رؤى / أبواب

u0645u0646 u0623u0639u0645u0627u0644 u0627u0644u0641u0646u0627u0646 u0623u0633u0639u062f u0628u0648u0646u0627u0634u064a
من أعمال الفنان أسعد بوناشي
تصغير
تكبير
تقترن حياة المرء في مختلف أطواره، وتقلباته النفسية، بالانتقال من مرحلة إلى أخرى، ومن حالة وعي إلى أخرى، ومن عالم (مادي– روحي– نفسي) متميز بتفاصيل معينة، إلى آخر بتفاصيل أخرى. هذا الانتقال تفرضه علينا طبيعة الحياة، التي لم تكف يوماً عن الدوران بنا في فصولها وأزمانها المختلفة، والمتقلبة!. دوران ونبض مستمر ومتجدد للحياة، من يتخلف عنه، ولا يحدث فيه أي انتقال وتغيير، حتماً، ستلفظه سفينة الحياة، وتلقي به في مكان سحيق، بعد أن كان حِملاً ثقيلاً عليها، فسفينة الحياة لا تمنح من لا يتكيّف معها مكاناً على متنها. هذه الحاجة الملحة للبقاء ثابتين في سفينة الحياة في سبيل الوصول إلى شاطئ النجاة، تبعث على ضرورة استدامة التغيير في النفس البشرية، إذ تُشعل في عقل وإرادة الإنسان السوي فتيلاً لا ينخمد من الهمة والمثابرة، فيغدو المرء إذا ما استشعر اقتراب تلاطم الأمواج على سفينة الحياة الراكب على متنها، يغدو شاخصاً بصره في كل مكان، بحثاً عن سبيل ومخرج، بحثُ عن أمر كفيل بإحداث هذا التغيير، بحث عن من ينقله من حال إلى حال، بحيث ينسلخ تماماً من الحالة الآنية التي يعيشها، والمتسببة بقلقه، إلى حالة مغايرة تماماً، فيها انفراج وسعة، يحلق فيها في سماء عالم جديد. إن هذا البحث الدائم الذي نقوم به في سبيل الوصول إلى شاطئ الأمان، وفي سبيل إحداث التغيير في ذواتنا في كل مرحلة حاسمة من مراحل حياتنا هو بحث عن المخرج ... هو بحث عن الباب. في رمزيّته، يجسد الباب أو المخرج الذي نبحث عنه في حياتنا تلك النقطة المصيرية الفاصلة بين مرحلة وأخرى، وبين عالم وآخر، قد تمثل هذه النقطة بداية الحياة أو نهايتها، خروج من الموت ودخول إلى عالم الحياة أو العكس، أو هو خروج من عالم الفشل والضياع ودخول إلى عالم النجاح والأمل، عند هذه النقطة المصيرية، دائماً ما يتعرض الإنسان إلى الاختبار والتمحيص... إن الوقوف طويلاً أمام هذه النقطة المصيرية (الباب)– إذا تم الوصول إليه - أمر مكلف... فلا بد لك من أن تتخذ موقفاً مسؤولاً، وتقرر وبشكل سريع إمكانية دخول هذا الباب من عدمه، فالوقوف مكتوف اليدين دون اتخاذ أي قرار هو تضييع للوقت وقتل للحياة ... إن للأبواب في حياتنا أحوال مختلفة، ولأنها مختلفة، وجب تمييزها لنحسن التعامل معها ... هناك أبواب، لا توجد بدائل أخرى عنها، فنحن وبشكل اضطراري نحتاج وبشدة إلى فتحها، ومن الملفت أن مثل هذه الأبواب قد أغلقت في وجوهنا بشكل مقصود، لأن من أغلقها أراد أن يبتلينا، وبالتالي فإن مهمتنا في هذه الحالة هي البحث عن المفاتيح المناسبة لفتح مثل هذه الأبواب، ولربما قد يكون الصبر الجميل بحد ذاته هو المفتاح الكافي والمناسب لمثل هذه الأبواب، فتنفرج الغمة، وتفوز. وهناك أبواب، تظهر لنا، وللوهلة الأولى وكأنها أبواب مغلقة، لا يمكن فتحها، نتوهم أننا سنجد صعوبة في فتحها رغم سهولة ذلك، هذا التظاهر الموهوم ربما سببه ضعف في بصيرتنا أو لغفلتنا أو كسل فينا، أو لحيلة دنيوية ما، أوهمتنا بأنها كذلك مغلقة، إلا أن المتأمل والمبصر يجد أن هذه الأبواب، في الحقيقة، مفتوحة، إذ لا يوجد هناك ما يغلقها... مثل هذه الأبواب بحاجة إلى إرادة منك ومسعى ونية صادقة، كي تكشف عما يستتر خلفها، ولربما كان خلف هذا الباب أمل وسعادة وإشراقة نجاح لم تخطر على بالك... مثل هذه الأبواب، لست بحاجة إلى وسيط لولوجها، بل هي الإرادة وحدها فقط التي ينبغي أن توجهها في مسارها الصحيح وتتحرك، حتى تنتهي إلى مرادك وتحقق ما تصبو إليه.

وهناك أبواب أخرى تظن أنها هي الأبواب التي هيئت ووضعت لك، والحال أنها وضعت لغيرك أو أنها تخبئ خلفها عالماً غير مناسب لك، مثل هذه الأبواب من الأفضل الابتعاد عنها لأن الولوج داخلها هلاك نفسك أو على الأقل مضيعة لوقتك... لأنها بالأساس ليست لك!

همسة أخيرة

عند الانتقال من مرحلة إلى أخرى في حياتك، أو عند مواجهة موقف استثنائي قد يغير مجرى رحلتك في الحياة، تذكر أن هناك نقطة مصيرية يجب أن تقف عندها، تذكر الباب، تذكر المخرج الذي سينقلك من حالتك الآنية إلى الحالة المستقبلية... تلك هي نقطة التحول والتغيير!

Twitter: alialfadliq8

ali.alfadli2009@gmail.com
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي