عبدالعزيز صباح الفضلي / رسالتي

المنابر بين «داعش» و«النفاس»

تصغير
تكبير
لو سألت أي شخص عن المسجد الذي يقصده لحضور خطبة الجمعة، فإن الرد غالبا لن يتعدى إحدى هذه الإجابات: الأقرب للسكن، الأقصر خطبة، الخطيب المشهور، صاحب الطرح الإيماني، صاحب الطرح السياسي، المتوافق مع فكري، لا يهم أي مسجد...

ومن يتأمل أحوال خطباء الجمعة يجد منهم المتميز، ويجد في الطرف الآخر من يحتاج إلى إعادة تدريب وتوجيه.


لكن الذي يهم في طرحي لهذا الموضوع هو أهمية أن يتناول خطيب المسجد واقع الناس وهموم المصلين، وأحوال المسلمين.

بعض الخطباء يركز في خطبه على الأحكام الفقهية، ولو وقعت مجزرة أو مأساة للمسلمين في بلد ما فإن ذلك لن يكون من أولوياته، فموضوع أحكام النِفاس عنده أولى من القدس!!

خطيب آخر جعل جُلّ خُطَبِه في التحذير من فكر التطرف والخوارج، ونحن معه في محاربة فكر التكفير والتطرف، لكن أن تجعل ذلك هو محور جميع الخطب فهذا غير مقبول، خاصة وأننا لا نعاني في الكويت كثيرا من هذا الفكر كما هي حال بعض البلاد الأخرى.

خطيب آخر يهتم بالجوانب الإيمانية، وبلا شك فإن المصلين في أمس الحاجة إلى ترقيق القلوب، وتوجيهها إلى طريق الاستقامة، لكن ألا تحتاج مشاكل الناس وقضاياهم الاجتماعية إلى شيء من العناية والتوجيه؟

تقع مظالم بين الناس، فلا يُلتفت لها، تحدث مشاكل أسرية، والخطيب غائب عن طرح أي معالجات لها!!

يقتحم الصهاينة المسجد الأقصى، ويغلقونه دون المقدسيين، والخطيب في غيبوبة تامة عن قضية المسلمين الأولى!!

المنبر أمانة، وصعوده يحتاج إلى الشعور بالمسؤولية، خاصة وأن الناس ملزمة بالإنصات إلى الخطيب، وعدم الانشغال عنه، ويكفي أنه من قال لصاحبه أثناء الخطبة (صه) فلا جمعة له.

والناس تأتي للجمعة لتسمع رأي الشرع في الأحداث التي تجري من حولهم، فيرجعون بخيبة أمل عندما يجدون أن الخطيب في وادٍ وواقعهم في وادٍ آخر.

من الملاحظات الأخرى على بعض الإخوة الخطباء هو الاختصار المخل في زمن الخطبة، فالبعض لا تكاد خطبته تتجاوز سبع دقائق، وهذه أقرب إلى الخاطرة منها إلى الخطبة.

و وزارة الأوقاف تحاسب الخطيب إذا تجاوز عشرين دقيقة، لكنها تغض الطرف عن صاحب الـ 7 دقائق!!

هناك حرب شعواء على الإسلام وأحكامه، وهناك من يريد إقصاء الشريعة عن واقع المسلمين، وأن يكون الدين محصورا في المسجد وفي الأمور التعبدية فقط، وأعتقد أن من واجب خطيب الجمعة أن يرد على هذه الشبهات وغيرها، وأن يدافع عن الشريعة ويبين صلاحيتها لكل زمان ومكان، وأن يوضح أن الإسلام منهج حياة، يدخل في الشؤون الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، ومن يقل غير ذلك فإنه لم يفقه حقيقة الدعوة المحمدية.

أود أن أختم ببيان تقديري واحترامي لإخواني خطباء المساجد، وما طرحته هو وجهة نظر وتناصح في ما بيننا، أرجو أن تتسع صدورهم لقبوله.


Twitter:@abdulaziz2002
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي