بسبب اختلاف طبيعة الأعمال بينهما
مجلس القضاء يرفض مساواة رواتب «النيابة» و«التحقيقات»
محمد الخالد
فيصل المرشد
• المرشد: الموافقة على مقترح المساواة تتطلب تعديلاً لقانون التحقيقات
• «الداخلية»: نقل العاملين في «الإدارة» إلى النيابة يعد تدخلاً في اختصاص مجلس القضاء
• استمرار تبعية «التحقيقات» إلى الوزارة لا يقلّل من شأنها كونها تمارس عملاً قضائياً
• إدارة التحقيق في فرنسا تختص في الجرائم الجمركية
• محاكم الصلح في بريطانيا تختص فيها الشرطة بالتحقيق
• «الداخلية»: نقل العاملين في «الإدارة» إلى النيابة يعد تدخلاً في اختصاص مجلس القضاء
• استمرار تبعية «التحقيقات» إلى الوزارة لا يقلّل من شأنها كونها تمارس عملاً قضائياً
• إدارة التحقيق في فرنسا تختص في الجرائم الجمركية
• محاكم الصلح في بريطانيا تختص فيها الشرطة بالتحقيق
رفض المجلس الأعلى للقضاء الاقتراح النيابي المقدم من النائب عسكر العنزي، في شأن مساواة مرتبات وبدلات وعلاوات أعضاء الإدارة العامة للتحقيقات برواتب أعضاء النيابة العامة.
وقال رئيس المجلس الأعلى للقضاء المستشار فيصل المر شد ان «طبيعة الأعمال القضائية المسندة إلى أعضاء النيابة تختلف عن الأعمال المساندة لأعضاء إدارة التحقيقات».
وذكر المستشار المرشد في مذكرة الرد على الاقتراح النيابي أن «هناك من المقترحات المقدمة بضم الإدارة العامة للتحقيقات إلى وزارة العدل، وانه في حال الموافقة على تلك المقترحات، فإنه يتضمن تعديل نص المادة العاشرة/1 من القانون الرقم 53 لسنة 2001 في شأن الإدارة العامة للتحقيقات في وزارة الداخلية بما يتفق مع التعديل المقترح».
ورداً على اقتراح من النائب الدكتور عبدالله الطريجي، في شأن استقلال القضاء والنيابة العامة رفضت الإدارة العامة للتحقيقات الاقتراح لتعارضه مع المادة (1) من القانون الرقم 53 لسنة 2001 في شأن الإدارة ولأسباب أخرى تنظيمية.
وفي شأن اقتراح مقدم من النائب الدكتور أحمد مطيع العازمي لضم إدارة التحقيقات إلى النيابة العامة بينت وزارة الداخلية في ردها الموقع من نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية الشيخ محمد الخالد وجود مخالفة دستورية في الاقتراح وتالياً قدمت مذكرة شاملة توضح مبررات الرفض.
وفي ما يلي أبرز أسباب رفض اقتراح ضم إدارة التحقيقات إلى النيابة العامة.
أولاً: مخالفة بعض أحكام مواد الدستور والقوانين المتعلقة بها.
ترى الوزارة ممثلة في الإدارة العامة للتحقيقات وجود شبهة مخالفة للعديد من النصوص الواردة من الدستور، حيث نص الدستور في المادة 50 منه على أن «يقوم نظام الحكم على أساس فصل السلطات مع تعاونها وفقاً لأحكام الدستور، ولا يجوز لأي سلطة منها النزول عن كل أو بعض اختصاصها المنصوص عليه في هذا الدستور»، ونص في المادة 167 بالفقرة الأولى من الدستور على أن «تتولى« النيابة العامة الدعوى العمومية باسم المجتمع، وتشرف على شؤون الضبط القضائي، وتسهر على تطبيق القوانين الجزائية وملاحقة المذنبين وتنفيذ الأحكام، ويرتب القانون هذه الهيئة وينظم اختصاصاتها ويُعين الشروط والضمانات الخاصة بمن يُولون وظائفها»، ونص في المادة 168 من الدستور على أن «يكون للقضاء مجلس أعلى ينظمه القانون ويُبين صلاحياته».
وصدر المرسوم بالقانون رقم 23 لسنة 1990 بشأن قانون تنظيم القضاء وتعديلاته والذي بين اختصاصات المجلس الأعلى للقضاء والأحكام المتعلقة بالقضاة وأعضاء النيابة العامة والقواعد التي تنظم شؤونهم الوظيفية من نقل وندب وتعيين وغيرها حيث نص في المادة 61 من المرسوم بقانون رقم 23 لسنة 1990 على أن «يكون التعيين في وظيفة النائب العام بمرسوم بناء على عرض وزير العدل بعد موافقة المجلس الأعلى للقضاء من رجال القضاء الذين لا تقل درجتهم عن مستشار أو من في درجته من أعضاء النيابة العامة الذين أمضوا في هذه الدرجة مدة لا تقل عن عشر سنوات، ويُعين في وظيفة المحامين العامين الأول من رجال القضاء الذين لا تقل مدة خدمتهم عن خمس وعشرين سنة متصلة منها عشر سنوات على الأقل في وظيفة مستشار أو من في درجته وذلك دون إخلال بترتيب الأقدمية الخاصة بكل منهم عند تعيينه في القضاء ويكون التعيين بمرسوم بناء على عرض وزير العدل بعد موافقة المجلس الأعلى للقضاء، ويكون التعيين في وظائف النيابة العامة الأخرى والترقية إليها بمرسوم بناء على عرض وزير العدل بعد موافقة المجلس الأعلى للقضاء عدا التعيين في درجة وكيل نيابة (ج) فيصدر به قرار من وزير العدل بعد أخذ رأي النائب العام وموافقة المجلس الأعلى للقضاء...».
ونص في المادة 63 من المرسوم بالقانون رقم 23 لسنة 1990 على أن «نقل أعضاء النيابة العامة إلى القضاء ونقل القضاة إلى النيابة العامة يكون بمرسوم بناء على عرض وزير العدل بعد موافقة المجلس الأعلى للقضاء، أما نقل أعضاء النيابة من نيابة إلى أخرى فيكون بقرار من النائب العام.
ويتضح من النصوص الدستورية وملاحقها من النصوص القانونية الأخرى السالف ذكرها وجود شبهة مخالفة لأحكام الدستور باعتبار أن نقل أعضاء الإدارة العامة للتحقيقات إلى الوظائف المعادلة لدرجاتهم الوظيفية في النيابة العامة يُعد تدخلاً في اختصاص المجلس الأعلى للقضاء ومخالفة المبدأ الأساسي الذي يقوم عليه نظام الحكم وهو فصل السلطات وعدم جواز تنازل أي سلطة عن كل أو بعض اختصاصها على النحو الوارد في المادة 50 من الدستور كون ان التعيين والنقل الى وظائف النيابة العامة يشترط موافقة المجلس الاعلى للقضاء وهو ما لا يتوافر في الاقتراح بقانون المشار اليه، وما سيثيره من اشكالات قانونية مستقبلا وصعوبة تطبيقه عمليا عند ادخال اعضاء الادارة العامة للتحقيقات وبأقدمياتهم على جهاز قائم مستقر بأقدمياته في النيابة العامة وما سيترتب عليه من آثار مستقبلية لن تعود بالنفع للصالح العام.
ثانيا: عدم تعارض مبدأ توحيد الدعوى العمومية مع وجود الإدارة العامة للتحقيقات بوزارة الداخلية:
1) ان وجود الادارة العامة للتحقيقات وتبعيتها لوزارة الداخلية يستند الى المادة 167 من الدستور والتي وردت في الباب الرابع من الدستور والتي تتعلق بالاحكام الخاصة بالسلطة القضائية والتي تنص على ان «تتولى النيابة العامة الدعوى العمومية باسم المجتمع، وتشرف على شؤون الضبط القضائي وتسهر على تطبيق القوانين الجزائية وملاحقة المذنبين وتنفيذ الأحكام، ويرتب القانون هذه الهيئة وينظم اختصاصاتها ويعين الشروط والضمانات الخاصة بمن يولون وظائفها ويجوز ان يعهد بقانون لجهات الأمن العام بتولي الدعوى العمومية في الجنح على سبيل الاستثناء وفقا للاوضاع التي يبينها القانون».
وان الدستور اناط بالادارة العامة للتحقيقات التحقيق والتصرف والادعاء في الجنح لاعتبارات يراها المشرع، وان المشرع استلزم تنظيماً قانونياً وادارياً يكفل لأعضاء الادارة العامة للتحقيقات ما تقتضيه هذه الامانة الخطيرة وهو ما تحقق بصدور القانون رقم 53 لسنة 2001 في شأن الادارة العامة للتحقيقات والذي كفل لأعضاء الادارة العامة للتحقيقات القدر الضروري من الحيدة والاستقلال على النحو الذي بينته المادة 167 من الدستور والمذكرة التفسيرية له وجعلت تبعية مدير عام الادارة العامة للتحقيقات للوزارة مباشرة دون تدخل من الوزارة في اعماله كما هو الحال مع النائب العام الذي يتبع اداريا وزير العدل، ما يعني معه الامر ان بقاء الادارة العامة للتحقيقات بوزارة الداخلية لا يؤثر في استقلاليتها والانتقاص منها باعتبار انها ادارة ذات طابع قضائي ولا يتعارض ذلك مع مبدأ الدعوى العمومية ونرى ان القانون رقم 53 لسنة 2001 بشأن الادارة العامة للتحقيقات يفي بالغرض في الوقت الحالي مع مراعاة اجراء تعديلات على بعض نصوص القانون رقم 53 لسنة 2001 بعد ان تبين من خلال التطبيق العملي لهذا القانون وجود حاجة وضرورة لتعديل بعض تلك النصوص لتواكب التعديلات والامتيازات التي تحققت لأعضاء النيابة العامة وتحقيقا للمساواة بين اعضاء الادارة العامة للتحقيقات واعضاء النيابة العامة لتماثل ووحدة طبيعة العمل بينهم وتحقيق ارادة المشرع وما دار من مناقشات مجلس الامة الموقر عند اقرار القانون رقم 53 لسنة 2001 بشأن اعضاء الادارة العامة للتحقيقات وبتوافق السلطة التنفيذية والتشريعية وقت اقرار هذا القانون والتي كانت تجمع على تحقيق المساواة التامة بين اعضاء الادارة العامة للتحقيقات واعضاء النيابة العامة في جميع الحقوق والواجبات.
2 - ان استمرار تبعية الادارة العامة للتحقيقات الى وزارة الداخلية لا يقلل من شأنها وكونها ادارة تمارس عملا قضائيا خاصا وان الكثير من الدول يتعدد فيها ممثلو الدعوى العمومية للمجتمع وليست مقصورة على النيابة العامة في بعض الجرائم ومنها دول متقدمة مثل فرنسا حيث تختص الادارة بالتحقيق في الجرائم الجمركية وفي بريطانيا توجد محاكم الصلح تختص الشرطة بالتحقيق في القضايا التي تنظرها تلك المحاكم وكذلك وجود الهيئة الملكية للادعاء العام في النظام البريطاني وكذلك الكثير من الدول التي تأخذ بالتقسيم الثلاثي للجرائم (مخالفات - جنح - جنايات) بأن تضع المخالفات من اختصاص الشرطة تحقيقا وتصرفا وان ذلك لا يعيب تلك الدول بل نرى ان الابقاء على اختصاص الادارة العامة للتحقيقات بالتحقيق والتصرف والادعاء في جرائم الجنح يحقق المصلحة العامة للمجتمع باعتبار ان ذلك خلق ضمانة حقيقية للمجتمع من خلال التحقيق الجنائي في جرائم الجنح والاهتمام فيها وتلافي القصور والسلبية الحاصلة لدى بعض الانظمة التي تأخذ بمبدأ توحيد الدعوى العمومية وقصرها في النيابة العامة لصعوبة أن يقوم جهاز النيابة العامة بالتحقيق في جميع الجرائم من الناحية التطبيقية والواقعية والاتجاه الى النصوص القانونية التي تجيز تفويض رجال الشرطة باجراء التحقيقات ما ينتج عنه فقدان ضمانة حقيقية كانت متوافرة للمجتمع من خلال وجود الادارة العامة للتحقيقات كما ان احكام محاكم التمييز الكويتية اكدت في الكثير من احكامها من ان الادارة العامة للتحقيقات تمارس اعمالا قضائية حتى لو كانت تابعة للسلطة التنفيذية. مما نرى معه ان بقاء الادارة العامة للتحقيقات بوزارة الداخلية لا يؤثر في استقلاليتها والانتقاص منها وانه لا حاجة لإصدار تشريع يلغي الدور العام الذي تقوم به الادارة العامة للتحقيقات.
بناء على ما تقدم ترى الوزارة عدم الموافقة على الاقتراح الماثل للأسباب سالفة الذكر.
وقال رئيس المجلس الأعلى للقضاء المستشار فيصل المر شد ان «طبيعة الأعمال القضائية المسندة إلى أعضاء النيابة تختلف عن الأعمال المساندة لأعضاء إدارة التحقيقات».
وذكر المستشار المرشد في مذكرة الرد على الاقتراح النيابي أن «هناك من المقترحات المقدمة بضم الإدارة العامة للتحقيقات إلى وزارة العدل، وانه في حال الموافقة على تلك المقترحات، فإنه يتضمن تعديل نص المادة العاشرة/1 من القانون الرقم 53 لسنة 2001 في شأن الإدارة العامة للتحقيقات في وزارة الداخلية بما يتفق مع التعديل المقترح».
ورداً على اقتراح من النائب الدكتور عبدالله الطريجي، في شأن استقلال القضاء والنيابة العامة رفضت الإدارة العامة للتحقيقات الاقتراح لتعارضه مع المادة (1) من القانون الرقم 53 لسنة 2001 في شأن الإدارة ولأسباب أخرى تنظيمية.
وفي شأن اقتراح مقدم من النائب الدكتور أحمد مطيع العازمي لضم إدارة التحقيقات إلى النيابة العامة بينت وزارة الداخلية في ردها الموقع من نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية الشيخ محمد الخالد وجود مخالفة دستورية في الاقتراح وتالياً قدمت مذكرة شاملة توضح مبررات الرفض.
وفي ما يلي أبرز أسباب رفض اقتراح ضم إدارة التحقيقات إلى النيابة العامة.
أولاً: مخالفة بعض أحكام مواد الدستور والقوانين المتعلقة بها.
ترى الوزارة ممثلة في الإدارة العامة للتحقيقات وجود شبهة مخالفة للعديد من النصوص الواردة من الدستور، حيث نص الدستور في المادة 50 منه على أن «يقوم نظام الحكم على أساس فصل السلطات مع تعاونها وفقاً لأحكام الدستور، ولا يجوز لأي سلطة منها النزول عن كل أو بعض اختصاصها المنصوص عليه في هذا الدستور»، ونص في المادة 167 بالفقرة الأولى من الدستور على أن «تتولى« النيابة العامة الدعوى العمومية باسم المجتمع، وتشرف على شؤون الضبط القضائي، وتسهر على تطبيق القوانين الجزائية وملاحقة المذنبين وتنفيذ الأحكام، ويرتب القانون هذه الهيئة وينظم اختصاصاتها ويُعين الشروط والضمانات الخاصة بمن يُولون وظائفها»، ونص في المادة 168 من الدستور على أن «يكون للقضاء مجلس أعلى ينظمه القانون ويُبين صلاحياته».
وصدر المرسوم بالقانون رقم 23 لسنة 1990 بشأن قانون تنظيم القضاء وتعديلاته والذي بين اختصاصات المجلس الأعلى للقضاء والأحكام المتعلقة بالقضاة وأعضاء النيابة العامة والقواعد التي تنظم شؤونهم الوظيفية من نقل وندب وتعيين وغيرها حيث نص في المادة 61 من المرسوم بقانون رقم 23 لسنة 1990 على أن «يكون التعيين في وظيفة النائب العام بمرسوم بناء على عرض وزير العدل بعد موافقة المجلس الأعلى للقضاء من رجال القضاء الذين لا تقل درجتهم عن مستشار أو من في درجته من أعضاء النيابة العامة الذين أمضوا في هذه الدرجة مدة لا تقل عن عشر سنوات، ويُعين في وظيفة المحامين العامين الأول من رجال القضاء الذين لا تقل مدة خدمتهم عن خمس وعشرين سنة متصلة منها عشر سنوات على الأقل في وظيفة مستشار أو من في درجته وذلك دون إخلال بترتيب الأقدمية الخاصة بكل منهم عند تعيينه في القضاء ويكون التعيين بمرسوم بناء على عرض وزير العدل بعد موافقة المجلس الأعلى للقضاء، ويكون التعيين في وظائف النيابة العامة الأخرى والترقية إليها بمرسوم بناء على عرض وزير العدل بعد موافقة المجلس الأعلى للقضاء عدا التعيين في درجة وكيل نيابة (ج) فيصدر به قرار من وزير العدل بعد أخذ رأي النائب العام وموافقة المجلس الأعلى للقضاء...».
ونص في المادة 63 من المرسوم بالقانون رقم 23 لسنة 1990 على أن «نقل أعضاء النيابة العامة إلى القضاء ونقل القضاة إلى النيابة العامة يكون بمرسوم بناء على عرض وزير العدل بعد موافقة المجلس الأعلى للقضاء، أما نقل أعضاء النيابة من نيابة إلى أخرى فيكون بقرار من النائب العام.
ويتضح من النصوص الدستورية وملاحقها من النصوص القانونية الأخرى السالف ذكرها وجود شبهة مخالفة لأحكام الدستور باعتبار أن نقل أعضاء الإدارة العامة للتحقيقات إلى الوظائف المعادلة لدرجاتهم الوظيفية في النيابة العامة يُعد تدخلاً في اختصاص المجلس الأعلى للقضاء ومخالفة المبدأ الأساسي الذي يقوم عليه نظام الحكم وهو فصل السلطات وعدم جواز تنازل أي سلطة عن كل أو بعض اختصاصها على النحو الوارد في المادة 50 من الدستور كون ان التعيين والنقل الى وظائف النيابة العامة يشترط موافقة المجلس الاعلى للقضاء وهو ما لا يتوافر في الاقتراح بقانون المشار اليه، وما سيثيره من اشكالات قانونية مستقبلا وصعوبة تطبيقه عمليا عند ادخال اعضاء الادارة العامة للتحقيقات وبأقدمياتهم على جهاز قائم مستقر بأقدمياته في النيابة العامة وما سيترتب عليه من آثار مستقبلية لن تعود بالنفع للصالح العام.
ثانيا: عدم تعارض مبدأ توحيد الدعوى العمومية مع وجود الإدارة العامة للتحقيقات بوزارة الداخلية:
1) ان وجود الادارة العامة للتحقيقات وتبعيتها لوزارة الداخلية يستند الى المادة 167 من الدستور والتي وردت في الباب الرابع من الدستور والتي تتعلق بالاحكام الخاصة بالسلطة القضائية والتي تنص على ان «تتولى النيابة العامة الدعوى العمومية باسم المجتمع، وتشرف على شؤون الضبط القضائي وتسهر على تطبيق القوانين الجزائية وملاحقة المذنبين وتنفيذ الأحكام، ويرتب القانون هذه الهيئة وينظم اختصاصاتها ويعين الشروط والضمانات الخاصة بمن يولون وظائفها ويجوز ان يعهد بقانون لجهات الأمن العام بتولي الدعوى العمومية في الجنح على سبيل الاستثناء وفقا للاوضاع التي يبينها القانون».
وان الدستور اناط بالادارة العامة للتحقيقات التحقيق والتصرف والادعاء في الجنح لاعتبارات يراها المشرع، وان المشرع استلزم تنظيماً قانونياً وادارياً يكفل لأعضاء الادارة العامة للتحقيقات ما تقتضيه هذه الامانة الخطيرة وهو ما تحقق بصدور القانون رقم 53 لسنة 2001 في شأن الادارة العامة للتحقيقات والذي كفل لأعضاء الادارة العامة للتحقيقات القدر الضروري من الحيدة والاستقلال على النحو الذي بينته المادة 167 من الدستور والمذكرة التفسيرية له وجعلت تبعية مدير عام الادارة العامة للتحقيقات للوزارة مباشرة دون تدخل من الوزارة في اعماله كما هو الحال مع النائب العام الذي يتبع اداريا وزير العدل، ما يعني معه الامر ان بقاء الادارة العامة للتحقيقات بوزارة الداخلية لا يؤثر في استقلاليتها والانتقاص منها باعتبار انها ادارة ذات طابع قضائي ولا يتعارض ذلك مع مبدأ الدعوى العمومية ونرى ان القانون رقم 53 لسنة 2001 بشأن الادارة العامة للتحقيقات يفي بالغرض في الوقت الحالي مع مراعاة اجراء تعديلات على بعض نصوص القانون رقم 53 لسنة 2001 بعد ان تبين من خلال التطبيق العملي لهذا القانون وجود حاجة وضرورة لتعديل بعض تلك النصوص لتواكب التعديلات والامتيازات التي تحققت لأعضاء النيابة العامة وتحقيقا للمساواة بين اعضاء الادارة العامة للتحقيقات واعضاء النيابة العامة لتماثل ووحدة طبيعة العمل بينهم وتحقيق ارادة المشرع وما دار من مناقشات مجلس الامة الموقر عند اقرار القانون رقم 53 لسنة 2001 بشأن اعضاء الادارة العامة للتحقيقات وبتوافق السلطة التنفيذية والتشريعية وقت اقرار هذا القانون والتي كانت تجمع على تحقيق المساواة التامة بين اعضاء الادارة العامة للتحقيقات واعضاء النيابة العامة في جميع الحقوق والواجبات.
2 - ان استمرار تبعية الادارة العامة للتحقيقات الى وزارة الداخلية لا يقلل من شأنها وكونها ادارة تمارس عملا قضائيا خاصا وان الكثير من الدول يتعدد فيها ممثلو الدعوى العمومية للمجتمع وليست مقصورة على النيابة العامة في بعض الجرائم ومنها دول متقدمة مثل فرنسا حيث تختص الادارة بالتحقيق في الجرائم الجمركية وفي بريطانيا توجد محاكم الصلح تختص الشرطة بالتحقيق في القضايا التي تنظرها تلك المحاكم وكذلك وجود الهيئة الملكية للادعاء العام في النظام البريطاني وكذلك الكثير من الدول التي تأخذ بالتقسيم الثلاثي للجرائم (مخالفات - جنح - جنايات) بأن تضع المخالفات من اختصاص الشرطة تحقيقا وتصرفا وان ذلك لا يعيب تلك الدول بل نرى ان الابقاء على اختصاص الادارة العامة للتحقيقات بالتحقيق والتصرف والادعاء في جرائم الجنح يحقق المصلحة العامة للمجتمع باعتبار ان ذلك خلق ضمانة حقيقية للمجتمع من خلال التحقيق الجنائي في جرائم الجنح والاهتمام فيها وتلافي القصور والسلبية الحاصلة لدى بعض الانظمة التي تأخذ بمبدأ توحيد الدعوى العمومية وقصرها في النيابة العامة لصعوبة أن يقوم جهاز النيابة العامة بالتحقيق في جميع الجرائم من الناحية التطبيقية والواقعية والاتجاه الى النصوص القانونية التي تجيز تفويض رجال الشرطة باجراء التحقيقات ما ينتج عنه فقدان ضمانة حقيقية كانت متوافرة للمجتمع من خلال وجود الادارة العامة للتحقيقات كما ان احكام محاكم التمييز الكويتية اكدت في الكثير من احكامها من ان الادارة العامة للتحقيقات تمارس اعمالا قضائية حتى لو كانت تابعة للسلطة التنفيذية. مما نرى معه ان بقاء الادارة العامة للتحقيقات بوزارة الداخلية لا يؤثر في استقلاليتها والانتقاص منها وانه لا حاجة لإصدار تشريع يلغي الدور العام الذي تقوم به الادارة العامة للتحقيقات.
بناء على ما تقدم ترى الوزارة عدم الموافقة على الاقتراح الماثل للأسباب سالفة الذكر.