قرارات تشريعية وتنظيمية منتظرة لاستعادة الثقة واجتذاب السيولة
تحرك حكومي - رقابي لتنشيط السوق
• خطوات إصلاحية تشمل «صانع السوق» والمشتقات وعزل الشركات السيئة الأداء
• وجهتا نظر في شأن السيولة الحكومية ... إحداهما ترى إمكانية تنشيط «المحفظة الوطنية»
• وجهتا نظر في شأن السيولة الحكومية ... إحداهما ترى إمكانية تنشيط «المحفظة الوطنية»
يتبلوَر في الأروقة الحكومية تحرّك ما لتنشيط سوق المال، لم تتضح معالمه بعد، لكن الثابت فيه وجود زخم للإصلاح يدعمه رئيس هيئة أسواق المال نايف الحجرف، ولن يتأخر عنه وزير المالية أنس الصالح إذا اقتضى الأمر ضخ سيولة حكوميّة.
مصادر حكوميّة أكدت لـ «الراي» أن التحرّك المنتظر ليس ردّ فعل على «التراجع الحاصل في أسواق النفط، وإنما ضمن استراتيجية متكاملة لتنشيط السوق ووضعه على المسار الصحيح، خصوصاً أن حال السوق ليس مرتبطاً فقط بأسواق النفط وإنما هناك عوامل كثيرة أدت إلى خموله وتراجع أدائه».
ويبدو أن التحرّك سيرتكز هذه المرّة إلى إصلاحات تنظيميّة وتشريعيّة، تعيد الاستثمار المؤسسي إلى السوق، وتنشّط حركة السيولة عبر أدوات استثماريّة متقدّمة، من التقليل من احتمال التوجّه لضخ سيولة حكوميّة لتنشيط التداول إذا اقتضى الأمر. لكن هذه النقطة بالذات لا تزال محلّ أخذ ورد حول شكل التدخل الحكومي المطلوب وجدواه في ضوء تجربة «المحفظة الوطنية» بإيجابياتها وإخفاقاتها.
وخلافاً للمبادرات الحكومية السابقة التي لم تغيّر الكثير في وضع السوق، يبدو أن التحرّك ينطلق الآن من تشخيص أعراض مشكلة السوق ومسبّباتها، وهي في تقدير مطّلعين «ليست في تراجع المؤشرات ومستويات الأسعار فقط، بل في غياب الثقة المحليّة والأجنبية، وإحجام الاستثمار المؤسسي عن التداول فيه، وانخفاض مستويات السيولة إلى عُشر ما كانت عليه في فترات الرواج».
وتشير أجواء المطّلعين على المداولات في الاجتماعات الجارية على أكثر من صعيد، إلى أن ثمّة اتفاقاً بين أهل الخبرة على أن «المشكلة ليست في عدم توافر السيولة، فأموال المحفظة الوطنية مجمّدة في البنوك، وكذلك الكثير من أموال القطاع الخاص، والسيولة الأجنبية تمر بجانب السوق الكويتي في طريقها إلى الإمارات وقطر، من دون أن تلتفت إليه. وكل هذه المصادر يمكن أن توفّر تدفقات كبيرة للسيولة متى عولجت الاختلالات العميقة وتوافرت الثقة».
وتأسيساً على ذلك، ثمّة وجهة نظر بأن ما يحتاجه السوق ليس سيولة حكوميّة مصطنعة، بل توفير بيئة مناسبة للاستثمار.
وينقل ذوو صلة ممن اجتمعوا بمسؤولين كبار في هيئة أسواق المال في الأيام الماضية كلاماً ذا مغزى عن ضرورة إدخال إصلاحت هيكليّة أساسيّة إلى السوق، تردّد الكثير منها في توصيات العديد من الجهات مثل «ناسداك أو إم إكس» واللجان المحليّة التي تولّت البحث في تطوير سوق المال، وبات لزاماً تنظيمها ووضعها على سكّة القرار.
ويبدو من حصيلة الأفكار المطروحة تقود إلى توقّع بضع معالجات لا بد منها:
- صانع السوق: بعد سنوات من الحديث عن أهميته، يبدو أن تشريع «صانع السوق» كوعاء استثماري بات يلقى اهتماماً جديّاً لدى من بيدهم القرار، لتنظيم مستويات السيولة على الأسهم والحد من هوامش التذبذب.
- المشتقات المالية: مثل خيارات البيع والشراء وصناديق المؤشرات التي توفّر أوعية مؤسسية جديدة للاستثمار وتنشيط السيولة.
- حل للشركات الخاملة: ثمة اعتقاد بأن في السوق سلع كثيرة ممتازة وتشغيلية، لكنها لا تتمتع بمعدل دوران عالٍ، إما لان السوق لا يلتفت إليها، وإما لأن الكميات المتاحة للتداول فيها ضئيلة، فما يتوافر منه يمتصه السوق بسرعة ولا يفلته بسهولة.
- عزل الشركات السيئة الأداء: التي لا تتوافر لديها تدفقات نقدية منتظمة، وتتسم الحركة عليها بالمضاربات والإشاعات، ما يؤثر سلباً على حركة المؤشرات ويخلق فقاعات سعرية بين حين وآخر، تؤثّر سلباً في الثقة بالسوق.
مصادر استثمارية واسعة الاطلاع رصدت إيجابيات في نمط التحرك المستجد، «فالعمليّة تستند إلى تشاور مع أهل الخبرة، وتصب في النهاية لدى صاحب قرار واحد، لديه ما يكفي من الصلاحيات لإدخال الإصلاحات التنظيمية والتشريعية اللازمة».
وفي موازاة التحرّك التنظيمي، يحضر في الأوساط المعنيّة سؤال عن الدور الذي يمكن أن تلعبه الحكومة في هذا الإطار. ويبدو أن هناك رؤى مختلفة على هذا الصعيد. ففي الهيئة العامة للاستثمار من يسوق المقولة التقليديّة برفض ضخ أموال استثنائية والتدخل المصطنع لتصعيد الأسهم، ويتمسّك بالأسس الاستثماريّة لنشاط الهيئة في البورصة.
وفي هذا النقاش تحضر دائماً تجربة المحفظة الوطنية، التي كان مراداً لها أن تستثمر ملياري دينار في سوق الأسهم، وانتهى بها الأمر استثمار ما بين 10 و15 في المئة فقط من هذا الرقم في السوق، وتجميد مثله في البنوك، بسبب عدم وجود فرص من وجهة نظر القائمين على إدارتها. وخلاصة هذه التجربة أن المشكلة ليست في الاموال، بل في الفرص.
وفي المقابل، هناك من يضع اللوم على من أدار المحفظة الوطنية بذهنية المضارب المنافس للمضاربين الآخرين، ويعتقد أن بإمكان الهيئة العامة للاستثمار لعب دور أكثر فاعلية وأقوى تأثيراً، سواء من خلال المحفظة الوطنية أو من خلال صناديق جديدة، لأنها تدرك أن خططها في الخصخصة لايمكن أن تنجح في ظل تداولات لا تتجاوز 15 مليون دينار يومياً وفي ظل سوق شبه خامل، إذ إنها ستكون المستفيد الأكبر من تنشيط السوق، خصوصاً عبر صناديق ومحافظ، ومن المرجح أن تضطلع بدور أساسي في صندوق صانع للسوق بمساهمة كبرى الشركات الاستثمارية في السوق.
وبالنسبة إلى «الكويتية للاستثمار» (الذراع الاستثمارية للهيئة) لا مشكلة في بيعها إذ إن الهيئة تنوي توسيع تجربتها في التعامل مع الشركات الاستثمارية المملوكة للقطاع الخاص في ضوء تجربتها معها.
الحجرف في البورصة اليوم
| كتب علاء السمان |
يلتقي رئيس مجلس مفوضي هيئة أسواق المال الدكتور نايف الحجرف في اجتماعين منفصلين اليوم، الإدارة العليا في سوق الكويت للاوراق المالية وموظفي مرفق السوق.
وتُعد الزيارة التي أُبلغت بها قطاعات البورصة بمثابة إشارة الى أهمية المرفق والعاملين فيه، الى جانب توسيع قاعدة التواصل بين الهيئة والبورصة.
وقالت مصادر ذات صلة لـ «الراي» إن مبادرة الحجرف لفتح أبواب الهيئة أمام الجميع ستذلل الكثير من العقبات والاشكاليات وستوفر آليات أكثر مرونة للتواصل البناء ما بين الهيئة والجهات ذات العلاقة. وكان مفوض الهيئة المسؤول عن قطاع الرقابة والتفتيش خليفة العجيل قد زار البورصة الأسبوع الماضي.
مصادر حكوميّة أكدت لـ «الراي» أن التحرّك المنتظر ليس ردّ فعل على «التراجع الحاصل في أسواق النفط، وإنما ضمن استراتيجية متكاملة لتنشيط السوق ووضعه على المسار الصحيح، خصوصاً أن حال السوق ليس مرتبطاً فقط بأسواق النفط وإنما هناك عوامل كثيرة أدت إلى خموله وتراجع أدائه».
ويبدو أن التحرّك سيرتكز هذه المرّة إلى إصلاحات تنظيميّة وتشريعيّة، تعيد الاستثمار المؤسسي إلى السوق، وتنشّط حركة السيولة عبر أدوات استثماريّة متقدّمة، من التقليل من احتمال التوجّه لضخ سيولة حكوميّة لتنشيط التداول إذا اقتضى الأمر. لكن هذه النقطة بالذات لا تزال محلّ أخذ ورد حول شكل التدخل الحكومي المطلوب وجدواه في ضوء تجربة «المحفظة الوطنية» بإيجابياتها وإخفاقاتها.
وخلافاً للمبادرات الحكومية السابقة التي لم تغيّر الكثير في وضع السوق، يبدو أن التحرّك ينطلق الآن من تشخيص أعراض مشكلة السوق ومسبّباتها، وهي في تقدير مطّلعين «ليست في تراجع المؤشرات ومستويات الأسعار فقط، بل في غياب الثقة المحليّة والأجنبية، وإحجام الاستثمار المؤسسي عن التداول فيه، وانخفاض مستويات السيولة إلى عُشر ما كانت عليه في فترات الرواج».
وتشير أجواء المطّلعين على المداولات في الاجتماعات الجارية على أكثر من صعيد، إلى أن ثمّة اتفاقاً بين أهل الخبرة على أن «المشكلة ليست في عدم توافر السيولة، فأموال المحفظة الوطنية مجمّدة في البنوك، وكذلك الكثير من أموال القطاع الخاص، والسيولة الأجنبية تمر بجانب السوق الكويتي في طريقها إلى الإمارات وقطر، من دون أن تلتفت إليه. وكل هذه المصادر يمكن أن توفّر تدفقات كبيرة للسيولة متى عولجت الاختلالات العميقة وتوافرت الثقة».
وتأسيساً على ذلك، ثمّة وجهة نظر بأن ما يحتاجه السوق ليس سيولة حكوميّة مصطنعة، بل توفير بيئة مناسبة للاستثمار.
وينقل ذوو صلة ممن اجتمعوا بمسؤولين كبار في هيئة أسواق المال في الأيام الماضية كلاماً ذا مغزى عن ضرورة إدخال إصلاحت هيكليّة أساسيّة إلى السوق، تردّد الكثير منها في توصيات العديد من الجهات مثل «ناسداك أو إم إكس» واللجان المحليّة التي تولّت البحث في تطوير سوق المال، وبات لزاماً تنظيمها ووضعها على سكّة القرار.
ويبدو من حصيلة الأفكار المطروحة تقود إلى توقّع بضع معالجات لا بد منها:
- صانع السوق: بعد سنوات من الحديث عن أهميته، يبدو أن تشريع «صانع السوق» كوعاء استثماري بات يلقى اهتماماً جديّاً لدى من بيدهم القرار، لتنظيم مستويات السيولة على الأسهم والحد من هوامش التذبذب.
- المشتقات المالية: مثل خيارات البيع والشراء وصناديق المؤشرات التي توفّر أوعية مؤسسية جديدة للاستثمار وتنشيط السيولة.
- حل للشركات الخاملة: ثمة اعتقاد بأن في السوق سلع كثيرة ممتازة وتشغيلية، لكنها لا تتمتع بمعدل دوران عالٍ، إما لان السوق لا يلتفت إليها، وإما لأن الكميات المتاحة للتداول فيها ضئيلة، فما يتوافر منه يمتصه السوق بسرعة ولا يفلته بسهولة.
- عزل الشركات السيئة الأداء: التي لا تتوافر لديها تدفقات نقدية منتظمة، وتتسم الحركة عليها بالمضاربات والإشاعات، ما يؤثر سلباً على حركة المؤشرات ويخلق فقاعات سعرية بين حين وآخر، تؤثّر سلباً في الثقة بالسوق.
مصادر استثمارية واسعة الاطلاع رصدت إيجابيات في نمط التحرك المستجد، «فالعمليّة تستند إلى تشاور مع أهل الخبرة، وتصب في النهاية لدى صاحب قرار واحد، لديه ما يكفي من الصلاحيات لإدخال الإصلاحات التنظيمية والتشريعية اللازمة».
وفي موازاة التحرّك التنظيمي، يحضر في الأوساط المعنيّة سؤال عن الدور الذي يمكن أن تلعبه الحكومة في هذا الإطار. ويبدو أن هناك رؤى مختلفة على هذا الصعيد. ففي الهيئة العامة للاستثمار من يسوق المقولة التقليديّة برفض ضخ أموال استثنائية والتدخل المصطنع لتصعيد الأسهم، ويتمسّك بالأسس الاستثماريّة لنشاط الهيئة في البورصة.
وفي هذا النقاش تحضر دائماً تجربة المحفظة الوطنية، التي كان مراداً لها أن تستثمر ملياري دينار في سوق الأسهم، وانتهى بها الأمر استثمار ما بين 10 و15 في المئة فقط من هذا الرقم في السوق، وتجميد مثله في البنوك، بسبب عدم وجود فرص من وجهة نظر القائمين على إدارتها. وخلاصة هذه التجربة أن المشكلة ليست في الاموال، بل في الفرص.
وفي المقابل، هناك من يضع اللوم على من أدار المحفظة الوطنية بذهنية المضارب المنافس للمضاربين الآخرين، ويعتقد أن بإمكان الهيئة العامة للاستثمار لعب دور أكثر فاعلية وأقوى تأثيراً، سواء من خلال المحفظة الوطنية أو من خلال صناديق جديدة، لأنها تدرك أن خططها في الخصخصة لايمكن أن تنجح في ظل تداولات لا تتجاوز 15 مليون دينار يومياً وفي ظل سوق شبه خامل، إذ إنها ستكون المستفيد الأكبر من تنشيط السوق، خصوصاً عبر صناديق ومحافظ، ومن المرجح أن تضطلع بدور أساسي في صندوق صانع للسوق بمساهمة كبرى الشركات الاستثمارية في السوق.
وبالنسبة إلى «الكويتية للاستثمار» (الذراع الاستثمارية للهيئة) لا مشكلة في بيعها إذ إن الهيئة تنوي توسيع تجربتها في التعامل مع الشركات الاستثمارية المملوكة للقطاع الخاص في ضوء تجربتها معها.
الحجرف في البورصة اليوم
| كتب علاء السمان |
يلتقي رئيس مجلس مفوضي هيئة أسواق المال الدكتور نايف الحجرف في اجتماعين منفصلين اليوم، الإدارة العليا في سوق الكويت للاوراق المالية وموظفي مرفق السوق.
وتُعد الزيارة التي أُبلغت بها قطاعات البورصة بمثابة إشارة الى أهمية المرفق والعاملين فيه، الى جانب توسيع قاعدة التواصل بين الهيئة والبورصة.
وقالت مصادر ذات صلة لـ «الراي» إن مبادرة الحجرف لفتح أبواب الهيئة أمام الجميع ستذلل الكثير من العقبات والاشكاليات وستوفر آليات أكثر مرونة للتواصل البناء ما بين الهيئة والجهات ذات العلاقة. وكان مفوض الهيئة المسؤول عن قطاع الرقابة والتفتيش خليفة العجيل قد زار البورصة الأسبوع الماضي.