عزّز موقف الداعين إلى إلغاء استقلاليتها المالية المطلقة

عجز «هيئة الأسواق» يخلط أوراق تعديل القانون

u0627u0644u062eu0633u0627u0626u0631 u062au0636u0639u0641 u062du0638u0648u0638 u0627u0644u0627u0633u062au0642u0644u0627u0644u064au0629 u0627u0644u0645u0627u0644u064au0629 u0644u0644u0647u064au0626u0629 (u062au0635u0648u064au0631 u0643u0631u0645 u0630u064au0627u0628)
الخسائر تضعف حظوظ الاستقلالية المالية للهيئة (تصوير كرم ذياب)
تصغير
تكبير
• بورسلي: طريقة تمويل «هيئة الأسواق» تقودها إلى تعارض المصالح

• القانون منح الهيئة سلطة التمويل من الرسوم لكنه لم يتضمن الغرامات ... ما يحمل شبهة دستورية
خلطت أرقام العجز المالي الكبير في هيئة أسواق المال، التي انفردت «الراي» بنشرها أمس، أوراق التعديلات المقترحة على قانون هيئة أسواق المال، وسط اعتقادٍ بأنها ستعطي دفعاً للمطالبات النيابية بإعادة النظر بالاستقلالية المالية المطلقة للهيئة.

وسيعود مجلس الأمة إلى مناقشة التعديلات المقترحة على ان هيئة أسواق المال في دور الانعقاد المقبل، بعد أن أقر تعديلاً محدوداً في دور الانعقاد الماضي قلّص بموجبه ولاية مجلس المفوضين من خمس سنوات إلى أربع. ومعلوم أن التعديلات المقترحة من النواب تنص في أحد موادها على إلغاء الاستقلالية المطلقة لهيئة أسواق المال، وتخصيص ميزانية سنوية لها من الدولة، أسوة بالجهات الحكومية الأخرى.


ووفق النظام الحالي، تحظى الهيئة باستقلالية تامة في إعداد ميزانيتها وجبي إيراداتها من الرسوم والغرامات على الشركات التابعة لرقابتها. بل إنها قاومت طويلاً محاولة وزارة المالية تطبيق قانون موازنات المؤسسات المستقلة عليها، أسوة بالجهات المستقلة الأخرى مثل البنك المركزي ومؤسسة البترول الكويتية وغيرهما. وكان الإصرار على عدم تدخل وزارة المالية أو مجلس الأمة، سواء في مرحلة إعداد المالية أو في مرحلة التصديق عليها. وتؤكد الهيئة في المقابل على أن الدور الحكومي في هذا الشأن يقتصر على التقرير السنوي الذي ترفعه الهيئة إلى وزير التجارة لعرضه على مجلس الوزراء.

لكن الخسائر السنوية الكبيرة لهيئة أسواق المال، والتي تجاوزت 15 مليون دينار في السنة المالية 2014/2013، خلطت الأوراق وجعلت الهيئة في موقف أضعف في دفاعها عن استقلاليتها المالية.

فالخسائر تُظهر بوضوح أن إيرادات الهيئة من عملياتها المختلفة، وما تتقاضاه من رسوم وغرامات يبقى أقل بكثير من أن يحقق توازناً مع مصروفاتها المتزايدة (تجاوزت 31 مليون دينار العام الماضي)، على الرغم من استحواذها على ودائع ضخمة تجمعت في الحسابات المصرفية للبورصة على مدى ربع قرن، (كانت تزيد على 180 مليون دينار وباتت أقل من 160 مليوناً!).

وقد يكون هذا الوضع هو ما دفع هيئة الأسواق إلى إبداء بعض المرونة لدى بحث الأمر في اللجنة المالية البرلمانية. فقد كشف تقرير اللجنة المالية المقدّم إلى الهيئة العامة للمجلس أن رئيس هيئة أسواق المال صالح الفلاح «أعرب عن استعداده لبحث موضوع (تمويل ميزانية الهيئة) مع الحكومة والتفاهم في شأنه لأنه يشكل (هاجساً) للهيئة في تحقيق الاستقرار المالي لها في المستقبل».

وكانت تلك المرة الأولى التي تتحدث فيها الهيئة في مناقشات عامة عن هاجس الاستقرار المالي، بعد الخسائر الكبيرة التي تجاوزت 30 مليون دينار خلال الأعوام الثلاثة الأولى لنشاطها.

وتقول وزير التجارة والصناعة الأسبق الدكتورة اماني بورسلي لـ«الراي»، التي خاضت معارك مع مجلس المفوّضين خلال توليها المنصب، إنها عارضت منح استقلالية مطلقة لهيئة اسواق المال، سواء على صعيد رقابة قرراتها او لجهة بياناتها المالية، مبينة ان هذا الاجراء يحمل اثرا سلبيا على مستقبل الهيئة المالي وعلى سلامة قرراتها. واشارت بورسلي إلى ان «المعيار رقم 2 للمنظمة الدولية لهيئات اسواق المال (IOSCO) يعاكس نموذج عمل هيئة اسواق المال الكويتية لجهة الاستقلالية، حيث يؤكد هذا المعيار على الا تكون الهيئات مستقلة وخاضعة للمحاسبة بدرجة رقابية معينة، سواء على قراراتها او اعمالها، فأي جهة لديها صلاحية اصدار القرارات العقابية يتعين ان تقف ورائها جهة ما تحاسبها، كما من الضروري ان تتبع ميزانيتها الدولة بالطريقة المالية المتبعة مع بنك الكويت المركزي».

وترى بورسلي ان مسألة التمويل الذاتي التي تعمل بها «الهيئة» حاليا يقودها إلى الدخول في تعارض مصالح، فجزء رئيس من الايرادات التي تحصلها تدخل ميزانيتها، وتحقيقها عجزا بهذه المعدلات ينمي المخاوف من ان تلجأ إلى زيادة أعباء رسومها او حتى غراماتها على الشركات، لمقابلة العجز المالي المحقق مستقبلا، خصوصا عند انتهاء سيطرتها على الاصول التي آلت اليها بموجب القانون رقم 7 لسنة 2010 والتي حولت جميع الإيرادات التي كانت تذهب إلى البورصة، من رسوم تداول ورسوم إدراج الشركات وحصة البورصة من أرباح «المقاصة» وصندوق ضمان الأسهم، وعوائد الإيجارات في مبنى البورصة إلى «الهيئة».

ولفتت بورسلي إلى وجود شبهة مخالفة دستورية في الصياغة المالية التي تتبعها الهيئة في اعداد بياناتها المالية، وتحديدا في ما يتعلق بسلطة التمويل التي تباشرها لجهة موارد تمويل ايراداتها، فالقانون منح «الهيئة» سلطة تمويلها من اموال الرسوم، وهذا ما نص عليه نص القانون، لكن ادخلت في لائحتها التنفيذية زيادة على ذلك الغرامات ضمن مصادر تمويلها، ما قد يخلق حافزا قويا لدى الناظم الرقابي في تحصيل الغرامات المبالغ في تقديرها من اجل مواجهة أي عجز مالي محقق لديها.

وارجعت بورسلي جزءا كبيرا من العجز المالي الذي تعرضت اليه «الهيئة» إلى ارتفاع تكلفة الرواتب والاجور، فوفقا للبيانات المالية المنشورة تبلغ تكلفة الرواتب والأجور خلال عام واحد 13.7 مليون دينار، ارتفاعاً من 10.4 مليون دينار في العام السابق، فيما ارتفعت كذلك مصروفات مكافأة نهاية الخدمة إلى 1.48 مليون دينار من 1.02 مليون في العام السابق، ما حمل ضغوطات مالية كبيرة على ميزانية الهيئة.

وقالت بورسلي ان حجم الجهاز الرقابي لـ «هيئة الاسواق» لا يتناسب مع حجم السوق المحلي، حيث ان من الواضح انه متضخم قياسا بسوق عدد وحداته المدرجة نحو 200 شركة، وأضات يتعين ان يكون جهاز الهيئة ارشق واخف مما عليه حاليا، خصوصا ان ذلك يحقق حلا ثنائيا، فمن جهة يتماشى ذلك مع الاسواق العالمية، ومن ناحية اخرى يهدى ضغوطات الكلفة المالية المرتفعة في ميزانية الهيئة» التي تمر لو جاز الاستدلال بأزمة مشابهة لأزمة ميزانية الدولة المتضخمة ببند الرواتب.
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي