ما الجديد؟ ولماذا ازدادت "الهوشات" أي المشاجرات؟ ولماذا أصبح لا يمر يوم إلا وتسمع بمشاجرة هنا وهوشة هناك، وبقتيل هنا، وبإصابة سببت إعاقة بدنية هناك؟
مشاجرات دامية في المجمعات التجارية، والملاعب الرياضية، وساحات المواقف، وفي أماكن الترفيه، بل وصل الأمر إلى المدارس والجامعات والتي يفترض أن يكون طلابها أكثر وعيا وثقافة في تحمل الرأي الآخر، والأدهى أن تصل المشاجرات بين النساء اللائي يفترض فيهن الرقة وهن المعروفات بالجنس اللطيف!! ما السبب؟ ومن المسؤول؟
هل السبب البيوت التي تربّي أبناءها على الاعتداء على الآخرين لإظهار القوة والشجاعة، وعدم ترك فرصة للآخرين للتفكير المسبق بالاعتداء؟
هل هي البيوت التي يكون العنف صفة سائدة فيها، من قبل الآباء تجاه الزوجة والأبناء، فتولد روح الانتقام والعدوانية لدى الأبناء؟
هل أفلام العنف ومسلسلات الإجرام؟ هل الألعاب الالكترونية التي تعتمد على قتل الخصم وتدميره وتحطيمه تدفع نحو التطبيق الواقعي والعملي؟
هل الأصدقاء والأقرناء والتنافس بينهم في إظهار القوة والشجاعة والبطش، أو محاولة محاكاتهم خوفا من خسارتهم تدفع نحو المشاركة في المشاجرات؟
هل ضعف الوازع الديني وعدم التفكير بعواقب الأمور في الآخرة، وعدم الالتفات إلى النصوص الشرعية التي تحرم إلحاق أي أذى بالمسلم سواء كان لفظيا أو بدنيا، من أسباب التساهل في الاعتداءات؟
هل تساهل الحكومة في عدم تطبيق القانون على الجميع يدفع البعض معتمدا على مركزه أو منصبه أو عائلته بالتعدي على الآخرين منطلقا من قاعدة "من أمن العقوبة أساء الأدب"؟
هل انتشار مادة "الشبو" المخدرة أثرت على خلايا وأعصاب ومزاج متعاطيها فجعلته مندفعا نحو الشجار والصدام مع كل من يخالفه أو يقف في طريقه؟
أعتقد أن جميع ما تم ذكره يعتبرا سببا مباشرا أو غير مباشر في زيادة نسبة المشاجرات في المجتمع.
والمهم هنا أن نتحدث عن الحل والعلاج، وأعتقد أن الجميع يجب أن يتحمل مسؤوليته في علاج المشكلة والحد من وقوعها.
لا بد أن يلتفت الآباء نحو أبنائهم، وأن يُحسنوا معاملتهم والرحمة بهم، وكذلك حسن التوجيه نحو العفو والتسامح لا الانتقام.
يجب أن تقوم الدولة بمسؤوليتها عبر الوزارات والمؤسسات التابعة لها بتقديم التوعية ونشر روح التسامح، وعلى رأس تلك الوزارات وزارة الإعلام بجميع قنواتها ووسائلها المرئية والمسموعة والمقروءة، ووزارة التربية عبر مناهجها وإدارات مناطقها التعليمية، والمدارس ، وإتاحة الفرصة لأهل الاختصاص من مشايخ ودعاة واختصاصيين اجتماعيين ونفسيين، ليقوموا بالتوجيه والإرشاد.
كما أن المسؤولية تقع على الأئمة والخطباء في المساجد بالتوعية بهذا الموضوع والتحذير من عواقبه، وكذلك جمعيات النفع العام (الإصلاح - التراث - النجاة) وغيرها من الجمعيات لا بد أن تساهم في التوعية.
وبهذه المناسبة أشكر القائمين على مشروع ركاز لتعزيز الأخلاق، والذين أقاموا قبل شهور حملة قيمية تحت عنوان (المتسامح رابح).
ووزارة الداخلية ليست بعيدة عن المسؤولية، ولابد من زيادة انتشار منتسبيها في الأماكن التي تكثر فيها المشاجرات عادة كالمجمعات التجارية.
هل من الممكن أن نعيش التسامح في حياتنا؟ هل نستطيع أن نعفو عمن أخطأ في حقنا أو أساء إلينا؟،هل يمكننا أن نستوعب أن الشجاعة ليست في فرد العضلات وإنما بالتحكم في النفس عند غضبها مع قدرتها على الرد والانتقام؟ هل ندرك أن حرمة دم المسلم أعظم من حرمة الكعبة المشرفة؟ هل مر بنا قول الرسول عليه الصلاة والسلام "سباب المسلم فسوق وقتاله كفر"؟
شتم رجل الخليفة عمر بن عبدالعزيز رحمه الله فقال عمر "لولا يوم الدين لأجبتك".
twitter : @abdulaziz2002