الجرافات هدمت 14 محلاً كمرحلة أولية تمهيداً لإزالته بالكامل

«باي باي»... سوق السلاح

تصغير
تكبير
منذر النحلاوي:

إزالة المحال جرت من دون أوراق رسمية

عوض الجندال:

الحكومة دفعت أموالا كثيرة في إعادة تأهيل السوق قبل عام... فلماذا يتم هدمه الآن؟

يوسف علي:

السوق بركة الكويت وتاريخ عريق يجب المحافظة عليه

• خبر الإزالة وقع كـ«الصاعقة» على العاملين في المجلس الوطني للثقافة الذين وضعوا السوق ضمن المباني التاريخية

• إيجارها في أربعينات القرن الماضي كان لا يتجاوز الـ 20 روبية وتعود ملكيتها لعوائل كويتية قديمة
بعد نحو 60 عاما كانت خلالها علامة سياحية بارزة، تتحول 220 محلا في سوق السلاح في منطقة المباركية، من عين الى أثر، بعد أن قامت لجنة الازالة في بلدية الكويت بهدم 14 محلا كمرحلة أولية، لإزالة السوق بأكمله، بدعوى أنها آيلة للسقوط، وفي اطار تجديد السوق.

تاريخ انشاء هذه المحال قديم، ويعد جزءا من تاريخ الكويت، حيث كان ايجارها في أربعينات القرن الماضي لا يتجاوز 20 روبية، وتبيع السلاح، الذي أخذت منه اسمها، والاواني المنزلية والعطور والملابس والاقمشة والبهارات والشاي والقهوة واحتياجات العطارة، وتعود ملكيتها لعوائل كويتية قديمة، ويديرها عدد من الوافدين الإيرانين واليمنيين والسوريين والهنود، بعضهم عمل منذ طفولته في هذا السوق.


عملية الهدم والإزالة انطلقت قبل 4 أيام باستخدام الجرافات، وتحولت خلالها وفي دقائق معدودة الى عدم، لتمحو معها تاريخاً زاخراً بالذكريات الجميلة، بدعوى تطوير المنطقة، من دون علم المجلس الوطني والثقافة والآداب الجهة المعنية بالحفاظ على المباني التراثية.

ووقع خبر الازالة كـ «الصاعقة» على العاملين في المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، الذين وضعوا سوق السلاح ضمن المباني التاريخية في الكويت، وإعداد خطة وفق الأصول المعمارية الصحيحة لتأهيله بدلاً من هدمه وإزالة آثاره.

وكان لتسرع جرافات البلدية في هدم أجزاء من سوق السلاح قد اشعل غضب المسؤولين في المجلس الوطني، وأشهروا «فيتو» بوجه جرافات البلدية التي توقفت موقتا عن العمل، الى حين إصدار قرار حاسم للتعامل مع السوق التاريخي.

«الراي»، زارت سوق السلاح، والتقت بعض أصحاب المحال ومواطنين، الذين تحدثون بحسرة وألم عن ذكرياتهم في أحد المواقع التاريخية المهمة في الكويت.

البداية، كانت مع منذر النحلاوي، سوري، يعمل في محل محمد عبدالعزيز الجاسم منذ العام 1952 أي منذ أيام «الروبية»، حيث قال ان، «المحال قديمة وتاريخية، ويملكها مواطنون أمثال جواد الصفار وإبراهيم عبداللطيف الخضر وعبد العظيم تقي عسكر وأبو علي العسكر وأحمد العميري وحسن طاهر، وغيرهم، ويبلغ عددها 220 محلا».

واضاف النحلاوي، ان «عملية إزالة المحلات جرت من دون اوراق رسمية وتمت إزالة المحولات الكهربائية فانقطعت الكهرباء عنا، واتجهنا للمحكمة التي حكمت لصالحنا وأعادت التيار الكهربائي بقوة القانون».

وتابع النحلاوي، «نقوم بدفع الايجارات لشركة العقارات المتحدة، ولكن منذ فترة رفضت الشركة تسلم الايجارات، فتوجهنا إلى أملاك الدولة ولكنها أيضا رفضت تسلم الايجارات، وأصبحنا ندفع الايجارات في المحكمة».

وزاد النحلاوي، «يأتي السياح الاجانب والعرب ليلتقطوا صورا تذكارية لهذه المحال والمواقع التاريخية، وتعتبر الواجهة الاقتصادية قديما مقصدا للكثير من سياح الدول المجاورة، وتلك الواجهة هي الأفضل في المنطقة بلا منازع».

من جانبه، قال عوض الجندال، يمني، «أعمل في هذا السوق من 30 عاما، والحكومة دفعت أموالا كثيرة في اعادة تأهيل سوق السلاح قبل عام، من خلال تجديد الارضية، ووضع سقف، وإضافات كثيرة، ويريدون اليوم إزالته، رغم أنه معلم تاريخي».

واضاف الجندال، «مشروع تجميل المباركية لم ينته، حيث قامت الحكومة بدفع مبالغ طائلة لاصلاح السوق القديم، ونفذوا اجراءات ضخمة وحرام أن تتعرض للهدم».

من جانبه، قال البائع الإيراني يوسف حسين علي، الذي يعمل في السوق منذ 48 عاما، إن «سوق السلاح هو بركة الكويت، وتاريخ عريق لابد من المحافظة عليه من الاندثار»، لافتا الى أن «شيوخ وأعيان الكويت يشترون الاغراض من سوق السلاح ويأتون لقضاء أوقات ممتعة، وكان الشيخ سعد العبدالله، يرحمه الله، يزور السوق بشكل دائم».

وقال البائع غلام حسين علي، «قضيت عمري في العمل في سوق السلاح، وهو تاريخ زاخر بالذكريات لزواره من داخل وخارج الكويت، ويحظى بمحبة أهل البلاد».

واضاف «لجنة الازالة قدمت انذارات لجميع المحال تمهيدا لازالتها، والمعلومات لدينا أنه سيتم بناء مجمعات تجارية ذات أدوار متعددة مثل المولات الضخمة».

وتابع غلام حسين، «المحلات تبيع بضائع مختلفة بأحجام صغيرة، والمحل الواحد لا تتجاوز مساحته 6 امتار، وبعضها 4 أمتار، وتقدم خدماتها للزبائن، ويقصدها أهل الكويت والسياح الاجانب الذين يلتقطون الصور التذكارية، حيث تتضمن قطعاً أثرية وقديمة من شبابيك وأبواب وصور».

واتفق البائعان، سيد مالك أبو هاشم، وعلي حسين الجلالي، على ضرورة المحافظة على المباني التراثية وعم تحويلها إلى مواقع استثمارية حديثة، «لان التاريخ لن يتكرر، وسوق السلاح يحمل في طياته أغلب ذكريات أهل الكويت والماضي الجميل»، مشيرين الى أن «تراث الكويت مهدد بالإزالة والاجانب يقدرون التاريخ ويصورون تلك المواقع باستمرار، ومالنا خلق نبيع بسبب قرار الازالة ونمر بأزمة نفسية لانه جزء من تاريخ الكويت».

من جانبه، قال المعلم المتقاعد سعود الشويحان، إن «سوق السلاح تاريخ عريق للاباء والاجداد، ولنا ذكريات قديمة وجميلة معه، ونرفض ان تتم إزالته بهذه الطريقة، ولابد للحكومة أن تهتم بموضوع الآثار واعادة ترميمها».

واضاف الشويحان، «في حال إزالة السوق لن تعرف الأجيال الجديدة جزءاً من تاريخ وطنها»، مشددا على دور المواطنين فى حماية الآثار والحفاظ عليها، فمشكلتنا ان الكثير ليس لديه معلومات عن الآثار وعن أهميتها، والمفروض أن الناس تفكر في إعادة استخدام هذه الأماكن وتعظيم دورها».

وقال بدر البسيس، الذي ألتقينا به في مقهى الرعيل الاول الذي يحمل ذكريات قديمة، ان «الحكومة مطالبة بالحفاظ على المباني القديمة، لاسيما سوق السلاح الذي يمثل ذاكرة الكويت والتي يجب الاحتفاظ بها وتحويلها الى مراكز جذب سياحي، وللأسف الشديد أن مباني التاريخية تتعرض للهدم والتدمير».

وشدد البسيس، على أن «الاثار القديمة يجب الاحتفاظ بها، فهي تراث يمثل حقبة من الموروث التاريخي المتميز بطابع فريد وعريق ينم عن حضارة قديمة كان من الأجدر الاحتفاظ بها بدلا من هدمها».

من جانبه قال نايف العبدالهادي، إن «سوق السلاح يمثل تراثا حقيقيا، ويحب أن يتحول الى محطات جذب واهتمام من قبل السياح العرب والأجانب للتعرف على تاريخ الشعوب، وهذا ما يجب أن ندركه تماما قبل هدم وإزالة المباني القديمة، التي تمثل في واقع الأمر ذاكرتنا، التي يجب ألا تمحى وأن تظل باقية».
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي