عروض بهلوانية فنية تنافس الدرّاجون على تقديمها أمام أكثر من 18 ألف متفرّج

«ريد بُل أكس فايترز» ... «نار» طائرة في ميونيخ!

تصغير
تكبير
• الأسترالي شيهان فاز بجولة ميونيخ وأشعل الصراع على اللقب العالمي قبل «محطة» جنوب افريقيا الأخيرة
كانت الرحلة إلى ميونيخ مختلفة هذه المرة، فتلك المدينة الألمانية لا يمكن إلا أن تترك في كل من يزورها نفحة من الراحة النفسية والوئام الروحي نظراً إلى روعتها والهدوء الذي يلف أركانها، لكن حدثاً ما كان يُحضَّر لاختراق سكينتها.

السماء كانت صافية تماماً في 19 يوليو الماضي قبل أن يخترق أجواءها علم ألماني محمول من مظلي حط أعلى تلة اصطناعية شكلت أحد متعرجات حلبة رملية بنيت فوق بحيرة فسيحة، ليعزف بعدها النشيد الوطني الألماني في حضور أكثر من 18 ألف متفرج أمّوا الـ «أولمبيا بارك» وتحديداً المنطقة المحاذية للاستاد الأولمبي (أولمبيا ستاديوم) في ميونيخ لحضور الجولة الأخيرة من بطولة «ريد بُل إكس فايترز».

عبق التاريخ كان يعم المكان، فعلى بعد أمتار من الحدث الموعود يقع «أولمبيا ستاديوم» حيث توج منتخب ألمانيا بطلاً للعالم 1974 في كرة القدم وحيث أقيم أولمبياد 1972.

كان الدراجون الـ 12 المشاركون في الحدث يتنافسون، ليس فقط على انتزاع النقاط من قبل لجنة تحكيم متخصصة، بل بطريقة غير مباشرة، لخطف أنفاس الجمهور الحاضر.

خلال فترة زمنية محددة، يتوجب عليهم القيام بتلك اللفة على الحلبة القائمة على بحيرة وتقديم قفزات فنية وحيل على متن دراجاتهم بما يشبه «الطيران الميكانيكي» الفريد.

التنظيم جاء رائعاً من الجوانب كافة، وهو ما دأبت «ريد بُل» على القيام به أينما حلت وارتحلت، وقد حظيت «الراي» بفرصة متابعة الحدث في ميونيخ نفسها.

ولدت بطولة «ريد بُل إكس فايترز» في ساحة صغيرة لمصارعة الثيران في إحدى الليالي الصيفية الدافئة في فالنسيا (اسبانيا) العام 2001 وتحولت إلى بطولة عالمية في 2008. وقد لا يمكن مقارنة الحيل التي قام بها الدراجون في أولى سباقات الدراجات النارية في المدينة بتلك الحيل التي يقومون بها في الوقت الحالي إلا أنه في ذلك اليوم وضع هؤلاء حجر الأساس لأكبر بطولة «إف إم إكس» في العالم.

بعد مرور عامين حدثت ضجة في عالم سباقات «موتوكروس» حين قام اثنان من الدراجين في فالنسيا بأول قفزة دورانية خلفية في تاريخ بطولات «ريد بُل إكس فايترز» وسط ذهول ودهشة الجماهير ليضعوا بذلك معايير أعلى في سباقات «إف إم إكس». ومنذ ذلك الحين، أصبح المتسابق الذي يرغب في تحقيق الفوز مطالباً بتنفيذ القفزة الدورانية الخلفية.

ولابد من الاتيان هنا على ذكر الدراج الذي قام بأداء القفزة الخلفية - ومن بعدها القفزة الخلفية المزدوجة - على أعلى مستوى وهو بكل تأكيد أسطورة بطولة «ريد بُل إكس فايترز» الأميركي ترافيس باسترانا. فقد ظهر في 2004 للمرة الأولى في ساحات السباق العالمية وأصبح في وقت قصير معشوقاً للجماهير بفضل أسلوبه السلس. أدرك باسترانا ان الحيل الجريئة في ظل تفاعل فريد من نوعه مع الجماهير تشكل المقومات التي جعلت منه أسطورة حية.

قائمة الأماكن التي أقيمت فيها بطولة «ريد بُل إكس فايترز» لا تقل جمالاً وإثارة عن تطور الحيل في السنوات الماضية: ريو دي جانيرو (البرازيل) وتكساس (الولايات المتحدة) وكالياري (كندا) ودبلن (ايرلندا) ومكسيكو سيتي (المكسيك) ومدريد (اسبانيا) وأوتلسوفن (ألمانيا) وروما (إيطاليا) وموسكو (روسيا) وعند سفح أهرامات الجيزة الساحرة في مصر، وغيرها.

المشاركون في البطولة هم رياضيون متخصصون في العروض الحرة لدراجات «موتوكروس»، ويمكن اطلاق عليهم اسم «بهلوانيو الدراجات النارية» ففي العروض التي تعتبر من بين احدث وأجمل أنواع الرياضات الخطرة، يتعين على الدراج الانطلاق بدراجته عن طريق منحدر بطول 20 مترا ليقفز في الهواء ويقوم بحركات بهلوانية خلال فترة التحليق، متحديا بذلك قوانين الطبيعة.

وتعتبر مسابقات الاسلوب الحر لدراجات «موتوكروس» النارية الاكثر تطلبا على الصعيد الرياضي بعد العاب «إكس غايمز».

ستة دراجين ممن فازوا بالجولات الست في بطولة 2013، منحوا حق المشاركة في نسخة 2014، فيما تأهل متسابقان اضافيان بعد تصفيات اقيمت خلال الموسم.

وفي كل محطة من البطولة، تقوم «لجنة اختيار الدراجين»، بتقديم اربع بطاقات دعوة الى متسابقين للمشاركة ولا يمكن ان يتعدى عدد المشاركين عن البلد نفسه الذي ينظم الجولة اربعة دراجين، الا اذا كان احدهم يتميز بالموهبة التي يستحق على اثرها بطاقة دعوة خاصة.

ومن خلال قفزته بدورانها الخلفي المزدوج، حقق الاسترالي جوش شيهان فوزا مذهلا في جولة ميونيخ، الامر الذي اعاد المنافسة في البطولة الى ذروة حماوتها وجعل الصراع على اللقب ثنائيا قبل المرحلة الختامية في جنوب افريقيا في 13 اغسطس الحالي.

في ميونيخ، تفوق شيهان على الياباني تاكا هيغاشينو الذي حل ثانيا في مواجهة ختامية تميزت بالحماس والتشويق على اول مسار لدراجات «موتوكروس» من نوعه اقيم فوق بحيرة.

وشق شيهان طريقه بقوة نحو ثاني فوز له في مسيرته والاول منذ 2011 من خلال ثلاث قفزات بدوران خلفي مزدوج متقنة التنفيذ خطفت انفاس الجمهور الالماني بمعظمه.

وجعل فوز شيهان بنقاطه المئة المستحقة الصراع على لقب «ريد بُل إكس فايترز» على اشده بعدما قلص الفارق في الترتيب العام الى خمس نقاط فقط عن النيوزيلندي ليفاي شيروود قبل جولة الختام في بريتوريا الجنوب افريقية، الذي يتصدر الترتيب العام برصيد 265 نقطة متقدما على شيهان (260)، فيما حقق لوك أكرمان البطل المحلي الشاب الذي لم يتخط 16 عاما من العمر جمهوره بمركز رابع متميز في اول مسابقة «ريد بل اكس فايترز» يخوضها، وهي افضل نتيجة على الاطلاق لدراج الماني في البطولة، زادت من فرحة البلاد التي كانت لا تزال تحتفل بالفوز بكأس العالم لكرة القدم. وحرص اكرمان على ارتداء قميص منتخب المانيا ثم قميص نادي بايرن ميونيخ خلال تقديم عرضه.

وقال شيهان: «تنفيذ القفزة بالدوران الخلفي المزدوج كان بالفعل امرا مخيفا»، واضاف: «من المذهل الفوز امام جمهور رائع كهذا».

اما شيروود فقال ان «تغلب شيهان علي في نصف النهائي شكل مشكلة كبيرة»، وتابع: «اعتقد اني قدت الدراجة بأفضل ما يمكنني، وسنرى ماذا سيحصل الان في جنوب افريقيا».

اما حامل اللقلب الفرنسي توماس باجيس، فأحس بالمرارة بعدما تقدم الى المركز الثالث في الترتيب العام اثر فوزه بجولة مدريد السابقة حين تفوق بجدارة على شيهان، ورأى اماله بالحفاظ على لقبه، تتبخر بعدما اضطر الى التخلي عن دراجته في الهواء في التصفيات حين كان يحاول اعادة قفزته المذهلة التي ضمنت له الفوز في اسبانيا، فانتهى به الامر بسقوط قوي على الارض، تسبب بإصابة تعرض لها في الكتف حرمته من مواصلة المنافسة.

وهنا الترتيب العام لبطولة «ريد بل اكس فايترز» 2014 قبل جولة الختام:

1 - ليفاي شيروود (نيوزيلندا) 265 نقطة.

2 - جوش شيهان (استراليا) 260 نقطة.

3 - توماس باجيس (فرنسا)، 190 نقطة.

4 - داني توريس (إسبانيا) 185 نقطة.

5 - تاكا هيغاشينو (اليابان) 150 نقطة

6 - روب ادلبرغ (استراليا) 120 تقطة

أصول ونقاط و«قضاة»

أقيمت تصفيات جولة ميونيخ يوم الجمعة 18 يوليو واشتملت على لفتين لكل دراج لمدة 90 ثانية، فيما أقيمت الادوار النهائية في 19 منه.

أصحاب المراكز السبعة الأولى هم من خاضوا الجولة الأولى التي تسبق الدور ربع النهائي.

يذكر أنه في الجولة الأولى لا يمكن تنفيذ كل الحيل.

وفي نصف النهائي، يتبقى أربعة دراجين يتسابقون ثنائياً أي سائق ضد آخر، خلال 90 ثانية على أن تصوت لجنة الحكام للأفضل.

ويقام النهائي بين سائقين اثنين ويؤخذ في الاختيار خلال 90 ثانية: التنويع، التنفيذ، الأسلوب، كيفية استخدام الحلبة، والطاقة (الحماس والترفيه).

كل جولة من جولات البطولة تضم لجنة حكام تشتمل على خمسة قضاة، كل منهم متخصص في أحد أركان العرض، أي، كما ذكرنا آنفاً: التنويع والتنفيذ والاسلوب وكيفية استخدام الحلبة والطاقة.

ويكون هناك قاض أعلى يحق له تغيير تقدير الحكام الآخرين وتحديد الفائز في حال التعادل.

كما يقع عليه أن يحتسب الوقت ورفض بعض الحيل عندما يتجاوز الدراج التوقيت المسموح به له.

في التصفيات والجولة الأولى، يمنح الحكام كل دراج علامة من 1 إلى 100 كل في فئته، وبعدها يُقسم المجموع على 5 للحصول على معدل عام من 100 يتأهل على اثرها أصحاب النسب الأعلى إلى ربع النهائي.

أما الباقون فيتنافسون في الدور الأول على مركز أخير مؤهل إلى ربع النهائي.

كل الأدوار ابتداء من ربع النهائي تقام «راس براس» أي دراج في مواجهة دراج ويحصل كل منهما على علامة من كل حكم بين 1 و100 نقطة.

وهنا ليس معدل النقاط الذي يؤخذ في الاعتبار بل من يتفوق على الآخر في كل فئة، وبالتالي من يتفوق بـ 3 وأكثر من قرارات الحكام يفوز.

وإذا عانى الدراج من مشكلة ميكانيكية أو طارئ صحي وكان قد بدأ المشاركة أو أن التوقيت انطلق، فعليه المطالبة بوقت مستقطع من خلال القيام بحركة (T) بذراعيه، وهنا يبدأ توقيت تنازلي لمدة دقيقتين لإعادة الانطلاق أو استكمال ما بدأه.

وبالامكان استخدام الوقت المستقطع مرة في كل من التصفيات والأدوار النهائية.

الحلبة

حلبة ميونيخ كانت الاولى في تاريخ بطولة «ريد بل اكس فايترز» التي تبنى فوق بحيرة مائية امتدت على 4500 متر وقامت على 260 دعامة مغروسة في الماء.

يصل وزن كل ما استخدم لبناء الحلبة الى الفي طن بما يعادل 12 طائرة بوينغ 747.

خلال 10 ايام قامت 70 شاحنة بنقل اجزاء الحلبة الى «اولمبيا بارك» واستلزمت عمليات بنائها اسبوعين.

توجب على كل دراج ان يتقن العوم، وشهدت جولة ميونيخ للمرة الاولى في تاريخ البطولة تأمين طاقم للانقاذ البحري.

محطات

• في 1993: كان بوب كول أول شخص في التاريخ يقوم بحركة استدارة كاملة (باكليفت) على دراجة نارية من طراز هوندا CR80. كان متسابق «بي ام اكس» على دراجات هوائية وقام بالقفزة مرارا على الدراجة الهوائية.

واستمر كول في تنفيذ الاستدارة الكاملة على الدراجة النارية حتى 1995 عندما سقط في احدى القفزات وتعرض لاصابات خطرة.

• في 2000: حاول كاري هارت القيام بالاستدارة على دراجة نارية من الحجم الكامل. كان الهبوط سيئا لان الدراجة تحطمت.

كثير من الناس ادعى ان القفزة يجب ان تعتبر ناجحة والبعض الآخر اعتبرها مجرد محاولة.

• في 2002: كان كاليب وايت (المولود في 1 يناير 1976) أول شخص يقوم باستدارة كاملة على متن دراجة نارية كبيرة وانتهت في كومة من العشب.

• بين 2003 و2005 : شهدت هذه الرياضة تطورا في نوعية القفزات والمسافة بين الانطلاق والهبوط.

• في 2006: قام ترافيس باسترانا باستدارتين في الهواء خلال قفزة واحدة ـ واعاد الكرة للمرة الاولى في مسابقة رسمية في اغسطس من العام نفسه، ووعد بعدم تكرارها.

• يرتدي الدراجون خلال القفزات خوذة خاصة، قفازات، حذاء خاصاً، سترة خاصة، درعاً للصدر وبنطال «ام اكس».

وبالامكان ارتداء اوقية للساقين والذراعين.

كما يمكن اعتماد واق للعنق.
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي