«الراي» تنفرد بنشر بياناتها السنوية للعام الثالث على التوالي

عجز «هيئة الأسواق» يقفز إلى 15 مليون دينار

تصغير
تكبير
• 30 مليون دينار خسائر في 3 سنوات ... على الرغم من إيرادات البورصة

• العجز تفاقم 3 أضعاف خلال سنتين فقط مع الزيادة السريعة في المصروفات

• استنزاف سريع لفوائض البورصة ... والودائع لأجل بالبنوك تنخفض إلى ما دون 160 مليون دينار
قفز العجز في ميزانية هيئة أسواق المال إلى 15.09 مليون دينار عن السنة المالية 2014/2013، بزيادة 61 في المئة عن خسارة العام السابق البالغة 9.6 مليون دينار، ليقترب من ثلاثة أضعاف ما كان عليه قبل سنتين، وفق ما أظهر التقرير المالي السنوي الذي حصلت «الراي» على نسخة منه.

وبذلك تكون خسائر هيئة أسواق المال قد زادت على 30 مليون دينار خلال ثلاثة أعوام من تأسيسها، على الرغم من أنها تستفيد حالياً من كامل الموارد المالية والتجارية والتدفقات النقدية الخاصة بالبورصة في الفترة الانتقالية، وهو ما لن يستمر إذا ما تمت خصخصة سوق الكويت للأوراق المالية.


ويطرح هذا العجز تساؤلات أساسية حول قدرة هيئة أسواق المال على تحقيق التوازن المالي بعد خصخصة البورصة، عندما تفقد الجزء الأكبر من الإيرادات التي تمتع بها حالياً.

ومعلوم أن أصول البورصة آلت إلى هيئة الأسواق بموجب القانون رقم 7 لسنة 2010 جميع الإيرادات التي كانت تذهب إلى البورصة، من رسوم تداول ورسوم إدراج الشركات وحصة البورصة من أرباح «المقاصة» وصندوق ضمان الأسهم، وعوائد الإيجارات في مبنى البورصة. ومن الواضح ان الكثير من بنود هذه الإيرادات تعدّ ناتجة من عمل تجاري لا يجوز لهيئة أسواق المال ممارسته أصلاً، ولا يمكن أن تستمر بعد الفترة الانتقالية.

قفزة المصروفات

لكن لماذا زاد عجز الهيئة إلى الحد؟

من الواضح أن السبب ليس تراجع الإيرادات، بل القفزات المتتالية للمصروفات، والتي ستقفز أكثر عند انتقال الهيئة إلى مقرها الجديد في برج الحمراء. فقد قفزت مصروفات الهيئة (والبورصة ضمناً) إلى مستوى قياسي جديد عند 31.17 مليون دينار في السنة الماضية، بزيادة 6 ملايين دينار عن السنة السابقة، أي بزيادة 24 في المئة تقريباً.

وتعود هذه الزيادة بشكل رئيسي- على ما يبدو- إلى عمليات التوظيف لاستكمال الهيكل الإداري في هيئة أسواق المال. فقد ارتفعت تكاليف الموظفين في الهيئة إلى 20.7 مليون دينار، بزيادة 4.27 مليون دينار أو 26 في المئة عن السنة السابقة. كما ارتفعت المصروفات العمومية والإدارية إلى 7.6 مليون دينار، بزيادة 1.3 مليون دينار أو 21 في المئة. ويثير ذلك مخاوف من أن هذا النمط من زيادة المصروفات سيجعل الهيئة في مأزق حقيقي، لا بد من العامل مع تحدياته مبكراً.

في جانب الإيرادات، سُجّل نمو طفيف بنسبة 1.8 في المئة إلى 16.08 مليون دينار، بفضل ارتفاع حصة (البورصة) من عمولات التداول إلى 7.3 مليون دينار، من 5.4 مليون دينار في العام السابق، أي بزيادة 34 في المئة. لكن يلاحظ تراجع رسوم الاشتراكات بأكثر من 600 ألف دينار، أي بنسبة 13.5 في المئة، إلى 3.93 مليون دينار، وقد يكون ذلك عائداً إلى الانسحابات الاختيارية من السوق وقرارات إلغاء الإدراج وغياب الإدراجات الجديدة.

كما يلاحظ تراجع إيرادات الفوائد على ودائع الهيئة بنحو مليون دينار إلى 2.14 مليون دينار، ربما بسبب انخفاض مستويات الفائدة في السوق عموماً، فضلاً عن انخفاض حجم ودائع الهيئة أصلاً.

خطورة البيانات

وتكمن خطورة البيانات المالية للهيئة في نقاط منها:

1 - أن البيانات تظهر بوضوح أن الهيئة غير قادرة على تحقيق التوازن المالي من دون بقاء البورصة تحت مظلتها، باعتبار أن الإيرادات المسجلة في بيان الدخل عائدة بمعظمها إلى البورصة. فالإيرادات من عمولات التداول تشكل وحدها 46 في المئة تقريباً من إجمالي الإيرادات، والحصة من نتائج الشركة الكويتية للمقاصة البالغة 1.49 مليون دينار، تشكل 9.3 في المئة، والحصة من أرباح صندوق ضمان عمليات الوساطة تبلغ 235.6 ألف دينار، وتعادل 1.4 في المئة من الإيرادات.

من غير الواضح كيفيّة توزّع إيرادات رسوم الاشتراكات البالغة 3.9 مليون دينار والتي تشكل 24 في المئة من الإيرادات، بين الهيئة والبورصة، لكن المؤكد أن حصة البورصة فيها أكبر بكثير.

2 - ماذا يبقى للهيئة إذاً بعد خصخصة البورصة؟ يظل الإيراد الأكبر غير المنقطع بعد خصخصة البورصة هو ذلك المتعلق بإيرادات الودائع، بالإضافة إلى الرسوم الكبيرة المفروض على الشركة الكويتية للمقاصة وشركات الوساطة، ومجموعها 1.9 مليون دينار سنوياً (500 ألف من «المقاصة»، و100 ألف دينار من كل شركة وساطة). لكن هذين المصدرين يبقيان قاصرين جداً عن موازنة المصروفات الضخمة والمتزايدة، ما سيدفع الهيئة إلى واحد من خيارين: إما البحث جدياً في إعادة النظر بمبدأ الاستقلالية المالية عن الدولة، أو فرض رسوم جديدة كبيرة، أو المبالغة في الغرامات والمخالفات للوصول إلى نقطة التعادل بين الإيردات والمصروفات. وفي هذا شيء من تضارب المصالح.

3 - ما لم تتحرّك الهيئة سريعاً لإيجاد حلّ هيكلي بعيد المدى، فإن ذلك يعني الاستمرار في التبديد السريع للفوائض التي راكمتها البورصة على مدى ربع قرن. وجدير بالذكر أن القانون رقم 7 لسنة 2010 أناط بالهيئة تحقيق التوازن المالي، ولم يكن في الحسبان أن تعتمد الهيئة على ودائع البورصة، كبديل عن تخصيص ميزانية لها من الدولة. ولا حاجة للقول إن تبديد فوائض البورصة لا يمكن أن يشكّل خياراً مستداماً، فخلال ثلاث سنوات فقط انخفضت الودائع المدرّة للفائدة إلى ما دون 160 مليون دينار، وإذا ما استمر نمو المصروفات على هذا المنوال فإن سنوات قليلة كفيلة بتبديد حصيلة السنوات السمان.

4 - إزاء هذا الواقع يصبح التساؤل مشروعاً عن سبب تأخر خصخصة البورصة، بفتوى قانونية أتاحت للهيئة التملّص من مهلة السنة التي حددها القانون لتوفيق أوضاعها. فقد مرت ثلاث سنوات حتى الآن، ما زال أمام العملية سنة ونصف السنة وفق التقديرات المتفائلة، ما يعني أن الهيئة أعطت لنفسها الحق بالاستفادة من لحم البورصة وشحمها لخمس سنوات قبل تسليمها للقطاع الخاص، وخلافاً للقانون الذي يمنع الهيئة من ممارسة العمل التجاري.

يبقى أخيراً أن مسؤولي هيئة أسواق المال أقروا امام الجنة المالية البرلمانية- خلال مناقشة التعديلات المقترحة على قانون الهيئة في يونيو الماضي، بأن التوازن المالي هاجس يشغلهم، فهل تدق النتائج السنوية ناقوس الخطر، وهل تحسّن فرص إقرار الاقتراح القاضي بتخصيص ميزانية للهيئة من الدولة، بدلاً من النظام المالي القائم حالياً؟
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي