كانت الذئاب تعدو على حلالنا في الماضي ... وكنا نعطي «المنائح» لذوي الحاجة
فهد الظريف... هذه قصة ثميلتنا التي رُسِمَتْ على أرض الوطن
فهد الظريف يستعيد ذكرياته مع «الراي» (تصوير نايف عقلة)
وثيقة ثميلة الظريف
متوسطا الاولاد والاحفاد والأقارب
مع الاحفاد
خباري مياه الأمطار في الماضي
الوالد معيض الظريف
العم عايض الظريف
... احدى ثمايل المياه
• مرّ الملك عبدالعزيز على ثميلتنا حين ذهابه للرياض 1902
• تجارنا الذين كنا نتعامل معهم التمار والميلم والملحم
• شهدنا كسوف الشمس سنة 1952 فأظلم النهار
• معركة حمض وقعت علينا نحن أهل البادية
• والدي ركب مع النوخذة بن عيد البرازي أربعة مواسم
• الماء متوافر طوال العام في قلبان ثميلتنا
• استمر هطول المطر علينا سنة 1954 شهراً كاملاً
• تجارنا الذين كنا نتعامل معهم التمار والميلم والملحم
• شهدنا كسوف الشمس سنة 1952 فأظلم النهار
• معركة حمض وقعت علينا نحن أهل البادية
• والدي ركب مع النوخذة بن عيد البرازي أربعة مواسم
• الماء متوافر طوال العام في قلبان ثميلتنا
• استمر هطول المطر علينا سنة 1954 شهراً كاملاً
نستضيف اليوم فهد الظريف ليحدثنا عن ثميلة اسرته، التي حفرت في القرن الماضي فيذكر لنا عدد قلبانها وكيفية أخذ الماء منها ومتى يكون الماء متوافرا بها، بعدها ينقلنا في الحديث إلى جوانب كثيرة من حياة الماضي، التي اندثر معظمها واصبح في عداد الذكريات فلنترك له ذلك:
ولادتي كانت في ارض ثميلتنا الواقعة غرب البلاد وهي اليوم في منطقة كبد في القطعة «2» من الجواخير وقد تم تصويرها خلال المسح الجوي الاول في الخمسينات ثم رسمت على خريطة الدولة وحملت اسم عائلتي «الظريف» فنحن بادية الكويت التي لا تعرف ارض غيرها وهي ثميلة حفرها اباؤنا وأجدادنا وادركت عمي عايض ووالدي معيض عليها فأنا من مواليد 1939 ولدت بها والثمائل او الثميلة تحفر في مجرى السيل الذي يطلق عليه في اصطلاحنا البحار فالارض كما هو معروف عنها طبقات ومن هذه الطبقات طبقة الجت الذي تحفظ الماء، فعندما يتم حفر مساحة قليلة لا تتعدى مترين ونصف المتر يخرج الماء المحفوظ.
الطي
القلبان التي تحفر في الثميلة لابد ان تطوى، والطي عبارة عن جدار يحمي جوانب القلبان من الانهيار، لان الارض رملية لذلك حين حفرها نأتي بشجر العرفج ونقوم بتقطيعه اوصالا وربطه بحلق متماسكة حتى يصبح كأنه حزم من الحبال، ثم نقيمه جدار للقلبان يحميها من الانهيار ونتعهدها بالصيانة. اما وسيلتنا للأخذ منها، هي الغرب او الدلو، ونقوم بزعب الماء منها اي اخذها، وبعض القلبان نجعل لها سردابا اي طريق منخفض شيئا فشيئا حتى يصل إلى قاع البئر فهذه ننزل بها ونأخذ منها او القلبان الأخرى فيسحب منها الماء بالقرب والدلو.
الأمطار
ففي الماضي كانت الامطار التي تنتج عنها السيول كثيرة ولها مجارٍ كثيرة، شعاب ووديان، وتستقر في الاراضي المتساوية وعندما تتشرب في تربة الارض تحفظ في بعض الطبقات مثل طبقة الجت ومن الخبرة التي عند الاوائل يتم العثور عليه لانه يكون بين طبقة الرمل وطبقة الجت، فلما يتم حفرها يتوصل اليه ويأخذ بالتجمع من نواحي البئر التي يحفر وبطبيعة الحال نحن ننزل على الثميلة وقت الصيف حينما نحتاج إلى قرب المياه فالحلال الكثير الذي نملكه بحمد الله يحتاج إلى وفرة الماء.
الربيع
اما اذا جاء الربيع فننتقل اليه، وقد يكون قريب من ثميلتنا وقد يبعد فاذا رجعنا اليها تكون اثرت عليها السيول والرياح فنعيد اعمارها وتنظيفها وحفرها من جديد، ونحن نحفر ونعمر مجموعة آبار في الثميلة، لكن نترك جزءا منها لا نستخدمه حتى يخف الماء الذي في الابار التي نأخذ منها الماء فاذا جف تحولنا إلى الابار التي لم نستخدمها وهذه المياه التي ضعف ماؤها يرجع يتدفق الماء فيها من جديد وهكذا والماء متوافر طول العام في الثميلة وقلبانها ولم يكن اهلها يمنعون احدا من التزود بالماء من الثميلة بل كل من أراد الشرب سمح له.
المنيحة
كانت غنمنا من نوع العرب فهي غنم اهل الكويت وساحل الشرقي وبها ميزة كثرة اللبن والصوف، ويستفاد منها في ذلك، وكانت الناس تأتي لكي تأخذ منها فحولا فغنمنا متميزه ونوعيتها طيبة.
كان والدي معيض وعمي عايض وقت الربيع يهبان ويمنحان اغناما للناس المحتاجة وهي يطلق عليها «المنائح» فيدفعوا المنيحة وولدها للمحتاج وصاحب العازة ويستفيد من حليبها ذلك المحتاج طوال فترة وجودها معه فاذا انتهى الربيع عاد بها وبقي ولدها عنده «ولد المنيحة».
وبطبيعة الحال ان من أخذ المنيحة يستفيد من ولدها غالبا انه يبيع ولد المنيحة واذا قام بارجاعها نسمع الدعوات المباركات ممن أخذ المنيحة «جزاك الله خيرا يا ابا فهد، جزاك الله خيرا أبا مطلق».
الوفرة
اما ثميلننا الثانية فهي في الوفرة وحفرها الوالد وعمي بعدما انتقلوا إلى الوفرة عندما هطلت عليها مياه الامطار وخرج بها الربيع مبكرا وجاءت ايضا سيول الصيف فغمرت الاعشاب والاشجار فذهبوا اليها، فنحن اهل حلال من ابل وغنم متوافر عندنا منذ القدم ولم تكن الاعلاف تعرف في الماضي فأين ظهر الربيع والرعي ذهبنا اليه لكن بحدود ارض وصحراء بلدنا الكويت وقد تم حفر هذه الثميلة وهي قريبة من ضلعان الاتياس التي اصبحت في الحد السعودي اما ثميلتنا فهي الحد الكويتي ويبعد عنها السناتر السعودية ما يقرب كيلومتر.
الشهرة
اشتهرت ثميلة الوفرة لان عمي عايض مكث بها طويلا حتى 1975 واستمر الماء متوافر بها مدة طويلة وأهل الوفرة ومن سكنها يشربون ويتزودون بالماء منها.
الصيف
يكثر ماء الثميلة في وقت السيول ويحفظ فيها ويظل متوافرا طيلة العام ونحن نشرب منها ونسقى حلالنا ولم تكن فكرة الزراعة واردة لدينا فلو استحسن «شيباتنا» هذا الامر لزرعوا الارض المحيطة بالثميلة كلها سواء الاولى التي في كبد او الثانية التي في الوفرة.
الناصر
ثميلة الوفرة وثقها لنا الشيخ صباح الناصر فلقد جاء عمال شركة النفط مع معداتهم واقاموا بالقرب من موقع الثميلة وبدأوا بعمل حفريات فقام عمي عايض وتوجه اليهم وبادرهم بسؤال والاستسفار فقالوا له نريد ان نحفر وننقب عن النفط في هذا المكان فقال لهم لم تجدوا الا مكان ثميلتي تنقبون فيه فقام ومنعهم وقد احتدم الموقف معهم فأصر على مغادرة العمال وعدم اكمال مشروعهم الذي فيه تعد على ثميلتنا وقلباننا التي فيها.
قام العمال بتقديم شكوى رسمية في عمي بأنه قد قام بمنع عمال شركة نفط من تأدية عملهم، فرد عمي على تلك الشكوى بأن هؤلاء العمال لم يجدوا الا ثميلتي يحفرون حولها، هل ضاقت بهم الارض بما وسعت؟
بعد ذلك قام عمي بابلاغ الشيخ صباح الناصر بما حدث وكان هو المسؤول عن بادية الكويت وشؤونها. فاستغرب الشيخ من هذا التصرف وقال ان الجميع يعلم ان هذه الثميلة هي لك فلما هذا التصرف من قبل عمال الشركة، بعد ذلك اعطى الشيخ صباح الناصر وثيقة بها تملك عمي لهذه الثميلة وما حوت من آبار وكان ذلك سنة 1950 فأخذ عمي هذه الوثيقة ودفع بها إلى الشركة ما حدا بها إلى الابتعاد مسافة كبيرة عنها واقامة مشروعهم.
التجار
كان لنا تجار في الكويت نتعامل معهم في البيع والشراء، اذكر منهم ابن ملحم ويوسف الميلم والتمار، وحين خرج الملك عبدالعزيز من الكويت متوجها إلى الرياض مر على ثميلتنا وقد رأوه شيابنا وبعد مدة من الزمن جاء الخبر انه دخل الرياض.
البحر
اما حياة البحر والغوص فقد ركب البحر والدي معيض مع النوخذة بن عيد البرازي وهو اول سنة ركب البحر سيباً والسيب معروف يسحب الغيص من البحر ثم تمرس وتعلم السباحة ورغب ان يكون غيصا لان اجره اكثر واستمر اربعة مواسم متتالية، وهو يدخل البحر ولم يكن بن عيد هو النوخذة الوحيد الذي ركب معه، بل هناك نوخذة اخر لكن لا اتذكر اسمه.
حمض
معركة حمض كانت على بادية الكويت وهم الذين تضرروا منها التي نحن من ضمنها وقد ذكر والدي لي انه كان بوارديا في تلك المعركة مع عمي وبعد المعركة تحولوا وسكنوا بجوار الشامية وكل بادية الكويت اتجهت إلى الشامية، بعد تلك المعركة بأشهر حدثت معركة الجهراء وفزع اهلنا ضمن من فزع في المعركة.
الجليب
كانت هناك ثمائل حول ثميلتنا واماكن المياه كانت كثيرة، اذكر، كنا نمر على جليب الشيوخ بها ابار عدة كنا نشرب منها ونحن في طريقنا للكويت والفروانية وخيطان وهي لحلال الكويت الذي لا يذهب بعيدا. اما عين بغزى فنحن نسمع عنه لكن لا اعلم هو......، لكن بئر بها ماء وانا ادركت هذه البئر التي يشرب منها الناس وهو الان ما بين العارضية والفردوس، فهي الارض المنخفضة كانت نقرة وبها هذا الجليب، واذكر بيت المزاينة هو البيت الوحيد الذي كان في خيطان، اما زكاتنا فكان يأخذها منا نزال المعصب وقد رأيته ونحن في ام نقا ودفعنا له الزكاة وام نقا حولها «طعوس» رملية فاطلق عليها ام نقا والقلبان قريبة منها وارضها قوية وهذه الكثبات الرملية الناعمة بين القلبان والبحر والنقا هو الرمل العالي. وكانت ام نقا «عد ماء كبير» فيه قلبان كثيرة يأتون اهل الحلال من ابل وغنم ويشربون منه.
بطاقتنا
كانت بطاقتنا عند بن غنيم شقيق خالد الغنيم رئيس مجلس الامة السابقة واذكر يوم كان والدي يذهب ويأتي بالعيش والسكر والملابس والخام ابريس واما النساء فلهن طاقات من الخام.
الوقت
جاء الشيخ صباح الناصر وأخبر والدي وعمي عن الربيع الذي ظهر في الجنوب ثم ذهب معه والدي، اما عمي فآثر الجلوس عند ثميلة وأخذنا سنة ثم رجعنا إلى الوفرة، ونحن كنا اغنياء في كثرة الحلال وتجارته، لذلك لم نكن نهتم بشراء البيوت وتملكها.
الذئاب
كانت الذئاب كثيرة في الماضي وقد قضيت على احد ابناء عمومتنا عوض بن سوندي الظريف، من الظرفان عاد من الغوص في انتهاء موسمه ومر على الارض الصبخاء التي كان يطلق عليها المقطعة لان العشب والنبات لا يظهر بها لانها «صبخاء»، وأراد ان يختصر المسافة فجاء من ناحيتها متوجها الينا، وكان في هذه الصبخاء شجر الطرفاء والذئاب من عادتها انها تحفر قاع هذه الشجر وتنام تحتها، ومر حولها ولم يعلم عنها فهجمت عليه وهي مجموعة كبيرة، فقضت عليه ومر صقار من العوازم معه طيره يصطاد به طيور الحبارى فاطلق طيره فاذا يقع طيره تحت الشجر فتتبعه الصقار العازمي ظانا ان صقره قد اصطاده شيئاً، فجاء اليه فوجده قد وقع بالقرب من رجل تنهشه الذئاب فلما أقبل اليها وكان العازمي بواردي فاخرج بندقيته واطلق الرصاص منها على اقرب ذئب فأرداه صريعاً فهربت الذئاب ثم جاء نحوه فاذا هو قد قضى نحبه ثم وجد في ملابسه اوراقا للغوص ودفتر الغوص الذي كانت البحرية تخرجه فقرأ تلك الاوراق وعرفه انه قريبنا وابن عمنا وجاء واخبرنا عن هذه الحادثة وسلمنا اوراقه واغراضه التي كانت معه ثم ذهب والدي وعمي ودفنوه ووجدوا الذئب صريعا عنده.
الحج
وفاة والدي كانت سنة 1983 اما عمي فتوفى سنة 1975 وقد راجعنا الحكومة بأمر ثميله، واول سيارة اشتريناها سنة 1955 وهي سيارة لوري فورد وأخذها من الحميضي وكانت لنا وحلالنا تستخدم في قضاء حوائجنا.
لبى عمي ووالدي نداء ربهما في الحج على زمن الابل والركائب ولم يكونا مع بعضهما البعض بل كل في سنة مغايرة للآخر مع حملة ابن شنفا.
لقد ظللنا متمسكين في حلالنا حتى مطلع الستينات والوالد قد شهد لدى لجان الجنسية بصفة انه احد كبار السن ويعرف الناس لذا كانت شهادته معتبرة.
الشومي
اذكر ذات يوم كنت عند حلالنا وقت غروب الشمس فاذا بسبعة ذئاب تقترب من الحلال وكان معي عصاة «شومي» وكان عندنا كلب لحراسة الغنم وحمايتها، فلما عدت الذئاب على الغنم رفعت شومي التي بيدي وأخدت اركض خلف الكلب في وجه الذئاب، وكان الكلب قويا شرسا حيث اخذ يعدو على الذئاب كلما هجم على مجموعة هربت منه ثم عاد وهجم على مجموعة أخرى وانا معي شومي «العصا» واصيح من خلفه بصوت عال هربت الذئاب من كلب الغنم رغم انها سبعة ذئاب لكن قوة وشراسة الكلب حالت دون افتراسها للغنم.
الكسوف
اذكر يوم خسوف الشمس جاءنا وقت العصر وكنت عند الابل فسمعت لها صوتا ثم اخذت تتحرك وتعدو فأظلمت الدنيا من حولي وظننت ان الليل قد امسى فأخذت «اوده» للابل بصوت تعرفه يوحي لها بالتحرك، المسير نحو مكان المبيت وتوجه نحوي اهلي... فلما اقبلت نحو بيوت اهلي فإذا بالشمس تخرج مرة اخرى فعلمت انه كسوف للشمس.
الأميركاني
اول مستشفى تم افتتاحه عندنا هو الاميركاني لا نعرف إلا هو وكان موقعه على ساحل البحر وكان اهلنا يذهبون للعلاج به واختي توفيت به ودفنت في المقبرة القديمة التي اليوم بالقرب من البلدية.
الرياضية
ثميلتنا كانت على طريق الرياضية وهو طريق معروف يربط الكويت بالرياض ويسلكه اهل السيارات قديما وكان يبدأ من دروازة الجهراء مرورا بالشدادية ثم يستريحون عندنا ويتزودون بالماء وكانت سياراتهم سيارات نقل كبيرة تنقل البضائع الى الرياض ومنهم من ينتظر رفاقه والركاب.
ويواعدهم عند ثميلتنا لان الارض القريبة منها كانت قوية وصلبة، الطريق كان سالكا مرورا او ذهابا، بيوت اهلنا بيوت شعر والبر كان في الماضي اونس والصيد متوافر عمي عايض كان صاحب طير وبندقية والبر مليء بالحبارى والظباء.
البر كان مليئا بكثرة الأعشاب والاشجار العرفج والثذى والثمام والرابية، النص والحماط والاشغارا، الدبل والنفل وام حويثم.
العراك
في احدى مقناص عمي عايض قديما من جهة ارض صبخاء التي يطلق عليها «المقطعه» من كثرة الذئاب التي تكون بها شاهد عمي ذئبا فاطلق عليه النار من فوهة بندقيته فقطعت يده فقام الذئب وهجم على عمي فأراد يطلق عليه النار مرة اخرى لكن لم يكن في البندقية ذخيرة فتعارك معه كما يتعارك مع رجل مثله فوضع يديه في رقبة الذئب وامسكها بكل ما أوتي من قوة والذئب يضربه بيده وحاول اكله فلما خرت قوى الذئب اخرج سكينا كانت معه واجهز عليه حيث بطر بطنه.
الذهاب
الذهاب للديرة وقت بيع الحلال وهي لها مواسم ففي الصيف وقت بيع نتاج الحلال ودهن وأقط وبيع البهم ويشترون ما يحتاجه والاكثر ما يشترون التمر والعيش والملابس والقهوة... كانت قهوة شيبنا الصبح يجتمع عنده الجيران والاقارب حتى وقت الضحى ثم يذهب كل الى عمله، هدامة 1954 جاءتنا ونحن في البر واستمر هطول المطر شهرا كاملا لم نر الشمس وانخسفت ارجل الابل داخل قيعان الارض والبعض الآخر تكسر.
الوظيفة
التحقت بوزارة الداخلية سنة 1964 وقد تأخرت في الالتحاق بالوظيفة لأننا بحمد الله اهل حلال والله مغنينا لكن تأثرنا بعدما جاءت «الوقوت» التي أثرت على الحلال الذي نملكه والوقوت هي قلة الامطار والربيع وبدأت من سنة 1952.
الدورة العسكرية التي التحقت بها حينما عملت في الداخلية اشرف على تدريبنا عدة مدربين اذكر منه بدر الذيب وصالح سعد الدوسري والشمري غريب والعتيبي مناحي وبعد التخرج تم توزيعي في حرس السفارات وبعد سنتين انتقلت الى محافظة حولي في مخفر حولي واستمررت بها 12 سنة وكانت المشاكل قليلة ليس مثل هذه الايام بعدها قدمت استقالتي وعملت في وزارة التربية وبها كان تقاعدي من العمل الوظيفي.
ولادتي كانت في ارض ثميلتنا الواقعة غرب البلاد وهي اليوم في منطقة كبد في القطعة «2» من الجواخير وقد تم تصويرها خلال المسح الجوي الاول في الخمسينات ثم رسمت على خريطة الدولة وحملت اسم عائلتي «الظريف» فنحن بادية الكويت التي لا تعرف ارض غيرها وهي ثميلة حفرها اباؤنا وأجدادنا وادركت عمي عايض ووالدي معيض عليها فأنا من مواليد 1939 ولدت بها والثمائل او الثميلة تحفر في مجرى السيل الذي يطلق عليه في اصطلاحنا البحار فالارض كما هو معروف عنها طبقات ومن هذه الطبقات طبقة الجت الذي تحفظ الماء، فعندما يتم حفر مساحة قليلة لا تتعدى مترين ونصف المتر يخرج الماء المحفوظ.
الطي
القلبان التي تحفر في الثميلة لابد ان تطوى، والطي عبارة عن جدار يحمي جوانب القلبان من الانهيار، لان الارض رملية لذلك حين حفرها نأتي بشجر العرفج ونقوم بتقطيعه اوصالا وربطه بحلق متماسكة حتى يصبح كأنه حزم من الحبال، ثم نقيمه جدار للقلبان يحميها من الانهيار ونتعهدها بالصيانة. اما وسيلتنا للأخذ منها، هي الغرب او الدلو، ونقوم بزعب الماء منها اي اخذها، وبعض القلبان نجعل لها سردابا اي طريق منخفض شيئا فشيئا حتى يصل إلى قاع البئر فهذه ننزل بها ونأخذ منها او القلبان الأخرى فيسحب منها الماء بالقرب والدلو.
الأمطار
ففي الماضي كانت الامطار التي تنتج عنها السيول كثيرة ولها مجارٍ كثيرة، شعاب ووديان، وتستقر في الاراضي المتساوية وعندما تتشرب في تربة الارض تحفظ في بعض الطبقات مثل طبقة الجت ومن الخبرة التي عند الاوائل يتم العثور عليه لانه يكون بين طبقة الرمل وطبقة الجت، فلما يتم حفرها يتوصل اليه ويأخذ بالتجمع من نواحي البئر التي يحفر وبطبيعة الحال نحن ننزل على الثميلة وقت الصيف حينما نحتاج إلى قرب المياه فالحلال الكثير الذي نملكه بحمد الله يحتاج إلى وفرة الماء.
الربيع
اما اذا جاء الربيع فننتقل اليه، وقد يكون قريب من ثميلتنا وقد يبعد فاذا رجعنا اليها تكون اثرت عليها السيول والرياح فنعيد اعمارها وتنظيفها وحفرها من جديد، ونحن نحفر ونعمر مجموعة آبار في الثميلة، لكن نترك جزءا منها لا نستخدمه حتى يخف الماء الذي في الابار التي نأخذ منها الماء فاذا جف تحولنا إلى الابار التي لم نستخدمها وهذه المياه التي ضعف ماؤها يرجع يتدفق الماء فيها من جديد وهكذا والماء متوافر طول العام في الثميلة وقلبانها ولم يكن اهلها يمنعون احدا من التزود بالماء من الثميلة بل كل من أراد الشرب سمح له.
المنيحة
كانت غنمنا من نوع العرب فهي غنم اهل الكويت وساحل الشرقي وبها ميزة كثرة اللبن والصوف، ويستفاد منها في ذلك، وكانت الناس تأتي لكي تأخذ منها فحولا فغنمنا متميزه ونوعيتها طيبة.
كان والدي معيض وعمي عايض وقت الربيع يهبان ويمنحان اغناما للناس المحتاجة وهي يطلق عليها «المنائح» فيدفعوا المنيحة وولدها للمحتاج وصاحب العازة ويستفيد من حليبها ذلك المحتاج طوال فترة وجودها معه فاذا انتهى الربيع عاد بها وبقي ولدها عنده «ولد المنيحة».
وبطبيعة الحال ان من أخذ المنيحة يستفيد من ولدها غالبا انه يبيع ولد المنيحة واذا قام بارجاعها نسمع الدعوات المباركات ممن أخذ المنيحة «جزاك الله خيرا يا ابا فهد، جزاك الله خيرا أبا مطلق».
الوفرة
اما ثميلننا الثانية فهي في الوفرة وحفرها الوالد وعمي بعدما انتقلوا إلى الوفرة عندما هطلت عليها مياه الامطار وخرج بها الربيع مبكرا وجاءت ايضا سيول الصيف فغمرت الاعشاب والاشجار فذهبوا اليها، فنحن اهل حلال من ابل وغنم متوافر عندنا منذ القدم ولم تكن الاعلاف تعرف في الماضي فأين ظهر الربيع والرعي ذهبنا اليه لكن بحدود ارض وصحراء بلدنا الكويت وقد تم حفر هذه الثميلة وهي قريبة من ضلعان الاتياس التي اصبحت في الحد السعودي اما ثميلتنا فهي الحد الكويتي ويبعد عنها السناتر السعودية ما يقرب كيلومتر.
الشهرة
اشتهرت ثميلة الوفرة لان عمي عايض مكث بها طويلا حتى 1975 واستمر الماء متوافر بها مدة طويلة وأهل الوفرة ومن سكنها يشربون ويتزودون بالماء منها.
الصيف
يكثر ماء الثميلة في وقت السيول ويحفظ فيها ويظل متوافرا طيلة العام ونحن نشرب منها ونسقى حلالنا ولم تكن فكرة الزراعة واردة لدينا فلو استحسن «شيباتنا» هذا الامر لزرعوا الارض المحيطة بالثميلة كلها سواء الاولى التي في كبد او الثانية التي في الوفرة.
الناصر
ثميلة الوفرة وثقها لنا الشيخ صباح الناصر فلقد جاء عمال شركة النفط مع معداتهم واقاموا بالقرب من موقع الثميلة وبدأوا بعمل حفريات فقام عمي عايض وتوجه اليهم وبادرهم بسؤال والاستسفار فقالوا له نريد ان نحفر وننقب عن النفط في هذا المكان فقال لهم لم تجدوا الا مكان ثميلتي تنقبون فيه فقام ومنعهم وقد احتدم الموقف معهم فأصر على مغادرة العمال وعدم اكمال مشروعهم الذي فيه تعد على ثميلتنا وقلباننا التي فيها.
قام العمال بتقديم شكوى رسمية في عمي بأنه قد قام بمنع عمال شركة نفط من تأدية عملهم، فرد عمي على تلك الشكوى بأن هؤلاء العمال لم يجدوا الا ثميلتي يحفرون حولها، هل ضاقت بهم الارض بما وسعت؟
بعد ذلك قام عمي بابلاغ الشيخ صباح الناصر بما حدث وكان هو المسؤول عن بادية الكويت وشؤونها. فاستغرب الشيخ من هذا التصرف وقال ان الجميع يعلم ان هذه الثميلة هي لك فلما هذا التصرف من قبل عمال الشركة، بعد ذلك اعطى الشيخ صباح الناصر وثيقة بها تملك عمي لهذه الثميلة وما حوت من آبار وكان ذلك سنة 1950 فأخذ عمي هذه الوثيقة ودفع بها إلى الشركة ما حدا بها إلى الابتعاد مسافة كبيرة عنها واقامة مشروعهم.
التجار
كان لنا تجار في الكويت نتعامل معهم في البيع والشراء، اذكر منهم ابن ملحم ويوسف الميلم والتمار، وحين خرج الملك عبدالعزيز من الكويت متوجها إلى الرياض مر على ثميلتنا وقد رأوه شيابنا وبعد مدة من الزمن جاء الخبر انه دخل الرياض.
البحر
اما حياة البحر والغوص فقد ركب البحر والدي معيض مع النوخذة بن عيد البرازي وهو اول سنة ركب البحر سيباً والسيب معروف يسحب الغيص من البحر ثم تمرس وتعلم السباحة ورغب ان يكون غيصا لان اجره اكثر واستمر اربعة مواسم متتالية، وهو يدخل البحر ولم يكن بن عيد هو النوخذة الوحيد الذي ركب معه، بل هناك نوخذة اخر لكن لا اتذكر اسمه.
حمض
معركة حمض كانت على بادية الكويت وهم الذين تضرروا منها التي نحن من ضمنها وقد ذكر والدي لي انه كان بوارديا في تلك المعركة مع عمي وبعد المعركة تحولوا وسكنوا بجوار الشامية وكل بادية الكويت اتجهت إلى الشامية، بعد تلك المعركة بأشهر حدثت معركة الجهراء وفزع اهلنا ضمن من فزع في المعركة.
الجليب
كانت هناك ثمائل حول ثميلتنا واماكن المياه كانت كثيرة، اذكر، كنا نمر على جليب الشيوخ بها ابار عدة كنا نشرب منها ونحن في طريقنا للكويت والفروانية وخيطان وهي لحلال الكويت الذي لا يذهب بعيدا. اما عين بغزى فنحن نسمع عنه لكن لا اعلم هو......، لكن بئر بها ماء وانا ادركت هذه البئر التي يشرب منها الناس وهو الان ما بين العارضية والفردوس، فهي الارض المنخفضة كانت نقرة وبها هذا الجليب، واذكر بيت المزاينة هو البيت الوحيد الذي كان في خيطان، اما زكاتنا فكان يأخذها منا نزال المعصب وقد رأيته ونحن في ام نقا ودفعنا له الزكاة وام نقا حولها «طعوس» رملية فاطلق عليها ام نقا والقلبان قريبة منها وارضها قوية وهذه الكثبات الرملية الناعمة بين القلبان والبحر والنقا هو الرمل العالي. وكانت ام نقا «عد ماء كبير» فيه قلبان كثيرة يأتون اهل الحلال من ابل وغنم ويشربون منه.
بطاقتنا
كانت بطاقتنا عند بن غنيم شقيق خالد الغنيم رئيس مجلس الامة السابقة واذكر يوم كان والدي يذهب ويأتي بالعيش والسكر والملابس والخام ابريس واما النساء فلهن طاقات من الخام.
الوقت
جاء الشيخ صباح الناصر وأخبر والدي وعمي عن الربيع الذي ظهر في الجنوب ثم ذهب معه والدي، اما عمي فآثر الجلوس عند ثميلة وأخذنا سنة ثم رجعنا إلى الوفرة، ونحن كنا اغنياء في كثرة الحلال وتجارته، لذلك لم نكن نهتم بشراء البيوت وتملكها.
الذئاب
كانت الذئاب كثيرة في الماضي وقد قضيت على احد ابناء عمومتنا عوض بن سوندي الظريف، من الظرفان عاد من الغوص في انتهاء موسمه ومر على الارض الصبخاء التي كان يطلق عليها المقطعة لان العشب والنبات لا يظهر بها لانها «صبخاء»، وأراد ان يختصر المسافة فجاء من ناحيتها متوجها الينا، وكان في هذه الصبخاء شجر الطرفاء والذئاب من عادتها انها تحفر قاع هذه الشجر وتنام تحتها، ومر حولها ولم يعلم عنها فهجمت عليه وهي مجموعة كبيرة، فقضت عليه ومر صقار من العوازم معه طيره يصطاد به طيور الحبارى فاطلق طيره فاذا يقع طيره تحت الشجر فتتبعه الصقار العازمي ظانا ان صقره قد اصطاده شيئاً، فجاء اليه فوجده قد وقع بالقرب من رجل تنهشه الذئاب فلما أقبل اليها وكان العازمي بواردي فاخرج بندقيته واطلق الرصاص منها على اقرب ذئب فأرداه صريعاً فهربت الذئاب ثم جاء نحوه فاذا هو قد قضى نحبه ثم وجد في ملابسه اوراقا للغوص ودفتر الغوص الذي كانت البحرية تخرجه فقرأ تلك الاوراق وعرفه انه قريبنا وابن عمنا وجاء واخبرنا عن هذه الحادثة وسلمنا اوراقه واغراضه التي كانت معه ثم ذهب والدي وعمي ودفنوه ووجدوا الذئب صريعا عنده.
الحج
وفاة والدي كانت سنة 1983 اما عمي فتوفى سنة 1975 وقد راجعنا الحكومة بأمر ثميله، واول سيارة اشتريناها سنة 1955 وهي سيارة لوري فورد وأخذها من الحميضي وكانت لنا وحلالنا تستخدم في قضاء حوائجنا.
لبى عمي ووالدي نداء ربهما في الحج على زمن الابل والركائب ولم يكونا مع بعضهما البعض بل كل في سنة مغايرة للآخر مع حملة ابن شنفا.
لقد ظللنا متمسكين في حلالنا حتى مطلع الستينات والوالد قد شهد لدى لجان الجنسية بصفة انه احد كبار السن ويعرف الناس لذا كانت شهادته معتبرة.
الشومي
اذكر ذات يوم كنت عند حلالنا وقت غروب الشمس فاذا بسبعة ذئاب تقترب من الحلال وكان معي عصاة «شومي» وكان عندنا كلب لحراسة الغنم وحمايتها، فلما عدت الذئاب على الغنم رفعت شومي التي بيدي وأخدت اركض خلف الكلب في وجه الذئاب، وكان الكلب قويا شرسا حيث اخذ يعدو على الذئاب كلما هجم على مجموعة هربت منه ثم عاد وهجم على مجموعة أخرى وانا معي شومي «العصا» واصيح من خلفه بصوت عال هربت الذئاب من كلب الغنم رغم انها سبعة ذئاب لكن قوة وشراسة الكلب حالت دون افتراسها للغنم.
الكسوف
اذكر يوم خسوف الشمس جاءنا وقت العصر وكنت عند الابل فسمعت لها صوتا ثم اخذت تتحرك وتعدو فأظلمت الدنيا من حولي وظننت ان الليل قد امسى فأخذت «اوده» للابل بصوت تعرفه يوحي لها بالتحرك، المسير نحو مكان المبيت وتوجه نحوي اهلي... فلما اقبلت نحو بيوت اهلي فإذا بالشمس تخرج مرة اخرى فعلمت انه كسوف للشمس.
الأميركاني
اول مستشفى تم افتتاحه عندنا هو الاميركاني لا نعرف إلا هو وكان موقعه على ساحل البحر وكان اهلنا يذهبون للعلاج به واختي توفيت به ودفنت في المقبرة القديمة التي اليوم بالقرب من البلدية.
الرياضية
ثميلتنا كانت على طريق الرياضية وهو طريق معروف يربط الكويت بالرياض ويسلكه اهل السيارات قديما وكان يبدأ من دروازة الجهراء مرورا بالشدادية ثم يستريحون عندنا ويتزودون بالماء وكانت سياراتهم سيارات نقل كبيرة تنقل البضائع الى الرياض ومنهم من ينتظر رفاقه والركاب.
ويواعدهم عند ثميلتنا لان الارض القريبة منها كانت قوية وصلبة، الطريق كان سالكا مرورا او ذهابا، بيوت اهلنا بيوت شعر والبر كان في الماضي اونس والصيد متوافر عمي عايض كان صاحب طير وبندقية والبر مليء بالحبارى والظباء.
البر كان مليئا بكثرة الأعشاب والاشجار العرفج والثذى والثمام والرابية، النص والحماط والاشغارا، الدبل والنفل وام حويثم.
العراك
في احدى مقناص عمي عايض قديما من جهة ارض صبخاء التي يطلق عليها «المقطعه» من كثرة الذئاب التي تكون بها شاهد عمي ذئبا فاطلق عليه النار من فوهة بندقيته فقطعت يده فقام الذئب وهجم على عمي فأراد يطلق عليه النار مرة اخرى لكن لم يكن في البندقية ذخيرة فتعارك معه كما يتعارك مع رجل مثله فوضع يديه في رقبة الذئب وامسكها بكل ما أوتي من قوة والذئب يضربه بيده وحاول اكله فلما خرت قوى الذئب اخرج سكينا كانت معه واجهز عليه حيث بطر بطنه.
الذهاب
الذهاب للديرة وقت بيع الحلال وهي لها مواسم ففي الصيف وقت بيع نتاج الحلال ودهن وأقط وبيع البهم ويشترون ما يحتاجه والاكثر ما يشترون التمر والعيش والملابس والقهوة... كانت قهوة شيبنا الصبح يجتمع عنده الجيران والاقارب حتى وقت الضحى ثم يذهب كل الى عمله، هدامة 1954 جاءتنا ونحن في البر واستمر هطول المطر شهرا كاملا لم نر الشمس وانخسفت ارجل الابل داخل قيعان الارض والبعض الآخر تكسر.
الوظيفة
التحقت بوزارة الداخلية سنة 1964 وقد تأخرت في الالتحاق بالوظيفة لأننا بحمد الله اهل حلال والله مغنينا لكن تأثرنا بعدما جاءت «الوقوت» التي أثرت على الحلال الذي نملكه والوقوت هي قلة الامطار والربيع وبدأت من سنة 1952.
الدورة العسكرية التي التحقت بها حينما عملت في الداخلية اشرف على تدريبنا عدة مدربين اذكر منه بدر الذيب وصالح سعد الدوسري والشمري غريب والعتيبي مناحي وبعد التخرج تم توزيعي في حرس السفارات وبعد سنتين انتقلت الى محافظة حولي في مخفر حولي واستمررت بها 12 سنة وكانت المشاكل قليلة ليس مثل هذه الايام بعدها قدمت استقالتي وعملت في وزارة التربية وبها كان تقاعدي من العمل الوظيفي.