصادي والعسكري والدعوي وحتى الرياضي .
وعلى سبيل المثال : كنا نقول من سيخلف أردوغان في رئاسة وزراء تركيا واذ بنا نفاجأ بشخصية قيادية فذة وهو د أحمد داود أوغلو ، ومن تابع لقاءه مع الجزيرة في برنامج «بلا حدود» يدرك أننا نتحدث عن شخصية قيادية متميزة من الطراز الأول .
إغلاق قناة «الجزيرة مباشر مصر» ، والذي تم بسبب الظروف الإقليمية أحزن بعض مناصري الرئيس مرسي ومن رافضي حكم العسكر، ونقول لهؤلاء إن بعض القنوات الفضائية قد تنصر الحق لكنها لا تصنع النصر، وإذا أغلقت قناة فستولد قنوات غيرها .
والمهم أن نؤمن جميعا بأن النصر إنما يتحقق بإرادة الله تعالى وحده الذي بيده موازين الأمور وتصريف الأقدار (إن ينصركم الله فلا غالب لكم وإن يخذلكم فمن ذا الذي ينصركم من بعده وعلى الله فليتوكل
المؤمنون).
Twitter :@abdulaziz2002