فاصلة / أيوب الذي عرفته
فهد توفيق الهندال
للكثير منا أسماء، لنا نصيب منها في حياتنا، تختارنا هي لا نحن، تعيش معنا ملتصقة/ محققة قدرا ما لنا معها. فجميع العائلات، وكما قال ادوارد سعيـد في سيرته (خارج المكان) تخترع آباءها وأبناءها وتمنح كل واحد منهم قصة وشخصية ومصيرا، بل تمنحـه لغتـه الخاصـة. من هنا كانت الأسماء علامة مطابقة وربما صفة لاصقة قد يتحقق جزءا من معانيها أخيرا في حياة المرء، وربما تكون نقيضا له أيضا وسمة تندر عليه. ولكن ما يهمنا هنا تلك الأسماء التي يحقق صاحبها أكبر قدر من معانيها وتاريخها، وينطبق عليه قول الشاعر الجميل جوزيف حرب عبر السيدة الرائعة فيروز:
لملمنا أسامي أسامي عشاق
من كتب منسية وقصايد عتاق
وهكذا كنت يا أيوب، أيها الصديق الذي رحل قبل أسابيع في غفلة منا ومن الزمن، وأنت الإنسان الذي لم يتورع في مواساة الكثيرين وتجاوز محنهم النفسية، لتكون نفسك مثالا حيا على المكـابـرة فوق الآلام والإحبـاط والاكتـئاب بشهـادة من عرفـك وعاش معـك، وأنا أحـدهم، منذ تشكلت صداقتنا وأخوتنا منذ فترة الدراسة الجامعية، حيث جمعنا القدر وعرّفنا على بعض. فلم تكن صدفة لأن نكون من مواليد الشهر نفسه/ تموز والبرج/ السرطان، وإنما هو محفوظ في كتاب عمري لأن ألتقي بقلب جميل وروح أجمل، عذبة المعشر والمخبر كمثلك يا أيوب. فكنت نسمة باردة بين الناس ببعضهم البعض في صيف العلاقات، ودفء الصداقة في زمن ندرت فيه الصداقات.
جمعتنا مواقف كثيرة، لن أتذكر منها إلا الجميل وهو بالأصل عنوان صداقتنا وأخوتنا، لتشكل ذكرى سعيدة معك ومع كل الأصدقاء الذين ارتبطوا معي ومعه.
من أجملها يا أيوب، عندما دونت اسمك مبادرا من دون تردد وإلى الأبد في عقد تكويني لحياتي الزوجية ومشروع أسرتي، فكنت شاهدا عادلا أحتفظ بكل فخر واعتزاز به وأعلمه لأبنائي ليرثوا حبي لك. كذلك عندما كنا نتشارك الضحكة مرارا وتكرارا في مغامراتنا، وكنت ملحها وسكرها وكل طيبات الحديث ومؤنس الوقت وطريف مقالبه.
وكما عرفتك متفوقا ومتميزا في الحياة على أقرانك، كنت صابرا مؤمنا عاشقا لله وقضائه. فقابلت البلاء بالحمد، دون شكوى أو تذمر، أقول هذا لما عرفته عنك ومؤمن بك وبصبرك وذكراك العطرة، لأعنون هذا الفصل من حياتي باسمك... أيوب.
وكما قال ابن زيدون:
ودّع الصبرَ محبّ ودّعك
ذائع مِن سرّه ما اِستودَعك
يقرع السنّ على أَن لم يكن
زادَ في تلك الخطى إذ شيّعك
يا أَخا البدرِ سناء وسنى
حفظ اللَه زماناً أطلَعك
إن يطُل بعدك ليلي فلكم
بتّ أشكو قصرَ الليل مَعك
فرحمك الله يا أخي وصديقي أيوب.
* كاتب وناقد كويتي
@bo_salem72
لملمنا أسامي أسامي عشاق
من كتب منسية وقصايد عتاق
وهكذا كنت يا أيوب، أيها الصديق الذي رحل قبل أسابيع في غفلة منا ومن الزمن، وأنت الإنسان الذي لم يتورع في مواساة الكثيرين وتجاوز محنهم النفسية، لتكون نفسك مثالا حيا على المكـابـرة فوق الآلام والإحبـاط والاكتـئاب بشهـادة من عرفـك وعاش معـك، وأنا أحـدهم، منذ تشكلت صداقتنا وأخوتنا منذ فترة الدراسة الجامعية، حيث جمعنا القدر وعرّفنا على بعض. فلم تكن صدفة لأن نكون من مواليد الشهر نفسه/ تموز والبرج/ السرطان، وإنما هو محفوظ في كتاب عمري لأن ألتقي بقلب جميل وروح أجمل، عذبة المعشر والمخبر كمثلك يا أيوب. فكنت نسمة باردة بين الناس ببعضهم البعض في صيف العلاقات، ودفء الصداقة في زمن ندرت فيه الصداقات.
جمعتنا مواقف كثيرة، لن أتذكر منها إلا الجميل وهو بالأصل عنوان صداقتنا وأخوتنا، لتشكل ذكرى سعيدة معك ومع كل الأصدقاء الذين ارتبطوا معي ومعه.
من أجملها يا أيوب، عندما دونت اسمك مبادرا من دون تردد وإلى الأبد في عقد تكويني لحياتي الزوجية ومشروع أسرتي، فكنت شاهدا عادلا أحتفظ بكل فخر واعتزاز به وأعلمه لأبنائي ليرثوا حبي لك. كذلك عندما كنا نتشارك الضحكة مرارا وتكرارا في مغامراتنا، وكنت ملحها وسكرها وكل طيبات الحديث ومؤنس الوقت وطريف مقالبه.
وكما عرفتك متفوقا ومتميزا في الحياة على أقرانك، كنت صابرا مؤمنا عاشقا لله وقضائه. فقابلت البلاء بالحمد، دون شكوى أو تذمر، أقول هذا لما عرفته عنك ومؤمن بك وبصبرك وذكراك العطرة، لأعنون هذا الفصل من حياتي باسمك... أيوب.
وكما قال ابن زيدون:
ودّع الصبرَ محبّ ودّعك
ذائع مِن سرّه ما اِستودَعك
يقرع السنّ على أَن لم يكن
زادَ في تلك الخطى إذ شيّعك
يا أَخا البدرِ سناء وسنى
حفظ اللَه زماناً أطلَعك
إن يطُل بعدك ليلي فلكم
بتّ أشكو قصرَ الليل مَعك
فرحمك الله يا أخي وصديقي أيوب.
* كاتب وناقد كويتي
@bo_salem72