سحرت تركيا كثيراً من شعوب العالم خلال السنوات الأخيرة الماضية، حتى وقعوا في غرامها، وصار لسان حال بعضهم «يا ليتني كنت تركيًّا».
لست أقصد سحرها المأخوذ من طبيعتها الخلابة، أو مرافقها السياحية، وإنما ذلك التقدم والتطور والازدهار السريع الذي تعيشه تركيا في عهد حزب «العدالة والتنمية»، والذي أصبح مضربا للأمثال.
قرأت كثيرا عن التجربة التركية ما كتب عنها، المؤتمرات التي عقدت من أجل الحديث عنها، الدراسات التي حددت أهم معالم نجاحها.
ويمكنني أن أذكر هنا بعض ما استخلصته من هذه القراءة ومنها:
- الحرص على النهوض بحال المواطن التركي وتقديم الخدمات الضرورية والسعي في التنمية المجتمعية.
وتمثل ذلك بحل أكبر 5 مشكلات كانت تعاني منها تركيا وهي: المياه، وتلوث الهواء، والمواصلات، والسكن، والقمامة.
فقد استطاعت حكومة حزب «التنمية والعدالة» بقيادة أردوغان من حل مشكلة المياه بالتعاقد مع مؤسسات سعودية لنقل المياه وبتكاليف رمزية.
وتم حل مشكلة تلوث الهواء من خلال تمديد أنابيب الغاز الطبيعي إلى المنازل، مما ساعد في القضاء على التلوث الناتج من احتراق الفحم الحجري والذي كان يستخدم في التدفئة.
وعالجت مشكلة المواصلات بإنشاء 34 مرفأ بحرياً، وتشغيل مترو الأنفاق، مع استخدام برنامج مروري خاص، وتم إنشاء مطار ثانٍ، والآن تم اعتماد إنشاء مطار ثالث سيكون الأضخم في أوروبا.
وبالنسبة لمشكلة السكن تم إنشاء شقق سكنية في أراضٍ غير مستصلحة، وتم توزيعها في قرعة معلنة نقلها التلفاز لضمان الشفافية والمصداقية.
كما تم تخصيص سكن للمعسرين مع جعل الدفع عبر أقساط ميسرة.
واستطاعت الحكومة علاج مشكلة تراكم القمامة، من خلال التعاقد مع شركات خاصة تقوم بجمعها، ومن ثم تصنيفها وتخزينها لاستصدار غاز الميثان.
ومن عوامل نجاح أردوغان منعه للسرقات، ومحاسبته للمقصرين، واختياره للكفاءات في المناصب القيادية وفي مقدمها الوزراء.
كما أن الحرص على تحقيق العدالة بين الشعب سواء في حل المنازعات أو محاسبة المخطئين أو توزيع المنح والعطايا كان من العوامل التي ساهمت في كسب تعاطف وتأييد الكثيرين.
ومن أسباب نجاح التجربة التركية التدرج في التغيير، وعدم أخذ الناس للإصلاح مرة واحدة دون الأخذ بالاعتبار القوى المعادية ومصالح أصحاب النفوذ، وطبيعة الناس الذين عاشوا تحت الحكم العلماني لأكثر من ثمانين سنة.
واستطاعت حكومة أردوغان تشجيع الاستثمار الأجنبي داخل تركيا، وقد أخبرني أحد الأصدقاء عن اللقاء الذي تم بينه وبين أحد المسؤولين الاقتصاديين في السفارة التركية، وعن التسهيلات التي تقدمها تركيا للمستمر الأجنبي ومنها تخفيض الضرائب في حال توظيف مواطنين أتراك.
هذه بعض العوامل التي ساعدت في نجاح التجربة التركية، والسؤال الذي يطرح نفسه، هل بالإمكان الاستفادة من تلك التجربة في تحسين وتطوير الحياة في الكويت؟ هل من الصعب تحسين الأداء الحكومي، هل من المستحيل حل مشاكل التربية والصحة والازدحام المروري؟ هل يصعب علينا استخدام نظم جديدة لإنجاز المعاملات؟ هل نحن عاجزون عن تنويع مصادر الدخل وخاصة مع الأزمة الاقتصادية الناتجة عن انخفاض أسعار النفط؟
اعتقد أن الحل ليس بمستحيل، وبنظرة إلى دول خليجية شقيقة، كيف كانت وماذا أصبحت، يجعلنا نؤمن أن التغيير ممكن، لكنه يحتاج إلى إرادة.
Twitter:@abdulaziz2002