خدعوك فقالوا: زر القدس !

تصغير
تكبير
كل الأراضي الفلسطينية المحتلة عزيزة على المسلمين، وتأتي في مقدمتها مدينة القدس لاحتضانها المسجد الأقصى الذي بارك الله عز وجل فيه وحوله، وتحوي عموم فلسطين كثيرًا من الآثار والمعالم الإسلامية خاصة والدينية عامة.

ومنذ وقعت مدينة القدس الشرقية ومدن الضفة الغربية تحت الاحتلال الصهيوني عام 1967، اتفق علماء المسلمين - مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر الشريف والاتحاد العالمي لعلماء المسلمين وغيرهم - على تحريم زيارتها، وشاركهم في ذلك بابا الكنيسة القبطية الراحل بتحريم زيارة كنيسة القيامة على أتباع كنيسته، لكون ذلك اعترافاً بالاحتلال وتطبيعاً معه.


إن الضجة التي أثارها أخيرا - بحسن نية كما يتضح - أحد المواطنين بترتيبه زيارات جوية إلى مدينة عمان الأردنية، ثم إلى مدينة القدس برًا عبر أراضي السلطة الفلسطينية، قد أثار مثلها مفتي مصر السابق الشيخ علي جمعة والداعية اليمني الشيخ علي الجفري، بزيارتهما للمسجد الأقصى عام 2012.

وفي ما يلي بيان لأبرز حجج المؤيدين وردود عليها:

1 - يقولون إن الزيارة «شد رحال إلى المسجد الأقصى»:

والحقيقة أن شد الرحال قرره الرسول صلى الله عليه وسلم للمسجدين الحرام بمكة المكرمة والنبوي بالمدينة المنورة قبله ومعه، وهما متاحان للزيارة والصلاة والاعتكاف بفضل الله ثم جهود المملكة السعودية الشقيقة، مع تجنب كل أضرار زيارة المسجد الأقصى تحديدًا، مثل الاعتراف بالاحتلال والتطبيع معه ودعم خزينته العامة.

2 - يدعون أن السفر له إعمار للمسجد الأقصى: والصواب هو فعل الداعية الكويتي الشيخ د. يوسف السند الذي قام مأجوراً - ورواد مسجد طلحة الأنصاري الفضلاء - بتمويل شراء حافلة حديثة سعة 52 راكباً، تقل «فلسطينيي 1948» من وإلى مدينة القدس دون اضطرار لتطبيع غيرهم مع الاحتلال.

وها هو النبي صلى الله عليه وسلم يوصي مولاته ميمونة رضي الله عنها بزيارة المسجد الأقصى للصلاة فيه، ثم يرشدها لإرسال «زيت يسرج في قناديله» عند تعذر الزيارة، عندما استفتت رسول الله في الحديث الذي رواه أحمد وأبو داوود.

3 - يزعمون أن زيارة القدس دعم لاقتصاد فلسطين:

والصحيح أن الزيارة على النقيض هي دعم لاقتصاد الكيان المحتل، فجميع المحلات والفنادق والمرافق في مدينة القدس خاضعة للإدارة الصهيونية الكاملة، وبالتالي تسدد ضرائب للخزينة العامة «الإسرائيلية»، بما فيها محلات الهدايا التذكارية والأسواق التراثية المحيطة بالمسجد الأقصى، والتي يظن بعض حسني النية أن التسوق فيها دعم لفلسطين!

4 - يقولون إن الزيارة لا تمر عبر الكيان الصهيوني:

والحقيقة أن مدينة القدس هي عاصمة لدولة «إسرائيل» المزعومة، بقرار دستوري أصدره مجلسها التشريعي - الكنيست - في 30/7/1980 باعتبارها العاصمة الموحدة والرسمية للكيان، وعليه رفضت إدخال قضية القدس في مفاوضاتها مع السلطة الفلسطينية، ولم تقبل بأي شكل من أشكال التواجد الفلسطيني الرسمي فيها حتى بعد اتفاقات «أوسلو» في 1991 و1993، والدخول إليها يخضع للمواعيد والأعمار والرسوم والشروط التي يقررها الاحتلال.

بل إنه حتى لو قبلنا جدلاً باعتبار مدينة القدس ضمن مدن الضفة الغربية، الخاضعة للسلطة الوطنية الفلسطينية - وهذا بالطبع افتراض جدلي غير صحيح مطلقًا - فإن هذه السلطة ناقصة بحكم اتفاقات التطبيع مع الكيان الصهيوني، وهي تقرر صراحة أنها لا تمثل دولة ذات سيادة، وأن سلطات الحدود والجمارك والطيران والموانئ والأمن خاضعة للإشراف والاشتراطات الصهيونية.

إن قيام اليهود بعدم ختم جواز السفر، أو تسلمه عبر جهة ثالثة كالسلطات الأردنية، لا يعدو كونه حيلة قديمة من «أهل السبت»، الذين كانوا يلقون شباك صيدهم في البحر يوم الجمعة ويرفعونها يوم الأحد، تحايلاً على الأمر الإلهي لهم بعدم العمل يوم سبتهم، فلماذا نتعاون معهم في كسر الحصار الثقافي والاقتصادي والسياحي الخانق لكيانهم الهش؟

الكيان الصهيوني العنصري اليوم في أضعف حالاته - وإن كنا نحن العرب ضعافاً كذلك - فهو قد انسحب من جنوب لبنان وغزة فلسطين وأغلق مطاره الدولي مضطرًا تحت ضغط المقاومة المحتلة عليه، والهجرة العكسية من سكانه والتزايد السكاني لفلسطينيي 1948 و1976 تمثل تهديدات وجودية له، فلا نمنح الاحتلال «قبلة حياة» لا يستحقها. ختامًا: أدعو وزارة الخارجية وسفارة الكويت بالأردن الشقيق وأجهزة أمن الدولة، لالتزام القانون رقم 21 لسنة 1964 بشأن مقاطعة دولة الاحتلال، وتطبيق أحكامه الوقائية والعقابية بشأن كل شخص أو شركة أو جهة تقوم بمخالفة أحكامه، عدا حالات الإباحة التي تقدر بقدرها دون تفريط بالثوابت الإسلامية والأمن القومي والوطني.


twitter: @Oalshaheen
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي