«الراي» تحدثت إلى بعضهم ممن تعرضوا لاعتداءات وآخرون اضطروا لنزوح ثانٍ
نازحون سوريون في لبنان «يصرخون»: «نحنا مو دواعش»
الاعتداءات على النازحين السوريين تتزايد
إلي أين المفر؟!
• يتعرضون لاعتداءات شبه «ممنهجة» تترافق مع نهج تضييقي عليهم توازيه إجراءات الأمن اللبناني
اختلف حال النازحين السوريين في لبنان منذ أحداث عرسال التي اندلعت في 2 اغسطس الماضي بين الجيش اللبناني وتنظيميْ «داعش» و«جبهة النصرة»، وكأن لا يكفيهم ما يعانونه من ذل وتشرد جراء الحرب في بلادهم، ليقبعوا منذ خطف العسكريين اللبنانيين وذبْح اثنين منهم بين سندان المضايقات والاعتداءات وبين مطرقة النزوح القسري.
وليس ما يعانيه النازحون حالة «عرَضيّة» او فرديّة، وليس من باب الصدفة ان يتم تداول بيان موقّع باسم مديرية التوجيه في الجيش اللبناني نفت القيادة إصداره، حذّر اللبنانيين من اي سوري، ووضع جميع النازحين في «قفص الاشتباه».
ففي الكثير من المناطق اللبنانية وتحديداً البقاعية، وُزعت بيانات غالبيتها موقّعة باسم البلدية وأعضائها، وبعضها باسم «شباب البلدة» وضعت اللاجئين في قمقم القلق والخوف على مصيرهم، وكانت سبباً لنزوح جديد لعشرات العائلات السورية، وهذه المرة داخل لبنان من مناطق ذات الغالبية الشيعية، الى قرى وبلدات ذات الغالبية السنية، وبعضهم عاد الى بلاده رغم الحصار والدمار، مفضلاً الموت على أن يتحوّلوا «مكسر عصا» للاطراف اللبنانية المتخاصمة.
والواقع انه منذ أحداث عرسال يتم التعاطي مع السوريين على انهم «داعشيو الهوا»، وهي التهمة التي يطلقها المعتدون على كل سوري عند حواجز «الامن الذاتي» التي تشهد «طفرة» في اكثر من بلدة، حتى بات النازحون في «القفص» أسرى «تهمة جاهزة» و«انتقام دائم».
وتترافق الاعتداءات شبه «الممنهجة» على النازحين في لبنان، مع نهج تضييقي عليهم توازيه إجراءات لجهاز الامن العام اللبناني عند نقطة المصنع الحدودية البرية الرسمية التي تشهد يومياً عدداً ضخماً من السوريين القادمين والذين تمنع السلطات اللبنانية ادخال المئات منهم.
وما يزيد «شدّ الخناق» على رقاب السوريين، ان هذه الاجراءات اللبنانية جاءت بالتوازي مع استدعاء النظام السوري الاحتياط للالتحاق بالوحدات العسكرية من عمر 21 حتى 35 سنة، وهذه هي الاعمار التي يتم منع دخولها الى لبنان.
وهكذا بدا ان ملف النازحين الذي تعاطت معه السلطات اللبنانية منذ البداية بعيداً عن اي ضوابط إما لاعتقادها ان الأزمة السورية لن تطول وإما لرفض أطراف فيها الاعتراف بوجود هذه الأزمة من اساسها، تحوّل «كرة ثلج» تتدحرج في طول البلاد وعرضها تاركة نحو مليون و300 الف نازح قابعين في العراء او في مخيمات غير مجهزة وغير منظمة تشهد «فورة» متزايدة واضعةً اللاجئين امام معاناة انسانية، ولبنان امام مخاطر امنية كبيرة.
والاكيد ان شكاوى النازحين المتعاظمة حيال التعرض «الانتقامي» لهم لا تأتي بحقهم ولا تعطيهم «صك براءة» بأنهم ليسوا «دواعش». وهذا ما قاله النازح «محمود» الذي نال قسطه من الضرب المبرح حتى تضرجت ثيابه الممزقة بالدماء «والله الوجع بالقلب مش بالسكين».
وبينما هو يكشف عن جسده ويدل على اثار الضرب في ظهره وبطنه وساقيه، قال وعيناه مغرورقتان بالدموع: «مين بيحمينا؟ سفير النظام، أو عناصر الدرك والجيش اليّ كانوا بيتفرجوا علينا ونحن بناكل قتلة، ولا حتى حاولوا يهدوهم عنا؟».
ايضاً «حمدة» النازحة من داريا والمقيمة في مخيم، تعرضت للضرب من قبل شبان في رياق (البقاع)، على اثر شيوع خبر ذبح الجندي عباس مدلج، ما فرض عليها وبقية افراد اسرتها الانتقال الى بر الياس لتشارك أحد أقاربها في شقتهم، فهي كانت اختارت تلك المنطقة، لما تكنّه من حب للسيد حسن نصرالله، وقالت: «اخترنا منطقة الشيعة لأننا كنا نحب نصرالله وبشار، بس الظاهر اللي بيطلع من تيابو بيقتلو البرد»...
ضاقت السبل امام «ابو وليد»، الهارب من حكم داعش في الرقة، والنازح منذ انتخابات الرئاسة السورية من احدى قرى البقاع الاوسط ذات الغالبية السنية، الى منطقة بعلبك، بعدما ضيقوا عليه وهددوه عندما علموا انه «انتخب الرئيس». لكنه ايضاً لم يسلم من «النيران الصديقة». اذ عند عبوره قبل ايام قليلة على احد الحواجز التي اقيمت على طريق بعلبك الرئيسية تعرض لاعتداء وقال: «ما عاد عارفين وين نروح، ومين يحمينا، هدوك بيقتلونا بسبب النظام وهول بيقتلونا بسبب داعش».
عامر فرج لا يعرف اين يمكن ان يذهب وعائلته، بعدما اصبحت اقامتهم في لبنان «على كف عفريت»، ما دامت لم تحل قضية الجنود المخطوفين، «فكلما ذبحت العصابات المسلحة جنديا كلما تفاقم الوضع اكثر، اذا داعش ذبحت مسيحيا كمان بيقوموا المسيحيين علينا وهيك الدروز».
هذه الظاهرة المستجدة على الساحة اللبنانية، فتحت الباب على مصراعيه امام متسللين من بوابة «الأمن الذاتي» لأن ينشروا تعدياتهم على كل سوري، لا همّ لعمره وسنّه، وعلى مرأى من الاجهزة الامنية والعسكرية.
هذا ما حصل مع سامر الدرعاوي، (16 عاماً)، وهو عائد عند العاشرة مساء من عمله في مطعم في شتورا (البقاع)، اذ انقضّ عليه اربعة اشخاص مسلحين وسلبوه مبلغاً من المال وهاتفه الخلوي وبطاقة الهوية. يتنهد الفتى تنهيدة الموجوع من امل مفقود، ليوضح انه عندما ذهب الى قوى الامن الداخلي ليشتكي، «ردوا عليّ بالضحك، صارو يضحكوا علي وقالولي بننصحك تعمل دعوى فقدان هوية، واللي صار معك كلو بلا طعمة، لمين الواحد بيشتكي؟».
«والله نحن مو داعش، مو عارفة ليش بدن ايانا نصير داعش»، عبارة حاولت «ام سعيد» الحلبية ان توجّه منها رسالة بأن هذا التضييق والاهانة «ما بتجيب غير الانتقام». فهي كانت وبناتها تعرضن داخل منزلهن في جلالا التحتا الى الاهانة والضرب من اشخاص ملثمين انهالوا عليهن بالضرب والشتائم وتكسير محتويات البيت وسرقة مصاغات تعود لبعضهنّ. لتضيف: «وين نروح، مو قادرين نرجع لبلادنا بيوتنا ادمرت وما في حياة لشي ».
مصدر امني أكد لـ «الراي» أن حالات الاعتداء على سوريين عزل ازدادت بشكل ملحوظ بعد أحداث عرسال، وسجل عدد منها في الآونة الاخيرة، محذراً من تفاقم هذه الظاهرة ما لم يوضع لها حد، اذ قد تزيد الاوضاع سوءاً، في ظل وجود زمرة «زعران» موتورين يتحكمون بالاحداث، ويُخشى ان تصبح جرائمهم المقصودة مبرّرة بردة فعل وغضب نتيجة الاوضاع السياسية والامنية، ما قد يسبب بواقع انتقامي.
وبحسب المصدر «هناك حوادث تقع ولا خلفية سياسية او انتقامية لها وسرعان ما توضع في باب الاعتداء على سوريين»، مستشهداً بحوادث انتقام وثأر تحصل بين السوريين انفسهم.
وحول حركة العبور أكد مصدر في الامن العام اللبناني «أن نقطة المصنع شهدت في الآونة الاخيرة حركة عبور كثيفة باتجاه سورية، رغم الاجراءات المشددة عند نقطة الوصول»، وقال «ان الامن العام يوميا يمنع دخول اكثر من 500 سوري، لأن الاجراءات الجديدة تحتم على القادم ان يعرّف عليه لبناني، عدا عن ضرورة اصطحاب بطاقة هوية غير مكسورة او مخدوشة».
وشرح المصدر «ان الموظف من خلال نظرته للعابر يحق له ان يمنعه من العبور وشطب قسيمته السورية ما يمنع عليه ان يأخذ دوراً آخر على كاونترات اخرى»، موضحاً «ان كل هذه القرارات تم تفعيلها على أثر معارك عرسال تحسباً من دخول مؤيدي داعش عبر المعابر الرسمية». ولفت الى «ان العناصر يسهلون عبور بعض العائلات القادمة من المناطق الساخنة، اضافة الى من يحمل تأشيرة سفر عبر المطار».
وليس ما يعانيه النازحون حالة «عرَضيّة» او فرديّة، وليس من باب الصدفة ان يتم تداول بيان موقّع باسم مديرية التوجيه في الجيش اللبناني نفت القيادة إصداره، حذّر اللبنانيين من اي سوري، ووضع جميع النازحين في «قفص الاشتباه».
ففي الكثير من المناطق اللبنانية وتحديداً البقاعية، وُزعت بيانات غالبيتها موقّعة باسم البلدية وأعضائها، وبعضها باسم «شباب البلدة» وضعت اللاجئين في قمقم القلق والخوف على مصيرهم، وكانت سبباً لنزوح جديد لعشرات العائلات السورية، وهذه المرة داخل لبنان من مناطق ذات الغالبية الشيعية، الى قرى وبلدات ذات الغالبية السنية، وبعضهم عاد الى بلاده رغم الحصار والدمار، مفضلاً الموت على أن يتحوّلوا «مكسر عصا» للاطراف اللبنانية المتخاصمة.
والواقع انه منذ أحداث عرسال يتم التعاطي مع السوريين على انهم «داعشيو الهوا»، وهي التهمة التي يطلقها المعتدون على كل سوري عند حواجز «الامن الذاتي» التي تشهد «طفرة» في اكثر من بلدة، حتى بات النازحون في «القفص» أسرى «تهمة جاهزة» و«انتقام دائم».
وتترافق الاعتداءات شبه «الممنهجة» على النازحين في لبنان، مع نهج تضييقي عليهم توازيه إجراءات لجهاز الامن العام اللبناني عند نقطة المصنع الحدودية البرية الرسمية التي تشهد يومياً عدداً ضخماً من السوريين القادمين والذين تمنع السلطات اللبنانية ادخال المئات منهم.
وما يزيد «شدّ الخناق» على رقاب السوريين، ان هذه الاجراءات اللبنانية جاءت بالتوازي مع استدعاء النظام السوري الاحتياط للالتحاق بالوحدات العسكرية من عمر 21 حتى 35 سنة، وهذه هي الاعمار التي يتم منع دخولها الى لبنان.
وهكذا بدا ان ملف النازحين الذي تعاطت معه السلطات اللبنانية منذ البداية بعيداً عن اي ضوابط إما لاعتقادها ان الأزمة السورية لن تطول وإما لرفض أطراف فيها الاعتراف بوجود هذه الأزمة من اساسها، تحوّل «كرة ثلج» تتدحرج في طول البلاد وعرضها تاركة نحو مليون و300 الف نازح قابعين في العراء او في مخيمات غير مجهزة وغير منظمة تشهد «فورة» متزايدة واضعةً اللاجئين امام معاناة انسانية، ولبنان امام مخاطر امنية كبيرة.
والاكيد ان شكاوى النازحين المتعاظمة حيال التعرض «الانتقامي» لهم لا تأتي بحقهم ولا تعطيهم «صك براءة» بأنهم ليسوا «دواعش». وهذا ما قاله النازح «محمود» الذي نال قسطه من الضرب المبرح حتى تضرجت ثيابه الممزقة بالدماء «والله الوجع بالقلب مش بالسكين».
وبينما هو يكشف عن جسده ويدل على اثار الضرب في ظهره وبطنه وساقيه، قال وعيناه مغرورقتان بالدموع: «مين بيحمينا؟ سفير النظام، أو عناصر الدرك والجيش اليّ كانوا بيتفرجوا علينا ونحن بناكل قتلة، ولا حتى حاولوا يهدوهم عنا؟».
ايضاً «حمدة» النازحة من داريا والمقيمة في مخيم، تعرضت للضرب من قبل شبان في رياق (البقاع)، على اثر شيوع خبر ذبح الجندي عباس مدلج، ما فرض عليها وبقية افراد اسرتها الانتقال الى بر الياس لتشارك أحد أقاربها في شقتهم، فهي كانت اختارت تلك المنطقة، لما تكنّه من حب للسيد حسن نصرالله، وقالت: «اخترنا منطقة الشيعة لأننا كنا نحب نصرالله وبشار، بس الظاهر اللي بيطلع من تيابو بيقتلو البرد»...
ضاقت السبل امام «ابو وليد»، الهارب من حكم داعش في الرقة، والنازح منذ انتخابات الرئاسة السورية من احدى قرى البقاع الاوسط ذات الغالبية السنية، الى منطقة بعلبك، بعدما ضيقوا عليه وهددوه عندما علموا انه «انتخب الرئيس». لكنه ايضاً لم يسلم من «النيران الصديقة». اذ عند عبوره قبل ايام قليلة على احد الحواجز التي اقيمت على طريق بعلبك الرئيسية تعرض لاعتداء وقال: «ما عاد عارفين وين نروح، ومين يحمينا، هدوك بيقتلونا بسبب النظام وهول بيقتلونا بسبب داعش».
عامر فرج لا يعرف اين يمكن ان يذهب وعائلته، بعدما اصبحت اقامتهم في لبنان «على كف عفريت»، ما دامت لم تحل قضية الجنود المخطوفين، «فكلما ذبحت العصابات المسلحة جنديا كلما تفاقم الوضع اكثر، اذا داعش ذبحت مسيحيا كمان بيقوموا المسيحيين علينا وهيك الدروز».
هذه الظاهرة المستجدة على الساحة اللبنانية، فتحت الباب على مصراعيه امام متسللين من بوابة «الأمن الذاتي» لأن ينشروا تعدياتهم على كل سوري، لا همّ لعمره وسنّه، وعلى مرأى من الاجهزة الامنية والعسكرية.
هذا ما حصل مع سامر الدرعاوي، (16 عاماً)، وهو عائد عند العاشرة مساء من عمله في مطعم في شتورا (البقاع)، اذ انقضّ عليه اربعة اشخاص مسلحين وسلبوه مبلغاً من المال وهاتفه الخلوي وبطاقة الهوية. يتنهد الفتى تنهيدة الموجوع من امل مفقود، ليوضح انه عندما ذهب الى قوى الامن الداخلي ليشتكي، «ردوا عليّ بالضحك، صارو يضحكوا علي وقالولي بننصحك تعمل دعوى فقدان هوية، واللي صار معك كلو بلا طعمة، لمين الواحد بيشتكي؟».
«والله نحن مو داعش، مو عارفة ليش بدن ايانا نصير داعش»، عبارة حاولت «ام سعيد» الحلبية ان توجّه منها رسالة بأن هذا التضييق والاهانة «ما بتجيب غير الانتقام». فهي كانت وبناتها تعرضن داخل منزلهن في جلالا التحتا الى الاهانة والضرب من اشخاص ملثمين انهالوا عليهن بالضرب والشتائم وتكسير محتويات البيت وسرقة مصاغات تعود لبعضهنّ. لتضيف: «وين نروح، مو قادرين نرجع لبلادنا بيوتنا ادمرت وما في حياة لشي ».
مصدر امني أكد لـ «الراي» أن حالات الاعتداء على سوريين عزل ازدادت بشكل ملحوظ بعد أحداث عرسال، وسجل عدد منها في الآونة الاخيرة، محذراً من تفاقم هذه الظاهرة ما لم يوضع لها حد، اذ قد تزيد الاوضاع سوءاً، في ظل وجود زمرة «زعران» موتورين يتحكمون بالاحداث، ويُخشى ان تصبح جرائمهم المقصودة مبرّرة بردة فعل وغضب نتيجة الاوضاع السياسية والامنية، ما قد يسبب بواقع انتقامي.
وبحسب المصدر «هناك حوادث تقع ولا خلفية سياسية او انتقامية لها وسرعان ما توضع في باب الاعتداء على سوريين»، مستشهداً بحوادث انتقام وثأر تحصل بين السوريين انفسهم.
وحول حركة العبور أكد مصدر في الامن العام اللبناني «أن نقطة المصنع شهدت في الآونة الاخيرة حركة عبور كثيفة باتجاه سورية، رغم الاجراءات المشددة عند نقطة الوصول»، وقال «ان الامن العام يوميا يمنع دخول اكثر من 500 سوري، لأن الاجراءات الجديدة تحتم على القادم ان يعرّف عليه لبناني، عدا عن ضرورة اصطحاب بطاقة هوية غير مكسورة او مخدوشة».
وشرح المصدر «ان الموظف من خلال نظرته للعابر يحق له ان يمنعه من العبور وشطب قسيمته السورية ما يمنع عليه ان يأخذ دوراً آخر على كاونترات اخرى»، موضحاً «ان كل هذه القرارات تم تفعيلها على أثر معارك عرسال تحسباً من دخول مؤيدي داعش عبر المعابر الرسمية». ولفت الى «ان العناصر يسهلون عبور بعض العائلات القادمة من المناطق الساخنة، اضافة الى من يحمل تأشيرة سفر عبر المطار».