اختلف الناس في تفسير معناها حسب أهوائهم لكن أحداً لا يرضى إلا الاتصاف بها

الرجولة في القرآن الكريم... مسؤولية وتطهّر... وفاء وصدق... قوة وتوكّل... إيجابية وفاعلية

تصغير
تكبير
• جعلوها تارة صفة للفحولة والذكورة وتارة للقدرة على الغلبة وتارة للقدرة على ظلم الغير بغير حق وتارة صفة على طول الشوارب وضخامة العضلات!

• الرجال لا يُقاسون بضخامة أجسادهم وبهاء صورهم وقوة أجسامهم بل هم الذين يعلمون أن حال الأمة لا يمكن تغييره إلا بصلاح الأفراد وإيجاد الرجال

• الرجولة في حس الناس عندما ينصرفون عن منهج الله تعالى محصورة بحدود آفاق عقولهم وضمائرهم التي لا تستطيع الارتقاء إلى آفاق السماء
«الرجولة» هذه الكلمة ذات الوقع الرنان... الكلمة التي قد يكتفي بها البعض ولو كانت كلفتها حياته أو ماله... وهي الكلمة التي تجعل البعض يشعر بالزهو والخيلاء والتعالي... وهي أيضا الكلمة التي تجعل المتصف بها متواضعا متسامحا كريما لينا... باختصار فإن «الرجولة» وصف اتفق الناس على مدحه والثناء عليه، ويكفيك إن كنت مادحا أن تصف إنسانا بالرجولة، أو أن تنفيها عنه لتبلغ الغاية في الذمّ.

ومع أننا ترى العجب من أخلاق الناس وطباعهم، ونرى مالا يخطر لنا على بال، لكننا لا نرى أبدا من يرضى بأن تنفى عنه الرجولة. ورغم اتفاق جميع الخلق على مكانة «الرجولة» إلا أن المسافة بين واقع الناس وبين الصفة ليست مسافة قريبة.

ومع أفول كل جميل وفاضل... تتلاشى وتتوارى الصفات السامية والمعاني الراقية والنماذج الرفيعة... ولا يكاد يبقى بين الناس من نماذج الأخلاق الكريمة سوى التسمية والأوصاف...
وصفة الرجولة قد ألبسوها في عصرنا الحديث ثوب زور لا يناسبها ولا يليق بها، ووصفوها بأوصاف تترفع عنها وتأنف أن تتواصل بها إلى الناس... إذ جعلوها تارة صفة للفحولة والذكورة، وتارة صفة للقدرة على الغلبة، وتارة صفة للقدرة على ظلم الغير بغير حق، وتارة صفة على طول الشوارب وضخامة العضلات!!

وفي عصر الحضارة والمدنية المعاصرة، عصر غزو الفضاء وحرب النجوم، عصر التقنية والاتصال، ارتقى الناس في عالم المادة، لكنهم تراجعوا في عالم الأخلاق والقيم، والرجل: قد يطلق ويراد به الذكر: وهو ذلك النوع المقابل للأنثى، وعند إطلاق هذا الوصف لا يراد به المدح وإنما يراد به بيان النوع، وقد تطلق الرجولة ويراد بها وصف زائد يستحق صاحبه المدح... فالرجولة بهذا المفهوم تعني القوة والمروءة والكمال، وكلما كملت صفات المرء استحق هذا الوصف.

والذي يتتبع معنى الرجولة في القرآن الكريم والسنة النبوية يعلم أن أعظم من تتحقق فيهم سمات الرجولة الحقة هم الذين يستضيئون بنور الإيمان ويحققون عبادة الرحمن ويلتزمون التقوى في صغير حياتهم وكبيرها كما قال تعالى: (إن أكرمكم عند الله أتقاكم)، وعندما سئل عليه الصلاة والسلام: [من أكرم الناس؟ قال: «أتقاهم لله] (متفق عليه).

فما هي أوصاف الرجولة في القرآن الكريم، وماهي مواصفاتها...؟ هذا ما سنحاول بيانه في السطور التالية... فتابع معنا،،

اختلف الناس في تفسير معنى الرجولة فمنهم من يفسرها بالقوة والشجاعة، ومنهم من يفسرها بالزعامة والقيادة والحزم، ومنهم يفسر الرجولة بالكرم، ومنهم يقيسها بمدى تحصيل المال والاشتغال بجمعه، ومنهم من يظنها حمية وعصبيةً، ومنهم من يفسرها ببذل الجاه والشفاعة وتخليص مهام الناس بأي الطرق كانت...

لكن الرجولة هي تحمُّلُ المسؤولية في الذب عن التوحيد، والنصح في الله، والرجولة قوةٌ في القول، وصدعٌ بالحق، والرجولة صمودٌ أمام الملهيات، واستعلاء على المغريات، والرجولة رأيٌ سديد، وكلمة طيبة، ومروءةٌ وشهامةٌ، وتعاون وتضامن.

والرجولة ليست هي تطويل الشوارب ورفع الصوت والصياح وليست عرض للقوة والعضلات، فالرجال لا يُقاسون بضخامة أجسادهم وبهاء صورهم، وقوة أجسامهم... الرجال هم الذين يعلمون علم اليقين أن حال الأمة لا يمكن تغييره إلا بصلاح الأفراد وإيجاد الرجال.

لقد تحدث القرآن الكريم عن الرجولة حديثا كريما أضفى عليها سمات تشي باهتمامه بها واحتفائه بمن يرتقي إلى مراقيها العالية... ومن ثم كانت الرجولة في مفهوم القرآن حقيقة لا يستطيع التلبس بها والتحلي بمعانيها إلا الإنسان الفاضل الكريم الذي عرف قيمته في الحياة ومهمته في الوجود ومصيره في الأبدية، وبالتالي فهي رؤية تغاير كل ما تعارف عليه الناس وهم بعداء عن منهج هذا الدين وحقائقه في الحياة...
والقرآن الكريم وهو يفيض الحديث عن مفهوم الرجولة يستند على رؤيته لطبيعة الإنسان وإدراكه العميق لطبيعة مهمته في الوجود وعلاقته الدقيقة بمختلف مكونات هذا العالم الكبير... ذلك لأنه من دون فهم واضح لطبيعة الكينونة الإنسانية ومن دون وعي بموقعها في فسيفساء الوجود وكائناته المختلفة، لا يمكن إطلاقا تحديد أي مفهوم يتعلق به...
ترجع كلمة «رجل» في اللسان العربي إلى معنى : الترجل أي مشي الشخص على قدميه دونما استعانة بآلة ما «الدابة أو السيارة أو غير ذلك»... وهذا يعني الاعتماد على النفس في الوصول إلى الغاية المطلوبة والهدف المقصود...
إذن اللغة العربية تحدد لنا مفهوم الرجولة في حقيقة واحدة هي : الاعتماد على النفس في تحقيق المراد والوصول إلى الهدف المرجو... وهو ما يعني قوة الشخصية ومضاء العزيمة ووضوح الصورة في فكر صاحبها...
أما في اللسان القرآني، فقد تحدث عن هذه الكلمة بالمعاني التالية :
1/ الرجولة بمعنى : الجنس الذكر المقابل لجنس الأنثى : « يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً « [النساء : 1].
2/ الرجولة بمعنى : الصفة التي يتحلى بها الإنسان الفاضل : «لاَ تَقُمْ فِيهِ أَبَداً لَّمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ أَن تَقُومَ فِيهِ فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَن يَتَطَهَّرُواْ وَاللّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ» [التوبة : 108]... وغيرها من الآيات الآتية الذكر...

صفات ومعان

أما السمات التي أضفاها القرآن الكريم على الرجولة فهي ست :
1/ المسؤولية : «الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاء بِمَا فَضَّلَ اللّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُواْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِّلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللّهُ وَاللاَّتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلاَ تَبْغُواْ عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلِيّاً كَبِيراً» [النساء : 34]... «وَجَاءهُ قَوْمُهُ يُهْرَعُونَ إِلَيْهِ وَمِن قَبْلُ كَانُواْ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ قَالَ يَا قَوْمِ هَـؤُلاء بَنَاتِي هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ فَاتَّقُواْ اللّهَ وَلاَ تُخْزُونِ فِي ضَيْفِي أَلَيْسَ مِنكُمْ رَجُلٌ رَّشِيدٌ» [هود : 78]...
2/ التطهر والتزكي : « لاَ تَقُمْ فِيهِ أَبَداً لَّمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ أَن تَقُومَ فِيهِ فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَن يَتَطَهَّرُواْ وَاللّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ» [التوبة : 108]...
3/ الجدية والتعالي: «رِجَالٌ لَّا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَن ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاء الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْماً تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ» [النور: 37]...

4/ الوفاء والصدق : «مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُم مَّن قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلاً» [الأحزاب: 23]...
5/ القوة والتوكل : «قَالَ رَجُلاَنِ مِنَ الَّذِينَ يَخَافُونَ أَنْعَمَ اللّهُ عَلَيْهِمَا ادْخُلُواْ عَلَيْهِمُ الْبَابَ فَإِذَا دَخَلْتُمُوهُ فَإِنَّكُمْ غَالِبُونَ وَعَلَى اللّهِ فَتَوَكَّلُواْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ» [المائدة: 23]...
6/ الإيجابية والفاعليّة: « وَجَاء رَجُلٌ مِّنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ يَسْعَى قَالَ يَا مُوسَى إِنَّ الْمَلَأَ يَأْتَمِرُونَ بِكَ لِيَقْتُلُوكَ فَاخْرُجْ إِنِّي لَكَ مِنَ النَّاصِحِينَ» [القصص : 20]... «وَجَاء مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ رَجُلٌ يَسْعَى قَالَ يَا قَوْمِ اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ» [يس : 20]..
. إذن تلك هي صفات الرجولة في الرؤية القرآنية : المسؤولية، الإيجابية، الوفاء، التطهر، القوة، الجدية...

السمة الأولى

المسؤولية في التعامل مع الآخرين... والآية تنبه بالعلاقة الزوجية، وما يحسن رجل معاملة زوجته وجمال القيام عليها إلا كان كذلك مع الآخرين، لأنه يستحيل أن نجد شخصا يعامل زوجته بعنف وقسوة وفظاظة وهو في الخارج مع الغير يعاملهم بلباقة ورقة وحنان أقصد هنا في حالة استقامة الشخصيّة أما في حالة النفاق والكذب فشيء آخر...

السمة الثانية

ممارسة التطهر والزكاء الروحي... والآية تنبه بالرجال الذين يحبون الطهارة النفسية والمادية، وذكر المسجد هنا له دلالته الموحية، فالمسجد في معناه الرمزي هو البرزخ الفاصل بين عالم الدنيا وعالم الآخرة، من جهة أنه لا يحسن فيه ما يحسن خارجه من شؤون الدنيا، فهؤلاء الفضلاء انفصلوا عن ضجيج الدنيا وصخب الواقع وجواذب الشهوات إلى فضاء الصفاء ورغبة في الاندماج الكامل مع جماليات الروح وأشواقها...

السمة الثالثة

التعالي عن زخرف الحياة الدنيا وسرابها الخالب... والآية تنبه عن سمة الرجولة في أناس لم تغرهم الدنيا مهما انبسطت عليهم، فهم يعرفون مهمتهم في الحياة ودورهم في تاريخ الإنسانية فلا ينسون هذه الحقيقة وهم يأخذون بنصيبهم منها...

السمة الرابعة

الصدق في القول والفعل... والآية تنبه على خلق الصدق الخالص في القول والفعل، فالرجل الفاضل هو الصادق الذي يفي بوعده مهما كلفه ذلك، لأن خلق الصدق دليل على قيمة العقيدة التي يعتقدها هذا الإنسان، ومن ثم يكون الصدق هو سمة شخصيته : تفكيرا وشعورا وسلوكا، ولهذا ورد في الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بأن الصدق يهدي إلى البر، والبر كلمة جامعة لمعاني الخير وحقائق الفضيلة وسمات الإنسانيّة...

السمة الخامسة

قوة الإرادة... والآية تنبه على ذلك بأنهم لا يخافون إلا الله، والخوف من الله تعالى يورث صاحبه قوة شديد وعزيمة ماضية لأنه لا يرى إلا الله مدبرا للوجود جميعا، أما غير الله فمهما ملكوا من معاني القوة ما شاءت أنفسهم يظلون مخاليق ضئيلة لا تملك في الحقيقة شيئا إلا بإذن الله تعالى، ولهذا كان الإنسان المسلم ممتلئا أمنا وسلاما لا يخضع ولا يستسلم...

السمة السادسة

الفاعلية والإيجابية... فالرجل في مفهوم القرآن ايجابي وله فاعلية ومبادرة في الحياة، لأن هدفه الأعلى هو : الله، ومن ثم فهو يسعى إلى ترجمة هذا الهدف واقعا، لأنه بهذا السعي يحقق معنيين اثنين : الاستجابة لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم من جهة العمل على تطوير الأمة والارتقاء بها : فكراً وأخلاقاً وسلوكاً وحضارة، والثاني هو تفتيق معاني إنسانيّة والشعور بقيمته الشخصيّة...
و ما يلتزم أحد من المخاليق هذه السمات في حياته إلا وجد السعادة والطمأنينة، والهدوء والسكينة، والاستقامة والجمال، والهدى والنور، وقبل ذلك ومع ذلك وبعد ذلك رضا الرحمن ومحبة الملائكة واحترام المؤمنين وفي الآخرة جنة عرضها السموات والأرض...
هذه السمات والمعايير التي يقدمها ويقررها القرآن الكريم حول مفهوم الرجولة في رؤيته الربانية تناقض تماما مع السمات والمعايير التي تعارف عليها الناس.

جاهلية لا رجولة

الرجولة في حس الناس عندما ينصرفون عن منهج الله تعالى محصورة بحدود آفاق عقولهم وضمائرهم التي لا تتجاوز هذه الأرض ولا تستطيع الارتقاء إلى آفاق السماء... فهي بجميع مظاهرها تترجم في : القوة العضلية، الكثرة المالية، المكر الخادع، اللهاث وراء سراب الدنيا، العنف في كل شيء ومع كل شيء... فالشخص لا يكون رجلا إلا إذا كان عنيفا مع زوجته، قاسيا مع ولده، غليظا مع غيره... ولا يكون رجلا إلا إذا كان خبيثا ماكرا لا يتورع عن استغلال أرذل الوسائل للوصول إلى أهدافه المقيتة... والشاب لا يكون رجلا إلا إذا اقترف الموبقات القاتلة... وهكذا...
أما في المنهج القرآني فهذه السمات وهذه المعايير التي اتفق عليها الناس وتواضعوا عليها وهم يحددون مفهوم الرجولة، لا تعدو أن تكون جاهلية لا تليق بالإنسان الفاضل والمسلم الكريم...
وإن إلقاء نظرة خاطفة على حياة الأنبياء الكرام وعلى حياة الصالحين من بعدهم كافية لتصديق عمق المفهوم القرآني حول الرجولة... فالحس المسؤول كان هو العلامة المميزة لهم وهم يتعاملون مع مختلف الأشخاص والأشياء والأحداث...
و انظر للإنسان المسلم وقد تخلى عن التلبس بهذه السمات واتخاذه معايير أخرى للحكم على الأشخاص إما منبثقة عن تقاليد سخيفة وعادات ما أنزل الله بها من سلطان وإما مستوردة من الخارج، كيف صارت حياته كاسدة لا نماء فيها ولا زكاء، ولا نور فيها ولا جمال، ولا استقامة فيها ولا جد، والنتيجة أنه خسر دوره في الحضارة المعاصرة، ويوم القيامة يكون من النادمين...
لقد انعدمت هذه السمات الجميلة من حس الإنسان المسلم سواء وهو يتعامل مع خالقه أم وهو يتعامل مع نفسه أم وهو يتعامل مع غيره : الوالدان، الزوجة، الأولاد، الأصحاب، المجتمع جميعا... فكان التعب والمعاناة والشقاء والمأساة الأليمة...
إذن لابد من إعادة النظر في تصورنا لمفهوم الرجولة، ومحاولة الارتقاء به إلى مستوى الرؤية القرآنية له، فنحن مسلمون وبالضرورة – باعتبارنا رضينا بهذا الدين منهاج حياة – ينبغي علينا أن نستقي مفاهيمنا ومعايير تصوراتنا من حقائق هذا الدين «القرآن والسنة» وإلا كنا كاذبين في زعمنا عمق الانتماء إليه...

مواضع ذكر الرجولة في القرآن

إن المتأمل في القرآن الكريم يجد ان لفظة الرجولة ذكرت في سبعة وخمسين موضعا بألفاظ متعددة حيث ذُكر الرجل، والرجلان، والرجال، وأراد بها النوع، وتارة أراد بها الصفة، وأخرى أراد بها النوع والصفة معاً، وهي موضحة في الجدول التالي:

وقفات للتدبر

* لقد جاءت لفظة رجل ومشتقاتها في القرآن في (57) موضعاً كما يلي: فقد جاء التعبير بصيغة المفرد في (24) موضعاً، وجاء التعبير بصيغة المثنى في (5) مواضع، وجاء التعبير بصيغة الجمع في (28) موضعاً.

* جاءت لفظة رجل في القرآن المدني في (21) موضعاً في ثماني سور من القرآن الكريم، وهي كما يلي: (البقرة - النساء - المائدة - التوبة - الحج - النور - الأحزاب - الفتح).

* جاءت في القرآن المدني في ستة وثلاثين موضعاً في إحدى وعشرين سورة، وهي كما يلي: (الأنعام - الأعراف - يونس - هود - يوسف - النحل - الإسراء - الكهف - الأنبياء - المؤمنون - الفرقان - النمل - القصص - العنكبوت - سبأ - ياسين - ص - الزمر - غافر - الزخرف - الجن).

* لفظة رجل بصيغها المتعددة وردت في القرآن المكي أكثر من القرآن المدني، لأن القرآن المكي يعالج قضايا العقيدة، وتصحيح تصورات الناس في المجتمع المكي، وهذا يتطلب بناء الرجال الأشداء على أسس العقيدة والإيمان، لكي يتحملوا المحن والخطوب، ويمضوا قدماً في طريق الدعوة الى الله مهما كانت الصعاب.

* أما القرآن المدني فهو يخاطب المجتمع المدني المستسلم أهله لتعاليم القرآن الكريم، فهم رجال العقيدة والإيمان، لذلك جاءت لفظة رجل في مواطن قليلة لتتناسب مع حصر وقلة الآيات التي تتحدث عن التشريعات الإسلامية.

* لم تأتِ لفظة رجل في السور المختلف حول مكيتها ومدنيتها وذلك لأن الرجولة تختلف عن الأنوثة، ويجب أن تكون واضحة ومتميزة بالمميزات والصفات التي جاءت في القرآن الكريم.
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي