لا مقاطعة من مسيحيي «8 آذار» لحكومة «إدارة الشغور»
تراجع دور المسيحيين في لبنان أسكن الفراغ في الرئاسة الأولى
سليمان ورئيس الحكومة تمام سلام خلال الحفل الوداعي في قصر بعبدا (أ ب)
اليوم هو أول يوم فراغ في رئاسة الجمهورية في لبنان، فقصر بعبدا نام ليلته امس في «أحضان» كوابيس قد تستمر طويلاً، بعدما تعذّر على الرئيس ميشال سليمان، الذي غادر الى منزله في عمشيت (قرب جبيل) تسليم مفاتيح الجمهورية الى رئيس جديد للبلاد.
ولم تكن «سهرة» نواب «14 آذار» في البرلمان حتى منتصف الليل في انتظار «فرَج رئاسي ما» سوى خطوة رمزية لا أكثر ولا أقلّ، سرعان ما طواها فجر الفراغ الذي هبط على «رأس الدولة» مع حلول الثانية عشر ليلاً، وتالياً سقوط المهلة الدستورية لانتخاب الرئيس.
ولن يكون المشهد عادياً في البلاد، التي تعوّدت «تداوُل السلطة»، مع تعوّدها التدريجي على عدم وجود رئيسٍ كلما حلّ الاستحقاق. فـ «العدسات» وبدءاً من اليوم ستجعل القصر الجمهوري خلف ظهرها وتنصبّ على حكومة تمام سلام، التي تقوم مقام الرئيس، وعلى البرلمان المرشّح لان يستمر «ساحة اشتباك».
ثمة إشكالية تشي بما هو أبعد من لعبة الاسماء في الصراع على الكرسي الرئاسي... لماذا هذا الخلو المتدحرج في الموقع المسيحي الاول في لبنان المحكوم بتركيبة طائفية - مذهبية بالغة الحساسية وترتبط بتكوينه السياسي منذ ميثاق 1943 وحتى وثيقة الطائف العام 1989؟
هذا السؤال الذي يختزن تحوّلات عميقة يكاد ان يوحي بأن مَن خرج امس من القصر الجمهوري ليس الرئيس ميشال سليمان وحده بل الدور المحوري للمسيحيين الذي يصاب بأفولٍ لأسباب ذاتية ترتبط بالمسيحيين أنفسهم ولأسباب أكثر تعقيداً مردّها الى اختلالات في الواقع اللبناني برمّته.
بعض المسيحيين يأخذ على المسيحيين أنفسهم انحسار دور النخب في صفوفهم وسقوطهم في فخ الفوبيا «العددية» وانحسار دورهم في الداخل والخارج كعنوانٍ للحداثة واقتصاره على «قوقعةٍ» تبحث عن «عضلاتِ» سواهم لحماية مشاريع زعاماتية.
ولأن حال المسيحيين، الذين غلّبوا الخاص على العام، هكذا فانهم بدأوا دفع أثمان التناغم او التطاحن بين القوتين المحوريتين في البلاد، اي السنّة والشيعة، وهما الاسم الحركييْن لـ «14 آذار» التي ما زالت تحمل لواء المناصفة الاسلامية - المسيحية كجوهرٍ لاتفاق الطائف، و»8 آذار» التي تملك من فائض الأدوار ما يجعلها تطمح الى تعديلات في «كعكة» السلطة.
وبهذا المعنى فان تسلّم ميشال سليمان الرئاسة من الفراغ قبل ستة اعوام وتسليمه الجمهورية الى الفراغ يوم امس، يعبّر عن حال المسيحيين الذين يحلو للبعض القول انهم لم يعودوا يشكلون سوى 27 في المئة من اللبنانيين، الذين يتكئون على تحالفات اقليمية تتصدّرها السعودية وايران في ظل إدارة ظهر اميركية وعدم فعالية فرنسية.
إزاء ذلك، فان الاسئلة كثيرة عن «المرحلة الغامضة» التي دهمت لبنان، ومنها: ماذا عن حكومة تمام سلام «الرئاسية»؟ ايّ دور سيلعبه البرلمان؟ وما مصير الانتخابات الرئاسية في ظلّ رفع «14 آذار» لواء «ديموقراطية الانتخابات»، وإصرار «8 آذار» على التوافق المسبق؟
اوساط واسعة الاطلاع في بيروت قلّلت من شأن تلويح مسيحيي «8 آذار» ولا سيما «التيار الوطني الحر» بزعامة العماد ميشال عون بإمكان مقاطعة الحكومة او الاستقالة منها بغية الضغط في اتجاه تبني عون كمرشّح وفاقي للرئاسة، عبر معادلة «إما انا وإما المجهول».
وعلمت «الراي» ان اجتماعات عُقدت بين اطراف مسيحيي «8 آذار» التي استمزجت رأي حلفائها، فاستقرّ الموقف على عدم الاستقالة من الحكومة او مقاطعتها او عرقلة عملها، وخصوصاً انها ورثت صلاحيات رئيس الجمهورية ويقع على عاتقها ادارة شؤون البلاد.
وفهمت «الراي» من اوساط مهتمة ان قرار «التيار الحر» وحلفائه المسيحيين بعدم عرقلة عمل الحكومة مردّه الى الخشية من تحميلهم مسؤولية التردي الذي سيصيب البلاد على مختلف المستويات السياسية وربما الأمنية، اضافة الى الانعكاسات المحتملة على القضايا التي تتصل بشؤون الناس.
واذا كان الوسط السياسي ينتظر اطلالتين لسبر أغوار المرحلة المقبلة، واحدة للامين العام لـ «حزب الله» السيد حسن نصرالله الذي يتحدث اليوم في «عيد المقاومة والتحرير»، وثانية للعماد عون غداً عبر مؤتمر صحافي، فان «خريطة الطريق» امام عملية انتخاب رئيس جديد ستكون شاقة ومعقدة.
وبحسب السيناريو الأكثر احتمالاً فانه سيكون من الصعب الإفراج عن رئيس جديد للجمهورية من دون تفاهم بين «8 و 14 آذار»، لن يتمّ الوصول اليه على الأرجح الا بعد إدراك «مسيحيي الطرفين» باستحالة المضي قدماً في معاركهما، وهو الكلام الذي سيَبلغ مسامع البطريركية المارونية في لحظة ما.
ففي ظل الفراغ الذي لن يكون سهلاً التكهن بمداه الزمني او بأخطاره، فان اللعبة الرئاسية مرشحة للاستمرار كما هي: «14 آذار» وفي مقدمها «تيار المستقبل» مع مرشح من صفوفها من دون قفل الباب امام اي مرشح يحظى بتوافق مسيحي، و»8 آذار» تقف خلف «حلم» العماد عون مع إبقاء الباب مفتوحاً امام اي مرشح يحظى بتوافق مسيحيي.
هذه المعادلة ستنتهي تحت وطأة الفراغ في الكرسي المسيحي الاول بتعب الطرفين المسيحيين في «8 و 14 آذار»، الامر الذي من شأنه إحداث كوة في الحائط المسدود لإمرار تفاهمٍ تضغط في اتجاهه بكركي للاتفاق على رئيسٍ يشكل جائزة ترضية للمعسكريْن.
ولم تكن «سهرة» نواب «14 آذار» في البرلمان حتى منتصف الليل في انتظار «فرَج رئاسي ما» سوى خطوة رمزية لا أكثر ولا أقلّ، سرعان ما طواها فجر الفراغ الذي هبط على «رأس الدولة» مع حلول الثانية عشر ليلاً، وتالياً سقوط المهلة الدستورية لانتخاب الرئيس.
ولن يكون المشهد عادياً في البلاد، التي تعوّدت «تداوُل السلطة»، مع تعوّدها التدريجي على عدم وجود رئيسٍ كلما حلّ الاستحقاق. فـ «العدسات» وبدءاً من اليوم ستجعل القصر الجمهوري خلف ظهرها وتنصبّ على حكومة تمام سلام، التي تقوم مقام الرئيس، وعلى البرلمان المرشّح لان يستمر «ساحة اشتباك».
ثمة إشكالية تشي بما هو أبعد من لعبة الاسماء في الصراع على الكرسي الرئاسي... لماذا هذا الخلو المتدحرج في الموقع المسيحي الاول في لبنان المحكوم بتركيبة طائفية - مذهبية بالغة الحساسية وترتبط بتكوينه السياسي منذ ميثاق 1943 وحتى وثيقة الطائف العام 1989؟
هذا السؤال الذي يختزن تحوّلات عميقة يكاد ان يوحي بأن مَن خرج امس من القصر الجمهوري ليس الرئيس ميشال سليمان وحده بل الدور المحوري للمسيحيين الذي يصاب بأفولٍ لأسباب ذاتية ترتبط بالمسيحيين أنفسهم ولأسباب أكثر تعقيداً مردّها الى اختلالات في الواقع اللبناني برمّته.
بعض المسيحيين يأخذ على المسيحيين أنفسهم انحسار دور النخب في صفوفهم وسقوطهم في فخ الفوبيا «العددية» وانحسار دورهم في الداخل والخارج كعنوانٍ للحداثة واقتصاره على «قوقعةٍ» تبحث عن «عضلاتِ» سواهم لحماية مشاريع زعاماتية.
ولأن حال المسيحيين، الذين غلّبوا الخاص على العام، هكذا فانهم بدأوا دفع أثمان التناغم او التطاحن بين القوتين المحوريتين في البلاد، اي السنّة والشيعة، وهما الاسم الحركييْن لـ «14 آذار» التي ما زالت تحمل لواء المناصفة الاسلامية - المسيحية كجوهرٍ لاتفاق الطائف، و»8 آذار» التي تملك من فائض الأدوار ما يجعلها تطمح الى تعديلات في «كعكة» السلطة.
وبهذا المعنى فان تسلّم ميشال سليمان الرئاسة من الفراغ قبل ستة اعوام وتسليمه الجمهورية الى الفراغ يوم امس، يعبّر عن حال المسيحيين الذين يحلو للبعض القول انهم لم يعودوا يشكلون سوى 27 في المئة من اللبنانيين، الذين يتكئون على تحالفات اقليمية تتصدّرها السعودية وايران في ظل إدارة ظهر اميركية وعدم فعالية فرنسية.
إزاء ذلك، فان الاسئلة كثيرة عن «المرحلة الغامضة» التي دهمت لبنان، ومنها: ماذا عن حكومة تمام سلام «الرئاسية»؟ ايّ دور سيلعبه البرلمان؟ وما مصير الانتخابات الرئاسية في ظلّ رفع «14 آذار» لواء «ديموقراطية الانتخابات»، وإصرار «8 آذار» على التوافق المسبق؟
اوساط واسعة الاطلاع في بيروت قلّلت من شأن تلويح مسيحيي «8 آذار» ولا سيما «التيار الوطني الحر» بزعامة العماد ميشال عون بإمكان مقاطعة الحكومة او الاستقالة منها بغية الضغط في اتجاه تبني عون كمرشّح وفاقي للرئاسة، عبر معادلة «إما انا وإما المجهول».
وعلمت «الراي» ان اجتماعات عُقدت بين اطراف مسيحيي «8 آذار» التي استمزجت رأي حلفائها، فاستقرّ الموقف على عدم الاستقالة من الحكومة او مقاطعتها او عرقلة عملها، وخصوصاً انها ورثت صلاحيات رئيس الجمهورية ويقع على عاتقها ادارة شؤون البلاد.
وفهمت «الراي» من اوساط مهتمة ان قرار «التيار الحر» وحلفائه المسيحيين بعدم عرقلة عمل الحكومة مردّه الى الخشية من تحميلهم مسؤولية التردي الذي سيصيب البلاد على مختلف المستويات السياسية وربما الأمنية، اضافة الى الانعكاسات المحتملة على القضايا التي تتصل بشؤون الناس.
واذا كان الوسط السياسي ينتظر اطلالتين لسبر أغوار المرحلة المقبلة، واحدة للامين العام لـ «حزب الله» السيد حسن نصرالله الذي يتحدث اليوم في «عيد المقاومة والتحرير»، وثانية للعماد عون غداً عبر مؤتمر صحافي، فان «خريطة الطريق» امام عملية انتخاب رئيس جديد ستكون شاقة ومعقدة.
وبحسب السيناريو الأكثر احتمالاً فانه سيكون من الصعب الإفراج عن رئيس جديد للجمهورية من دون تفاهم بين «8 و 14 آذار»، لن يتمّ الوصول اليه على الأرجح الا بعد إدراك «مسيحيي الطرفين» باستحالة المضي قدماً في معاركهما، وهو الكلام الذي سيَبلغ مسامع البطريركية المارونية في لحظة ما.
ففي ظل الفراغ الذي لن يكون سهلاً التكهن بمداه الزمني او بأخطاره، فان اللعبة الرئاسية مرشحة للاستمرار كما هي: «14 آذار» وفي مقدمها «تيار المستقبل» مع مرشح من صفوفها من دون قفل الباب امام اي مرشح يحظى بتوافق مسيحي، و»8 آذار» تقف خلف «حلم» العماد عون مع إبقاء الباب مفتوحاً امام اي مرشح يحظى بتوافق مسيحيي.
هذه المعادلة ستنتهي تحت وطأة الفراغ في الكرسي المسيحي الاول بتعب الطرفين المسيحيين في «8 و 14 آذار»، الامر الذي من شأنه إحداث كوة في الحائط المسدود لإمرار تفاهمٍ تضغط في اتجاهه بكركي للاتفاق على رئيسٍ يشكل جائزة ترضية للمعسكريْن.