«المركزي»: حظر الفوائد يعاكس توجهات شريحة واسعة من العملاء
إلغاء البنوك التقليدية... غيّر تشريعاتك أولاً!
• لا يجوز أن تحكم البنوك بقواعد مخالفة لتطبيقات الدولة القانونية
• السعودية لا تميز بين القطاعين وأسماء بنوكها لا تحمل أي مؤشرات على أنها إسلامية أم تقليدية
• التدرج في عمل البنوك الإسلامية حقق التوازن مع التقليدية وجعل لها حصة مؤثرة
• السعودية لا تميز بين القطاعين وأسماء بنوكها لا تحمل أي مؤشرات على أنها إسلامية أم تقليدية
• التدرج في عمل البنوك الإسلامية حقق التوازن مع التقليدية وجعل لها حصة مؤثرة
تثير ذكريات العلاقة بين أعضاء مجلس الأمة وبنك الكويت المركزي، العديد من التدخلات في السياسة المصرفية، من قبيل المطالبة بإسقاط الفوائد على المواطنين، وتحميلها للبنوك، لكن اخر هذه النقاشات التي تتعلق بمقترح نيابي تبناه المجلس السابق وأعاد طرحه المجلس الحالي يحظر الفوائد التقليدية ما عكس صراعاً مكتوماً بين نواب إسلاميين معارضين وعمل البنوك التقليدية.
الرغبة النيابية الجديدة في إحداث تحول جذري بالسياسة المصرفية كانت أخيرا محل أخذ ورد بين نواب ووزير المالية، الذي رد على اللجنة التشريعية في مجلس الامة بالرأي الفني المقدم من بنك الكويت المركزي على مسألة حظر الفوائد التقليدية بصعوبة تطبيق ذلك من الناحية الإجرائية والتشريعية في مجلس الأمة، وكذلك لجهة مخالفة توجهات الدولة عامة والنظام العالمي، حيث سيواجه هذا التطبيق مشاكل واسعة قد تجعل من النظام المصرفي المحلي في عزلة من النظام العالمي.
ويدفع الرأي الذي حصلت «الراي» على نسخة منه، ان هناك جملة من الإشكاليات التي تحول دون سلامة فكرة حظر الفوائد، أولها ان البنوك التي تعمل وفقا للشريعة الإسلامية تمتلك حصة سوقية متوازنة مع البنوك التقليدية مثلما يهدف القانون (30 لسنة 2003) والقانون الأساسي لولادة البنوك التي تعمل وفقا للشريعة الإسلامية، حيث سعى بنك الكويت المركزي إلى إحداث تدرج مقبول في هذا الخصوص، إلى ان بات النشاط المصرفي المحلي يتضمن 10 مصارف، 50 في المئة منها تعمل وفقا للشريعة الإسلامية، بعد تأسيس «بوبيان» وتحول «الدولي» و«الأهلي المتحد» واخيرا تأسيس بنك وربة وقبلها «بيت التمويل الكويتي»، ما قاد من الناحية العملية إلى استحواذ هذا القطاع على حصة مؤثرة من السوق المصرفي بفضل سياسة التدرج التي انتهجها الناظم الرقابي.
وتنسجم سياسة التدرج التي يعمل بها بنك الكويت المركزي في الأساس مع فلسفة اللجنة الاستشارية العليا للعمل على استكمال تطبيق أحكام الشريعة الإسلامية التي تم تأسيسها منذ أيام الامير الراحل سمو الشيخ جابر الأحمد بهدف اسلمة القوانين، ولذا فان التوازن بين البنوك التقليدية والمصارف التي تعمل وفقا للشريعة الاسلامية مبدأ مطلوب لإنجاح العمل المصرفي وهو الامر القائم بالفعل.
على صعيد اخر، فان حظر الفوائد يعني الغاء وجود البنوك التقليدية، وهو امر لا يمكن تخيله عمليا، فعالميا لا يوجد نظام مصرفي احادي النشاط، قائم على عمل البنوك التي تعمل وفقا للشريعة الاسلامية فقط، حيث في هذه الحالة سيواجه النظام المصرفي خللا واضحا في جميع مكوناته التي تضم اسس العمل المصرفي واحتياجات العميل.
إما النقطة الثالثة التي تصعب إجراء إلغاء البنوك التقليدية فتتعلق بعمل البنوك وعلاقاته المتلازمة بالاطار التشريعي للدولة، ولذا فان اي تغيير في ثقافة العمل المصرفي المحلي واختصار الجهات العاملة على البنوك التي تعمل وفقا للشريعة الاسلامية فقط، يحتاج مسبقا إلى تحرك نيابي يقابله انسجام حكومي على تغيير المنظومة التشريعية العامة للدولة ونصوصها القانونية القائمة، فاذا كان الدستور الكويتي والقانون ايضا يستمد احكامه من الشريعة الاسلامية، الا انهما لم يمنعا وجود عمل البنوك التقليدية.
وافاد الرأي الفني بان إحداث اي تحول رئيس في النظام المصرفي المحلي مثلما يطالب به النواب يتعين ان يبدأ بتغيير المنظومة التشريعية العامة للدولة، لجهة قوانينها وإعادة هيكلتها بالقدر الذي يحظر معه عمل البنوك التقليدية واختزال العمل المصرفي على البنوك التشريعية فقط، وغير ذلك فان من المرتقب ان تتعرض المنظومة المصرفية المحلية إلى خلل تشريعي بين قواعدها الحاكمة وقواعد الدولة العامة المطبقة.
إضافة إلى ذلك فان هذا التوجه من شأنه ان يخالف توجه الدولة نفسه الذي يهدف إلى تحول الكويت مركزا ماليا وتجاريا في المنطقة، ولذا لا يمكن ان يستقيم الحديث عن تأسيس مركز مالي وتجاري حقيقي في الكويت كما هو مأمول من مختلف السلطات بالدولة، في الوقت الذي يعاكس فيه النواب بمقترحهم هذا النظام المصرفي العالمي القائم على السماح لجميع أنواع البنوك بممارسة أعمالها وعدم التمييز بينها.
وإلى ذلك هناك إشكالية تتعلق بعمل البنوك الاجنبية في الكويت والتي وصل عددها إلى 11 بنكا، ولو افترضنا انه تم الاتفاق على مسألة حظر الفوائد التقليدية، يكون السؤال المستحق تشريعيا واجرائيا حول كيفية تعامل الدولة مع هذه الافرع، وهل سيتم اغلاقها وتحمل تبعات هكذا قرار سياسي ناهيك عن الغرامات التي يمكن ان تطالب بها هذه الافرع وامكانية تعرض البنوك الكويتية إلى المعاملة بالمثل في بلدان هذه البنوك لجهة حظر عملها؟
ويذهب أصحاب الرأي الفني إلى ان مسألة وجود بنوك تقليدية بجوار البنوك التي تعمل وفقا للشريعة الاسلامية لا تتعلق بالدين، ولا يجوز ربطها بمبدأ الحلال والحرام، بل ترتبط اكثر بالمنظومة العالمية، وما اذا كانت الكويت ترغب في ان تكون جزءا منها أم انها قررت العزلة فجأة عنها، والمقاربة في هذا الخصوص يمكن استشرافها من المملكة العربية السعودية التي تطبق أحكام الشريعة الاسلامية ورغم ذلك لا تميز حتى في الاسماء بين البنوك التي تعمل وفقا للشريعة الاسلامية والاخرى التقليدية، فلن تجد مثلا بنكا يحمل اسما ينتهي بمؤشر ان هذا البنك اسلامي والاخر غير ذلك.
اعتبار اخر في غاية الأهمية يصعب حظر الفوائد التقليدية يتعلق بالعميل نفسه ومراعاة حاجاته المصرفية، فاذا كانت البنوك التي تعمل وفقا للشريعة الاسلامية تتمتع بجمهور واسع، فان البنوك التقليدية لا تزال في المنافسة، ولديها عملاؤها الذين يفضلون العمل معها عن غيرها، ولذلك فان الغاء البنوك التقليدية يكون بمثابة تجاهل لرغبات شريحة واسعة من العملاء التي لا تزال تفضل العمل المصرفي التقليدي، ناهيك ان هذا التوجه يهدم فكرة تحسين بيئة الأعمال، ويغلق الباب امام شريحة مهمة من المستثمرين تضخ مستويات عالية من الاموال في القطاع التقليدي.
كما ان من غير الصحيح الاعتقاد بان البنوك التي تعمل وفقا للشريعة الاسلامية ليس لديها كلفة اموال بخلاف البنوك التقليدية، فبنظرة تحليلية بسيطة لنماذج عمل القطاعين يتضح بسهولة ان البنوك التي تعمل وفقا للشريعة الاسلامية لديها كلفة اموال من خلال مخاطر البيع التي تترتب على منتجاتها بخلاف التقليدية التي تلتزم مع العميل بفائدة معلنة مسبقة.
نقطة اخيرة تخالف توجهات بعض النواب نحو الغاء البنوك التقليدية، وللمفارقة فان هذه النقطة تاتي من البنوك التي تعمل وفقا للشريعة الاسلامية نفسها والتي لا يروقها على ما يبدو ان تتغير لعبة التنافس المصرفي من تقليدي إسلامي إلى اسلامي اسلامي، حيث وقتها من الممكن ان تتعرض بعض البنوك إلى تعقيدات قد تؤثر على مراكزها المالية لجهة القدرة على المنافسة خصوصا بين المصارف الصغيرة والكبيرة، اما وفقا للوضع الحالي فان بامكان الحصة المصرفية الاسلامية ان تنمو بسهولة وبوتيرة مستدامة، حيث المنافسة وفقا للصيغة الحالية بين البنوك على استقطاب العميل من خارج المنظومة التي لا تفضل العمل وفقا للشريعة الاسلامية وفي حال الغاء البنوك التقليدية ستقتصر المنافسة على البنوك مشابهة النشاط.
الرغبة النيابية الجديدة في إحداث تحول جذري بالسياسة المصرفية كانت أخيرا محل أخذ ورد بين نواب ووزير المالية، الذي رد على اللجنة التشريعية في مجلس الامة بالرأي الفني المقدم من بنك الكويت المركزي على مسألة حظر الفوائد التقليدية بصعوبة تطبيق ذلك من الناحية الإجرائية والتشريعية في مجلس الأمة، وكذلك لجهة مخالفة توجهات الدولة عامة والنظام العالمي، حيث سيواجه هذا التطبيق مشاكل واسعة قد تجعل من النظام المصرفي المحلي في عزلة من النظام العالمي.
ويدفع الرأي الذي حصلت «الراي» على نسخة منه، ان هناك جملة من الإشكاليات التي تحول دون سلامة فكرة حظر الفوائد، أولها ان البنوك التي تعمل وفقا للشريعة الإسلامية تمتلك حصة سوقية متوازنة مع البنوك التقليدية مثلما يهدف القانون (30 لسنة 2003) والقانون الأساسي لولادة البنوك التي تعمل وفقا للشريعة الإسلامية، حيث سعى بنك الكويت المركزي إلى إحداث تدرج مقبول في هذا الخصوص، إلى ان بات النشاط المصرفي المحلي يتضمن 10 مصارف، 50 في المئة منها تعمل وفقا للشريعة الإسلامية، بعد تأسيس «بوبيان» وتحول «الدولي» و«الأهلي المتحد» واخيرا تأسيس بنك وربة وقبلها «بيت التمويل الكويتي»، ما قاد من الناحية العملية إلى استحواذ هذا القطاع على حصة مؤثرة من السوق المصرفي بفضل سياسة التدرج التي انتهجها الناظم الرقابي.
وتنسجم سياسة التدرج التي يعمل بها بنك الكويت المركزي في الأساس مع فلسفة اللجنة الاستشارية العليا للعمل على استكمال تطبيق أحكام الشريعة الإسلامية التي تم تأسيسها منذ أيام الامير الراحل سمو الشيخ جابر الأحمد بهدف اسلمة القوانين، ولذا فان التوازن بين البنوك التقليدية والمصارف التي تعمل وفقا للشريعة الاسلامية مبدأ مطلوب لإنجاح العمل المصرفي وهو الامر القائم بالفعل.
على صعيد اخر، فان حظر الفوائد يعني الغاء وجود البنوك التقليدية، وهو امر لا يمكن تخيله عمليا، فعالميا لا يوجد نظام مصرفي احادي النشاط، قائم على عمل البنوك التي تعمل وفقا للشريعة الاسلامية فقط، حيث في هذه الحالة سيواجه النظام المصرفي خللا واضحا في جميع مكوناته التي تضم اسس العمل المصرفي واحتياجات العميل.
إما النقطة الثالثة التي تصعب إجراء إلغاء البنوك التقليدية فتتعلق بعمل البنوك وعلاقاته المتلازمة بالاطار التشريعي للدولة، ولذا فان اي تغيير في ثقافة العمل المصرفي المحلي واختصار الجهات العاملة على البنوك التي تعمل وفقا للشريعة الاسلامية فقط، يحتاج مسبقا إلى تحرك نيابي يقابله انسجام حكومي على تغيير المنظومة التشريعية العامة للدولة ونصوصها القانونية القائمة، فاذا كان الدستور الكويتي والقانون ايضا يستمد احكامه من الشريعة الاسلامية، الا انهما لم يمنعا وجود عمل البنوك التقليدية.
وافاد الرأي الفني بان إحداث اي تحول رئيس في النظام المصرفي المحلي مثلما يطالب به النواب يتعين ان يبدأ بتغيير المنظومة التشريعية العامة للدولة، لجهة قوانينها وإعادة هيكلتها بالقدر الذي يحظر معه عمل البنوك التقليدية واختزال العمل المصرفي على البنوك التشريعية فقط، وغير ذلك فان من المرتقب ان تتعرض المنظومة المصرفية المحلية إلى خلل تشريعي بين قواعدها الحاكمة وقواعد الدولة العامة المطبقة.
إضافة إلى ذلك فان هذا التوجه من شأنه ان يخالف توجه الدولة نفسه الذي يهدف إلى تحول الكويت مركزا ماليا وتجاريا في المنطقة، ولذا لا يمكن ان يستقيم الحديث عن تأسيس مركز مالي وتجاري حقيقي في الكويت كما هو مأمول من مختلف السلطات بالدولة، في الوقت الذي يعاكس فيه النواب بمقترحهم هذا النظام المصرفي العالمي القائم على السماح لجميع أنواع البنوك بممارسة أعمالها وعدم التمييز بينها.
وإلى ذلك هناك إشكالية تتعلق بعمل البنوك الاجنبية في الكويت والتي وصل عددها إلى 11 بنكا، ولو افترضنا انه تم الاتفاق على مسألة حظر الفوائد التقليدية، يكون السؤال المستحق تشريعيا واجرائيا حول كيفية تعامل الدولة مع هذه الافرع، وهل سيتم اغلاقها وتحمل تبعات هكذا قرار سياسي ناهيك عن الغرامات التي يمكن ان تطالب بها هذه الافرع وامكانية تعرض البنوك الكويتية إلى المعاملة بالمثل في بلدان هذه البنوك لجهة حظر عملها؟
ويذهب أصحاب الرأي الفني إلى ان مسألة وجود بنوك تقليدية بجوار البنوك التي تعمل وفقا للشريعة الاسلامية لا تتعلق بالدين، ولا يجوز ربطها بمبدأ الحلال والحرام، بل ترتبط اكثر بالمنظومة العالمية، وما اذا كانت الكويت ترغب في ان تكون جزءا منها أم انها قررت العزلة فجأة عنها، والمقاربة في هذا الخصوص يمكن استشرافها من المملكة العربية السعودية التي تطبق أحكام الشريعة الاسلامية ورغم ذلك لا تميز حتى في الاسماء بين البنوك التي تعمل وفقا للشريعة الاسلامية والاخرى التقليدية، فلن تجد مثلا بنكا يحمل اسما ينتهي بمؤشر ان هذا البنك اسلامي والاخر غير ذلك.
اعتبار اخر في غاية الأهمية يصعب حظر الفوائد التقليدية يتعلق بالعميل نفسه ومراعاة حاجاته المصرفية، فاذا كانت البنوك التي تعمل وفقا للشريعة الاسلامية تتمتع بجمهور واسع، فان البنوك التقليدية لا تزال في المنافسة، ولديها عملاؤها الذين يفضلون العمل معها عن غيرها، ولذلك فان الغاء البنوك التقليدية يكون بمثابة تجاهل لرغبات شريحة واسعة من العملاء التي لا تزال تفضل العمل المصرفي التقليدي، ناهيك ان هذا التوجه يهدم فكرة تحسين بيئة الأعمال، ويغلق الباب امام شريحة مهمة من المستثمرين تضخ مستويات عالية من الاموال في القطاع التقليدي.
كما ان من غير الصحيح الاعتقاد بان البنوك التي تعمل وفقا للشريعة الاسلامية ليس لديها كلفة اموال بخلاف البنوك التقليدية، فبنظرة تحليلية بسيطة لنماذج عمل القطاعين يتضح بسهولة ان البنوك التي تعمل وفقا للشريعة الاسلامية لديها كلفة اموال من خلال مخاطر البيع التي تترتب على منتجاتها بخلاف التقليدية التي تلتزم مع العميل بفائدة معلنة مسبقة.
نقطة اخيرة تخالف توجهات بعض النواب نحو الغاء البنوك التقليدية، وللمفارقة فان هذه النقطة تاتي من البنوك التي تعمل وفقا للشريعة الاسلامية نفسها والتي لا يروقها على ما يبدو ان تتغير لعبة التنافس المصرفي من تقليدي إسلامي إلى اسلامي اسلامي، حيث وقتها من الممكن ان تتعرض بعض البنوك إلى تعقيدات قد تؤثر على مراكزها المالية لجهة القدرة على المنافسة خصوصا بين المصارف الصغيرة والكبيرة، اما وفقا للوضع الحالي فان بامكان الحصة المصرفية الاسلامية ان تنمو بسهولة وبوتيرة مستدامة، حيث المنافسة وفقا للصيغة الحالية بين البنوك على استقطاب العميل من خارج المنظومة التي لا تفضل العمل وفقا للشريعة الاسلامية وفي حال الغاء البنوك التقليدية ستقتصر المنافسة على البنوك مشابهة النشاط.